[٠١]: ليل

152 22 33
                                    

«ربّما غداً أو بعد غدربّما بعد سنينٍ لا تعدربّما ذات مساء نلتَقيفي طريقٍ عابرٍ من غير قصْد

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

«ربّما غداً أو بعد غد
ربّما بعد سنينٍ لا تعد
ربّما ذات مساء نلتَقي
في طريقٍ عابرٍ من غير قصْد.»

- فاروق جويدة.

_

هناك ليلان للعراق، ليل يحل عليه إثر كل يوم، وليل يزوره كل بضع سنين مرة.

اليوم، كان العراق تنتظر ليله الثاني.

حاول آدم تجاهل الموضوع، اسمها وحده كان يثير في نفسه الارتباك، فما بالك بها كلها، بشحمها ولحمها؟

الفتاة التي كانت تزوره حين تداعب الأحلام أجفانه، المزعجة التي تزرع الأنس في صدره. شعر بأن أطرافه تتخدر وأنفاسه تتعثر، لم يعرف إذا ما كان هذا بسبب التفكير فيها أم أنه أثر الحمى التي ما زالت تعبث بجسده.

ارتشف رشفة أخرى من كوب الينسون الدافئ وعاد يلف ورق العنب رفقة أمه والخالة نازك اللتان لم تتوقفا عن الحديث بحماس عن كم تحب "هي" "الدولمة" الحامضة التي تصنعها.. أو بمعنى أصح في هذه الحالة آدم يصنعها لأنها تحب ورق العنب حسب مزاعم أمه.

ليل ليل ليل.. الرحمة!

شعر برأسه ينبض بألم، حتى لو حاول تجاهل حقيقة قدومها ستظل أمه تحشر الموضوع في وجهه كل خمس دقائق. وكأن الحديث عنها مثل الراديو لا يكفي، وجد نفسه يجلس مضطرا يعد طعامها المفضل لأجلها، لأن الخالة نازك مريضة، وأمه لا تستطيع فعل كل شيء وحدها.

في العادة لا أحد سيلمس آدم، الجميع يعرف بشأن مزاجه العكر. هلال وحواء حاولا المساعدة في البداية ولكنهما مجرد أحمقان تم طردهما بعد أن ابطآ العمل أكثر، وحسنا.. الجزء الضعيف منه كان سيفعل أي شيء ليجعل الخالة نازك سعيدة. حتى لو عنى ذلك الجلوس رفقة أمه لساعات يلف ورق العنب.

«هلال! أبعد يدك عن طبق البابا غنوج قبل أن أكسرها.» انتفض على نبرة أمه الحادة وهي توبخ أخاه وتطرده خارج المطبخ. من غرفة الجلوس ارتفع صوت بكاء بنت أخيه فنبض رأسه بألم مجددا.

بدأت الأشياء تتراقص أمام عينيه وتشوشت رؤيته، سحقًا لهذا الجحيم.

«هلال، بنتك استيقظت!» صاحت به ليلى ثم نظرت إلى ابنها الآخر بعين مستقصية قبل أن تسأله للمرة الثالثة هذا اليوم: «آدم، للمرة الأخيرة، هل أنت مريض؟»

عائد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن