دخل الي الفيلا بأكتاف متهدلة وروح مثقلة بالهموم يشعر بثقل يجسم على صدره فيجعله غير قادر على التنفس يشعر بنفسه كعصفور كان يحلق في السماء
بسعادة وحرية ثم اقتنصته رصاصة غادرة فأسقطته أرضا وتركته يلفظ أنفاسه الأخيرة بعناء
اتجه الي الدرج كي يصعد الي غرفته فجاءه صوت عمران من خلفه يقول: عرفت إن كلامي صح مش كدا
أغمض آسر عينيه بتعب وظل واقفا مكانه دون ان يكلف نفسه عناء الرد عليه
لاحظ عمران صمته فأردف بلامباله: عموما مش اول واحدة تعرفها يومين وتنساها زي غيرها
استدار إليه آسر وضحك بإستهزاء قائلا : عندك حق فعلا.....هزعل نفسي على ايه
أومأ عمران بتأكيد وقال: ايوا بالظبط الدنيا مليانه.... والحلوين كتير
ثم غمز بعينيه وقال بضحكة ملتوية: ومش انا اللي هقولك يعني
ضحك آسر بقوة ضحكة تشبه النحيب وقال بكره: تربيتك يا عمران بيه كل حاجه اتعلمتها منك
ابتسم عمران وهو غير مدرك كعادته ما يمر به ابنه ولا الي ملامحه الشاحبة وقلبه الموجوع بشدة وكأنه قد تم خلعه من جسده بقوة كان ينزف من الداخل دون ان يدري عن وجعه شئ
كان فارس ينزل من اعلى الدرج حتى اقترب منهما ثم نظر الي ملامح اخيه وسأل بخوف: مالك في ايه... انت تعبان
رسم آسر على شفتيه شئ يشبه الإبتسامة ثم هز رأسه نافيًا فوجه فارس سؤاله الي عمران قائلا: في ايه
رفع عمران احدي حاجبيه بدهشة مصطعنه ثم نظر له بإستهزاء وقال: ايه دا.... انت متعرفش
عبست ملامح فارس وحول نظراته بينهما وقال: معرفش اي... انا مش فاهم حاجه
اغمض آسر عينيه وهو يضغط بإصباعية السبابة والإبهام على جسر أنفه كي يقلل من الصداع الذي يفتك برأسه فنظر له عمران بلامباله ثم نظر لفارس وقال ببطئ وبرود : مليكة السعدني.... اخت مراد السعدني... تبقى بنت سوزانا مختار
جحظت عين فارس بقوة وهتف: ايه... ازاي
جلس آسر على احد المقاعد بتعب فأستلم عمران دفة الحوار وحكى سريعا لفارس ملخص ما حدث
نظر فارس الي اخية وسأل بخوف: وانت عملت اي
صمت آسر فرد عمران ببديهية: اكيد قطع علاقته بيها
هتف فارس بحدة: اوعى تكون عملت كدا
رفع آسر وجهه وسأل بدهشة: اومال كنت عاوزني اعمل اي
نظر له فارس وسبه قائلا بغضب: غبي
جز آسر على اسنانه وقال من بينهم: قول اللي انت عاوزه وبلاش تطول لسانك
نفخ فارس بغيظ وقال: يا بني آدم افهم.... مليكة ذنبها اي حتى لو كانت بنت الزفته دي
اتسعت عين أسر وهدر: ذنبها اي... ذنبها انها بنتها.... بنت الست اللي قهرت امي واتسببت في مرضها
ضحك فارس بإستهزاء ونظر لعمران بحقد وقال: الست اللي قهرت امك.... امك اتقهرت بسبب ابوك... لو هو ذنب اي حد... فهيبقى الذنب كله ذنب عمران بيه
نظر له عمران بحده وصرخ: انت هتفضل لحد امتى... تشيلني ذنب كل حاجه بتحصل في الكون.... هو انا كنت اجرمت لما اتجوزت على سنة الله ورسوله
... لا انا اول واحد ولا آخر واحد اتجوز على مراته
هز فارس رأسه ورد بسخرية: صحيح هو من امتى وانت بتعترف بغلطك اصلا....انت مبتغلطش أبداً... وطبعا مغلطتش لما رميت الست اللي حبتك وأمنتك على نفسها وسابت بلدها واهلها عشانك وروحت اتجوزت عليها واحدة زبالة سمعتها معروفه في البلد كلها... مغلطتش لما سبتنا وحملتني مسؤلية أسرة كامله وانا عندي 12 سنة عشان تعيش حياتك زي ما انت عاوز.. دا انت فضلت سنة كامله متعرفش عننا حاجه....كنت بلف بأمي عند الدكاترة وانت كل يوم في بلد شكل مع الهانم اللي في الآخر لما زهقت منك شافت لها واحد تاني ما انت كنت هتستنى اي من واحدة زبالة... بعت مراتك وولادك عشانها وفي الآخر هي اللي باعتك بعد ما سحبت منك الفلوس اللي هي عاوزاها
نكس عمران رأسه بحرج فأدرف فارس يخرج ما فى جبعته كي يتخلص من الحمل الذي كان يطبق على صدره منذ سنوات: رمتنا وبعتنا وكنت بتبعت لنا الفلوس مع السواق زي الشحاتين....وفي الآخر رجعت ولا كأنك عملت حاجة وعاوزنا ناخدك بالأحضان... بس ازاي وامي كانت بتموت... ازاي وانا واخويا كنا متحملين مسؤلية طفلة عندها سنتين... ازاي يا عمران بيه...ازاي وانت السبب في مرض امي وموتها....من يوم موت امي وانا اخدت عهد على نفسى اني عمري ما هسامحك... عمري ما هكون ابن ليك... زي ما انت عمرك ما كنت اب ليا انا واخواتي...حاربت واتعلمت وذاكرت وعملت كل حاجه عشان اشتغل واقف ع رجلي عشان ميجيش يوم واتحوج ليك.... بس انت تسكت لاء... تحاربني بكل قوتك تدمرني وتدمر حياتي... تستغل حادثة حصلت معايا عشان تذلني... تبوظ علاقتي مع اخويا عشان ابقا وحيد ومليش حد...عملت كل حاجه عشان تقهرني وقهرتني... قهرتني يا عمران بيه.... وكل دا ليه.... عشان قولتلك احنا مش محتاجينك ونقدر نعيش حياتنا كويس اوي من غيرك... اعتبرتني عدوك
ووقفت مع اعدائي ضدي....اوعى تكون مش عارف اني عارف كويس انك انت اللي بعت البلطجية اللي ضربوا عليا نار عشان تخوفني.... بتعملي كارت إرهاب عشان ارجع تاني في الضل ومحدش يعرف عني حاجه.... كل دا عشان تحس بلإنتصار وانك انت اللي مسيطر على حاجه... حتى احنا... بس انت مخدتش بالك إن احنا ولادك مش اعدائك.... انت المفروض تكون في صفنا مش ضدنا.... توقف في ضهرنا وتعمل اللي احنا عاوزينه... تعمل اللي يسعدنا ويفرحنا مش تتسبب في حزننا وتعاستنا....انا ودمرت حياتي... أسر وغيرته غسلت دماغه وعملته صوره ليك صوره انت اللي بتحركها زي ما انت عاوز... ويوم ما اختار حاجه بإرادته ضيعتها من ايده... حتى فريدة رغم انك عارف ان هي وسيف بيحبوا بعض بردو رفضته بدل المرة ألف لحد ما فرقت بينهم... انت مفيش حاجه واحده بس عملتها علشانا كل حاجه عملتها عشان نفسك وبس... انت أب بالإسم بس... بس متعرفش اي حاجه عن صفات الأبوه
انهى فارس خطابه الطويل وهو يلتقط انفاسه بقوة بعدما ازاح الثقل الذي كان يكتم على انفاسه ويؤرق حياته اما عمران فجلس بتعب وهو يشعر إن حياته كانت سراب ولم يجني شئ فقد خسر اولاده وترك في صدورهم جروحا لا تبرأ...حاول طوال السنين ان يكسب فارس لصفه ولكنه كان يوغر الجرح بينهم أكثر فأكثر
سالت الدموع على وجه أسر والكل يتشارك نفس الألم والحزن والحياة التي لا معنى لها
طرق شديد على باب الفيلا جعلهم ينظرون الي بعضهم بدهشة شديدة والخادمة تهرول كي تفتح الباب فدخل محمود السيوفي كعاصفه هوجاء ثم انقض على فارس وامسكه من تلابيبه وهو يصيح بعنف: بنتي فين يا فارس... بنتي فين
شحبت ملامح فارس وهتف بصدمة: يعني اي بنتك فين
ابعد عمران يد محمود عن عنق فارس وقال بحده: في اي يا محمود... انت داخل تتهجم علينا كدا ازاي... ما تفهمنا في اي
ترك محمود عنق فارس بحده وهتف: بنتي مرجعتش لحد دلوقتي... وتليفونها مقفول ومش عارف اوصلها بأي طريقة
بلع فارس ريقة بصعوبة وقال بخوف : انا مكلمها من حوالي ساعتين وقالتلي انها في الطريق وحالا توصل
اقرن كلامه بأن اخرج هاتفه وطلب رقمها فجاءه صوت الرساله المسجله ان الهاتف مغلق
دارت الدنيا بمحمود فلحقه فارس واسنده الي أحد المقاعد وقال بهدوء يبث الطمأنينة في نفسه كي لا يفزعه اكثر: متقلقش هي ممكن تليفونها فصل شحن او اي حاجه... ودلوقتي نوصلها... اكيد مفيش حاجه
هز محمود رأسه وقال بصوت هارب منه: بنتي يا فارس... انا قلبي مش مطمن.... عمرها ما اتأخرت ولا قفلت تليفونها... انا حاسس إن في حاجه حصلت معاها
أكل القلق قلب فارس وعقله يخبره انها ربما اصابها مكروه ولكنه أجاب والدها قائلا: متقلقش مفيش حاجه إن شاء الله... وانا هقلب البلد عليها لحد ما اعرف هي فين.
..........................
كانت تجلس على الفراش وهي تدفن رأسها بين ركبتيها وتبكي بحرقة شديدة دخل مراد وفزع حينما رأها بهذا الشكل وهتف بخوف : مليكة في اي... بتعيطي كدا ليه
رفعت مليكة وجهها بصعوبه وهي تنظر إليه بعيون غائمة فهرع مراد إليها وضمها الي صدره بقوة فأنتحبت مليكة وهي تنشج بعنف وتمتمت من بين بكاءها بصعوبة: ااانا.... عاوزه اسافر... مش عاوز اقعد هنا... ارجوك يا مراد سيبني اسافر.... ارجوك لو بتحبني... عشان خاطري مبقتش قادره استحمل اكتر من كدا
انشطر قلب مراد من اجل أخته وهو يشعر ان بكاءها كسكاكين حادة تمزق قلبه فشدد من ضمها وقال: خلاص يا حبيبتي... اعملي اللي انتي عاوزاه بس متعيطيش يا مليكة... دموعك بتوجع قلبي... يا قلب اخوكي.... هعملك كل اللي عاوزاه بس متعيطيش
نشجت مليكة وهي تسكب دموعها على صدره اخيها الذي كان لها دائما نعم الأب والأخ والذي حاول حمايتها وإسعادها بشتى الطرق ولكن ظل ماضي امها يلاحقها اينما ذهبت
ظل مراد يهدهدها ويربت على كتفها بحنو حتى هدأ نشيجها وتعبت من البكاء ونامت عدل مراد رأسها ودثرها جيدا بالغطاء ثم جلس بجانبها يفكر ما الذي حدث لها وجعلها تنهار الي هذه الدرجة فهو لا يفرط فيها ابدا ولا يسمح ان يمسها سوء فهي ابنته التى رباها والتي فعل كل شئ حتى لا تحزن وتنزل دمعه واحدة من عينيها حاول حمايتها ولكن ظل الماضي يلاحقهم اينما ذهبوا
ظل بجانبها يمسح على شعرها ويربت على ظهرها حينما يشعر بها تنشج وهي نائمه حتى تعب و سقط في سبات عميق وهو يجلس بجانبها
..........................
بعد عدة ساعات
بدأت تالين تفيق ببطئ وهي تفتح عينيها بصعوبة ألمها رأسه فحاولت رفع يدها كي تدلك رأسها ولكن لم تستطيع فتنبه عقلها لما يحدث معها فانتفضت بعنف وهي تنظر الي الظلام حولها بخوف فكانت تجلس على كرسي ويديها ورجليها مكبلة بالحبال
تحركت علي الكرسي بقوة وهي تحك يدها ببعضها كي تتخلص من قيد يدها ولكن لم تستطيع فعل شئ فهمت ان تصرخ بقوة ولكن جاءها صوته يقول بسخرية: أخيررا فوقتي دا انا قولت مش هتصحي أبداً
نظرت له تالين بحده وصرخت بعنف: يا حقير يا زبالة... انت ازاي تعمل فيا كدا
قهقه معاذ وقال ببرود وهو يغمز بأحدى بعينيه: شرسة اوي... وانا بحب النوع دا جدا
هاجت تالين وسبته بقوة قائلة: انت ازبل واحد انا شوفته في حياتي.... انت حيوان وحقير.... دا انا بنت عمك ازاي تخلي ناس يخطفوني ويقيدوني كدا
نظر لها معاذ بإستهانة وقال: عمي... عمي مين دا اللي عايش طول عمره في العز.... واحنا مش لاقين ناكل... انتي بنت عمي بالإسم بس.... اما مفيش حاجه تربطنا ببعض.... وعموما مش عاوزين نتكلم في حاجات ملهاش لازمه... انا دلوقتي عاوز انتقم من حبيب القلب واجيبه لحد عندي واخلص عليه قدامك
جنت تالين وهتفت: ولا تقدر تعمله حاجه... عشان لو شافك هياكلك بإسنانه.... واحد زباله زيك عمره ما هقدر عليه.... وع فكره بابي وفارس هيوصلولي بسرعة جدا وهيندمكوا ع اليوم اللي فكرت فيه تقرب مني
ضحك معاذ بسخرية ورد ببرود: ومين قالك اني مش عاوزهم يوصلولي دا انا هتصل بيهم واخليهم يجوا هما الاتنين....واي رأيك اخلص منهم الاتنين مرة واحدة واخدك اخليكي جارية عندي
جزت تالين على اسنانها بحده وهتفت من بينهم: نجوم السما اقربلك يا معاذ.... دا هما اللي هيخلصوا عليك ويخلصوا العالم من و.. ساختك
قهقه معاذ ببرود وقال بغموض وسخرية: دلوقتي نشوف مين اللي هيخلص على التاني
أنت تقرأ
رواية أحببتُ مشوهًا بقلمي أمنية أشرف
Romanceمشوهًا نعم ظالماً هو ام مظلوم ما إن تراه ستجن به ولكن هل ستحصل عليه ام لا مغرور أناني ظالم ام تائه لا يعرف ماذا يريد تحبه ويحبها هل ستكون له ام القدر سيفصل بينهم.