ربما قلبنا اصدق من عيننا !
ما هو الخذلان ؟ و ما هي الخيانة ؟ و ما هو الحنين ؟
عيناها الواسعتان تطلعان إلى السقف .. قرر النوم مخاصمتها ربما لأجل غير مسمى ! ، و في طيات قلبها حملت الم لا يوصف .. تشتم رائحة دخان خيباتها كمدينة احترقت فى الحروب ، او ربما تشعر بأنها وردة ذابلة تنتظر سقوط آخر ورقة منها لتعلن موتها بإستسلام ، البيت هادئ و النافذة مفتوحة .. يحمل هواء و مشاعر شهر نوڤمبر .. ذكريات دخلت فى متاهة عقلها فأصبح الخروج منها أمر شبه مستحيل ! رن هاتفها معلنا قطع تلك الحالة التى سُحبت لها دون إرادتها ، كان هو .. يرن متلهفا لسماع صوتها ، مدت يدها الباردة نحو هاتفها الذي بجوارها و ردت بصوت منهك : أيوة ..
تنفس بعمق ثم قال : أيوة يا ( بتول ) ..
صمت مهيب سيطر من ناحيتها و كأن الحديث أصبح متعب بطريقة غريبة ، لسانها الثقيل و عدم قدرتها على الهمهمة حتى على الرغم من أنها تعرف أنه هو .. راقب صوت أنفاسها الذي تسلل له عبر الهاتف ، نفسها ثقيل و كأن على صدرها جبال جعلت أمر تنفسها عسير ..
تنهد و هو يقول لها : صدقيني أنا مفيش بيني و بين ( عاليا ) اي حاجة .. هي كانت بتحاول تقرب مني .. و مش عارف ليه ، بس هي بنت خالتي فى الأول و الآخر و اكيد كنت بحكيلها تفاصيل عن حياتنا .. و طول الوقت علاقتنا مكنتش أحسن حاجة ، فما صدقت تتصل تاني و الخلافات اللى ما بين بابا و خالتو تخلص .. و حقيقي انا كنت بشوفها زي اختي ، لحد ما لقيت فى عينها نظرة غريبة .. كإنها بتحبني ! و قعدت تسألني عنك كتير و طلبت مني ابعت ليها صور لفرحنا و بالفعل بعتلها و سألت عن شركتي لحد ما اشتغلت فيها ..
ثم ختم حديثه قائلا : مش هنكر إن كان فى مشاعر انجذاب فى الأول ليها بعد ما أنا و انتي اتجوزنا فترة ، بس صدقيني الإنجذاب ده راح تماما ..
تنهدت بعمق و قد شعرت بحرارة عبراتها على وجنتيها ، بينما نظر ( معتز ) ل(أمجد ) بإرتباك ، فأشار له بأنه يسير على نحو جيد .. انتظر يسمع منها أي شئ ، و لكنها اكتفت بقول : انت ليه بتقول الكلام ده دلوقتي يا ( معتز ) ؟
تلك المرة لم يكن بحاجة إلى نصيحة ( امجد ) بل جاوب بصدق لمسته في حديثه قائلا : مهنش عليا تنامي و انتي دموعك على خدك بسببي .. دموعك دي غالية عندي اوي ..
ضحكت فى استنكار و هي تقول : بجد ؟! بجد يا ( معتز ) ؟! هي قالتلك تقولي الكلمتين دول عشان تآكل بعقلي حلاوة و اصدقك مش كده ؟!
لم يتحمل سخريتها اللاذعة و صاح بإنفعال : انتي عايشة فى دور الضحية و الظاهر انك حبيتي الدور ده ، حبيتي الناس كلها تجري وراكي و انتي حابسة فى نفسك جوا بالونة ..
صرخت بأعلى صوتها و هي تقول : أنا مش بمثل اني ضحية .. أنا فعلا ضحية ..
قالت بإنهيار : احنا من ساعة ما اتطلقنا و انا بكتشف حاجة جديدة عنك كل يوم .. كإننا مكناش عايشين مع بعض سبع سنين كاملين ، و بعدها اكتشف انك كنت فى علاقة مع واحدة تانية .. عايزني اعملك ايه هه ؟ ده أنا محبتش غيرك و يوم ما يتداس على قلبي يتداس على قلبي منك أنت ؟! ..
تعالت شهقاتها و هي تردف بحسرة : حاولت ادعي عليك كتير بس قلبي مطاوعنيش ، مكنتش قادرة ادعي انك تبقى مش كويس بسببي ، مقدرتش ادعي أن قلبك يتكسر زي ما أنا قلبي و نفسي مكسورين سواء منك او من عدم خلفتي .. حرام بعد حبي ليك تعمل فيا كده .. حرام بجد .. الله يسامحك على جرحي و كسرة نفسي دي ، الله يسامحك .. لإني مش هسامحك ..
أغلقت المكالمة و هي لا تري من دموعها و جسدها يرتعش بعنف ، ضمت ركبتيها إلى صدرها و هي تدفن رأسها .. لعل يشفق النوم على حالتها و يأتيها و لا تستيقظ ابدا ..
____________________________________________
جاء الصباح .. و لا يُرى نور الشمس من فرط الظلام الذي بداخلنا !
لم تستطع النوم بعد تلك المكالمة ابدا ، و كأنها كانت تهرب بالنوم حتى هرب منها .. انتظرت الصباح الباكر بنفاذ صبر ، و شعرت بأن الشمس ربما غابت لقرون ثم عادت مرة أخرى ، و وصل الأمر بها اخيرا الى حاجتها إلى طبيب نفسي مثلما أخبرت ( بتول ) من قبل .. كانت تشجعها بشئ لم تقتنع به اساسا من داخلها ، و لكن وجدت نفسها تجذب ملابس ثقيلة تناسب الأجواء و ترتدي على عجلة علها تهدأ ضچيچ عقلها .. كيف لكلمات يمكنها أن تقلبنا بالكامل و كأننا قد دُفنا و نحن على قيد الحياة ؟! تحاول التنفس و فينحشر الزفير فى رئتيها ، كادت أن تغلق باب شقتها حتى وجدت نفسها تطرق باب منزل ( بتول ) ، نهضت على صوت الباب لتفتح و هي تقول فى دهشة : ازيك يا ( ريحانة ) ..
ثم نظرت إلى الساعة التى تشير إلى الساعة العاشرة صباحا و أكملت بنعاس : هو فى حاجة و لا ايه ؟
ابتسمت ( ريحانة ) و هي تقول بهدوء : أنا كنت بطمن عليكي قبل ما انزل .. انتي بقيتي احسن ؟
راقبت ملامحها التى تحولت من النعاس إلى الوجوم ، ثم سرعان ما ابتسمت قائلة : أيوة الحمد لله .. هو انتي هتروحي فين بدري كده ؟
تنهدت بعمق قائلة : حاسة اني عايزة اتمشى شوية .. مش هتأخر .. مع السلامة ..
- مع السلامة و ابقى طمنيني ..
قالتها ( بتول ) بصوت عال كي تسمعها ، تنهدت بعمق قبل أن يأتي من خلفها صوت ( عمرو ) الذي قال : هي رايحة فين ؟
التفتت إليه و قالت : معرفش يا أبيه ..
لمحت الحقائب المرصوصة وراءه فقالت بحزن : هو خلاص هتسافر ؟
ابتسم بحنان ابوي و قال : زي ما قولتلك 3 شهور و هرجع اقرفك تاني ..
ضحكت رغم عنها فقال و هو يقول مازحا : أيوة كده اضحكي ، يا شيخة ده انا كنت قربت انسى شكلك و انتي بتضحكي ..
ثم أكمل حديثه قائلا : أنتي طول عمرك بتتحامي فيا من و احنا صغيرين ، و انا كنت دايما كنت ضد ده بس مع ذلك عمري ما لقيتي نفسك لوحدك .. انا هسيبك لوحدك الكام شهر دول ، و لحد دلوقتي ماشي على هواكي و شغلك هتستلميه بكرة مع اني برضه ضد القرار ده .. حاولي متهربيش من اي موقف وحش مهما كان ، و بطلي شغل القطط المغمضة بتاعك ده .. الناس مش كويسة زي ما انتي متصورة ، فى ناس بشعة بيستخبوا ورا الكلام الحلو و الابتسامات اللطيفة ، انتي مش ضعيفة زي ما كان بيتقال عليكي زمان و احنا صغيرين على فكرة .. حافظي على نفسك ، و مش عايز اشوف وشك متبهدل و عاملة شبه الخيارة الدبلانة كده .. اتفقنا ؟
اومأت برأسها و قرت فرت الدموع من عينها ، فقال مشيرا إلى عينيها بغيظ : هو ده اللى اتفقنا عليه ؟!
قالت بألم : سامحني .. بس انا هآخد وقتي و انسى ، مش دي كلمتك لما جيت اواسيك ايام ما كنا انفصلت ؟
ضحك قائلا : بس ايه اللى حصل بعدها ؟ هي سابت العيال و راحت اتجوزت و خلفت مرة تانية ، و انا اتقدمت فى شغلي و عيال بيكبروا فى حضني و كمان مسافر دبي 3 شهور على حساب الشركة من غير ما ادفع مليم احمر فى السفرية دي ..
غمز ضاحكا و أردف : شوفتي الحياة مش بتقف ازاي ؟!
ابتسمت ( بتول ) و لم تتحدث ، ربما ذلك اللقاء الأخير الذي حدث بينها و بين أخيها قبل سفره بدا لها منطقيا و مقنعا إلى حد كبير ! ..
____________________________________________
- مدام ( ريحانة ) تتفضل ..
قالتها الممرضة ، نهضت متجهة إلى غرفة الطبيب النفسي .. دخلت لتجد ذلك الطبيب الشاب يجلس أمام مكتبه ، ربما هو من الأناس أصحاب الملامح الهادئة التى ترتاح لها سريعا ، قال لها بأدب محاولا بث الطمأنينة بداخلها : اتفضلي ..
جلست بالفعل أمامه و نظرت إلى اسمه الذي على مكتبه ( معاذ عز الدين ) ..
ثم قالت بعد صمت قصير : مش عارفة اللى عملته صح و لا غلط ؟
تابعها بإهتمام فأكملت : أنا بعدت ، بعدت عن بيتي و جوزي و اولادي و اخواتي ، و عن المدينة اللى عشت حياتي فيها طول عمري اللى تقريبا مخرجتش منها من ساعة ما اتولدت ..
تنهدت بعمق ثم أكملت : ليه دايما الواحد الناس بتلومه على مشاعره و بعده ؟ هو عيب لما الواحد يقول إنه مش مرتاح .. دايما بحس إن مكاني مكنش معاهم ، و هما كانوا مصدر اذى ليا كبير اوي .. لما بعدت عنهم عشان حسيت انهم كبروا و خلاص بقوا فى غنى عني ، ولادي مش محتاجني خلاص .. دول بقوا شباب فى الجامعات دلوقتى .. ما خلاص بقى أنا اكلت و شربت و ربيت لحد ما كبروا ..
ابتسمت بألم و قالت بهدوء : امبارح ( عمار ) ابني الكبير اتصل بيا كنت مفكرة اني وحشته .. بس طلع أنه كان عايز فلوس عشان الجامعة بتاعته ، و لما سكت فضل يزعق و يقولي مكنتش ام كويسة .. و قفل فى وشي السكة ..
صمتت قليلا ، ثم فجأة و بدون سابق انذار انفجرت فى بكاء مرير ، قالت بإنهيار : أنا استحملت 19 سنة عشانهم ، قعدت مع واحد كان بيضربني كل ما يشوفني و يقولي كلام زي الزفت و يفتحلي دماغي و مع ذلك مقولش لحد عشان البيوت اسرار و اقول لنفسي اكيد بيحبني بس انا عصبته فى حاجة .. و مكنش بيصرف عليا ، أنا اللى كنت بنزل ابيع الدهب بتاعي و الحاجات اللى كانت هدية فى يوم من الأيام ، يصحيني من احلاها نومة فى عز البرد عشان اقوم اجيبله كوباية ماية ، بس انا اقول لنفسي معلش ولادي معايا و انا قاعدة فى بيت اينعم مش احسن حاجة بس موجود على الأقل ..
ابتلعت ريقها و أعطاها ( معاذ ) علبة المناديل فأردفت : شكرا ..
قال ( معاذ ) بإبتسامة : أنا عايزك تقولي كل حاجة مضيقاكي ..
ثم قال بإستفسار : امتى جت فى بالك فكرة الإبتعاد ؟
تنهدت بعمق ثم قالت : لما حسيت ان اولادي بقوا بيشربوا دمي حرفيا ، بيستنزفوني لحد ما اخرج اسوء ما فيا و طول الوقت يحطوني فى ضغط شديد ، بقوا نسخة العن من ابوهم ..
- طب و لما بعدتي .. ايه بقى احساسك ؟ يعني بقى فى مشاعر ارتياح و لا ايه بالظبط ؟
- مشاعري عاملة زي حد مكنش شاف نور الشمس و لا مرة فى حياته و فجأة شافه ، تفتكر الشخص ده هيبقى مبسوط ؟ و لا هيتضايق عشان عينه مش متعودة على آشعة الشمس و متعودة على الضلمة و كان راضي بيها ؟
قال ( معاذ ) : افهم انك عندك استعداد انك ترجعي تاني مش كده ؟
ضحكت ( ريحانة ) و أردفت : اكيد مش هينفع ارجع ، اصل اخواتي كلهم حذروني اني اطلب الإنفصال بس انا اصريت ، و قعدت اخطط للموضوع ده و ازاى هعرف اصرف و بتاع .. و بعدها جت خطة أني انقل فى محافظة تانية عشان ولادي ميعرفوش يوصلولي لأن كل شوية هيجوا يزنوا عليا ارجع عشان اكيد ابوهم مش هيصرف عنهم ، هيبقى شكلي وحش اوي لو رجعت عشان اهلي .. أنا بقيت حاسة إن خلاص عمري راح بسببهم ، و ده سبب كفيل يخليني اكرههم طول ما أنا عايشة ، بس فى نفس الوقت مش قادرة اسيبهم ، بقيت اقول لنفسي كل يوم أن اخلف منه كانت غلطة و تقريبا دي الحاجة التانية اللى اندم عليها بعد جوازي من ( سامي ) ده ..
خلع ( معاذ ) نظراته و هو يقول لها : اسمعيني يا ( ريحانة ) ، علاقتك بأولادك و طليقك علاقة سامة تماما ، و احسن حاجة عملتيها انك بعدتي عنهم ، و فى نفس الوقت مقدرش اقولك تقاطعي ولادك عشان واضح انك متعلقة بيهم ، بس هقولك انك تحاولي تبعدي عنهم و تبدأي تشغلي نفسك بأي حاجة حتى لو هتشتغلي ، حاولي تنسيهم على قد ما تقدري ، روحي اتعرفي على ناس و اخرجي و اتفسحي .. حاولي ترجعي حياتك من تاني ، و مفيش حاجة اسمها عمرك ضاع ، العمر مجرد رقم و مفيش مشكلة لو بدأتي عمرك من تاني و انتي عندك أربعين سنة ، دايما حطي فى بالك أن هما خلاص صفحة و اتقفلت ، لسه الحياة قدامك ..
ذلك الحديث الذي أنعش قلبها من جديد ، اخيرا سمعت انها على صواب فى قرار اتخذته .. ربما لأول مرة فى حياتها !
____________________________________________
تنهد بعمق و هو جالس على الأريكة مفكرا بالمكالمة التى حدثت بين صديقه و زوجته السابقة ، و ازداد حزنه عندما طلب منه ( معتز ) الخروج من الغرفة متحججا بأنه يريد أن ينام ، جاءته رسالة نصية قصيرة و لكنها تعني له الكثير ، ابتسم و هو يقرأ الرسالة المرسلة له من ( نجلاء ) التى مفادها : صباح الخير يا ( امجد ) ..
اتسعت ابتسامته بشغف ، و هو يكتب : صباح الورد يا ستي .. مكنتيش بتردي على رسايلي امبارح ليه ؟
- كان ورايا حاجات كتير سامحني .. قولي انت اخبارك ايه ؟
ضغط على زر تسجيل الصوت متنهدا بعمق و قال لها : مش عارف يا ( نوجة ) حاسس ان الموضوع بقى وحش اوي و معقد .. امبارح قولتله يكلمها يمكن يتصافوا بس الموضوع زاد اكتر و بقى معقد اوي ، أنا خايف بجد تكون العلاقة بتاعتنا تبقى زيهم كده .. او زي بتاعت بابا و ماما ..
نبرته التى حملت القلق و الخوف ، جعلته ترسل له : متخافش يا ( امجد ) أنا و انت هنعيش حياتنا و نكون كويسين و مش هنبقى زيهم او زي صاحبك ..
ثم أضافت رسالة تحاول خفض حالة القلق لديه مازحة : أنا بكلمك عشان افرفش على نفسي الاقيك قلقان كده ..
ابتسم قائلا : أنا عندي مفاجأة ليكي على فكرة .. انا نزلت مصر ..
ارسل تلك الرسالة ، فرأتها .. شهقت بصدمة و لم ترد لمدة 10 دقائق ، ارسلت فى ارتباك : انت بتهزر مش كده ..
ضحك بشدة و هو يقول : يا بنتي أنا نزلت مصر عشان اقابل اهلك و اتقدملك ، و أشوفك بقى .. ده انا مشوفتش صورتك و لا سمعت صوتك و حتى الأكونت بتاعك اسمه زهرة الصبار .. يعني معرفش كتير عنك الا لما كلمتك .. بقالنا مع بعض 3 سنين و مطلبتش منك اسمع صوتك حتى .. كل اللى اعرفه عنك إن اسمك ( نجلاء ) و اصغر مني ب4 سنين و عايشة فى القاهرة ، و خريجة كلية هندسة بس ..
الارتباك الذي ساد عليها جعلها ترى رسالته و لا ترد حتى هو فقد الأمل فى الرد فقط خرج من المحادثة و أخذ يتصفح موقع التواصل الإجتماعي بملل حتى أتاه الرد ، فتح بلهفة ليرى رسالتها التى تقول فيها : طب سيبني اقول لأهلي واحدة واحدة عشان لسه ميعرفوش اي حاجة ، ماشي ؟
تنهد بصبر ثم قال بإبتسامة فى تسجيل صوتي : مفيش مشكلة يا ( نوجة ) ، أنا معاكي فى اي حاجة انتي عايزاها .. لو احتاجتي اي حاجة قوليلي ، و عشان خاطري سرعي فى موضوع جوازنا ده .. أنا تعبت من كتر ما بدخل فى علاقات فاشلة و اني دايما لوحدي .. و كمان نفسي تبقي فى حضني بقى .. سلام ..
ارسلت له و هي تحمد ربها على إنهاء تلك المحادثة : سلام ..
أغلق هاتفه عندما سمع صوت ( حسين ) من خلفه يقول بقلق : هو معتز مش بيفتح باب الأوضة ليه ؟
التفت له ( امجد ) قائلا : أنا و هو نمنا متأخر امبارح ..
- طب انت نايم بره ليه ؟
اعتدل فى جلسته ثم قال ضاحكا : ابنك طردني من اوضته امبارح ، فنمت على الكنبة ..
لم يستجيب ( حسين ) لدعابته ، و جلس جواره .. عم بينهما صمت ثقيل قطعه ( حسين ) بقوله : مش عايز تتجوز بقى يا ( امجد ) ؟
ضحك ( امجد ) بشدة حتى سعل ، ثم قال له : عندك عروسة يا ( حسين ) و لا ايه ؟
ابتسم ( حسين ) قائلا : انت بتعتبرني فى مقام ابوك مش كده ؟
- يمكن اكتر من ابويا كمان ..
- أنا حاسس انك كبرت يا ( امجد ) ، كل اخواتك اتجوزوا و صاحبك كمان اتجوز ، و انت مقضيها سفر و خروجات بس .. مش نفسك فى واحدة تشيل عنك همك و تبقى معاك فى كل اوقاتك ؟ بلاش دي .. مش نفسك فى عيل يشغل حياتك ؟
لاحظ ( حسين ) الفتور الذي أصاب ( امجد ) ، فأكمل : أنا بقولك الكلام ده .. لإني شايف نفسي فيك ، أنا اتجوزت كبير و يمكن ده عملي مشاكل مع ام ( معتز ) و ده كان سبب فى إن حياتنا متبقاش مستقرة ، عشان كده مخلفناش غير ( معتز ) بس عشان لما يحصل الطلاق يبقى معندناش اطفال كتير نعذبهم معانا ، أنا اصلا مكنتش عايز اخلف عشان كنت حاسس ان أنا اتغصبت عليها .. بس لما تعبت حسيت اني بحبها و فى نفس الوقت حسيت ان قلبها اتفتحلي لحد ماتت فى حضني ..
- الله يرحمها ..
قالها ( امجد ) بتأثر ، فأكمل ( حسين ) : عشان كده بقولك أنت مش هتعيش غير مرة واحدة ، و لازم تشوف حياتك بقى و تتجوزوا و انتوا صغيرين عشان تعيشوا مع بعض اكتر و تكونوا شبعتوا من بعض اكتر ..
ابتسم ( امجد ) لحديثه و لكن قطعها صوت ارتطام قوي بالأرض جعلهم ينهضون بفزع ، و ذلك الصوت لم يكن قادما الا من غرفة ( معتز ) !
___________________________________________دخلت الى غرفتها لتوقظها لتجدها بالفعل مستيقظة و سرعان ما أغلقت الهاتف الذي كان بيدها و هي تهتف بحدة : هو فى ايه ما تخبطي ..
قالت ( رجاء ) بضجر : خبطت يا ( عاليا ) و انتي كالعادة مسمعتيش ..
- قصدك اني طرشة يعني ؟!
- أنا مقولتش كده ، قومي يلا مش هتروحي الشغل ؟
- لا مش رايحة .. و عن اذنك اخرجي عشان عندي مكالمة مهمة ..
خرجت ( رجاء ) بالفعل بينما فتحت ( عاليا ) الهاتف مرة أخرى و هي تتأمله لم يفتح حسابه منذ يومين كاملين ! ربما هذه أول مرة تحدث .. كان متواجدا بصورة دائمة على المواقع .. شعرت بالقلق عليه و وجدت أنها فرصة رائعة لتحادثه بحجة الاطمئنان عليه .. و بالفعل اتصلت بيه و لكن لا توجد استجابة !
تلاعبت الشكوك بعقلها أكثر و لكنها قررت فى النهاية أن تحادثه فى وقت لاحق .. لديها اشغال كثيرة اليوم !
___________________________________________الإزعاج هو شئ يتميز به الأطفال .. و خاصة ابناء أخيها ، شعرت بألم فى رأسها و هي تعد وجبة الإفطار ، بينما تجري ( خديجة ) وراء ( ياسين ) و ( مالك ) يشاهد التلفاز بصوت عال ، كان لرحيل ( عمرو ) حرية لهم لكي يفعلوا ما يريدون ، بارعون فى التمرد على القواعد .. يستمتعون بالضوضاء .. يفرحون بالإزعاج ..
وضعت آخر طبق بعد معاناة ، خبرتها لم تكن كبيرة بالمطبخ و خاصة و هي تعد لأفراد كثيرة ، لم تكن تعد الإفطار سوا لها و لمعتز الذي كان فى أحيان كثيرة لا يأكل معها .. جلس الأربعة على المائدة ، قال ( ياسين ) و هو يتناول الطعام : انتي قولتي لبابا يجيب playstation و هو جاي من دبي يا ( بيتو ) ؟
ابتسمت و هي تقول : آه قولتله .. تآخد مربى ؟
ظهرت على تقاسيم وجهه الإشمئزاز و هو يقول : مش بحبها ..
- خلاص يا روحي براحتك ..
قالت ( خديجة ) : أنا عايزة بابا يجيب فساتين كتيرة ليا ، عشان ( فريدة ) بنت مامي دي بتقعد توريني دولابها و تغيطني بيه ، و مامي بتقولي لو عيشت معاها هتديني فساتين كتيرة زي ( فريدة ) .. بس انا مش بحب اقعد معاها كتير لأنها بتقعد تزعقلي جامد ..
قالت ( بتول ) : أنا و بابي هنجيبلك اجمل فساتين ، انا هنزل الشغل بكرة و هيبقى معايا فلوس و اجيبلكم كل اللى انتوا عايزينه ، انتي يا ( ديچة ) عايزة فساتين .. و انت يا ( ياسين ) لو بابا نسى يجيب الplaystation أنا هجيبلك احلى واحد ..
ثم التفتت إلى ( مالك ) قائلة : و انت عايز ايه يا ( مالك ) ؟
- مش عايز حاجة ..
- انت عايز Skate shoes مش كده ؟
التفت لها و قال لها : عرفتي منين ؟
- شوفت الأولاد اللى بيلعبوا فى النادي بيه و بصراحة حسيت انك عايز واحد .. فأنا بوعدك انت اول واحد هجيبله الحاجة اللى عايزها اول ما آخد المرتب بتاعي ، اتفقنا ؟
- ماشي ..
قالها بعدم اكتراث ، فتنهدت بضيق و عادت إلى طبقها مرة أخرى .. قبل أن يرن جرس الباب فنهضت لتفتحه ، لتجد أمامها آخر من توقعت وجوده أمامها ..
___________________________________________يتبع ..
أنا آسفة اني اتأخرت بالمنظر ده بس كان ورايا حاجات كتير ، بس إن شاء الله هحاول متأخرش بعد كده ، متنسوش تعملوا ڤوت للبارت و للرواية و تقولولي رأيكم عشان يهمني اوي 💚✨و قريب إن شاء الله هعمل جروب على الفيس و الواتس او التيجرام و حاليا ده لينك صفحتي على الفيس بوك لو حد عنده تعليق على اي حاجة فى الرواية https://www.facebook.com/profile.php?id=100025291283440&mibextid=ZbWKwL
اشوفكم على خير ❤️✨
![](https://img.wattpad.com/cover/343926205-288-k782663.jpg)
أنت تقرأ
حَتى اَتَاهَا اليَقِينْ
Romanceلعل كل الأقدار كانت سبب فى تأخر امنيتها .. هذه الدنيا لا تعطى كل شئ .. ربما تخطط لحياتك ثم يأتى كل شئ فى لحظة قاطعة يخبرك بأنه لا ينفع .. كمثل الموج الذى يأتي على غفلة فيقلب سفينتك رأسا على عقب ، حتى سألت نفسها ذات مرة متى سترسو سفينتها على الجزيرة...