الجزء الرابع ( كأنني لا اعرفك ! )

163 14 0
                                    

ربما قلبنا اصدق من عيننا !
ما هو الخذلان ؟ و ما هي الخيانة ؟ و ما هو الحنين ؟
عيناها الواسعتان تطلعان إلى السقف .. قرر النوم مخاصمتها ربما لأجل غير مسمى ! ، و في طيات قلبها حملت الم لا يوصف .. تشتم رائحة دخان خيباتها كمدينة احترقت فى الحروب ، او ربما تشعر بأنها وردة ذابلة تنتظر سقوط آخر ورقة منها لتعلن موتها بإستسلام ، البيت هادئ و النافذة مفتوحة .. يحمل هواء و مشاعر شهر نوڤمبر .. ذكريات دخلت فى متاهة عقلها فأصبح الخروج منها أمر شبه مستحيل ! رن هاتفها معلنا قطع تلك الحالة التى سُحبت لها دون إرادتها ، كان هو .. يرن متلهفا لسماع صوتها ، مدت يدها الباردة نحو هاتفها الذي بجوارها و ردت بصوت منهك : أيوة ..
تنفس بعمق ثم قال : أيوة يا ( بتول ) ..
صمت مهيب سيطر من ناحيتها و كأن الحديث أصبح متعب بطريقة غريبة ، لسانها الثقيل و عدم قدرتها على الهمهمة حتى على الرغم من أنها تعرف أنه هو .. راقب صوت أنفاسها الذي تسلل له عبر الهاتف ، نفسها ثقيل و كأن على صدرها جبال جعلت أمر تنفسها عسير ..
تنهد و هو يقول لها : صدقيني أنا مفيش بيني و بين ( عاليا ) اي حاجة .. هي كانت بتحاول تقرب مني .. و مش عارف ليه ، بس هي بنت خالتي فى الأول و الآخر و اكيد كنت بحكيلها تفاصيل عن حياتنا .. و طول الوقت علاقتنا مكنتش أحسن حاجة ، فما صدقت تتصل تاني و الخلافات اللى ما بين بابا و خالتو تخلص .. و حقيقي انا كنت بشوفها زي اختي ، لحد ما لقيت فى عينها نظرة غريبة .. كإنها بتحبني ! و قعدت تسألني عنك كتير و طلبت مني ابعت ليها صور لفرحنا و بالفعل بعتلها و سألت عن شركتي لحد ما اشتغلت فيها ..
ثم ختم حديثه قائلا : مش هنكر إن كان فى مشاعر انجذاب فى الأول ليها بعد ما أنا و انتي اتجوزنا فترة ، بس صدقيني الإنجذاب ده راح تماما ..
تنهدت بعمق و قد شعرت بحرارة عبراتها على وجنتيها ، بينما نظر ( معتز ) ل(أمجد ) بإرتباك ، فأشار له بأنه يسير على نحو جيد .. انتظر يسمع منها أي شئ ، و لكنها اكتفت بقول : انت ليه بتقول الكلام ده دلوقتي يا ( معتز ) ؟
تلك المرة لم يكن بحاجة إلى نصيحة ( امجد ) بل جاوب بصدق لمسته في حديثه قائلا : مهنش عليا تنامي و انتي دموعك على خدك بسببي .. دموعك دي غالية عندي اوي ..
ضحكت فى استنكار و هي تقول : بجد ؟! بجد يا ( معتز ) ؟! هي قالتلك تقولي الكلمتين دول عشان تآكل بعقلي حلاوة و اصدقك مش كده ؟!
لم يتحمل سخريتها اللاذعة و صاح بإنفعال : انتي عايشة فى دور الضحية و الظاهر انك حبيتي الدور ده ، حبيتي الناس كلها تجري وراكي و انتي حابسة فى نفسك جوا بالونة ..
صرخت بأعلى صوتها و هي تقول : أنا مش بمثل اني ضحية .. أنا فعلا ضحية ..
قالت بإنهيار : احنا من ساعة ما اتطلقنا و انا بكتشف حاجة جديدة عنك كل يوم .. كإننا مكناش عايشين مع بعض سبع سنين كاملين ، و بعدها اكتشف انك كنت فى علاقة مع واحدة تانية .. عايزني اعملك ايه هه ؟ ده أنا محبتش غيرك و يوم ما يتداس على قلبي يتداس على قلبي منك أنت ؟! ..
تعالت شهقاتها و هي تردف بحسرة : حاولت ادعي عليك كتير بس قلبي مطاوعنيش ، مكنتش قادرة ادعي انك تبقى مش كويس بسببي ، مقدرتش ادعي أن قلبك يتكسر زي ما أنا قلبي و نفسي مكسورين سواء منك او من عدم خلفتي .. حرام بعد حبي ليك تعمل فيا كده .. حرام بجد .. الله يسامحك على جرحي و كسرة نفسي دي ، الله يسامحك .. لإني مش هسامحك ..
أغلقت المكالمة و هي لا تري من دموعها و جسدها يرتعش بعنف ، ضمت ركبتيها إلى صدرها و هي تدفن رأسها .. لعل يشفق النوم على حالتها و يأتيها و لا تستيقظ ابدا ..
____________________________________________
جاء الصباح .. و لا يُرى نور الشمس من فرط الظلام الذي بداخلنا !
لم تستطع النوم بعد تلك المكالمة ابدا ، و كأنها كانت تهرب بالنوم حتى هرب منها .. انتظرت الصباح الباكر بنفاذ صبر ، و شعرت بأن الشمس ربما غابت لقرون ثم عادت مرة أخرى ، و وصل الأمر بها اخيرا الى حاجتها إلى طبيب نفسي مثلما أخبرت ( بتول ) من قبل .. كانت تشجعها بشئ لم تقتنع به اساسا من داخلها ، و لكن وجدت نفسها تجذب ملابس ثقيلة تناسب الأجواء و ترتدي على عجلة علها تهدأ ضچيچ عقلها .. كيف لكلمات يمكنها أن تقلبنا بالكامل و كأننا قد دُفنا و نحن على قيد الحياة ؟! تحاول التنفس و فينحشر الزفير فى رئتيها ، كادت أن تغلق باب شقتها حتى وجدت نفسها تطرق باب منزل ( بتول ) ، نهضت على صوت الباب لتفتح و هي تقول فى دهشة : ازيك يا ( ريحانة ) ..
ثم نظرت إلى الساعة التى تشير إلى الساعة العاشرة صباحا و أكملت بنعاس : هو فى حاجة و لا ايه ؟
ابتسمت ( ريحانة ) و هي تقول بهدوء : أنا كنت بطمن عليكي قبل ما انزل .. انتي بقيتي احسن ؟
راقبت ملامحها التى تحولت من النعاس إلى الوجوم ، ثم سرعان ما ابتسمت قائلة : أيوة الحمد لله .. هو انتي هتروحي فين بدري كده ؟
تنهدت بعمق قائلة : حاسة اني عايزة اتمشى شوية .. مش هتأخر .. مع السلامة ..
- مع السلامة و ابقى طمنيني ..
قالتها ( بتول ) بصوت عال كي تسمعها ، تنهدت بعمق قبل أن يأتي من خلفها صوت ( عمرو ) الذي قال : هي رايحة فين ؟
التفتت إليه و قالت : معرفش يا أبيه ..
لمحت الحقائب المرصوصة وراءه فقالت بحزن : هو خلاص هتسافر ؟
ابتسم بحنان ابوي و قال : زي ما قولتلك 3 شهور و هرجع اقرفك تاني ..
ضحكت رغم عنها فقال و هو يقول مازحا : أيوة كده اضحكي ، يا شيخة ده انا كنت قربت انسى شكلك و انتي بتضحكي ..
ثم أكمل حديثه قائلا : أنتي طول عمرك بتتحامي فيا من و احنا صغيرين ، و انا كنت دايما كنت ضد ده بس مع ذلك عمري ما لقيتي نفسك لوحدك .. انا هسيبك لوحدك الكام شهر دول ، و لحد دلوقتي ماشي على هواكي و شغلك هتستلميه بكرة مع اني برضه ضد القرار ده .. حاولي متهربيش من اي موقف وحش مهما كان ، و بطلي شغل القطط المغمضة بتاعك ده .. الناس مش كويسة زي ما انتي متصورة ، فى ناس بشعة بيستخبوا ورا الكلام الحلو و الابتسامات اللطيفة ، انتي مش ضعيفة زي ما كان بيتقال عليكي زمان و احنا صغيرين على فكرة .. حافظي على نفسك ، و مش عايز اشوف وشك متبهدل و عاملة شبه الخيارة الدبلانة كده .. اتفقنا ؟
اومأت برأسها و قرت فرت الدموع من عينها ، فقال مشيرا إلى عينيها بغيظ : هو ده اللى اتفقنا عليه ؟!
قالت بألم : سامحني .. بس انا هآخد وقتي و انسى ، مش دي كلمتك لما جيت اواسيك ايام ما كنا انفصلت ؟
ضحك قائلا : بس ايه اللى حصل بعدها ؟ هي سابت العيال و راحت اتجوزت و خلفت مرة تانية ، و انا اتقدمت فى شغلي و عيال بيكبروا فى حضني و كمان مسافر دبي 3 شهور على حساب الشركة من غير ما ادفع مليم احمر فى السفرية دي ..
غمز ضاحكا و أردف : شوفتي الحياة مش بتقف ازاي ؟!
ابتسمت ( بتول ) و لم تتحدث ، ربما ذلك اللقاء الأخير الذي حدث بينها و بين أخيها قبل سفره بدا لها منطقيا و مقنعا إلى حد كبير ! ..
____________________________________________
- مدام ( ريحانة ) تتفضل ..
قالتها الممرضة ، نهضت متجهة إلى غرفة الطبيب النفسي .. دخلت لتجد ذلك الطبيب الشاب يجلس أمام مكتبه ، ربما هو من الأناس أصحاب الملامح الهادئة التى ترتاح لها سريعا ، قال لها بأدب محاولا بث الطمأنينة بداخلها : اتفضلي ..
جلست بالفعل أمامه و نظرت إلى اسمه الذي على مكتبه ( معاذ عز الدين ) ..
ثم قالت بعد صمت قصير : مش عارفة اللى عملته صح و لا غلط ؟
تابعها بإهتمام فأكملت : أنا بعدت ، بعدت عن بيتي و جوزي و اولادي و اخواتي ، و عن المدينة اللى عشت حياتي فيها طول عمري اللى تقريبا مخرجتش منها من ساعة ما اتولدت ..
تنهدت بعمق ثم أكملت : ليه دايما الواحد الناس بتلومه على مشاعره و بعده ؟ هو عيب لما الواحد يقول إنه مش مرتاح .. دايما بحس إن مكاني مكنش معاهم ، و هما كانوا مصدر اذى ليا كبير اوي .. لما بعدت عنهم عشان حسيت انهم كبروا و خلاص بقوا فى غنى عني ، ولادي مش محتاجني خلاص .. دول بقوا شباب فى الجامعات دلوقتى .. ما خلاص بقى أنا اكلت و شربت و ربيت لحد ما كبروا ..
ابتسمت بألم و قالت بهدوء : امبارح ( عمار ) ابني الكبير اتصل بيا كنت مفكرة اني وحشته .. بس طلع أنه كان عايز فلوس عشان الجامعة بتاعته ، و لما سكت فضل يزعق و يقولي مكنتش ام كويسة .. و قفل فى وشي السكة ..
صمتت قليلا ، ثم فجأة و بدون سابق انذار انفجرت فى بكاء مرير ، قالت بإنهيار : أنا استحملت 19 سنة عشانهم ، قعدت مع واحد كان بيضربني كل ما يشوفني و يقولي كلام زي الزفت و يفتحلي دماغي و مع ذلك مقولش لحد عشان البيوت اسرار و اقول لنفسي اكيد بيحبني بس انا عصبته فى حاجة .. و مكنش بيصرف عليا ، أنا اللى كنت بنزل ابيع الدهب بتاعي و الحاجات اللى كانت هدية فى يوم من الأيام ، يصحيني من احلاها نومة فى عز البرد عشان اقوم اجيبله كوباية ماية ، بس انا اقول لنفسي معلش ولادي معايا و انا قاعدة فى بيت اينعم مش احسن حاجة بس موجود على الأقل ..
ابتلعت ريقها و أعطاها ( معاذ ) علبة المناديل فأردفت : شكرا ..
قال ( معاذ ) بإبتسامة : أنا عايزك تقولي كل حاجة مضيقاكي ..
ثم قال بإستفسار : امتى جت فى بالك فكرة الإبتعاد ؟
تنهدت بعمق ثم قالت : لما حسيت ان اولادي بقوا بيشربوا دمي حرفيا ، بيستنزفوني لحد ما اخرج اسوء ما فيا و طول الوقت يحطوني فى ضغط شديد ، بقوا نسخة العن من ابوهم ..
- طب و لما بعدتي .. ايه بقى احساسك ؟ يعني بقى فى مشاعر ارتياح و لا ايه بالظبط ؟
- مشاعري عاملة زي حد مكنش شاف نور الشمس و لا مرة فى حياته و فجأة شافه ، تفتكر الشخص ده هيبقى مبسوط ؟ و لا هيتضايق عشان عينه مش متعودة على آشعة الشمس و متعودة على الضلمة و كان راضي بيها ؟
قال ( معاذ ) : افهم انك عندك استعداد انك ترجعي تاني مش كده ؟
ضحكت ( ريحانة ) و أردفت : اكيد مش هينفع ارجع ، اصل اخواتي كلهم حذروني اني اطلب الإنفصال بس انا اصريت ، و قعدت اخطط للموضوع ده و ازاى هعرف اصرف و بتاع .. و بعدها جت خطة أني انقل فى محافظة تانية عشان ولادي ميعرفوش يوصلولي لأن كل شوية هيجوا يزنوا عليا ارجع عشان اكيد ابوهم مش هيصرف عنهم ، هيبقى شكلي وحش اوي لو رجعت عشان اهلي .. أنا بقيت حاسة إن خلاص عمري راح بسببهم ، و ده سبب كفيل يخليني اكرههم طول ما أنا عايشة ، بس فى نفس الوقت مش قادرة اسيبهم ، بقيت اقول لنفسي كل يوم أن اخلف منه كانت غلطة و تقريبا دي الحاجة التانية اللى اندم عليها بعد جوازي من ( سامي ) ده ..
خلع ( معاذ ) نظراته و هو يقول لها : اسمعيني يا ( ريحانة ) ، علاقتك بأولادك و طليقك علاقة سامة تماما ، و احسن حاجة عملتيها انك بعدتي عنهم ، و فى نفس الوقت مقدرش اقولك تقاطعي ولادك عشان واضح انك متعلقة بيهم ، بس هقولك انك تحاولي تبعدي عنهم و تبدأي تشغلي نفسك بأي حاجة حتى لو هتشتغلي ، حاولي تنسيهم على قد ما تقدري ، روحي اتعرفي على ناس و اخرجي و اتفسحي .. حاولي ترجعي حياتك من تاني ، و مفيش حاجة اسمها عمرك ضاع ، العمر مجرد رقم و مفيش مشكلة لو بدأتي عمرك من تاني و انتي عندك أربعين سنة ، دايما حطي فى بالك أن هما خلاص صفحة و اتقفلت ، لسه الحياة قدامك ..
ذلك الحديث الذي أنعش قلبها من جديد ، اخيرا سمعت انها على صواب فى قرار اتخذته .. ربما لأول مرة فى حياتها !
____________________________________________
تنهد بعمق و هو جالس على الأريكة مفكرا بالمكالمة التى حدثت بين صديقه و زوجته السابقة ، و ازداد حزنه عندما طلب منه ( معتز ) الخروج من الغرفة متحججا بأنه يريد أن ينام ، جاءته رسالة نصية قصيرة و لكنها تعني له الكثير ، ابتسم و هو يقرأ الرسالة المرسلة له من ( نجلاء ) التى مفادها : صباح الخير يا ( امجد ) ..
اتسعت ابتسامته بشغف ، و هو يكتب : صباح الورد يا ستي .. مكنتيش بتردي على رسايلي امبارح ليه ؟
- كان ورايا حاجات كتير سامحني .. قولي انت اخبارك ايه ؟
ضغط على زر تسجيل الصوت متنهدا بعمق و قال لها : مش عارف يا ( نوجة ) حاسس ان الموضوع بقى وحش اوي و معقد .. امبارح قولتله يكلمها يمكن يتصافوا بس الموضوع زاد اكتر و بقى معقد اوي ، أنا خايف بجد تكون العلاقة بتاعتنا تبقى زيهم كده .. او زي بتاعت بابا و ماما ..
نبرته التى حملت القلق و الخوف ، جعلته ترسل له : متخافش يا ( امجد ) أنا و انت هنعيش حياتنا و نكون كويسين و مش هنبقى زيهم او زي صاحبك ..
ثم أضافت رسالة تحاول خفض حالة القلق لديه مازحة : أنا بكلمك عشان افرفش على نفسي الاقيك قلقان كده ..
ابتسم قائلا : أنا عندي مفاجأة ليكي على فكرة .. انا نزلت مصر ..
ارسل تلك الرسالة ، فرأتها .. شهقت بصدمة و لم ترد لمدة 10 دقائق ، ارسلت فى ارتباك : انت بتهزر مش كده ..
ضحك بشدة و هو يقول : يا بنتي أنا نزلت مصر عشان اقابل اهلك و اتقدملك ، و أشوفك بقى .. ده انا مشوفتش صورتك و لا سمعت صوتك و حتى الأكونت بتاعك اسمه زهرة الصبار .. يعني معرفش كتير عنك الا لما كلمتك .. بقالنا مع بعض 3 سنين و مطلبتش منك اسمع صوتك حتى .. كل اللى اعرفه عنك إن اسمك ( نجلاء ) و اصغر مني ب4 سنين و عايشة فى القاهرة ، و خريجة كلية هندسة بس ..
الارتباك الذي ساد عليها جعلها ترى رسالته و لا ترد حتى هو فقد الأمل فى الرد فقط خرج من المحادثة و أخذ يتصفح موقع التواصل الإجتماعي بملل حتى أتاه الرد ، فتح بلهفة ليرى رسالتها التى تقول فيها : طب سيبني اقول لأهلي واحدة واحدة عشان لسه ميعرفوش اي حاجة ، ماشي ؟
تنهد بصبر ثم قال بإبتسامة فى تسجيل صوتي : مفيش مشكلة يا ( نوجة ) ، أنا معاكي فى اي حاجة انتي عايزاها .. لو احتاجتي اي حاجة قوليلي ، و عشان خاطري سرعي فى موضوع جوازنا ده .. أنا تعبت من كتر ما بدخل فى علاقات فاشلة و اني دايما لوحدي .. و كمان نفسي تبقي فى حضني بقى .. سلام ..
ارسلت له و هي تحمد ربها على إنهاء تلك المحادثة : سلام ..
أغلق هاتفه عندما سمع صوت ( حسين ) من خلفه يقول بقلق : هو معتز مش بيفتح باب الأوضة ليه ؟
التفت له ( امجد ) قائلا : أنا و هو نمنا متأخر امبارح ..
- طب انت نايم بره ليه ؟
اعتدل فى جلسته ثم قال ضاحكا : ابنك طردني من اوضته امبارح ، فنمت على الكنبة ..
لم يستجيب ( حسين ) لدعابته ، و جلس جواره .. عم بينهما صمت ثقيل قطعه ( حسين ) بقوله : مش عايز تتجوز بقى يا ( امجد ) ؟
ضحك ( امجد ) بشدة حتى سعل ، ثم قال له : عندك عروسة يا ( حسين ) و لا ايه ؟
ابتسم ( حسين ) قائلا : انت بتعتبرني فى مقام ابوك مش كده ؟
- يمكن اكتر من ابويا كمان ..
- أنا حاسس انك كبرت يا ( امجد ) ، كل اخواتك اتجوزوا و صاحبك كمان اتجوز ، و انت مقضيها سفر و خروجات بس .. مش نفسك فى واحدة تشيل عنك همك و تبقى معاك فى كل اوقاتك ؟ بلاش دي .. مش نفسك فى عيل يشغل حياتك ؟
لاحظ ( حسين ) الفتور الذي أصاب ( امجد ) ، فأكمل : أنا بقولك الكلام ده .. لإني شايف نفسي فيك ، أنا اتجوزت كبير و يمكن ده عملي مشاكل مع ام ( معتز ) و ده كان سبب فى إن حياتنا متبقاش مستقرة ، عشان كده مخلفناش غير ( معتز ) بس عشان لما يحصل الطلاق يبقى معندناش اطفال كتير نعذبهم معانا ، أنا اصلا مكنتش عايز اخلف عشان كنت حاسس ان أنا اتغصبت عليها .. بس لما تعبت حسيت اني بحبها و فى نفس الوقت حسيت ان قلبها اتفتحلي لحد ماتت فى حضني ..
- الله يرحمها ..
قالها ( امجد ) بتأثر ، فأكمل ( حسين ) : عشان كده بقولك أنت مش هتعيش غير مرة واحدة ، و لازم تشوف حياتك بقى و تتجوزوا و انتوا صغيرين عشان تعيشوا مع بعض اكتر و تكونوا شبعتوا من بعض اكتر ..
ابتسم ( امجد ) لحديثه و لكن قطعها صوت ارتطام قوي بالأرض جعلهم ينهضون بفزع ، و ذلك الصوت لم يكن قادما الا من غرفة ( معتز ) !
___________________________________________

دخلت الى غرفتها لتوقظها لتجدها بالفعل مستيقظة و سرعان ما أغلقت الهاتف الذي كان بيدها و هي تهتف بحدة : هو فى ايه ما تخبطي ..
قالت ( رجاء ) بضجر : خبطت يا ( عاليا ) و انتي كالعادة مسمعتيش ..
- قصدك اني طرشة يعني ؟!
- أنا مقولتش كده ، قومي يلا مش هتروحي الشغل ؟
- لا مش رايحة .. و عن اذنك اخرجي عشان عندي مكالمة مهمة ..
خرجت ( رجاء ) بالفعل بينما فتحت ( عاليا ) الهاتف مرة أخرى و هي تتأمله لم يفتح حسابه منذ يومين كاملين ! ربما هذه أول مرة تحدث .. كان متواجدا بصورة دائمة على المواقع .. شعرت بالقلق عليه و وجدت أنها فرصة رائعة لتحادثه بحجة الاطمئنان عليه .. و بالفعل اتصلت بيه و لكن لا توجد استجابة !
تلاعبت الشكوك بعقلها أكثر و لكنها قررت فى النهاية أن تحادثه فى وقت لاحق .. لديها اشغال كثيرة اليوم !
___________________________________________

الإزعاج هو شئ يتميز به الأطفال .. و خاصة ابناء أخيها ، شعرت بألم فى رأسها و هي تعد وجبة الإفطار ، بينما تجري ( خديجة ) وراء ( ياسين ) و ( مالك ) يشاهد التلفاز بصوت عال ، كان لرحيل ( عمرو ) حرية لهم لكي يفعلوا ما يريدون ، بارعون فى التمرد على القواعد .. يستمتعون بالضوضاء .. يفرحون بالإزعاج ..
وضعت آخر طبق بعد معاناة ، خبرتها لم تكن كبيرة بالمطبخ و خاصة و هي تعد لأفراد كثيرة ، لم تكن تعد الإفطار سوا لها و لمعتز الذي كان فى أحيان كثيرة لا يأكل معها .. جلس الأربعة على المائدة ، قال ( ياسين ) و هو يتناول الطعام : انتي قولتي لبابا يجيب playstation و هو جاي من دبي يا ( بيتو ) ؟
ابتسمت و هي تقول : آه قولتله .. تآخد مربى ؟
ظهرت على تقاسيم وجهه الإشمئزاز و هو يقول : مش بحبها ..
- خلاص يا روحي براحتك ..
قالت ( خديجة ) : أنا عايزة بابا يجيب فساتين كتيرة ليا ، عشان ( فريدة ) بنت مامي دي بتقعد توريني دولابها و تغيطني بيه ، و مامي بتقولي لو عيشت معاها هتديني فساتين كتيرة زي ( فريدة ) .. بس انا مش بحب اقعد معاها كتير لأنها بتقعد تزعقلي جامد ..
قالت ( بتول ) : أنا و بابي هنجيبلك اجمل فساتين ، انا هنزل الشغل بكرة و هيبقى معايا فلوس و اجيبلكم كل اللى انتوا عايزينه ، انتي يا ( ديچة ) عايزة فساتين .. و انت يا ( ياسين ) لو بابا نسى يجيب الplaystation أنا هجيبلك احلى واحد ..
ثم التفتت إلى ( مالك ) قائلة : و انت عايز ايه يا ( مالك ) ؟
- مش عايز حاجة ..
- انت عايز Skate shoes مش كده ؟
التفت لها و قال لها : عرفتي منين ؟
- شوفت الأولاد اللى بيلعبوا فى النادي بيه و بصراحة حسيت انك عايز واحد .. فأنا بوعدك انت اول واحد هجيبله الحاجة اللى عايزها اول ما آخد المرتب بتاعي ، اتفقنا ؟
- ماشي ..
قالها بعدم اكتراث ، فتنهدت بضيق و عادت إلى طبقها مرة أخرى .. قبل أن يرن جرس الباب فنهضت لتفتحه ، لتجد أمامها آخر من توقعت وجوده أمامها ..
___________________________________________

يتبع ..
أنا آسفة اني اتأخرت بالمنظر ده بس كان ورايا حاجات كتير ، بس إن شاء الله هحاول متأخرش بعد كده ، متنسوش تعملوا ڤوت للبارت و للرواية و تقولولي رأيكم عشان يهمني اوي 💚✨

و قريب إن شاء الله هعمل جروب على الفيس و الواتس او التيجرام و حاليا ده لينك صفحتي على الفيس بوك لو حد عنده تعليق على اي حاجة فى الرواية https://www.facebook.com/profile.php?id=100025291283440&mibextid=ZbWKwL
اشوفكم على خير ❤️✨

حَتى اَتَاهَا اليَقِينْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن