2 إسلامُ مُلْحِدٍ ❤️❤️
تحَدَّثَ الشابُّ الأسْترالِيُّ "روبن"، والذي أصْبَحَ اسْمُهُ "أبو بكر" بعدَ أنْ أسْلَمَ، عنْ قِصَّةِ إسْلامِهِ فقالَ: تبدَأُ قِصتِي في أوَّلِ سنَةٍ لِي بالجامِعَةِ، فقدْ مَرَّتْ عليَّ هذِهِ السنةُ بالعدِيدِ مِنَ المَشاكلِ، حيثُ انْفَصَلَ والدَايَ عنْ بَعضِهِمَا، وحدثَ لِي حادِثُ سيارَةٍ، وتُوفِّيَ أحدُ أصْدقائِي، فَسألْتُ نفْسِي: لماذَا أنَا هُنا ومَا الهدَفُ منَ الحياةِ، ولماذَا أزْعِجُ نَفسِي بِها؟ وبدأتُ في التشْكِيكِ في الهدَفِ منَ الحياةِ، وبمَا أنَّنِي مَسِيحِيٌّ أسترَالِيٌّ بدأتُ أتَقَصَّى عنِ المَسيحيَّةِ، فذَهَبْتُ إلى مُخيَّمِ الكَنيسَةِ، فوجدْتُ هناكَ الجميعَ يُغَنِّي بكَلِمَاتٍ لا أعْرِفُها، وعندما شاهَدُونِي، سألتُهُم عنْ بعْضِ الأسئِلَةِ التي أرْهَقَتْنِي، فَلَمْ يَفْتَحُوا الإنْجِيلَ لِيُخْبِرُوني بالأجْوِبَةِ، بلْ كُلُّ واحدٍ مِنهُم أعطَانِي رأيَهُ الشخْصِيَّ، وأجَابَ بمَا يَرَاهُ هو، فكانَتِ الإجَابَاتُ تخْتَلِفُ عن بَعْضِها، بَلْ أحيانًا يكونُ رأيُ أحدِهِم عكسَ الآخَرِ، حتى تصَوُّرَاتِهِم عنِ الإلَهِ كانت تَصوُّرَاتٍ عاجِزَةً ومُتناقِضَةً وغيرَ مُقنِعَةٍ، فكيفَ يُصلَبُ إلَهٌ ويتعرَّضُ للأذَى، لذلكَ أدْرَكْتُ أنَّ هُناكَ الكثيرَ مِنَ التأوِيلِ في المَسيحيَّةِ، فبدَأْتُ أفَكِّرُ وأرْتَبِكُ. ومعَ دراسَتِي بالجامِعَةِ كنتُ أعْمَلُ في مَحطَّةِ وَقُودٍ، وكانَ أحدُ زُملائِي هِنْدِيًّا هِندُوسِيًّا، فسألتُهُ: ما قِصَّةُ الإلهِ الهِندوسِيِّ ذُو رأسِ الفِيلِ، ألَمْ يَكُنْ مُمكِنًا أنْ تَخْتَارُوا بَدَلًا منهُ إلَهًا لَهُ رأسُ أسَدٍ؟ فبدَأ يتحدَّثُ معي عنِ الهِندوسِيَّةِ وخضْتُ معَهُ حِوَارًا لاهُوتِيًّا، فلَمْ تُعْجِبْنِي الهِندوسِيَّةُ، وظَلَلْتُ أسْتَقْصِي عَنْ دِيانَاتٍ أخْرَى، وكانَ سُؤالِي هذِهِ المرَّةِ عَنِ الدينِ اليَهودِيِّ، وبعدَ بحْثٍ طَويلٍ وجدْتُ أيضًا تصوَّرَ كَهَنَتِهِم عنِ الإلَهِ مُتناقِضًا مثلَ تَناقُضِ القَساوِسَةِ في المَسيحيَّةِ، حيثُ أصبَحَ اللهُ أوِ الربُّ في التوراةِ لا يتوَرَّعُ عَنْ مُصارَعَةِ أحدِ أفرادِ البَشرِ، ويغْضَبُ ويَغَارُ ويعْتِبُ ويَحْقِدُ، بلْ ويُطالِبُ بِنصِيبِهِ مِنَ اللحْمِ والشحْمِ والمَسكَنِ كَكُلِّ الناسِ كَما تذْكُرُ بعضُ نُصوصِ التورَاةِ، لذلكَ لَمْ أجِدْ في اليَهودِيَّةِ ما كُنْتُ أبْحَثُ عنهُ، وأخِيرًا بحَثْتُ في الدينِ البُوذِيِّ، واعْتقدْتُ أنَّ هذا هوَ الذِي سأخْتَارُهُ، وعندما تَعَمَّقْتُ في البَحْثِ وجدتُ أنَّ هذَا لمْ يَكُنْ دِينًا وإنَّما طرِيقَةٌ جذَّابَةٌ للعَيْشِ.
وفي يومٍ سألنِي أحَدُ أصدقائِي المَسيحِيِّينَ عنِ الأديَانِ التي بَحَثْتُ عنها، فَقُلتُ لهُ لقدْ بحثتُ عنَ المَسيحيَّةِ والهندوسيَّةِ واليهودِيَّةِ والبُوذيَّةِ، فقالَ لِي: وماذَا عنِ الإسلامِ؟ فقُلْتُ مُنْدهِشًا: الإسلام!! إنَّهمْ إرْهابِيُّونَ، لَنْ أسْتَقْصِي عنْ إسْلامِهِم، ما الذِي يدْفَعُنِي إلى دينِهِم؟ لكِنَّنِي بعْدَ فَتْرَةٍ وجدْتُ نَفْسي أدْخُلُ مَسجِدًا دُونَ أنْ أخْلَعَ حِذَائي عَابِرًا سجَّادَةَ الصلاةِ، وكِدْتُ أدُوسُ على رَأْسِ أحَدِ الساجِدِينَ، ثمَّ نَظَرْتُ فوَجَدْتُ الشيخَ أبُا حمْزَةَ مَاشِيًا نَحْوِي، فَقُلْتُ في نَفْسِي: اليومَ سأمُوتُ. إلَّا أنَّ الشيخَ ابْتَسَمَ لِي وقَالَ: يومٌ جميلٌ يا صَدِيقِي، كَيْفَ حَالُكَ؟ بعدَ هذا الاسْتِقْبَالِ الطيِّبِ مِنَ الشيْخِ أبي حمزَةَ، جعَلَنِي أسأَلُهُ والإخُوَةُ معي أسْئِلَتِي التِي سَألْتُها مِنْ قَبْلُ للقَسَاوِسَةِ والكَهَنَةِ، وأكْثَرَ مَا أدْهَشَنِي أنَّنِي عندمَا كُنتُ أسْألَهُمُ كَانوا لا يُجِيبُونَ على الفَوْرِ، كانُوا يُمْسِكُونَ القُرآنَ ويقُولُونَ لِي: اقْرَأْ هُنا يا أخِي، وهُناكَ كُنتُ أجِدُ الجَوَابَ مَهْمَا سألْتُ مِنْ أسْئلَةٍ صَعْبَةٍ. وبعدَ مُرورِ أسْبُوعَيْنِ قُلْتُ لأحَدِ الإخْوَةِ بعدَما سَألتْهُ سُؤلًا: لماذَا لا تُعْطِيَنِي رأيَكَ الشخْصِيَّ؟ فقالَ لِي: لا يمْكِنُ أنْ يَكُونَ لِي رَأيٌ عندَما نَتكَلَّمُ عنْ كَلامِ اللهِ، وهذا أثَّرَ فيَّ كَثيرًا، ثم أخَذْتُ نُسْخَةً مِنَ القُرآنِ وأخذْتُهُ للبَيْتِ وبدَأْتُ أقْرَأُهُ، فوَجَدْتُ أنَّ الأمْرَ لَمْ يَكُنْ أشْبَهَ بِقرَاءَةِ قِصَّةٍ، بَلْ كنْتُ أقْرَأُ شَيئًا يأمُرُنِي ويُرْشِدُنِي.
وفي إحْدَى الليالِي عَزَمْتُ على إِحْدَاثِ جَوٍّ رُوحانِيٍّ، فَأشْعَلْتُ شَمْعَةً وفتَحْتُ النافذَةَ وأغْلَقْتُ السَتائِرَ، وجَلَسْتُ أفَكِّرُ في الأدِلَّةِ الروحَانِيَّةِ والعِلْمِيَّةِ عنْ حَقائِقَ مِثلِ كَوْنِ الجِبالِ أوْتَادًا أو نَشأةِ الجَنِينِ في رَحِمِ أمِّهِ، وكنتُ أحْتَاجُ إلَى دَفْعَةٍ بَسيطَةٍ، وقُلْتُ يا اللهُ أنا علَى وَشْكِ القَفْزِ والدخُولِ في الإسلامِ الآنَ، كلُّ ما أحْتَاجُهُ إِشارَةً بَسيطةً منكَ، لا حَاجَةَ لِشيءٍ كبيرٍ كَصاعِقَةٍ مِنَ السماءِ أو أنَّ السقْفَ يَقَعُ، شيءٌ بَسيطٌ فأنْتَ خلَقْتَ الأرضَ، وجَلَسْتُ أنْتَظِرُ أنْ تَرْتَفِعَ الشموعُ أرْبَعَةَ أمْتارٍ في الهوَاءِ كمَا يَحدُثُ في الأفلامِ، ولكِنَّ شيئًا لَمْ يَحدُثْ، فخَابَ أمَلِي للغَايَةِ، فجَلَسْتُ وقُلْتُ: الله، هذهِ هيَ فُرْصَتُكَ وسَأعْطِيكَ فُرصَةً أخْرَى ربَّمَا كنْتَ مَشغُولًا، فهوَ وَقْتُ النهَارِ في نِصْفِ الكرَةِ الأرضِيَّةِ الآخَرِ، فلَمْ يَحْدُثْ شَيئٌ وجَلَسْتُ غَاضِبًا وأصَابَنِي الإحبَاطُ واليأسُ وفجأةً وجَدْتُ نَفْسِي أفْتَحُ القُرآنَ على هذهِ الآيَةِ "إنًّ في خَلْقِ السمَواتِ والأرضِ ..." وبعدَ قِراءَةِ الآيةِ اقْشَعَرَّ جَسَدِي وأحْسَسْتُ أنَّهَا رِسالَةُ هِدايَةٍ مِنَ اللهِ، فانْقَلَبَ حَالِي تَمامًا وشَعَرْتُ أنَّ اللهَ قَدْ دَلَّنِي، لأنَّ هذا الكوْنَ بِجمَالِهِ وعَظِيمِ تَكْوِينِهِ يَستَحِيلٌ أنْ يُنْشَأَ بِلا خَالِقٍ، ووجَدْتُ أنَّ الديانَاتِ كُلَّهَا تتكَلَّمُ عنْ هذا الإلَهِ العَظيمِ كَلامًا عاجِزًا وأحيانًا مُضحِكًا يُثِيرُ السخْرِيَّةَ، عكْسَ الإسلامِ الذِي نَزَّهَ وعَظَّمَ الخَالِقَ بِطرِيقَةٍ تبْعَثُ على الارْتِيَاحِ والثقَةِ، وفي اليومِ التالِي وبعدَ بَحْثٍ لمدة ستَّةِ أشْهُرٍ عنِ الإسلامِ قَرَّرْتُ أنْ أكُونَ مُسْلِمًا وأنْطِقَ الشهَادَتَيْنِ، وبعدَ أنْ نَطَقْتَهُمَا ذَهَبَ كُلُّ الخَوْفِ مِنْ عَقْلِي، ومنذُ ذَلكَ وحتَّى اليومِ لَمْ أهْتَزُّ أو أعِدِ التفْكِيرَ، وكانَتْ عَائلَتِي تَخْشَى في البِدَايَةِ أنْ تُصْبِحَ تَصَرُّفَاتِي غَرِيبَةً، كأنْ أجْرِي بالأسلِحَةِ الرشاشَةِ نَحْوَهُم، لكِنَّهُم أدْرَكُوا أنَّ هذا الدينَ في الحَقيقَةِ يجْعَلُنِي شَخْصًا أفْضَلَ، وكانَتْ مُعامَلَتِي الطيبَةُ معَ أبِي جَعلَتْهُ يَفْهَمُ أنَّ حَقيقَةَ الإسلامِ تَخْتَلِفُ عمَّا يُشاعُ عنْهُ مِنْ أكَاذِيبَ، لذَلكَ طَلَبَ مِنِّي نُسخَةَ القُرآنِ، وأثِقُ أنهُ سَيُعْلِنُ إسلامَهُ قَرِيبًا إنْ شَاءَ اللهُ.منقوله