الوداع

898 27 0
                                    



"وکان بینه وبين الأسود الفاتكة قرابة" هكذا كان

العقيد هاشم حينما يتعلق الأمر بتنفيذ مهمة ميدانية: أنه يُلقي بنفسه للخطر دون مهابة كمن يتأهب لخوض مغامرة ممتعة..

لكنه كان يحمل شعورًا مختلفًا تجاه هذه المهمة بالذاتء شعور غامض وغريب يخبره بأن شيئًا خطیراً كان ينتظره وراءها: لیس الموت هو ما كان يشعر به  بل شیء أشد وأخطر.

وریما هذا الإحساس هو ما جعله يقرر أن يترك بعض الكلمات وراءه - إنها رسالة - قرر أن يكتبها لتكون أشبه بالوصية أو الاعتراف الأخير قبل مغادرته الأرض.

أزال مرتبة السرير وسحب مفكرة الجلدء فتحها على إحدى الصفحات وبدأ يكتب:

بعد موتك تکوّنت لديّ فكرة خطيرة: لقد فقدت ثقى بالله.

وباتت هناك أسئلة تؤرقنی:

لماذا الله یسمح بالشر؟ .. لقد کنتِ يا بلقيس

إنسانة صالحة .. فلماذا الله لم يتدخل وبوقف عملية قتلك؟ .. لماذا سمح للشر بأن يُصيبك؟

أعلم أنها أسئلة إلحادية لا يجوز التفكير بھا، وقد حاولت مرات عديدة أن أطردها عني ولكنها لا تلبث کثیرا حتی تعاود الظهور في رأسي مجددًا کسرب من الذباب الملعون.

أنت أول شخص أخبره بهذا الأمر؛

وقد أخبرتكِ به لأني أعلم أنكِ الوحيدة التي ستفهم الظروف التي أوصلتني إلى هنا - إلى هذا الاعتقاد بينما الآخرون سيحكمون علي بالكفر والزندقة.

فإذا نظرت يومًا من السماء نحو هذا المنزل .

 هذا المنزل،

لذي احتوانا ذات يوم ،وقرأتِ هذا الاعتراف أريدك أن تستغفري لي الله وأن تطلبي منه أن يُسكنني 

إلى جوارك.

إلى اللقاء.


* *


حين انتهی من الکتابة حمل مفكرة الجلد إلى النافذة،

جعلها مفتوحة على الرسالة ثم غادر إلى الغرفة المجاورة ليطمئن على ابنته قبل الرحیل.

فتح الباب - باب غرفتها - بھدوء کي لا يُزعج منامها؟

ولکنه وجدها وقد كانت تجلس فوق السریر مسندة ظهرها إلى الحائط تحتضن الرواية ذات الغلاف الأبيض والتي بظهر على غلافها صورة نصف وجه الفتاة ذات العین المتوهجة باللون الأحمر

آرسسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن