آرسس

العوده الى الماضي

تعد صحراء الربح الخالي واحدة من أكثر صحاري العالم قسوة ووحشیة؛ حيث تبلغ حرارتها نهاًا قرابة الخمسین درجة مثویة وتنخفض لیلاً حتى كما آنها شديدة الجفاف وذات رمال غير مستقرةء مليئة بالحشرات السامة والحيوانات المفترسة القاتلة؛ وهذا ما یجعل نجاة التائه فيها تكاد تكون مستحيلة. 

فكر هاشم أن ينزع بدلة الفضاء ليُصبح أكثر خفة أثناء الحركة» ولكنه سرعان ما تراجع عن تلك الفكرة؛ فهذه البدلة التي فوقه ستكون الدرع الوحيد لحماية جثمانه من وحوش الصحراء في حال أنه مات قبل أن يخرج منها.

* *

مستعينا بي الدلائل الطبيعية - الشمس والریاح ومراقبة حركة الظلال استطاع العقيد أن بحدد اتجاه الشمال حيث تقع الرياض وسار نحوها .

واستطاع لمدة أريع ساعات متواصلة أن يصمد أمام موجات الغبار العاتية وأن يواصل تقدمه رغم الجوع والعطش الشديد وحرارة الطقس العالية.

ولكنه لم يلبث طويلاً حتى بدأ يشعر بالدوار والإرهاق بسبب النقص الحاد للطاقة اللازمة لتشغيل وظائف جسده الحيوية؛ مما جعله أخيراً يسقط مكانه ارضا

* *

 وبعد مدة قصيرة:‎

بدأت الوساوس - وساوس ما قبل الموت - تراوده عن نفسه وجعلته يفكر بالكلام الذي قالته حورائيل: ماذا لو أنه عاد فعلاً تسع سنوات إلى الوراء كما قالت ؟ .. هل هذا يعني أن بلقيس تنتظره في المنزل الآن ؟ ... وأن الصحراء هي المسافة الوحيدة التي تفصله عن رؤيتها ؟

مدته تلك التساؤلات بطاقة احتياطية جعلته یتوکا على يديه لینهض» ولكن موجة عاصفة من الرمال القودة ھبّت عليه تلك اللحظة فأفشلت محاولته.

ظل جسدہ ممدداً بلا حراك لوقت طویل؛

 أثار انتباه أحد أكثر الكواسر خطورة وفتکاً - النسر - الذي تُعد الأجساد الميتة فی الصحراء واحدة من أهم الوجبات الأساسية في قائمة غذائه.

حول النسر اتجاهه في الهواء وهبط بالقرب من وجبته.

كان جسده - جسد هاشم - مُدرعًَا ببدلة الفضاء إلا وجهه الذي كان قد جعله مكشوفا.

اقترب منه النسر وهم بنقر لحم وجهه» ولكنه قبل أن يفعل ذلك كان هاشم قد أفاق من موته المزيف ثم انقض عليه - بمقدار أقل من الثانية - وأمسك به.