انطلاق

740 30 0
                                    

غرفة التحکم الأرضية:

جلست المديرة - مديرة مركز قيادة الاطلاق - خلف شاشة صغبرة یظهر فیها صورة المکوك.. قربت فمها من جهاز المایکروفون وتحدثت أولاً إلى هاشم الذي كان يُنصت إليها عبر جهاز المراسلة المدمج داخل خوذة رأسه:

- هل أنت مستعد يا سعادة العقيد؟

بدون ترددء أجاب هاشم:
نعم، مستعد.

حين تأكدت مديرة مركز القيادة من استعداده توجهت بكلامها إلى الجهات الأخرى:

- إلى كل المسؤولين عن الرحلة، هل نحن جاهزون للصعود؟

وما أن وصلتها الردود بالتتابع تؤكد الاستعداد حتى قالت تُعطي شارة البدء:

- استعدوا إذاً.. ثلاث دقائق على الإطلاق

فُتحت القبة الكبيرة التي تحجب باحة المنصة بشكل آلي» وبات هاشم - بينما هو في قمرة المكوك - يستطيع أن يرى السماء الزرقاء مكشوفة أمامه.

وما هي إلا ثوانِ يسيرة حتى بدأت المحركات تعمل شیتاً فشيئاً للوصول إلى طاقتها التشغيلية القصوى...

قالت المديرة:
تسع ثوانٍ على الإطلاق.. سلسلة الإشعال تبدأ الآن

أحس العقيد هاشم بهزات متتالية آعقبها الصوت العالي لهدير المحرکات، تبعه دخان كثيف اندفع من فتحات المكوك السْفلية .. وحينذاك بدأت المديره بالعد التنازلي :

" ثلاثه "

" اثنان "

" واحد "

" انطلاق "

* *

تعاظم الدخان حتى غطى باحه الجبل ، فی مشهد عظيم رأى العلماء ألسنة اللهب الحمراء تندلع من فتحات المكوك دافعة إياه بكل قوة نحو الأعلى.

هتفت المديرة في تلك الأثناء:
- المكوك شاهين ثمانية .. يغادر العش.

ظل فريق العلماء يراقبون بأعينهم عملية العروج في السماء حتى اختفى المكوك عن مجال رؤيتهم مخلفًا وراءه خيطاً عظيمًا من الدخان الكثيف، تمتم الرجل المسؤول رفيع المستوى قائلاً:

- ليحفظك الله يا هاشم.

* *

5 ساعات و 23 دقيقة من الانطلاق بالسرعة القصوى هذا هو الوقت الذي استغرقه - شاهين ثمانية - لمغادرة الأرض وولوج عتمة الفضاء المهيبة.

أطلّ هاشم برأسه من خلال نافذة القمرق كان منظر الأرض مُذهلا من هناك:


لؤلؤة زرقاء جميلة ملقاة في جوف

محيط أسود صامت مخيف يطوي بداخله الكثير من القصص والأسرار الخافية.

قام مركز القيادة بتوجيه - شاهين ثمانية - آليّاً نحو إحداثيات الظاهرة الكونية .. استجابت المركبة المعدنية للأمر وراحت تعوم مباشرة نحو هدفها.

عبر جهاز المراسلة المدمج في خوذة رأسه سمع هاشم صوتاً مازحًا يقول:
- آلوح لك بيدي، هل تراني من عندك يا هاشم ؟؟

ندت عنه ابتسامة طفيفة ميّز صوت صديقه البروفيسور عادل،

قال مجيباً بصوت هادئ وائق:
يدك لا أراهاء ولكني أستطيع بوضوح أن أرى أنفك الكبير من هنا.

الاطمئنان تملاً قلبه.

ولكنها ليست إلا لحظات يسيرة حتى اختفى ذلك الشعور بالاطمئنان وحل مکانه إحساس بالرهبة والجزع وذلك عندما أصبحت الظاهرة الكونية تستوي آمام مجال رژیته:

- يا إلهي - قال جزعاً - ما هذا الشيء المخیف ؟

* * * * * * *
" تصويت "

آرسسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن