بدأ التحرك

944 31 0
                                    


 هاشم - رأى القناص - وهو يلوذ بالفرار مستخدمًا سلالم الطوارئ

كان بوسعه الذهاب لملاحقته والقبض عليه ولكنه بدلا عن ذلك اختار أن يحمل بلقيس إلى المشفى؛ فهو يُدرك أن الثوانی في مثل تلك الحالات الحرجة قد تكون مفيدة لانقاذ حياتها...

يعرّف علماء اللغة الفرق بين - الزمان والزمن - بالطریقة التالية:

الزمان هو الوقت الثابت الذي يمضي علينا جميعاً بالتساوي» مثل اليوم والشهر والسنة.

أما الزمن فهو مسألة شخصية: انه الاحساس - احساسنا  الخاص بمرور الوقت.

وبناء على هذا التعريف نستطیع القول بأن هاشم مکث بغرفة الانتظار آنذاك مدق من الزمان تعادل ثلاث ساعات فقطء بینما آحس بها تمضي

وكأنها عام کامل من العذاب. أخيرًا جاءه الطبیب ینقل إليه هذا الخبر: - البقاء لله لقد فارقت زوجتك الحياة.


ذهب إلى حيث يرقد جُثمانها أزال عن وجهها الغطاء ونظر إلى الملامح التي بات يسكنها الموت؛ فأحس بشعور غريب وهو يراها تلك اللحظة: لقد شعر بوحدة عميقة

وكأنه استيقظ ليلا واكتشف أن البشر - كل البشر - غادروا الأرض وتركوه وحيداً.

انحنى إليها وعانقھا بقوة مثل بخيل يعانق ماله وضمها إليه - بقوة أكبر - وكأنه أراد أن يدفنها داخل جسده.

في اليوم الثاني ساعد في غسلها بالماء والسدر والكافور وضفر شعرها الطويل ثلاث قرون .. ثم لف حول جسدها الكفن وحملها مع الرجال إلى القبر وأنزلها بنفسه إلى مثواها الأخير وعندما حانت لحظة الوداع قال لها شيئًا خرج من أعمق نقطة في قلبه:

- أنت ميتة وأنا ميت الفرق الوحيد بيننا هو أنكِ أسفل الأرض وحدك بينما أنا وحيد فوق الأرض بينهم.

لاحقا

انهمك فريق البحث والتحري في التحقيق حول ملابسات القضية كانت الدلائل الأولية تُخبر إلى أن هناك منظمة تقف خلف الحادثة؛ فالقناص لن يكون قادرًا على تنفيذ عملية الاغتيال الدقيقة تلك وحده.

وبعد أسابيع من البحث المتواصل عثر أفراد الفريق أخيرًا على خيط يقودهم إلى وكر القناص ولكنهم عند المداهمة وجدوه مقتولا برصاصة ومع موته - موت القناص - انقطع الأمل في العثور على الجهة التي دبرت كانت أخته نرجس تعرف تلك الأحداث كلها ولكنها تجهل شيئًا واحدًا:  

- لماذا تعتقد أنك السبب وراء موتھا؟


لأن من المؤكد أن الجهة التي دبرت عملية اغتيال بلقيس كانت بذلك تريد أن تنتقم مني.


على مر السنوات أحبط هاشم الكثير من العمليات المعادیة، قبض على العديد من زعماء المنظمات والعملاء والجواسيس فكان من المنطقی أن يكون الدافع وراء عملية الاغتيال تلك هو الانتقام منه .. ولأجل هذا قامت الحكومة بتعيين فريق من الحرس الوقائي يعكف على حراسته وحراسة منزله وأفراد عائلته؛ لضمان عدم تكرار تلك الحادثة المؤسفة مرة أخرى.

آرسسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن