و بينما لا زال الشابان تحت تأثير الصدمة و لا يزال مشهد فقدان رفيقهما يتكرر أمامهما، بدأت الرمال المتحركة تبتلع بقية الصخور واحدة تلو الأخرى فانتبها إليها و تقدما مسرِعَيْن لِمُجاراة تلك الرمال و الخروج من البُحَيرَة.
و بعد أن ابتعدا عن الخطر قدر المستطاع، جثا ساكي على ركبتيه نادما و هو يقول:
- سُحقًا لي... كان كل هذا بسبب تهوري... لو لم أخالفه... لكان معنا الآن... يالني من عنيد أحمق...
- لقد كنتُ أعتبره بمثابة جدي... -أردفت ميران و الدموع تغمر عيناها- كان يحذرنا من الفخاخ كل بضع لحظات... و لكننا... لكننا لم نكن نستمع إليه...
فأردف ساكي باكيًا:
- أنا المخطئ... كان يحاول إبعادي عن الخطر فتسببتُ في مقتله بِغبائي... كان يحاول تحذيري فأغرقتُه بِتهوُري... أي عقل و أي قلب أملكهما أنا؟.. أستحق الموت عقابا على جريمتي...- توقف يا ساكي... لن يعود العم روي إلى الحياة... إن مِتَّ أنت...
- دعيني يا ميران... دعيني لعلي لن أتسبب في مقتل شخص آخر بِغَبائي...
- كِلانا حاول تخفيف حذَرِهِ يا ساكي... نعم، لقد نجحنا في إقناعه... لكننا خسرناه... كان مُخلِصًا لِرغبتِهِ في إنقاذ القرى... لقد كان قويًّا و حكيمًا... لكنه لَقِيَ حتفَهُ بِسببِنا... ليتني كنتُ أُنصِتُ إليه...
و ساد الصمتُ قليلًا، تركت خلاله الألسِنة فُرصةً للعُيون أن تُعبِّر، و سمحت أثناءه الكلماتُ للعبراتِ أن تنهمِر، و ما كانت تلك إلا طعناتُ الندم الدفين الذي يُمَزِّق القلوب بِسِكِّين الخطايا... فتنزف دماء الذكريات.
مسحت ميران دموعها و مضت قائلةً:
- إن كُنَّا نريد حقًّا ألَّا نتسبب في مقتل أناس آخرين فعَلَيْنَا أن نُسرع حتى لا نلحق بآخر فرد من القُرى.و ابتعدت قليلاً ثُمَّ نظرت وراءها، فوجدت ساكي على حالته الأولى فنادته قائلةً:
- ألن تأتي يا ساكي؟ -ساد الصمتُ للحظات ثُمَّ أردفت- إن كُنَّا نادمَيْن حقًّا على جريمتنا في حق العم فلنعزم على إنقاذ القرى من أجله -و يسود الصمتُ مُجدّدًا ترمُقُ فيه ميران ذاك التمثال الحزين الذي يشكو نفسَهُ للرمال و هو يُصارع جوارِحَه لِتُحاول إيقاظه مُجدّدًا بِقَولِها- هيا... أرجوك لا تكن ضعيفًا... لن ينفعك الجلوس هناك... -لكن لا رغبةً في الحياة لِمن تُنادي-
أنت تقرأ
شجرة الحياة و التحديات المميتة
Fantasyفِي مَكَانٍ بَعِيدٍ عَن الإِنْسَانْ حَيْثُ لَا يَصِلُ كَائِنٌ أَوْ حَيَوَانْ بَيْنَ الفِخَاخ وَ الكَمَائِنْ حَيْثُ تَجُولُ الكَوَابِيسُ وَ الأَوْهَامْ تُزْهِرُ شَجَرَةٌ كُلَّ خَمْسِينَ عَامْ قَاتِلَةٌ لِمَنْ يَهْذِي بِالأَحلَامْ ثَلَاثُ زَهَرَاتٍ...