-9- ندم بعد التهور

11 4 10
                                    

     و بينما لا زال الشابان تحت تأثير الصدمة و لا يزال مشهد فقدان رفيقهما يتكرر أمامهما، بدأت الرمال المتحركة تبتلع بقية الصخور واحدة تلو الأخرى فانتبها إليها و تقدما مسرِعَيْن لِمُجاراة تلك الرمال و الخروج من البُحَيرَة.

     و بعد أن ابتعدا عن الخطر قدر المستطاع، جثا ساكي على ركبتيه نادما و هو يقول:

- سُحقًا لي... كان كل هذا بسبب تهوري... لو لم أخالفه... لكان معنا الآن... يالني من عنيد أحمق...

- لقد كنتُ أعتبره بمثابة جدي... -أردفت ميران و الدموع تغمر عيناها- كان يحذرنا من الفخاخ كل بضع لحظات... و لكننا... لكننا لم نكن نستمع إليه...

     فأردف ساكي باكيًا:
- أنا المخطئ... كان يحاول إبعادي عن الخطر فتسببتُ في مقتله بِغبائي... كان يحاول تحذيري فأغرقتُه بِتهوُري... أي عقل و أي قلب أملكهما أنا؟.. أستحق الموت عقابا على جريمتي...

- توقف يا ساكي... لن يعود العم روي إلى الحياة... إن مِتَّ أنت...

- دعيني يا ميران... دعيني لعلي لن أتسبب في مقتل شخص آخر بِغَبائي...

- كِلانا حاول تخفيف حذَرِهِ يا ساكي... نعم،  لقد نجحنا في إقناعه... لكننا خسرناه... كان مُخلِصًا لِرغبتِهِ في إنقاذ القرى... لقد كان قويًّا و حكيمًا... لكنه لَقِيَ حتفَهُ بِسببِنا... ليتني كنتُ أُنصِتُ إليه...

     و ساد الصمتُ قليلًا، تركت خلاله الألسِنة فُرصةً للعُيون أن تُعبِّر، و سمحت أثناءه الكلماتُ للعبراتِ أن تنهمِر،  و ما كانت تلك إلا طعناتُ الندم الدفين الذي يُمَزِّق القلوب بِسِكِّين الخطايا... فتنزف دماء الذكريات.

     مسحت ميران دموعها و مضت قائلةً:
- إن كُنَّا نريد حقًّا ألَّا نتسبب في مقتل أناس آخرين فعَلَيْنَا أن نُسرع حتى لا نلحق بآخر فرد من القُرى.

     و ابتعدت قليلاً ثُمَّ نظرت وراءها، فوجدت ساكي على حالته الأولى فنادته قائلةً:
- ألن تأتي يا ساكي؟ -ساد الصمتُ للحظات ثُمَّ أردفت- إن كُنَّا نادمَيْن حقًّا على جريمتنا في حق العم فلنعزم على إنقاذ القرى من أجله -و يسود الصمتُ مُجدّدًا ترمُقُ فيه ميران ذاك التمثال الحزين الذي يشكو نفسَهُ للرمال و هو يُصارع جوارِحَه لِتُحاول إيقاظه مُجدّدًا بِقَولِها- هيا... أرجوك لا تكن ضعيفًا... لن ينفعك الجلوس هناك... -لكن لا رغبةً في الحياة لِمن تُنادي-

شجرة الحياة و التحديات المميتة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن