-10- التحدي الثاني: مضيق الرياح

7 3 6
                                    

أشرقت الشمس و استفاقت ميران على صوت الطعام وهو يُؤكَل بِلَهفةٍ و تمتُّع.

- ممم... طعام لذيذ... لا يزال جيدا بعد طول هذه المدة... -تكلم ساكي و الإبتسامة بادية على وجهه- ميران... استيقظي فالطعام يكاد يَنفَد.

جلست ميران و هي تنظر إليه متعجبة ثُمَّ سألتْه:
- أأنتَ بخير يا ساكي؟

- و لِمَ لا أكون بخير و معدَّتي تكاد تمتلئ -أجاب مُمَازِحًا-

- لقد تناسَيتَ الأمر بِسُرعة...

شعر ساكي بالإحراج فوضع الطعام على الأرض و وقف يتأمل الأُفُق.

- آسفةٌ إن ذَكرّتُكَ بِأَلَم البارحة... أعرف أن الندم لا يزال يطأ قلبك... و أنا كذلك... و لكنَّكَ أفضل منِّي في نسيان الأحزان.

- لستُ أفضل منكِ في شيء... -بِنَبرةٍ مُستَسلِمة- كل ما يُجيدُه أحمقٌ مثلي هو إيقاع غيري في الخطر و تحميلهم مسؤولية أفعالي الهَوْجاء... كان روي مُحِقًّا حين أخبرني أن الرحلة لا تحتاج لِحَماس زائد... و لكنني استخففتُ به... و لِوَضاعتي كنتُ ألقبه بالعجوز المجنون... لا أحد يستحق هذا اللقب أكثر مني الآن...

- لم تكن وحدك المُخطئ يا ساكي... -أردفت ميران بعد أن وقفت و اقتربت منه- صحيح أننا لم نستمع لكلامه و اغتررنا بالأمان الذي وجدناه عند تلك الصخور، و قد يبقى هذا يؤلمنا ما حيينا، و لكن جدي أخبرني يوما أن الندم على الخطأ خطأ ثاني، و أنَّ التعلم من هذا الخطأ حكمة و نُبل...

- نعم... فعلًا. - بهدوء ثم نظر إليها و قال- ميران... أنا أعاهد نفسي أمامك أنني لن أتهور مرة أخرى و سأحاول أن أكون حذرا مثل روي، فأرجو أن تُذّكريني إذا رأيت مني خلاف ذلك.

ابتسمت ميران ثم أومأت له بِنَعم و قالت:
- صحيح أنه لا يمكننا إعادة روي و لكن... يمكننا على الأقل التأسي بشجاعته و حمل رايته.

و إتجه المغامران إلى التحدي التالي تاركَيْن وراءهما ذكرى أليمة و آملين بمستقبل مشرق، و لكنهما لم يكونا على علم بأي شيء يخص هذا التحدي غير اسمه.

و في غضون يوم واحد تراءى لهما جبلان من بعيد، لم يكونا شاهقين جدًّا و لكن المشكلة أن ما يفصلهما واد ضيق و مُظلم.

و بينما يقصدان ذلك الوادي، أحست ميران بنسيم عليل يُلاطف وجهها و ذراعيها و كانت تستمتع بذلك الإحساس، أما ساكي فكان يرتدي ذاك الرداء الأسود الثقيل الذي يمنعه من الإحساس بأي شيء، و مع مرور الوقت، ذاك النسيم العليل الذي كان يلامس بشرتها صار رياحا خفيفة ثم بدأت الرياح تشتد حتى صارت ريحا مؤلمة جعلتها تئن و تحتضن ذراعيها.

شجرة الحياة و التحديات المميتة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن