كانت ميران جالسة على تل رملي تنتظر شروق الشمس حين أراد ساكي أن يعتذر إليها، فجلس بجانبها قائلا:
- ميران... أنا أعتذر عما بدر مني مُسبقا، أنا... كنتُ قد انزعجت من نفسي لأنني شعرتُ أنني كنتُ أتصرف بِجُنون، كنت أريد أن أثبت أنني على حق لأن حدسي لم يخطئ قبل تلك المرة، أعترف أنني كنت أبدو كالأحمق...
- لا عليك -أردفت ميران- أنا أيضا قلت كلاما ما كان ينبغي أن أقوله... أنا أيضا أدين لك باعتذار.
- إذًا، هل نحن متعادلان؟
- أظن ذلك.
- أتعلمين؟ لقد كنتِ بارعة في القتال، أنتِ تشبهين أختي ليليان...
- أختك!
- لقد كانت ليليان قوية و مُفعمة بالنشاط، و كنتُ دائما أملك إعتقادَ أنها وُلِدَت حكيمة... أتذكر أنني حين كنتُ أقوم بأعمال طائشة في صِغَرِي كان والدي يوبخني قائلا: " كن واعيا و تحمّل مسؤولية الأخ الأكبر" فتأتي هي مبتسمةً كعادتِها و تقول لي:" كن واعيا دون أن تفقد البراءة و الصفاء و كن مسؤولا دون أن تنسى جوهر الطفل الصغير".
- و أين هي الآن؟
- لا أحد يعلم، لم نعثر على أي أثر لها عندما استيقظنا في صباح ذلك اليوم، و بقينا نبحث عنها لِشهرين متتاليين دون جدوى، كان يوم اختفائها هو أول أيام الربيع و هو عيد ميلادها السابع... عُرِفتُ أنا و ليليان بأننا نملك طاقة غريبة تملأ جسدينا و تتجسد في احمرار حدقتي عيني اليسرى و عينها اليمنى عندما نغضب.
- و لكنك حين قتلت قطاع الطرق كانت كلتا عيناك حمراوتين.
- إذن بدأت طيبتي تتلاشى.
- و ما علاقة طيبتك بعينيك؟؟
- كانت ليليان تسمي العين الحمراء بـ "عين الوحش" فقد كانت تقول لي عندما تراها في مُقلَتِي:"لِنتعاون على التخلص من الوحش الشرير الذي بداخلنا"، كنتُ أعتبر كلامها هذا مزحة لأنني قد أتخيل وحشًا داخل جميع الناس إلا هي، كانت عيني الحمراء كثيرة الظهور لأنني كنتُ كثير الشغب، أما عينها فقد احمرت مرة واحدة، كان ذلك حين اعترض طريقنا مجموعة من الفتيان و طرحوني أرضا، كلُّ ما أتذكره أنها قد دافعت عني بشجاعة رغم أنها تصغرني بعامين.
- يبدو أنكما كنتُما قريبين جدا من بعضكما.
- نعم، أقرب من أي أخوين، كانت ترافقني حيثما أذهب و حين كنتُ أتدرب على استخدام هذا السيف تطلب مني أن أدربها، فأُعطيها عصا جدي و أدربها على ما دربني عليه أبي في ذلك اليوم، لقد كانت أكثر مني استجابةً للقتال.
- هل يمكنك أن تصفها لي؟
- نعم فصورتها الجميلة لا تفارق ذهني، كانت لها وجنتان ورديتان و شعر أسود طويل، و فمها الصغير مزين دائما بابتسامة و عيناها نُسخةٌ من عينيّ... مازلت أذكر تلك الليلة المُقمِرَة التي استيقظتُ في منتصفها بسبب كابوس، خرجتُ لأستنشق بعض الهواء و إذ بي أرى ليليان تحاول إمساك فراشة بيضاء مشعة، كان منظرًا ساحرا و عجيبا، كنتُ أظن أنني أحلم فأنا لم أرَ مثل تلك الفراشة من قبل لكن النعاس سُرعان ما غلبني، ودِدتُ أن أسأل ليليان عنها في في الصباح المُوالي لكنها... لكنها اختفت... كانت تلك الليلة آخر مرة رأيتُها فيها.
دام الصمت لِهُنَيْهَة و أشرقت الشمس حين قال ساكي مُخاطبا ميران:
- كانت ليليان تحب شروق الشمس أيضا -ثم اِلتفت يتأمل الأفق قائلا- أتساءل أين هي الآن... ربما لازالت تنتظرني في مكان ما... أرجو أن أجدها عما قريب.
- ستجدها يا ساكي... فقط تمسك بالأمل و ستجدها.
- نعم يا ميران... لم أخطِئ حين شبهْتُكِ بها إطلاقًا.
عدد الكلمات: 503
أنت تقرأ
شجرة الحياة و التحديات المميتة
Fantasyفِي مَكَانٍ بَعِيدٍ عَن الإِنْسَانْ حَيْثُ لَا يَصِلُ كَائِنٌ أَوْ حَيَوَانْ بَيْنَ الفِخَاخ وَ الكَمَائِنْ حَيْثُ تَجُولُ الكَوَابِيسُ وَ الأَوْهَامْ تُزْهِرُ شَجَرَةٌ كُلَّ خَمْسِينَ عَامْ قَاتِلَةٌ لِمَنْ يَهْذِي بِالأَحلَامْ ثَلَاثُ زَهَرَاتٍ...