-4- شجرة أَمْ وحش

22 12 24
                                    

و ها قد انضَّمَ الشاب إلى المجموعة المُخاطِرة بعد أن قُبِلَ من طرف الزعيم روي صاحب الفكرة المجنونة و الباعثة على الأمل في نفس الوقت، لِيتحمَّل معهما مسؤولية إنقاذ القرى و يُدرِك حتمية الموت في سبيل ذلك.

- أُدعَى ساكي سونودا من قرية يوجيني... -تحدَّث الشاب مُعَرِّفًا عن نفسه- و قد فقدتُ والدِي و جدَّاي إثر المجاعة و لهذا أعتبر نفسي المسؤول عن حياة البقية من عائلتي.

ساد الصمت بِضع لحظات لاحظ فيها ساكي ملامح الحزن على وجه ميران بينما كانت ملامح اللا مبالاة تميِّز وجه الشيخ المتكئ بِأَرْيَحِيَة، فأراد أن يتخلَّص من هذا الموقف المُحرِج و يُخاطب إنسانًا بدل الحديث مع الهواء فَإِستأنَف مُتَرَدِّدًا:

- و ماذا عنكِ يا آنسة؟ هل... هل هناك مَن ينتظر عودتك في إحدى القُرى؟ -كان يخشى أن يُجَاب بـ: لا و هذا ما حدث بالفِعل-

- لم يبقَ أحد... -و ابتسمت مُحاولة التحكم في مشاعرها ثم قالت- و لكن هذا لا يعني أنه غير مُصَرَّح لي بِقَصد الشجرة مثلكم...

- حقًا؟ أقصد... نعم بالتأكيد -استدرك نفسه مترددا ثم أردف- إذن، من أي قرية أنتِ؟

- من قرية ساكورا و اسمي ميران رين

- رين!.. أَلَيْسَتْ هذه... عائلة الحكيم الثاني ؟!

- بلى، إنّه جدّي... -انتابها الفخر لِلَحظة ثم تذكرت موته فأكملت- أحد ضحايا الجفاف...

- هل... هل تُوفي الحكيم؟ -تساءل بِاِستِغراب و استنكار، و لِأنه لاحظ الدموع المحبوسة في مُقلَتَيْ الآنسة أراد أن يُنهِي الحديث بِمُواساتِها قائلًا- مِن المُؤسِف حقًا أن نفقِد عظيمًا مثله... و لكن الموت دائما يبدأ بالأقرب إلى قلوبنا و الأنفع للناس، حتى يُرينا أن الحياة بِدونِه مُمكِنَة، و حتى نُحاول استخراج أمثالٍ له مِن أنفسِنا...

بدت ملامح ميران بين التَّعجُّب و الارتياح إثْرَ حديث الشاب فقالت:
- إن كلامك... يُشبه كلام جدّي كثيرًا...

- إنه ليس كلامي يا آنسة... لقد حفِظتُه عنه بعدما قُتِل حارس بوابة القرى حين كنتُ صغيرًا.

- هاه... مِن الجميل حقًا أن يحفظ الناس حِكمَتَه -أردفت بِتأثُّر-

شجرة الحياة و التحديات المميتة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن