الفصل الخامس عشر (هِرة شرسة).

4.7K 170 19
                                    

رواية #حرم_السفاح
[[الفصل الخامس عشر]]
"هِرة شرسة".
•~•~•~•~•~•~•~•
صافحه "سليم" مُعرفًا بنفسه في إيجاز مقتضب، فقد عُرف عنه كثرة أفعاله وقِلة البوح عنها، أومأ "تيم" بابتسامة ثابتة، شعر بتقدير كبير تجاه هذا الشخص الذي يمتلك هيبة رصينة وملامح دافئة مُغايرة تمامًا لطلته الصارمة الوقورة، شبك "سليم" أصابعه معًا يجلس إلى مكتبه أمام ثلاثتهم، حمحم بخشونةٍ قبل أن يوزع نظراته بينهم، ويقول بلهجة ثابتة بعد أن استقرت عيناه على "تيم":
-وافيني بكُل تفاصيل القضية كاملة.. وبدون حذف!!!
قطب "تيم" ما بين عينيه في حيرةٍ من أمره، كيف لا ينزعج لأول مرة من تصرف أحدهم معه بخشونةٍ؟! وكيف يزداد إعجابًا به في كل مرة يتكلم فيها؟! حتى نظراته الثابتة تُثير شعوره بالتقدير والإعجاب ناحية الأخير، همَّ "كمال" أن يتحدث، فقاطعه "سليم" بإشارة من إصبعه قائلًا في حزمٍ:
-هسمع حيثيات وتفاصيل القضية من صاحبها نفسه.
أومأ "كمال" موافقًا، فيما تابع "سليم" بلهجة صريحة وجادة:
-إنتَ عارف يا كمال إني وافقت أمسك القضية دي علشان وصلني منك ما يؤكد إن القضية مش زيّ ما ظاهرة للناس، دا غير إننا معرفة قديمة وأنا واثق إنك بتحترم معاييري وحساباتي في اختيار ملفات القضايا اللي بشتغل عليها.
أومأ "كمال" وأجاب متفهمًا:
-عارفة نوعية القضايا اللي بتشتغل عليها ومعايير اختيارك واللي أولهم إن المتهم يكون برئ فعلًا.
أومأ "سليم" برصانةٍ ثم التفت بهدوءٍ نحو "تيم" الذي يطالعه بنظرات ثابتة، وقال متدبرًا اِبتسامة جامدة:
-ويا ترى المُتهم المرة دي برئ؟!
خرج "تيم" عن صمته وتحدث على الفور بجمودٍ:
-لأ.
في هذه اللحظة، مدَّ "سليم" يده أمام وجه "تيم" ثم أشار بسبابته نحو الباب، وردد بلهجة شديدة:
-يبقى قصدت عنوان خاطئ.. مع السلامة.
أغمض "كمال" عينيه مُعربًا عن ضيقه من تصرفات "تيم" الهوجاء التي ستؤدي إلى طرد الأخير لهم وهو طوق النجاة الوحيد لهم، تنحنح على الفور قبل أن يردد بهدوءٍ:
-معلش أعذره يا سليم باشا.. هو الفترة دي مضغوط.. صدقني القضية أكبر من إن يمسكها محامي تاني.. إنتَ الوحيد اللي قادر تديرها وتوصل بينا لبر الأمان.. تيم استقبل أوامر ونفذها والضحية الوحيدة له في قصر التجمع.. كانت والدته!.
قال جملته الأخيرة ببعض التلعثم، ثم التفت إلى "تيم" يرمقه بنظرات مُعاتبة منزعجة، فتنهد الأخير مُسيطرًا على ضيقه ثم تكلم بنبرة أكثر ثباتًا وهدوءً:
-أنا محكوم عليا بقتل عدد من الأرواح وأنا ما قتلتش غير روح واحدة.. راس الأفعى هرب وأنا لبست.
تجاوز عن أمر قتله "رضوان" الذي قُطعت رأسه وقام الزير بدفنه في سرية تامة، وذلك لأن القضية التي حُكم عليه فيها تخص "قصر التجمع"، لذا لم يكُن ثمة داعي لذكر الأمر، رفع "سليم" أحد حاجبيه يدقق النظر داخل أعين "تيم" الذي يتحدث ببرود وثبات شديدين لا يتناسبان مع جريمة كالتي يتحدث عنها، فبدا وكأنه سارق وليس قاتل، أومأ "سليم" بعد عِدة لحظات من اطلاعه على ملف القضية المُقدم إليه، ثم قال بثباتٍ:
-عشر سنين سجن مُشدد.. ويا ترى بقى طموحك نقلل المُدة لكام سنة؟!.
لم تبرح عيناه الأوراق أمامه أثناء طرح السؤال، انفلتت ضحكة ساخطة من فم "تيم"، وردد بعدم منطقية من وجهة نظر الأخير:
-براءة.
رفع "سليم" بصره عن الأوراق ثم انبسطت عُقدة حاجبيه باندهاشٍ من بساطةٍ قوله، فحمحم "كمال" قبل أن يتدخل في الحديث قائلًا:
-إحنا واثقين إن البراءة مش صعبة على سليم النجدي.
التفت إليه "سليم"، ثم ردد بلهجة شديدة:
-إنك تكون طامح للبراءة سواء مني أو من غيري، فدا درب من اللا منطقية، كلامكم عبارة عن أحلام يقظة، أتمنى تسايروا الواقع علشان نتفاهم!!
كان "الزير" يتابع ما يدور بينهم في صمتٍ عاقدًا ذراعيه أمام صدره حتى قال "سليم" جملته الأخيرة، فتكلم "الزير" أخيرًا يتساءل بفضولٍ:
-من واقع خبرتك يا سليم باشا، القضية دي تتخفف لأد أيه طالما مفيش أمل في البراءة؟!
التفت إليه "سليم" وتكلم مبتسمًا ببشاشةٍ:
-الأمل موجود في كل كرب ومأزق بحياتنا، الفكرة في نسبته، ولكن بلاش نسبق الأحداث ونجزم بحاجة في علم الغيب.
كمال يتابع بهدوءٍ:
-كدا في أي أسئلة تانية يا سليم باشا!!
أومأ الأخير وقال موجزًا:
-لأ تمام، هقرأ الملف وأكوَّن صورتي الكاملة عن القضية ويجمعنا لقاء آخر.
هبَّ الثلاثة واقفين في أماكنهم، فوقف "سليم" يودعهم، تقدم "كمال" يصافحه بامتنان ثم فعل الاثنان من بعده، توجهوا بعد ذلك مسرعين خارج باب المكتب فتقابلوا مع حارسين يقفان بالخارج، ليقوما بمرافقتهم حتى بوابة الفيلا، تحرك "سليم" صوب نافذة المكتب ثم وقف أمامها ينظر إلى خطواتهم المُغادرة في رصانةٍ وشموخٍ، اندفع "تيم" نحو السيارة، فأسرع أحد رجاله بفتح السيارة له ليستقر داخلها على الفور، وكذلك فعل "الزير" الذي جاوره ، بينما وقف "كمال" بجوار سيارته ثم رفع بصره للأعلى، فأبصر هيبة ذاك الرجل الذي يطالعهم بعينين صقريتين تشتد حدتهما بصورة طبيعية، اِفتر ثغر "كمال" عن اِبتسامة هادئة ملوحًا بكفه في تحية تلقاها الأخير بابتسامة مُتزنة ملوحًا له بالمُقابل قبل أن يستقر هو الآخر داخل السيارة التي انطلقت بعد ثوانٍ من تبادل التحيات، عقد "سليم" ذراعيه أمام صدره ينظر إلى هبوب الغبار الذي خلفته إطارات السيارة بينما في الحقيقة كان شاردًا فيما حدث قبل قليل محاولًا تحري الدقة في اتخاذ القرار الحاسم والفاصل في استلام القضية من عدمه.
قطع عليه شروده عدة طرقات هادئة على الباب، لم يلتفت مُطلقًا خاصةً أن ماهية الطارق واضحة له دون التفات، وما هي إلا لحظات حتى فُتح الباب وتقدمت هي للداخل، نظرت حولها فوجدته يقف شاردًا أمام النافذة، تنهدت تنهيدة سريعة ثم تقدمت منه بخطوات هادئة إلى أن وقفت خلفه مُباشرة وأحاطت جسده بذراعيها وهي تردد بصوتٍ مُفعم بأنوثة طاغية:
-الملك المُتربع على عرش قلبي.. سرحان في أيه؟!
اِفتر ثغره عن ابتسامة عريضة، التقط كفها ثم رفعه إلى فمه وقبله مُطولًا قبل أن يلتفت إليها نصف التفاته ويقوم بجذبها أسفل ذراعه كطيرٍ يبسط جناحيه لحماية صغيره، قامت بوضع رأسها على صدره فيما تابع هو بنبرة هادئة:
-لأول مرة أكون في حيرة من أمري ومش قادر أخد قرار!!
مطت شفتيها وقالت بعفوية:
-اطلعني على أمرك حتى أفتيك فيه!!
ابتسم بمراوغةٍ، وقال:
-عارفة تساعديني بأية يا أوشين؟!!.
زوت ما بين عينيها تترقب قوله التالي، فرفعت بصرها إلى عينيه فيما باغتها "سليم" بغمزة من عينيه وأكمل:
-احضنيني بحُب أكتر وأنا هاخد قرار فورًا.
خرجت من بين شفتيها اِبتسامة خجلة ولكنها أسرعت تحتضنه بكلا ذراعيها وتشدد على جسده، فتابع من جديد بضحكة مراوغة:
-أكتر علشان القرار يبقى أقوى!!.
شددت على جسده أكثر، فتابع بتسليةٍ واستمتاعٍ صِبياني شقي:
-أكتر شوية علشان القرار يكون حاسم جدًا جدًا.
وقفت "نوراي" على أطراف أصابعها ثم تمددت قامتها أكثر وطفقت تقبل خدها الأيمن تارة والأيسر تارة أخرى ليردد هو مازحًا بمرحٍ بعد أن خطف قُبلة سريعة على شفتيها أثناء اندماجها بتقبيل خديه:
-أما قرار شقي وطِعم  وياخد العقل بصحيح.
انفلتت من بين شفتيها ضحكة كبيرة، ثم حاوطت عنقه بذراعيه وتساءلت بفضولٍ وحول جميع قضاياه كعادتها:
-بما إني ساعدتك تاخد القرار، فالقضية المرة دي مضمونها أيه؟!.
ضيق عينيه يرغب كثيرًا في مطالعة ملامحها المفضلة إلى عينيه أثناء صدمتها من القادم، فقال بابتسامة متوارية:
-هدافع عن سفاح قصر التجمع.
أرخت ذراعيها عن عنقه ثم شهقت في صدمةٍ وارتيابٍ:
-يا مامي!!
•~•~•~•~•~•~•
لازمت "أمل" فراشها البسيط حتى أنها لا تبرحه منذ وقت استعدادًا لمناقشة رسالتها التي اقترب موعدها، جلست مُمددة الساقين تضع طبلية الطعام فوقها والتي تستخدمها لاستذكار بحثها، نثرت الكُتب والمراجع على الطبلية وتوغلت في المذاكرة لساعات طويلة، فهي لا تشعر براحةٍ أثناء المذاكرة إلا بالجلوس على فراشها ووضع الطبلية فوقها بهذه الطريقة، اندمجت تمامًا حتى سرقها الوقت وغفل عقلها عن اقتراب موعد قدوم زوجها "محمد" إلى البيت، ولم تلاحظ إلا لحظة فتح باب غرفتها بواسطته، جذبها صوت انفتاح الباب من تركيزها، فرفعت بصرها تنظر نحوه قبل أن تنفتح عينيها على وِسعهما وهي تردد بشدوهٍ:
-إنتَ جيت إزاي؟! هي الساعة كام؟؟ يا لهوي، دا أنا نسيت أعمل الأكل!!
نظرت على الفور إلى شاشة هاتفها تستبين الوقت، فحدقت بصورة أكبر فيما تقدم "محمد" منها حينما وجدها تهم بالنزول عن مكانها، فأوقفها قائلًا بابتسامة ودودة:
-اهدي ما تتخضيش كدا.. عارف إنك الأيام دي مشغولة بمراجعة الرسالة ومتوترة من يوم المناقشة اللي قرب.. وعلشان كدا يا ستي أنا مش متضايق وقررت أعمل الأكل النهاردة بنفسي.
نظرت "أمل" إليه بجفنين مرتخيين شاعرةً بالسخط على نفسها من أن يعود من عمله بعد يوم حافل المشاق ثم يدخل بنفسه إلى المطبخ لإعداد الطعام، لمعت العَبرات في عينيها وقالت بضيقٍ حنق أنفاسها:
-سامحني يا محمد.. أنا عارفة إنك جاي من الشغل تعبان وجعان.. بس والله العظيم الوقت سرقني وغاب عن بالي أبص في الساعة.. حقك على دماغي!!.
محمد وهو يلتقط رأسها ثم يُقبله بمودةٍ:
-ما خلاص يا مولة بقى.. قولت لك مش زعلان.. وأدي راسك أبوسها أهي علشان تقتنعي.
أمل وقد هدأت فرائصها قليلًا:
-مقتنعة إنك مش زعلان.. أنا بس متضايقة من نفسي شوية.
أومأ "محمد" مُتفهمًا قبل أن يتجه إلى الدولاب ويردد بنبرة هادئة:
-ولا تضايقي من نفسك ولا تحمليها فوق طاقتها.. أدينا بنشيل بعض يا أم شهد.. الحياة عايزة أكتر من إيد تشيلها.. ذاكري إنتِ عايزك ترفعي راسي.. ووعد عليا لو نجحتي في الماجستير هاخدك نروح شهر عسل من أول وجديد.
فتحت "أمل" فمها على وِسعه ورددت ببهجةٍ:
-بجد يا محمد؟!
محمد بضحكة متواضعة وهو ينزع سترته:
-أيوة بجد.. والمكان اللي تختاريه.. لا تكوني فاكرانا كبرنا وعجزنا.. إحنا لسه شباب والصحة حديد.
انفلتت ضحكة سعيدة من فم "أمل" تعبيرًا عن انشراحها من حديث زوجها النازح في حين أنه كان يتكلم بشكل جاد للغاية، نزع ملابس العمل وارتدى الخاصة بالبيت ثم توجه نحو الباب وقبل أن يخرج منه تذكر أن يسألها شيئًا، فالتفت نحوها وتساءل:
-كُنتِ ناوية تطبخي أيه النهاردة؟! مخرجة حاجة تفك من الفريزر؟!
مطت "أمل" شفتيها ورددت في حيرةٍ:
-كنت مخرجة بطة وسالقة كرنبة ومجهزة الخلطة، يا دوب كُنت هحشي، وطبعًا إنتَ مش هتعرف تعمل الكلام الكبير دا لوحدك، فلازم نعمله سوى.
همَّت أن تنهض من جديد، فصاح بها أن تعود أدراجها، مرددًا بحزمٍ:
-أنا مش هعرف أعمل محشي وبط؟! طيب وغلاوتك عندي لأعملهم وأحلى منك كمان، وتحدي.
رفعت "أمل" أحد حاجبيها ورددت بابتسامة ماكرة:
-تحدي على كام؟!!
محمد وهو يرد بثباتٍ:
-الرهان حرام يا أم شهد.. بس لو كسبتك هتعزميني على قُنبلة.. وشهد الفيصل بينا في ساحة المعركة.
أمل وهي تضرب سطح الطبلية بحماسٍ وحسمٍ:
-تمام وأنا موافقة.
جاءت "شهد" من دروسها في هذه اللحظة، نظرت من خلف الباب بتوجسٍ ثم قالت:
-تحديات تاني؟؟
محمد وهو ينصرف من أمامهما ويردد باستعدادٍ:
-محشي وبط.. أمك اللي كُنت متجوزها بتسلق البيض من غير ميه بتتحداني في عمايل الأكل.
اِفتر ثغر "شهد" عن اِبتسامة واسعة، وما أن غادر "محمد" حتى رددت "أمل" وهي ترمي ابنتها بنظرات مُحذرة:
-إنتِ هتكوني الحكم.. عارفة لو مجيتيش معايا هعمل فيكِ أيه؟!
شهد ترفع أحد حاجبيها وتتساءل بمكرٍ:
-أيه؟!!
أمل وهي تتراجع بابتسامة واسعة:
-ولا حاجة علشان إنتِ وحيدتي حبيبتي اللي مش بتفرط في أمها.
أومأت "شهد" ثم قالت بضحكة مراوغة:
-خلايا التثبيت عندي في ذمة الله، فمتحاوليش، لأني هقول الحق حتى لو على أمي.
استبد الغيظ بالأخيرة ومالت تلتقط خفها القابع بجوار الفراش وهي تردد بغيظٍ:
-على أمك يا واطية؟! أمك اللي شالتك سبع شهور وعشر أيام!!.
شهد وهي تضحك واضعاً حقيبة ظهرها أمامها لمواجهة غارات الخصم التي على وشك الاندلاع:
-أديكِ قولتي بنفسك سبع شهور.. يعني مقدرتيش تستحملي وحيدتك شهرين تاني بدل ما أنا خُلقي أضيق من عين الصينيين كدا!!
صرت "أمل" على أسنانها وقالت بغيظٍ أكبر:
-ما أنا لو كُنت بركت عليكِ فطستك وأنا بولدك كان أهون عليا من حجم الخذلان اللي هشوفه بعيني لحظة ما تشهدي مع أبوكِ وتخسريني التحدي.
شهد وهي تتفادى الشبشب أثناء ميلها على الجنب المعاكس:
-هو إنتِ يعني هتخسري في الأولمبيات.
استشاطت غضبًا بصورة أكبر وهي تخيب تسديد ضرباتها نحو الهدف، فرددت تتصنع الخذلان والانكسار:
-أخ.. أخ من قلبي والله.. جه اليوم يا أمل اللي تشوفي فيه بنتك بتمارس عقوق الوالدين عليكِ وإنتِ بلا حول ولا قوة!!
انفتح فم "شهد" على وِسعه، فيما استكملت "أمل" وهي تنظر بطرف عينيها إلى ابنتها وتستكمل بمكرٍ:
-قولتي لي خلايا التثبيت عندك في ذمة الله يا نُوغة.. بس نسيتي تقولي إن في خلايا تانية مفوقة ومصهللة.
ابتلعت "شهد" ريقها على مهلٍ، حدقت في والدتها بتوجسٍ، فتابعت "أمل" بحاجب مرفوع:
-الخلايا البصرية عندك وأبراج المراقبة ستة على ستة.. خُدي بالك وإنتِ بتراقبيه ياخد باله.
شهد بتلعثم تسألها:
-م مم مين؟ براقب مين؟!.
غمزت لها "أمل" وتابعت:
-ابن الفسخاني.
برقت "شهد" بعينيها في ذهولٍ قبل أن تلتفت مندفعةً نحو الباب وهي تصيح عاليًا:
-بااااااابااااااا، بتنادي عليا؟ أنا جاية أساعدك حاضر.
أمل بضحكة ماكرة ترفع نبرتها حتى تسمعها ابنتها التي غادرت الغرفة:
-يا تفوزيني على أبوكِ يا إما هفضحك.
•~•~•~•~•~•~•
وقفت بحركات غير مُستقرة على سور الفيلا بعد أن نجحت في التواري عن أنظار الحراس الذين يلتفون حول الفيلا من كافة النواحي إلا أنها نجحت في تشتيت انتباه الحارس الذي يقف حارسًا للطرف الخلفي عندما ألقت قطع من الحجارة بعيدًا فتتبع هو الصوت لمعرفة مصدره، قفزت بعجلٍ داخل الفيلا وتبعها صديقها الذي يرتدي زيًا أسودًا ويضع اللثام حول وجهه كما ترتدي هي بالضبط، نظرت إليه تشير بعينيها إلى وِجهة مُعينة، ففهم إنها تريد منه أن يتبعها، استبقته هي في خطواتها وسار وراءها تمامًا، فقد أخبرته أنها تحفظ المكان عن ظهر قلب وتعرف أين يحتفظ صاحب هذا الصرح العظيم بأمواله الطائلة.
تقدمت بخطوات مدروسة للأمام تتوارى وهو معها بين الأشجار الموجودة بالحديقة حتى وصلا إلى ماسورة تقع ملاصقة للمبنى الخلفي، أشار له أن يتسلق الماسورة من بعدها، قبضت عليها ثم صعدت للأعلى بحذرٍ وحيطةٍ من أن ترصدها أعين الحراس الواقفين خارج سور الفيلا إلى أن نجحت في النهاية من الوصول إلى النافذة التي تقبع في نهاية الماسورة ليتضح أنها النافذة التي تقبع داخل المطبخ.
مدَّت بصرها للداخل ترصد ما إن كانت ثمة حركة بالمكان أو أنه خاوي، سحبت نفسًا عميقًا إلى صدرها قبل أن تتقدم في الدخول، فقفزت مسرعةً للداخل بعد أن تأكدت من خلود ساكني البيت للنوم خاصة أنها اختارت هذا الوقت المتأخر من الليل لإنجاز مهمتها لتأكدها من عدم استيقاظ أفراد المكان وأن هذا الوقت يكون قد مر على نومهم الكثير من الساعات التي تجعلهم غير شاعرين بما يتعرضون له من سرقة مؤكدة.
وقفت في منتصف المطبخ وقفز خلفها ثم سارت خارجه حتى وصلت إلى الدرج وبدأت تتحرك رويدًا رويدًا بحيطةٍ شديدةٍ حريصةً ألا تنزلق قدماها أو تركل شيئًا فيستيقظ الجميع، صعدت الدرج برفقته حتى وصلا إلى حجرة المكتب التي تقبع بها الخزنة ليأتي دوره هنا، تقدم على الفور نحو الباب بعد أن أفسحت له الطريق ثم شرع يستخدم حيله الناجحة دومًا في فتح الباب الموصد جيدًا، استغرقت هذه المهمة عدة دقائق حتى انفتح الباب.
ضوى بريق النصر في عينيها فتقدمت داخل الغرفة على الفور وتقدم هو خلفها ثم أغلق الباب بهدوءٍ، توجهت بثقة كبيرة نحو الخزنة التي تحفظ مكانها جيدًا بينما سار بجوارها مفعلًا ضوء الكشاف الخافت ليتمكنا من الرؤية، افتر ثغرها ما أن وصلت إلى الخزنة ونظر إلى عينيه بحماسٍ، فأنزل حقيبة ظهره بالأرض ثم بدأ يبحث داخلها عن أدوات تساعده في تبديد هذه الخزنة بسهولة ولكن حماسهما وسعادتهما لم تدم طويلًا عندما انفتح الباب فجأة وقام أحدهم بإشعال الضوء ليتفاجأ بهما أمامه!!!
•~•~•~•~•~•~•~•
صعدت درجات السلم بقامة محنية وأنفاس مُثقلة وصدر يجيش اختناقًا وحُزنًا، قررت أن تتوجه إلى السطح لتلقي بعض من الهواء النقي قبل أن تختنق وتنفجر من فرط الحزن والاكتئاب نتيجة ما فعلته والدتها دون مراعاة لمشاعرها أو الرفق بحلمها الذي احترق أمام عينيها، كانت تستند بغير طاقة على الدرابزين أثناء صعودها وتبدو خاملة قد غاب الحماس والنشاط عن روحها، وصلت "فاطمة" إلى السطح بعد أن تأكدت بأن الضيف الذي يسكن السطح ليس موجودًا أو بالأحرى لم يعد هناك داع لبقائه ببيتهم.
توجهت ناحية الدِكاك القابعة بجوار السور ثم جلست على إحداهم وقامت برفع قدميها عن الأرض ثم ضمتهما إلى صدرها ووضعت جبهتها على ركبتيها في حالة من الانهاك والتعب، لم يُحزنها يومًا تفضيل أمها الذكور على الإناث وشعورها بالوضاعةٍ التي تتلقاها من والدتها حينما تخبرها دومًا أن الفتيات لا قيمة لهن ولا أهمية لتعليمهن مهما عشن يتعلمن أبد الدهر، لم يُحزنها يومًا استعدادها الدائم لدفع طموح ذكورها وهدم ما تطمح إليه إناثها، فقد رفضت أن تستكمل "رضوى" تعليمها لأن نهاية المرأة المحتومة في بيت زوجها تُلبي له احتياجاته وأرادت أن تفعل الشيء نفسه مع "فاطمة" إلا أن "أنس" وقف صامدًا خلف تعليم شقيقته وأصر على أن تتلقى ما ترغب من دراسة حتى تحصل على شهادة تكون بمثابة درع يوقيها غياهب المستقبل وأهواله، لم يُحزنها البتة اقتصار ضمات والدتها على شقيقيها فقط ولكن يُحزنها الآن أنها تقف حائلًا بينها وبين أحلامها وأمانيها وما ترنو له نفسها!!
انسكبت دموعها فورًا، أجهشت بالبكاء بصوتٍ عالٍ تحرر كل ما تحمله نفسها من آهات وأوجاع ليست وليدة هذه اللحظة، توقفت عن البكاء فجأة حينما سمعت خربشة تقترب من أذنيها، رفعت بصرها تنظر إلى مصدر الصوت فوجدتها صورة ترميها الرياح صوبها، فكانت تحتك بالأرض تارة وترتفع عاليًا تارة أخرى حتى وصلت نحوها، زوت "فاطمة" ما بين عينيها ثم مالت بجذعها العلوي والتقطت الصورة، وقبل أن تنظر داخل السورة وجدت الجنب الأبيض منها مكتوب عليه حرفين وسطهما قلب، رفعت بصرها نحو باب الغرفة المفتوح وتأكدت أن السورة آتية من الحجرة التي يسكن بها "الزير"، الفت السورة بفضولٍ ثم نظرت إليها بتمعنٍ، فأبصرت طفلين؛ صبي وفتاة، يجلسان إلى جوار بعضهما ويضحكان ببراءة، وتلقائيًا اِفتر ثغرها عن ابتسامة باهتة وقد أدركت للتو أن "الزير" لديه امرأة يُحبها وليس كما ظنت عنه دومًا بأنه شخص جامد متبلد المشاعر!!، ابتلعت غصة مريرة سرت عبر حلقها وهي تستوعب على الفور لماذا لا يرى أبدًا تلك الجمعة التي تضيء عينيها ما أن تراه يهل من بعيدٍ، إنه عاشق!!.
"على الجانب الآخر".
-بس أيه يا حظابط الشياكة والحلاوة دي؟! اللي يشوفك من ساعة في الشغل وإنتَ شبه الأشعث الأغبر ما يشوفش الحلاوة دي كلها.
أردف "مُنذر" بتلك الكلمات المازحة بنبرة عالية، فرفع "أنس" أحد حاجبيه وقال بلهجة ثابتة:
-يشوفنا يا حبيب أخوك.. نسيت تعمل تاج لنفسك!!
ضحك "مُنذر" بمراوغة ثم تقدم مُسرعًا صوب باب البيت ووقف بجواره ثم مال بجذعه العلوي قليلًا وردد متصنعًا الجدية:
-اتفضل يا حضرة الظابط.. الكِبار أولًا.
مر "أنس" داخل البناية مبتسمًا وسار "منذر" خلفه حتى وصلا الشقة التي تُرك بابها مفتوح، قطب "أنس" ما بين حاجبيه وهو ينظر إلى والدته الجالسة أمام التلفاز والتي ما أن رأته حتى رددت بانشراح:
-حمد لله على سلامتكم يا عامودين بيتي.. هقوم أحضر لكم الأكل حالًا.
أنس وهو يتجه نحو الكنبة ثم يسأل باهتمامٍ:
-وبطة فين؟!
حُسن وهي تسبح بذراعها في ضيقٍ أثناء توجهها إلى المطبخ:
-معرفش.. راحت مطرح ما راحت.
رفع "مُنذر" أحد حاجبيه في شكٍ قبل أن يُكرر باستنكارٍ:
-راحت مطرح ما راحت يعني أيه؟!
توجه مسرعًا إلى غرفة شقيقته ثم فتحها وتقدم للداخل، تفاجأ حينما أبصر "زهراء" تقف أمام النافذة والتي ما أن انفتح الباب حتى التفتت تنظر، رمقها بنظرة صامتة بينما التفتت تنظر أمامها مرة أخرى قبل أن يرى عينيها الباكيتين ويبدأ استجوابه، إلا أن الأخير نجح في إدراك حالة البكاء التي وقعت فيها، تنحنح "منذر" في ثباتٍ ثم تحرك بخطواته إليها، وقال:
-أمال فين فاطمة؟!.
تكلمت "زهراء" بنبرة متحشرجة رغم اجتهادها أن تبدو طبيعية:
-اتخانقت مع خالتو وقالت هتطلع على السطح تشم هوى.
رفع "منذر" أحد حاجبيه ثم سأل من جديد باهتمامٍ بالغٍ:
-وإنتِ مالك وما تقوليش مفيش يا نُص؟!
التفتت "زهراء" ترمقه بطرف عينيها ثم رددت ببرودٍ:
-هبقى أجاوبك لمَّا تبطل تقول لي يا نُص.
اِفتر ثغره عن ابتسامة هادئة، يحاول مؤازرة حالة الحزن التي تعتريها ولكن شخصيته المرحة ترفض ذلك، فردد على الفور بمزاحٍ:
-هو أنا بألف يعني.. مش إنتِ اللي اسمك زهراء صالح فتح الباب نُص؟! هتتبري من اسم عيلتك يا نُص!!
التوى شدقها ثم ضغطت أسنانها في غيظٍ وقد نسيت تمامًا حُزنها من والدتها وانشغلت عنه بمناقرة ابن خالتها الذي يشعر بالاستفزاز من تجاهلها له وهو الوسيم مفتول العضلات الذي يداوم على الاهتمام ببنية جسده والتردد إلى صالات الرياضة والذي تتمنى كل من تقطن بحارة القط الارتباط به إلا هي، فهي لا ترى تآلفًا في علاقة أخرى سوى القرابة والصداقة، يحبها "منذر" منذ طفولتهما ولا يجرؤ أحد على لمسها ومن كان يفعل كان يلقى ضربًا مُبرحًا.
-مش هتبرى بس خف تنمر يا ظريف، مش هيبقى أنتَ وأمي عليا!.
رماها بغمزة من عينيه وهو يقف بجوارها مُباشرةً وقال بمراوغة يُدندن وهو يضع يديه في جيبي بنطاله:
-يا كراش!!.. قلبي راح لك وما جاش.. يا نُص تعالى أكملك!!.
لاحت اِبتسامة ناعمة على طرف شفتيها، ولكنها أشاحت للجهة الأخرى تُخفي انبساط ملامحها من غزله بها، فهي تحبه كأخٍ ولا تراه إلا من هذه الزاوية، تُحب كم هو ظريف ومرح ويتلقى كُل ما يمر به في حياته بصدرٍ رحبٍ حتى الكُرُوب، لدرجة أنها تمنت مرات عديدة أن تكون مثله، فلا تلقى للهموم بالًا وتضرب بما يضايقها عرض الحائط.
-لأ.
قالتها بحزمٍ، تؤكد عليه رفضها الذي اعتاد عليه منها، جاء في هذه اللحظة "أنس" الذي وزع نظراته بينهما ثم قال بلهجة مغتاظة:
-روميو وجوليت بنفسهم هنا؟!.. إنتَ بتعمل أيه هنا وأختك مش موجودة في البيت؟! دا بدل ما تدور عليها!!
تنهد "منذر" بقوةٍ وقال:
-فوق السطح، اتخانقت مع أمك كالعادة.
أنس باستفسار:
-ليه؟!
أجابته "زهراء" بنبرة مهمومة:
-كانت بتجرب شكلها في النقاب وخالتو أخدته منها وحرقته.
هتف الأخان في آن واحدٍ:
-نعم؟؟؟؟
لم يُمهلها "أنس" فرصة للتعليق، فاندفع خارج الغرفة على الفور ثم قصد الباب ومنه إلى السطح، أبصرها تجلس منزوية على نفسها تنتحب في قهرٍ استطاع الشعور به، هرع "أنس" إليها وتبعه "مُنذر" الذي شعر بالضيقٍ على حزنها، فيما صاح "أنس" بضيقٍ:
-فاطمة!!
رفعت بصرها، فأبصرتهما يتقدمان منها، جثى "أنس" على إحدى ركبتيه أمامها يطالع ملامحها المنتفخة من كثرة البكاء، ليشدد بكاءها أكثر في هذه اللحظة، أسرع "أنس" بجذب رأسها إليه حتى مالت تبكي على كتفه، بقى هكذا لبضع ثوانٍ ثم هبَّ واقفًا في مكانه وقام بمسك كفها ثم هتف بلهجة ثابتة:
-قومي معايا.
منذر وهو ينفخ بضيقٍ:
-أنا بقول نقفل باب الخناق اللي هيتفتح بعد شوية علشان الواحد دماغه واجعه!!
رمقه "أنس" بنظرة جامدة قبل أن يندفع صوب الدرج يهبطه وهو يقبض على كفها وتسير خلفه، تبعهما "منذر" حتى الشقة، كانت "حُسن" ترص الأطباق على الطبلية وما أن رأتهما يأتيان برفقة "فاطمة" حتى صاحت بغيظٍ:
-كانت فين الحلوة!!
ترك "أنس" كف شقيقته ثم تحرك حتى وقف قبالة والدته، وقال بلهجة شديدة:
-كام مرة قولت لك يا أمي تتعاملي مع فاطمة كويس؟؟ يعني أيه تحرقي لها النقاب؟؟ أيه شغل الهمج د!!!
فتحت "حُسن" عينيها على وِسعهما وقالت بدهشةٍ:
-أنا همجية يا أنس؟!!
صاح عاليًا يُضيف:
-وغير مُراعية لمشاعر اللي قدامك وبتفرقي طول عمرك بينا وبينها هي ورضوى، واخدين بالنا بس مش بنتكلم وبنقول عادي دي قلوب، لكن تكسري بخاطرها وأنا موجود، فلأ مش هيحصل.
التفت بعينين تقدحان بالشرر صوب شقيقته ثم صاح بحدةٍ:
-خشي البسي يلا علشان هنروح نشتري بدل الواحد عشرة، في ظرف خمس دقايق ألاقيكِ لابسة وإلا هرجع في قرار لبسك للنقاب!!
ابتلع ريقها على مهلٍ ولكن فجأة تهللت أسارير وجهها وهرولت فورًا صوب غرفتها تنصاع لأمره، نظرت "حُسن" بضيقٍ لابنتها التي تهرول غير عابئة بما تلقته من توبيخ بسببها، فتكلم "أنس" من جديدٍ بعد أن قرأ أفكارها:
-بتبصي لها بقرف ليه؟! أنا اللي متخانق معاكِ مش هي على فكرة!!، أنا عارف إنك شايفة خناقي معاكِ دلوقتي مدح لأنك مش بتشوفي عيوبي بس دا مش على حساب أختي يا أمي، فاطمة لو ملقيتش الاحتواء من أمها وأخواتها، فمتزعليش لمَّا تدور عليه برا وتتخدع من عيل واطي بسهولة!!
صاحت "حُسن" في وجهه بنفاد صبرٍ:
-النقاب دا هيقعدها عانس جنبنا، مين هيبص لها ولا هيعبرها من غير ما يشوف خِلقتها، إنتَ كدا بتوقف سوقها يا بني!!.
صاح "منذر" متدخلًا بصرامةٍ:
-اللي عايز أختي هييجي على سيرتها الطيبة مش علشان شكلها.. نُقطة.
•~•~•~•~•~•~•
كانت المرأة تقف ببهو القسم وحيدةً، تنظر في وجوه العابرين بأعين دامعة، فقد تلقت خبر القبض على ابنتها بلطم الخدين والنواح، وضعت حجابها الأسود على وجهها تكفكف دموعها المنهمرة، أبصرت أحد أمناء الشرطة يأتي من بعيد، فهرعت إليه على الفور، ثم تكلمت متلعثمة ببكاءٍ:
-يا بيه علشان خاطري عايزة أشوف بنتي؟؟ إنتَ قولتي لي إني هشوفها من ساعة فاتت؟؟ طيب إلهي يسترك دنيا وآخره طمني عليها ولا قولي حتى هي عملت أيه؟؟ أنا قلبي محروق على بنتي يا بيه!!
نفخ بقوةٍ ثم تجاوزها يقول بلهجة شديدة:
-تعالي معايا.
هرعت مذعنةً لأوامره تسير خلفه، إلا أن أدخلها حجرة مكتبه، أمرها أن تجلس على المقعد المقابل له ثم أمر أحد العساكر بإحضار الفتاة، كانت المرأة تنظر بترقُب قبل أن تلتفت إليه من جديد وتقول بقلقٍ:
-هي بنتي عملت أيه يا بيه؟؟
تكلم بنبرة حادة:
-تم ضبطها في فيلا "خليل الجلاد"، كانت بتحاول تسرق خزنة الفلوس ومعاها واحد.
لطمت على صدرها وهتفت ما أن سمعت بالاسم:
-نهار أسود، فيلا خليل بيه!!
أومأ إيجابًا، ليُطرق الباب في هذه اللحظة ثم يدخل العسكري ومعه الفتاة، هبَّت المرأة واقفة في مكانها ثم هرعت إلى ابنتها تحتضنها وهي تقول ببكاء وعتاب:
-ليه عملتي كدا يا بنتي.. ليه كدا يا مَعـــين؟!
تجهمت معالم وجهها بنيران الغيظ ورددت بلهجة صامدة لا تأبه ما أوقعت نفسها به، تنظر داخل عيني المرأة بتحدٍ:
-علشان دا حقي.
التفتت بنظراتها إلى الضابط ورددت بحنقٍ:
-هو في حد بيسرق حقه يا سعادة الباشا بردو!!
يتبع
#حرم_السفاح
#علياء_شعبان

حَرم السفَّاح.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن