الفصل العشرون

719 61 13
                                    

الفصل العشرون".
"كُلُّ له في هذه الحياة محطة سيُختبر بها.. ها قد وصلت.. لذا ستبدأ جولتك الآن".
•~•~•~•~•~•~•
ركض "الزير" مهرولًا إليه حتى أنه اقتحم المكان غير عابئ بما يهدر به الثاني أثناء نهره لشقيقته التي هرعت للخارج في نفس اللحظة التي دخل فيها "الزير" الذي وقف يتصبب عرقًا أمام "تيم" مُباشرةً وبنبرةٍ مهزوزةٍ يغمرها الاستياء قال:
-تيم، فين تليفونك؟! لازم تبص فيه حالًا!!
حدجه بعينين ثاقبتين مرتابتين قبل أن يضع الصغير بين جنبات أمه ثم يتحدث بلهجةٍ ثابتةٍ:
-أيه المصيبة المرة دي؟!
أومأ الثاني ببعض الإيماءات اليائسة قبل أن يعطيه ظهره مغادرًا الغرفة وهو يردد:
-افتح تليفونك وإنتَ تعرف، أنا في الجنينة حصلني على هناك يا تيم.
نبش "تيم" مُقدمة رأسه وقد استبد به القلق كُليًا، تقدم صوب هاتفه ثم فتحه بكامل فضوله لينظر بعد ذلك مصعوقًا إلى مقاطع الفيديو المُرسلة إليه.
تصاعدت وتيرة أنفاسه قبل أن يهرول مسرعًا خلف "الزير"، زوت "سبأ" ما بين عينيها في شكٍ موقنةً أن ثمة كارثة توشك على الاندلاع، خفق قلبها بلا هوادةٍ خشية أن يواجه زوجها وحبيبها مصيرًا لا ترغب في تخيله حتى كي لا تفقد صوابها تمامًا.
تحركت خلفه، نادت على "عنايات" التي أخذت الصغير إلى فُرُشهُ، ثم أكملت سيرها نحو الحديقة علها تفهم القليل مما يجري وما الكارثة التي ينوي زوجها إلقاء نفسه بين أحضانها؟!.
وضع "كمال" وجهه بين كفيه شاعرًا بالهم والغم، اقترب "تيم" منهما وبنبرةٍ متوجسةٍ قال:
-هي الفيديوهات دي وصلت على تليفوناتكم إنتوا كمان؟!
أومأ "الزير" وهو ينفخ كالبركانٍ الثائر وقال:
-وصلتني ووصلت لكمال بيه، يعني أكيد الشخص اللي باعت الفيديوهات دي عارفنا كويس أوي وبيحاول يساومنا على حاجة.
كمال وهو يقول من بين حنقه:
-أو بيحاول يساوم تيم بالأخص.. تيم أكيد هو محور الابتزاز دا.
رمقهما "تيم" بنظراتٍ ساخطةٍ وأردف:
-محدش يقدر يصور الفيديوهات دي غير "عرفة الوزير" وأكيد بيحاول يرد اعتباره بعد اللي عملته فيه!!
أومأ "الزير" سلبًا وقال:
-عرفة الوزير مش بالجرأة دي.. هو عارف كويس إن الفيديوهات دي هتفتح عليه طاقة جهنم.. الموضوع دا خارج من حتة أكبر بكتير من الوزير.
توجه "كمال" بنظراته الحانقة يلوم "الزير" ببعض العبارات الساخطة:
-إنتَ ليه مدورتش يوميها على كاميرات المراقبة في المكان؟!
حدق فيه "الزير" للحظات قبل أن يرد بلهجةٍ شديدةٍ:
-عندك حق يا كمال بيه.. إزاي بعد ما أشوف واحد مقتول وراسه مقطوعة عن جسمه مفكرش في كاميرات المراقبة!!
مسح "تيم" على وجهه ثم صاح باختناقٍ وهو يصول ويجول متحركًا بالمكان:
-هو ليه أصلًا الفيديوهات دي خرجت دلوقتي مش قبل كدا؟!
كمال بابتسامةٍ حانقةٍ:
-علشان في حُكم محكمة في حقك قريب والفيديوهات دي لو راحت للبوليس إنت المؤبد هيكون الحكم المخفف بالنسبة لك.. في مساومة جاية لك في الطريق.. لازم نكون مُستعدين ليها...
سكت لبُرهة ثم قال وهو يرفع سبابته نحو "تيم"، وقال:
-إنتَ هتعمل أي حاجة علشان الفيديوهات دي متروحش للحكومة.
صمت يتنهد بقوةٍ قبل أن يستكمل:
-بصريح العبارة، اللي بيساومك عايز يا إما يستفيد منك يا إما يلغي وجودك للأبد.
كان "تيم" يقف أمام تحليلاتهما عاجزًا عن تأييد أيها، أخرج زفيرًا ملتهبًا من داخله قبل أن يضغط على زرار الاتصال محاولًا الوصول إلى المرسل ومعرفة ما يريده منه ولكن الخط كان خارج نطاق التغطية، نفخ "تيم" بأنفاسٍ مُتأججةٍ قبل أن يتجه إلى أول مقعد قابله ثم ألقى بجسده عليه، نظر "الزير" إليه ثم قال بفكرٍ مشوشٍ:
-تفتكروا نبلغ أستاذ سليم المحامي بموضوع الفيديو؟!
تحدث "كمال" فورًا بابتسامةٍ ساخرةٍ:
-فيديو الدبح؟! عايز توريه لسليم النجدي؟! وهنقول له أيه؟! الحقنا.. ابننا قتل ومكنش في وعيه علشان كان بينتقم لشرفه وعايزين نخفي الفيديوهات لحد صدور حكم المحكمة؟! دا مش بعيد هو اللي يسلم الفيديوهات بإيده للمحكمة.
هتف "الزير" باستنكارٍ واضحٍ:
-المفروض إن المحامي يكون شغال في صالح قضيته وفي صالح كل حاجة بتفيد القضية وخروج موكله ونجاحه في إثبات قدراته بصرف النظر بقى موكله برئ فعلًا أو لأ والمفروض إنه يكون على دراية بكل جديد علشان ميتفاجأش بعدين بمحامي الخصم بيفوز من ثغرات موضوع كان يجهله تمامًا وموكله أخفاه عنه.
أومأ "كمال" وقال متأففًا:
-هو فعلًا مينفعش يتفاجأ بالكارثة دي وإلا هنروح كلنا في ستين داهية وهيكون هو أول واحد يودينا هناك علشان كدا لازم نسعى إن الفيديوهات دي يتمحى أثرها نهائيًا.
كان "تيم" يُتابع حديثهما في صمتٍ ولم يرغب في مشاركتهما كيف سيتحدد مصيره إن نُشر الفيديو أو بقى في الخفاء، بقى شاردًا فقط في هوية المرسل حتى أفاق من شروده على صوتها وهي تقف أمامهم وتقول بنبرةٍ هادئةٍ:
-إحنا ماشيين.. شكرًا على الاستضافة القصيرة يا كمال بيه.
انتبه "تيم" لها، قطب ما بين حاجبيه قبل أن ينفخ باحتقانٍ شديدٍ، فما كان ينقصه إلا الانشغال بها أيضًا، مسح على غُرة رأسه قبل أن يسألها بلهجةٍ شديدةٍ:
-رايحه فين؟!
رمته بنظرةٍ ساخطةٍ قبل أن تستكمل سيرها نحو بوابة القصر وتتبعها "عظيمة" التي ترى تصرفها أهوجًا تمامًا، لم تحفل بسؤاله ولم يستطع هو في المقابل كبح جماح غضبه الذي تفاقم وهو يقول بنبرة جمهورية محتدة بالغضب:
-اقفي.. أنا بكلمك!!
توقفت في مكانها قبل أن تستدير وتقول بغيظٍ:
-صوتك العالي مش هيخوفني وطالما أنا شخص مش موثوق فيه فأنا بعمل أيه هنا؟! ولو على الرابط اللي بينا اللي لسه مكتشفينه من ساعات فأنا بخلي مسؤوليتك منه ولو خايف ضميرك يأرنبك فريحه ولو فاكر إني ست ضعيفة ومحتاجة حماية فعندك.. أنا أقوم بيك وبكتيبة.
ضيق "كمال" ما بين عينيه وقال شاعرًا بالاشمئزاز:
-يأرنبه؟!
رفع "تيم" أحد حاجبيه ملتفتًا إلى "كمال" قبل أن يقول بحنقٍ:
-كل السرسجة اللي قالتها دي وإنتَ ملفتش انتباهك غير -يأرنبك-!!!
لم يستطع تمتلك أعصابه أكثر من ذلك، انتصب واقفًا في حسمٍ قبل أن يتجه إليها ثم يردد بلهجة شديدة:
-اتفضلي اقعدي خلينا نحط حدود وحلول للموضوع دا، لأني معنديش مساحة في دماغي ليكِ ولمشاكلك.
عقدت ذراعيها أمام صدرها ورددت بعندٍ شديدٍ:
-مش قاعدة.
هذه المرة نفدت كُل مؤون صبره، فقبض فورًا على ياقة قميصها وهو يضغط أنيابه غيظًا، ودون أن يتفوه بكلمة ثانية قام بجرها خلفه حتى أجلسها عنوةً على المقعد، حدجته بنظرةٍ ساخطةٍ ولكنها خشيت تفريغ انفعالاته المتأججة عليها.
ألقى بجسده على المقعد المقابل لها، ثم قال بلهجةٍ حانقةٍ:
-طلباتك وتحلي عند دماغي!!
رمته بنظرةٍ شذرةٍ ثم وضعت قدمًا فوق الأخرى وقالت:
-طلباتي ....
وقبل أن تستكمل حديثها الذي بدأته للتو وجدت قدمه تدفع ساقيها مرددًا بغيظٍ:
-نزلي رجلك اللي عايزة قطعها دي يا بت واقعدي باحترام.
تنحنحت بتوترٍ وأسرعت تقول بتلعثمٍ:
-أنا مش من الستات اللي تضرب وتسكت.. أنا ساكتة لك علشان مش متأكدة إذا كنت أخويا ولا لأ...
سكتت هنيهة ثم أضافت:
-بس يمين عظيم بالله لو ما طلعت أخويا بعد كل الإهانة ودونية المعاملة دي لأكون...
قاطعها وهو يقترب بجذعه العلوي منها ثم يقبض على طوق ثوبها ويقول محتدًا بالغضب:
-بتهدديني؟!! دي عظيمة لسه متبرعة بالبوتي بتاعتك من يومين.
زوت ما بين حاجبيها ثم نظرت نحو "عظيمة" التي مطت شفتيها باستنكارٍ فتحولت بعينيها إلى "الزير" الذي ترجم لها بابتسامةٍ مكتومةٍ:
-قصرية يعني.
وضعت كفها تُبعد قبضته المتعلقة بتلابيبها قبل أن تقول بنبرةٍ ساخطةٍ:
-أنا مش عايزة منك حاجة.. عايزة أمشي وإنتَ اللي بتمنعني.. وبعدين إحنا مش متأكدين إذا كُنا أخوات حقيقي ولا لأ!
تدخلت "عظيمة" فورًا بنبرةٍ لومٍ:
-تتأكدي من أيه يا مَعين؟! أنا شاهدة على جواز خليل بيه ومدام چيهان وولادتك وشاهدة على كل مراحل عمرك.. تيم بيه أخوكِ حتى لو من جواكم رافضين دا.
تابع "تيم" بابتسامةٍ ساخرةٍ:
-هي مشافتش صورة چيهان هانم ولا أيه؟!
تساءل بسخريةٍ ثم أكمل:
-كأنك صورة چيهان هانم المعكوسة في المرايا.. مع الأسف إحنا قدام حقيقة لا يتخللها شك بنسبة 1%.
ابتلعت "عظيمة" ريقها على مهلٍ ثم قالت بنبرة متوترة:
-كانت وصية چيهان هانم ليا إنك لمَّا تتجمع مع أختك متفترقش عنها تاني وتعيش معاك وتحميها.
نظر 'تيم" لها بملامحٍ جامدةٍ دون أن ينبس ببنت شفةٍ بينما قال "كمال" باستنكارٍ:
-تعيش معاه إزاي؟!
مسح "تيم" على وجهه قبل أن يتكلم بعد عدة لحظات يحاول فيها إدراك الوضع الواقع به:
-أيوة هتعيش معايا هنا في القصر.
لمعت عينا "مَعين" بوميضٍ مُنيرٍ من تأثير عبارته، فأكمل مضيفًا بثباتٍ:
-ودا مالوش علاقة بتنفيذ وصية چيهان.. إنتِ هتعيشي معايا هنا علشان حمايتك بقيت من واجباتي وأنا مش ضامن اللي جاي من خليل الجلاد.
أنهى حديثه ثم غرس كفه في جيبه وأخرج حافظة نقوده وأخرج منها بطاقته الائتمانية ثم مدها لها وقال بثباتٍ:
-تقدري تنزلي تشتري اللي ناقصك وبالليل أوضتك وأوضة عظيمة هيكونوا جاهزين.
فتحت عينيها على وِسعهما لشدة صدمتها ولكنه أكمل وهو يلتفت إلى "الزير" الذي جلس يتابع ما يجري في دهشةٍ لا تقل عن دهشة "كمال" الذي تابع الحديث بعينين ثاقبتين:
-أبقى اديها مفتاح عربيتي الاحتياطي.
شلت الصدمة لسانها، فنحا ببصرهٍ إليها وتساءل:
-بتعرفي تسوقي ولا نلغي العربية!!
تكلمت من بين صدمتها:
-بعرف.
•~•~•~•~•~•~•
-تروحي تزوريها على طول ومتأخريش.
أردفت “حنان" بتلك الكلمات وهي تعطي الأذن لابنتها التي تنوي زيارة صديقة لها عبر الهاتف، أرادت "زهراء" أن تُطلعها على كافة التفاصيل فأخبرتها بأنها ستذهب بسيارة شقيق صديقتها ولكنها لم تجد اعتراضًا من قِبل والدتها، أغلقت "زهراء" المكالمة بأريحية شديدة، هبطت "حنان" الدرج متوجهة إلى بيت شقيقتها وما أن وصلت إليها حتى فتحت لها "حُسن" الباب وهي تقول بهدوءٍ:
-فطرتي ولا لسه!!
ردت "حنان" وهي تواصل سيرها للداخل:
-بنتك عاملة فيها تعبانة ومنار اللي عملت لي الفطار النهاردة.. فطار ميتاكلش.
رفعت "حُسن" أحد حاجبيها وردت بغيظٍ:
-أه ما هي بنتي الحيطة المايلة بتاعة اللي خلفوكِ.. خفي عنها ياختي عندك عروستين علميهم يفتحوا بيوت.
ألقت "حنان" بجسدها على الأريكة ثم قالت بابتسامة عريضة:
-على سيرة العرايس.. شكل البت زهراء هتقع وهي واقفة.
جلست "حُسن" بجوارها بعد أن جذبها الحديث وقالت بفضولٍ:
-يا واطية.. البت متقدم لها عريس وأنا معرفش!
مطت الثانية شفتيها وقالت:
-أنا مقولتش إن في حد اتقدم.. بس شكل الدروس الخاصة دي بتجيب عرسان تُقال.
وضعت "حُسن" أصابعها أسفل ذقنها وتساءلت بحيرةٍ:
-لأ معلش كدا فهميني براحة هو في أيه؟!
استطردت "حنان" في حديثها تحكي لها عمَّا دار بيننا وبين ابنتها التي يجمعها علاقة جيدة بابنة عائلة ثرية وأن شقيق صديقة ابنتها سيقوم بمرافقتها بشكلٍ خاصٍ للاطمئنان على الصديقة، شهقت "حُسن" وقالت مصدومةً:
-سيبتي بنتك تركب مع واحد غريب عربيته؟! افرض خطفها ولا اعتدى عليها يخربيت دماغك.
تلوى شدق "حنان" التي رددت باستنكارٍ:
-ما هو الجهل بيعمل في صحابه كدا فعلًا.. يعني راجل غني هيسيب كل البنات اللي يقدر يجيبها بفلوسه وهيقل مع مدرسة بنته وصديقة أخته؟! وبعدين ما هي معرفاني هي رايحة فين بالظبط.
حدجتها "حُسن" بنظرةٍ جامدةٍ وقالت:
-خلاص يبقى أكلم لك منذر يروح يجيبها من مكان ما راحت علشان نبقى متطمنين أكتر.
أومأت "حنان" موافقةً ثم تابعت بنبرة أكثر حماسًا فور تذكرها ما جاءت من أجله:
-زميلي في الجامعة جاب لي من مراته رقم دكتور تجميل شاطر أوي وبيعمل عروض مُغرية على فيلر الشفايف والبوتوكس.
تراجعت "حُسن" بظهرها للوراء قليلًا وقالت ببعض الارتياب:
-لأ ياختي بلاها الحوار دا.. أنس يزعل مني.
رفعت "حنان" أحد حاجبيها وقالت بامتعاضٍ:
-هو فين أنس دا؟! ما راح الأكاديمية.
-هو يعني مش راجع ياللي تتشلي في بؤك؟! ييجي بالسلامة نور عين أمه.. وساعتها لو شافني هيولع فيَّا وفي الآخر يتقال عنه عاق وأكون أنا اللي غلطانة.
صرت "حنان" على أسنانها وقالت بحنقٍ:
-يا بنتي اعملي حاجة بسيطة مش باينة.. عمرنا ضاع عليهم.. من حقنا نشوف نفسنا وندلع لنا كام يوم.
أشاحت "حُسن" بنظراتها بعيدًا عن الثانية وهي تُقلب ما قالته شقيقتها للتو في عقلها.
•~•~•~•~•~•~•
فرحت كثيرًا بوجود بطاقة ائتمانية بحوزتها لأول مرة على الإطلاق، تجولت بين المحلات التجارية واقتنت كل ما حلمت بشرائه يومًا ولم تنسَ اقتناء هاتف جديد لها حتى تتخلص من هاتفها الذي يعمل بوضعه داخل الفريزر فقط، ذهبت بعد ذلك إلى صالة تجميل وقامت بحملة نظافة شاملة ومكثفة حتى أصبحت أخرى غير التي دخلت إلى الصالة قبل قليل، انتهت من التسوق وتوجهت إلى السيارة التي منحها إياها قبل ساعات، وضعت المشتريات بالمقعد الخلفي ثم ركبت السيارة وقادتها إلى وجهتها الثانية.
وبعد قليل من الوقت كانت تصطف سيارتها بالقرب من قسم الشرطة لتقرر الانتظار حتى يسطع نوره عليها وهي لا تعلم كم من الوقت ستظل ماكثةً في انتظار خروجه من بوابة القسم ولكنها لن تكل الانتظار ولو كلفها الأمر يومًا بليلته.
التقطت كيسًا بلاستيكيًا من الخلف ثم مدت كفها داخله والتقطت حفنة من البذور والمقرمشات وكفها الآخر كان يبحث عن حلقة مسلسلها المفضل، قامت بوضع الهاتف أمامها مقررةً مشاهدة الحلقة الجديدة حتى يخرج الهدف، اندمجت لساعتين تقريبًا حتى أوشكت الحلقة على الانتهاء لتجده يخرج بطلة بهية من بوابة القسم متجهًا إلى سيارته، وعلى الفور قامت بقيادة سيارتها صوبه، فتح باب سيارته وهمَّ أن يركب ولكنه تفاجأ بسيارة أخرى تصطدم بسيارته من الخلف، كشر عن أنيابه وقطب ما بين حاجبيها غضبًا قبل أن ينطلق بعينين تقدحان بالشرر نحوها، رغم أنها تعمدت صدم سيارته إلا أن قلبها وجل خوفًا ما أن رأت غضبه يتمدد صوبها، توقف على الفور أمام نافذة سيارتها ثم ضرب بقوةٍ عليها، ابتلعت "مَعين" ريقها بالكاد وخفقت نبضات قلبها باضطرابٍ وهي تعض شفتيها بخوفٍ، فكرر ضرب النافذة ثانية لتستجيب على الفور وهي تفعل خاصية انزلاق الزجاج للأسفل لتظهر أمامه بوضوحٍ، ضيق "رافل" عينيه بهدوءٍ بينما تصنعت هي الدهشة وقالت:
-وافل بيه!! معقول!!
رفع أحد حاجبيه قبل أن يقوم بفتح الباب مرددًا بنبرةٍ ساخطةٍ:
-الأوڤر أكتينج كما يجب أن يكون.. انزلي لي!!
تنحنحت بتوترٍ ثم قالت:
-خبطتها بدون قصد على فكرة!!
أشار لها في صمتٍ أن تنزل، ففعلت بأطراف مرتجفة وما أن وقفت أمامه حتى أخذ نفسًا عميقًا إلى صدره ثم زفره وقال بلهجة حادة:
-إنتِ عايزة مني أيه يا بت إنتِ؟!!
-عايزاك.
قالتها غير واعيةٍ ثم أسرعت فورًا تضعها في عبارة تصحح من حدة تصريحها:
-عايزاك تصدق إني خبطتها بدون قصد.
ضغط أنيابه بغيظٍ مكتومٍ وقال:
-طيب "سباح الخير" بالسين بالغلط بردو؟! جبتي رقمي منين انطقي!!
أشاحت بنظرها بعيدًا وقالت وهي تضع ذراعيها أمام صدرها برفضٍ قاطعٍ:
-مقدرش أقول لك.
قبض مُسرعًا على ياقة ثوبها من الخلف فرددت بتذمرٍ:
-هو كل اللي يتضايق مني يمسكني زيّ الحرامي الهربان ليه كدا؟! إحنا بني آدمين يا وافل بيه!!
رمقها بنظرةٍ جامدةٍ وقال:
-جبتي الرقم منين وبطلي صياح علشان تهربي من السؤال!!
عضت على شِفتها السُفلى قبل أن تبتلع ريقها متوجسةً غضبه وتقول بتلعثمٍ:
-كرمشت للعسكري متين جُندي واداني الرقم.
أومأ متفهمًا قبل أن يسألها بغيظٍ:
-أيه اللي إنتِ حطاه صورة بروفايل دا؟!!
تلاعبت بحاجبيها تراوغه بمشاكسةٍ وقالت:
-وافلاية مسقسقة شيكولاتة.
رفع أحد حاجبيه وقال:
-مالك بتعملي كدا ليه؟!
افتر ثغرها عن ابتسامة عريضة وردت:
-متخافش مليش تُقل على الحلويات...
سكتت لبرهة ثم أكملت بغمزة من عينيها:
-إلا الوافل.. أموت كدا فيه موت.
تجهمت معالم وجهه فقام على الفور بدفعها داخل سيارتها ثم قال وهو يغلق الباب:
-هغمض عيني لـ3 ثواني.. عايز أفتح ألاقيكِ طيرتي وإلا قسمًا بالله أبيتك الليلة مع العربجية والمسجلين خطر.. اختفي من وشي.
أومأت مذعورةً من تحوله، أغمض عينيه فأسرعت بالانطلاق قبل مرور الوقت المحدد لها، فتح عينيه بعد أن تأكد من ذهابها ولاحت ابتسامة هادئة على شفتيه.
•~•~•~•~•~•
وقف ينتظرها بصدرٍ يجيش غيرةً وغيظًا، كيف تجرأت لهذه الدرجة حتى تركب سيارة رجل غريب؟! لم تبرح عيناه بوابة المشفى حتى وجدها تخرج منها بعد لحظات، أشار لها بكفه فجاءت إليه فورًا، حدجها بنظرةٍ جامدةٍ قبل أن يقول محتدًا بالغضب:
-زورتي صاحبتك؟!
شعرت بحنقه المنبعث من بين شفتيه فقالت بعد تنهيدة ثقيلة:
-إنتَ أيه رأيك؟!
احتدت نبرته أكثر وقال بصوتٍ أجشٍ:
-ومكنش في طريقة تانية تروحي لها بيها غير ركوبك مع واحد غريب؟!!!
تكلمت على الفور من اتهامه المبطن خلف كلمات نزقة:
-أنا عرَّفت ماما يا مُنذر وهي وافقت.. وبعدين أه مكنش في طريقة غير دي.. لأن الزيارة مقتصرة على أفراد عيلتها وأنا كنت محتاجة أشوفها وأدعمها نفسيًا.
تنهد تنهيدة ممدودة بعُمقٍ وتساءل بعدها:
-هي عندها أيه؟!
قالت "زهراء" بصوتٍ مخنوقٍ تخالجه الشفقة:
-خسرت كِلية والتانية ضعيفة ومحتمل تقف في أي لحظة وبيدوروا لها على متبرع بس الموضوع مُعقد جدًا.
شعر بالضيق فقال بنبرة أكثر هدوءً:
-ربنا يشفيها.
•~•~•~•~•~•
لم يكُف "تيم" عن إجراء الاتصالات المُلحة والمكررة بالرقم الذي أرسل مقاطع الفيديو، وفي كل مرةٍ يجد الهاتف مُغلقًا، حتى وصلته رسالة من الرقم المنشود، كان يجلس إلى مكتبه فهب واقفًا على الفور يقرأ فحوى الرسالة بعينين متلهفتين تقرئان السطور بنهمٍ، كان المرسل يحثه على التقائهما لإبرام اتفاق يصطف في مصلحة الطرفين ليتضح له أن حديث "كمال" كان صحيحًا وأن المرسل لا يرغب في سجنه بقدر رغبته في الاستفادة منه.
رد على رسالته فورًا بقدومه في الحال، ولكن المرسل أكد ضرورة حضوره وحيدًا وإلا يعتبر الاتفاق الذي سيُبرم بينهما مُلغَى.

ركض مسرعًا للخارج وسط نظرات الجميع له، هرولت "سبأ" خلفه، فاستدار يجيب على ندائها متدبرًا ابتسامة هادئة:
-عندي مشوار مش هياخد مني نص ساعة وراجع على طول.
أخذت نفسًا عميقًا وتساءلت بريبةٍ:
-تيم إنت كويس؟! في حاجة مش طبيعية بتحصل معاك أنا حاسة.
قام باحتضان وجهها بين كفيه وقال بنبرة حانية بعد أن طبع قبلة على جبينها:
-ولا أي حاجة يا حبيبي.. مش عايزك توتري نفسك على الفاضي.. خليكِ واثقة فيَّا.. خليكِ جنب غيث ومحدش يهتم بيه غيرك أو عنايات.
أومأت متفهمةً، فأكمل سيره صوب بوابة القصر ليتواجه مع "الزير" الذي يقف أمام البوابة يتحدث عبر الهاتف، أسرع بإنهاء المكالمة ما أن رأى قدومه وقال:
-رايح فين يا كبير!!
توجه "تيم" صوب سيارته ثم ركبها قائلاً بلهجة ثابتة:
-مشوار على السريع وجاي.
لم يفتأ ينتهي من حديثه إلا وكان "الزير" مُستقرًا بجواره داخل السيارة وبنبرة حاسمة أردف:
-إنتَ رايح تقابل اللي باعت الفيديوهات وأكيد طالب منك تكون لوحدك ولكن دا مش هيحصل إلا على جثتي يا صاحبي!!
تنهد "تيم" بقوةٍ مستسلمًا أمام إصرار صديقه، قاد سيارته إلى العنوان المذكور في الرسالة، وما هي إلا بضع دقائق وكانت السيارة تقف أمام إحدى البنايات، قام "الزير" بالاختباء على أرضية السيارة ليخبره "تيم" بصعوده إلى الطابق الثالثة كما حذره من التدخل إلا في حالة استدعائه أو تغيبه عن نصف ساعة، ضغط "الزير" على رغبته في مرافقته وانصاع له، صعد "تيم" للطابق الثالث ليجد باب الشقة مفتوحًا، ضيق حاجبيه في شكٍ ولكنه لم يوجل التقدم داخل الشقة، ليجد أمامه طاولة تقبع في منتصف الغرفة ويوجد حولها مقعدين، تقدم من الطاولة فوجد ورقة مكتوبًا فيها أن يجلس، ففعل، وما هي إلا لحظات حتى وجد وقع أقدام آتية من خلفه ثم وجد ذراعين تطوقان عنقه من الخلف وصوت أنثوي يقول بنعومةٍ صاخبةٍ:
-وحشتني.
يتبع

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Oct 20 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

حَرم السفَّاح.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن