يومٌ كاملٌ للبحثِ عنه، ولكنه كالطفلِ الهاربِ لا يريد العودةَ، حتىٰ...فُتح البابُ علىٰ مصراعيه، بقوةٍ تُفزع من في الصالةِ، نظرت الخادمةُ خلفَها فوجدت سيدِها، مَن دخل يمسك طفلَه بقوةٍ مِن تلك الملابسِ التي يرتديها، تلك التي تبدو كبيرةً عليه بشكلٍ ملحوظٍ: ادخل أيها الحقير!
صرخ في وجهِه بصوتِه الأجشِ العنيفِ، مما جعل الطفل ينخرط في البكاءِ الشديدِ، خائفًا مرتعبًا مما سيُلقىٰ عليه من ألمٍ...
مع شُروقِ الشّمسِ وَصوْتِ العصافيرِ ذلِك الصُّراخُ المُؤلِم يَملأ هذا القصْرَ الفَسيحَ، ذلك الصُّراخُ الذي يخرِجُ من جوفِ الطفلِ الصغيرِ، والسبب واضحٌ: هذا لِأنّك هربت مِن المنزلِ...حتىٰ تُحرِّم فِعل هذا مُجددًا أسمِعت؟
تفوه بها من جُن صارخًا يصيحُ بقوةٍ يهزُ الأرجاءَ بنبرتِه، فهرولت الخادمةُ له توقفُه من هولِ المنظرِ: سيّدي! سيّدي ألفريد، لا تضرِبهُ هذا لا يجوز...ما زال صغيرًا.
ترك ألفريد شعرَه ليَقع أرضًا ودُموعه لم تُفارِق وَجهه، ضحك الآخرُ بِسُخريةِ مع قولِه: هذا صغيرٌ! هذا الّذي أمامك ذو الخمسةِ أعوامٍ يَمتلِكُ عقلٌ يفوق عقلكِ بِكثيرٍ...إنه يَعلم كل شيْءٍ.
غادر المكانَ فنظرت الخادِمةُ لأدوين بِسُرعةٍ وَضمّتهُ بِقوّةٍ: لا تبكِ حبيبي...لِمَ هرِبت؟ وأيْن نِمت اللّيْلة؟
مسكت ملابسَه ثم قالت بصوتِها الحنونِ: ولِمن هذِهِ الملابِسُ أنّها واسِعةٌ عليْك...هيا روحي تعال معي لِتستحِمّ...انظر لشعراتِك، كم يملؤها الغبارُ!
بعدما خلع ملابِسهُ؛ ليَستحِمّ أخذتهم لتغسلهم، شرعت بِاستِنشاقِ القميصِ بإثارةٍ: أوه رائِحتُه طيْبةٌ ما أجملها!...
قاطع تفكيرِها أدوين الّذي كان يَلعبُ بِالماءِ والفقاعاتِ وَيَضحك، رغم الألمِ والعذابِ الذي تلقاه قبل دقائقٍ، ومع ذلك ارتسمت ابتسامةٌ جميلةٌ علىٰ وجهِه الخلابِ تشرق ثغرَه وتظهر صفَ أسنانِه البيضاءِ، وضعت الملابِسُ على جنبٍ ونبست بحنانٍ، تحاول إيقافه عن اللعبِ بالفقاعاتِ: توقف توقف...لِمن هذِهِ الملابِسُ؟!
حدثها بالإشارةِ بِحركاتٍ بسيطةِ لِتردِف: جارنا!...
تقصِد السيد ويليام سميث.قالتها غير داريةٍ بحالتِه الصعبةِ التي يمر بها داخل تلك المستشفىٰ الكئيبةِ، التي شهدت ليالٍ وأيامٍ عصيبةٍ، بينما هو أومأ لها فهمهمت بهدوءٍ: ملابِسُهُ إذًا.
ابتسم لها وظلّ يلعب مُجددًا كتصرفِ أي طفلٍ في الخامسةِ، أما هي نظرت له بابتسامةٍ رُسِمت علىٰ ثغرِها، ودموعٍ متراكمةٍ تريد كبحها، ثم نبست بخفوتٍ، تحاول حبس تلك الدموع داخل سجن مقلتيها: يا له من طفل بريء...لقد جُن ذلك الأحمقُ.
![](https://img.wattpad.com/cover/343910760-288-k583628.jpg)
أنت تقرأ
عندما تنطفئ الشمعة ✍
Romanceوقتُ بِجسدي لِيلامس التُّرَاب رُكْبتيّ بعْدما سَيطَر اَلبُكاءُ علىٰ مُقلتيّ، اِستبَدّ بي اليأْسَ والْحزْنَ بعْدما هَيمَن علىٰ طاقَتي لأصبِح هزِيلًا أَمَام قَبركِ. أخذتُ أبْكي وسط شهقاتي وأنينِي دونَ أنْ تُخفِّفي أَلمِي كسَابِقِ أَيامِي، اِنْهمَرتْ ا...