لم أدرِ بِشيْءٍ قطُّ إلّا عِندما فتحتُ جفنيّ ببطءٍ، لأكشف عن عيْنيّ الرماديتين التي لم تعد ترىٰ بوضوحٍ، وَجدتُ نفسي علىٰ سريرِ المَشفىٰ وحتىٰ الآن لا أقدر علىٰ اسْتيْعابِ شيءٍ، لمَ أنا هنا؟
سألتُ ذاتي بحيرةٍ ولم أضع إجابةً لسؤالي، رأسي ملفوفٌ بِضِمادٍ وَيَدي اليُسرى كذلِك، ماذا حدث؟
أنزلتُ قدميّ لِأمس الأرضَ ثمّ رفعتُ جسدي لِأقِف لكِن كِدتُ أقعُ، جَسدي لم يَعُد يَتحمّلُ، لقد أصبح هذيْلًا ضعيفًا تمامًا. خرجتُ مِن الغُرفةِ ببطءٍ وَإذا بِصوتِ الطّبيبِ: سيّد سميث لأيْن ستذهبُ!
: أرجوك ليليانا...زوْجتي...أيْن أُختي وَطِفلي!
قُلتُها بِخوْفٍ ظهر عليّ وكلِماتِه زادت مِن مشاعِرِ التوترِ أكثر: ارتٰح وَسأخبِرُك.
جلستُ علىٰ السّريرِ بتوترٍ وقلبي بالكادِ يريد التوقفَ عن إصدارِ نبضاتِه وَإذا بِه يَبدأ الحديثَ: أختُك بِخيْرٍ، بعضُ الجُروحِ البسيطةِ...ولا تقلق علىٰ طفلِك، نحنُ نعتني بِه الآن، لم يُصٰب بِالحادِثِ إلا أنه تضرّر مِن غازاتِ الحريقِ، أمّا زوْجتُك السيدةُ ليليانا مارتيني،
إنّها الآن بِغرفةِ العمليّاتِ...إنّها بيْن الحياةِ والموْتِ.كانت كلِماتُهُ الصّاعِقةِ الّتي أصابتْ عَقلي، لقد جُنِنتُ، كيْف؟! لم أستوْعِب حينها ما يَحدُثُ لي، هل كُلّ هذا كابوس؟ أجل ظننتُ ذلِك وَأقنعتُ نفسي بِذلِك أيضًا.
خرجتُ مِن الغُرفةِ مُسرِعًا قاصِدًا غُرفة العمليّات، وَقفتُ أمام البابِ بِخوْفٍ، وتوترٍ شديدٍ اجتاح غُرفةِ قلبي، انتظرتُ ما يُقارِبُ نصف ساعةٍ، وَإذا بِالطّبيبِ يَخرُج. كُنتُ أهُزُّ رأسي أومأ لهُ علىٰ كل كلِمةٍ يَقولُها بِحُزنٍ أحاوِلُ كبح نفسي مِن الجُنونِ، لكِن التالي كان ذروة صدمتي، كنتُ أمرر حديثَة مُنتظرًا إجابةٍ ولكن الإجابةُ التي أصابتْ مسامعي كالسهمِ: لِلأسفِ...لقد توَفيت.
أغمضتُ عيْنيّ بِبُطءٍ لِتنفجِر مُقلتيّ بتلك الدُّموعِ التي كبحتها، تخطّيْتُ الطّبيبَ؛ لأفتح البابَ بِبُطءٍ ثُمّ اتّجهتُ نحوَها، كان الجهازُ لا يَصدِرُ صوْتُ النّبضِ، فقط ذلِك الصّفيرُ المُزعِجُ الّذي لا يطيقه أحد إطلاقًا، كان علامةً علىٰ توَقُّفِ قلبِها عن النّبضِ، فوَقعتُ علىٰ الأرضِ بِجانِبِها وظغىٰ عليّ البُكاءِ المُرِّ: ليليانا...أنا زوْجُكِ، ويليام! هيا انهضي، ألم تقولي يَوْمًا إنّ قلبكِ لا يَنبِضُ إلاّ لي؟...ها أنا معكِ! أرجوكِ، لا أتحمّلُ...لا أتحمّلُ فُراقكِ.
ضمّتها بِقوّةٍ بيْنما أترجّاها بِالنُّهوضِ كالعاشقِ الولهانِ: أرجوكِ.
قُلتُها بِصوْتٍ طفيفٍ وَسط شهقاتي وَمِن ثمّ أخِذتُ أقبِّل كل أنشٍ في وَجهها مِثلُ المجنونِ: ها أنا معكِ أرجوكِ لا تترُكينني حياتي، لا تبتعِدي عنّي...أعتذِرُ إذا فعلتُ شيْئًا أغضبكِ...أعتذِرُ من كُلِّ شيْءٍ...
![](https://img.wattpad.com/cover/343910760-288-k583628.jpg)
أنت تقرأ
عندما تنطفئ الشمعة ✍
Romanceوقتُ بِجسدي لِيلامس التُّرَاب رُكْبتيّ بعْدما سَيطَر اَلبُكاءُ علىٰ مُقلتيّ، اِستبَدّ بي اليأْسَ والْحزْنَ بعْدما هَيمَن علىٰ طاقَتي لأصبِح هزِيلًا أَمَام قَبركِ. أخذتُ أبْكي وسط شهقاتي وأنينِي دونَ أنْ تُخفِّفي أَلمِي كسَابِقِ أَيامِي، اِنْهمَرتْ ا...