07

58 10 0
                                    

استيَقظتُ على صوْتِ الجرسِ الّذي تكرّر مِرارًا داخِل مسامِعِى، رفعتُ صدري بِزراعاي وَحاوَلتُ استيعاب ما حدث، ليس كابوسًا...

نهضت لأتّجِهُ لِلبابِ وَإذا بِها والِدتي الّتي جاءت مِن السّفرِ وَوالِدي هوَ الآخرُ وَخلّفهُم أخواي الأصغرِ مِنّي عمرًا. جاء الكُلُّ حقًّا، ظنًّا مِنهُم أنّي أصبحتُ وَحيدًا هكذا، لكِنّي لا أُريدُ أحدًا غيْرها، لا أُريدُ أحدًا غيْر زوْجتي وَروحي.

بدأت دُموعي بِالسُّقوطِ لِتلامِسِ وجْنتاي، اِرتميْتُ بِجسدي لِأُعانِق والِدتي بِقوّةٍ بيْنما الجميعُ يَنظُرُ لي بِأسفٍ وَشفقةٍ.

أكرهُ تِلك النّظرات، نظرات الشّفقةِ الّتي ترمُقُني، لقد كرِهتُ العالم حقًّا، لقد ذهبت روحي معها، توقف نبضي أثر رحيلِها.

ذهبوا جميعًا ليَجلسوا على الأريْكةِ وَأنا سرتُ خلفهُم، جلستُ وَلم أتكلّم ببنت شفة وَإذا بِصوْتِ والِديّ يَرتفِع، نظرتُ لهُ بِتِلك الأعيُنِ الباهِتةِ لأسمع كلماته: ويليام بنيّ...هل تأتي معنا؟ ما فائِدةُ البقاءِ وَحدك...ابقِ مع عائِلتك.

كانت كلِماتُهُ مِثل السِّكّينِ الذي يقطعُ قلبي ببطء شديد، كيْف لا وَكِّلُّ ذكرياتِها معي هُنا، كيْف أترُكُ مكانًا عشقتُهُ بِسببِها، نبِّست بِصوْتٍ واضِح: لا.

كان هذا أوّل رفض أقوله بِوَجهِ والدي، أوّل مرة أفرق شفتاي لأخرج هذان الحرفان، لكِنّ الآنّ أستطيعُ قوْلها دون خجلٍ: لن أذهب لِمكانٍ.

تحدّثتْ والِدّتيّ بعد صّمت ساد للّحظّات، بعد إجابتي التي لم تتوقع: ويليام...إدوارد في المشفِى...لقد أشتدّ مرضٌ عن قبلٍ.

نهضتُ أحاولُ كبْح دمُوعي وبكَائي ثمّ اتجهْتُ لِغرفتي وأغْلقْتُ البابَ على نفْسي، جَلَسْتُ عَلَى الأَرْضِ باسْتياءِ منْ تلكَ الحيَاةِ التي سلبتْ كلّ شيْءٍ مِنّي.

رفعتُ رأسي لِأستنِد على البابِ، سالت دُموعي نحوُ وَجُنتايَ وَعقلي لم يَكُفِ عن تذكُّرِ المشهدِ الّذي مرّ بي، دفنتُ وَجهي وَسط كفّي لِدقائِق وَإذا بِصوْتِ طرقِ البابِ، نهضتُ لأفتحهُ وَإذا بِها أُختي: ويليام، لقد اتّصل الطّبيبُ وَقال يَجِبُ أن نأتي...لقد ذهب أخي الآنُ.

عندما تنطفئ الشمعة ✍حيث تعيش القصص. اكتشف الآن