12- بلا مأوى

59 6 0
                                    


وجدت نفسي فجأة خارج باب الشقة والباب يغلق في وجهي! لم تجد مساعي حسام مع أمي أن تسامحني وتتركني بالشقة، كما فشلت محاولات منتوس في أن يحاول انتزاعي من بين يدي حسام وهو يحملني للخارج، بل على العكس، حينما قفز على حسام ليتركني، جرحه بأظافره، مما أفقد حسام تعاطفه معي وقتيا، وزاد من عصبية أمي وجعلها تشتعل وكأن قد سكب الوقود على نار غضبها.

ولولا أنها تعلم جيدا منزلة منتوس بالمنزل، وأنه من قططي المفضلين، لطردته شر طردة، معي هو الآخر.

وقفت أمام الباب المغلق أنظر إليه بذهول، وسمعت منتوس يخربش الباب من الداخل، ثم استطعت أن أسمعه يقول:

"ما تخافيش أنا هاعمل أي حاجة علشان ترجعي، أنا مستحيل أتخلى عنك"

وبالرغم من شعوري بالامتنان الشديد له، إلا أنني كنت أعلم أن ليس بيده أي حيلة، وأن بالرغم من تضامنه النفسي معي، إلا أن الحقيقة المرة أنني الآن بمفردي تماما، بلا طعام، ولا شراب، ولا مأوى!

توقفت قليلا لا يمكنني أن أستوعب أنني في يوم وليلة صرت بلا مأوى، ثم فجأة أنفجرت ضاحكة بهستيريا (أو هكذا تخيلت) حينما تذكرت أنني في يوم وليلة صرت قطة!

لم يكن لدي أي خطة ولم أعرف ماذا يمكنني أن أفعل أو أين يمكنني أن اذهب، ظللت أتمشى أمام الباب في محاولة للوصول لأي حل، ولكن بعد فترة قصيرة من التفكير، وجدت أن أسلم شئ أن أبقى أمام الشقة، فلا يوجد أأمن من هذا المكان، ولا يجب علي أن أترك ما يمكنني اعتباره الآن المأوى الذي يحميني، فأنا لا أعرف كيف سيمكنني مواجهة الحياة بالشارع وأنا في صورتي القططية هذه!

تكورت على نفسي فوق الدواسة الموضوعة أمام الشقة على أمل أن تحن أمي في أي وقت وتسمح لي بالدخول مرة أخرى للمنزل، أو على الأقل ربما يعطف علي حسام ويخرج لي بعض من الطعام أسد به رمقي.

وسرعان ما بدأ النعاس يتسلل إلى جفوني، فقد كان يوما شاقا مليئا بالأحداث، واستسلمت للنوم، ولم أشعر بنفسي حتى فوجئت بسيل من الماء يغرقني، وجعلني أنتفض من نومي مفزوعة.

فتحت عيني فرأيت (طنط فايزة) جارتنا التي تقطن بالشقة المواجهة لشقتنا وهي تمسك بزجاجة بخاخ الماء وترشني به، وتصرخ في بكل غضب:

"أنت ايه اللي طلعك هنا؟ أنا مش قلت مافيش قطط على السلم؟ أكيد البنت اللي اسمها هند دي هي اللي جرأتك وحطت لك أكل قدام باب الشقة! بس لما أشوف البنت دي"

"أنت شايفاها والله بس مش واخدة بالك" تمنيت أن أصرخ بها في وجهها

أكملت صراخها وهي تقول:

"أمشي من هنا، أنا مش باطيق أشوفكم، أنا عارفة أن جواكم أرواح شريرة، أمشي أمشي"

ظلت تصرخ وتنهرني بهذا الشكل وهي مستمرة في رشي بالماء، ولم يكن بيدي سوى أن أهرب من وجهها وأركض حتى وجدت نفسي أمام باب العمارة، وظلت خلفي حتى خرجت لأواجه مصيري بالشارع.

قطقوطةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن