جريت كالمجنونة، وأنا لا أعرف إلى أين أتجه، أو ماذا يمكنني أن أفعل، حتى وجدت أمي تجلس بالصالة، فركضت نحوها، ألتمس الأمان، فقفزت على قدميها دون انذار، وعلى غير العادة، لم تغضب أو تصرخ في، وإنما نظرت لي بحنان، وبدأت تربت على رأسي.
وقف حماصة ينظر لي شذرا، ثم ركض نحو المطبخ حينما لمح حسام متجها إليه، ولكنه توقف قبل أن يصل والتفت لي قائلا بتوعد:- "راجع لك"
ثم أكمل طريقه للمطبخ، وقد انضمت له باقي حشود القطط، مع سماعهم صوت الطعام، الذي كان يضعه حسام بالأطباق.
مسحت أمي على رأسي، ثم قالت:
- "وأنت يا حلوة مش هاتروحي تاكلي معاهم"
كان الجوع يقرص معدتي، ولكن لم أكن لأجازف بالتواجد مع حماصة في مكان واحد الآن، فلم أتحرك من مكاني.
- "حسام، عملت ايه مع صاحبك اللي قال أنه يعرف حد ممكن يحاول يفتح لنا تليفون أختك؟"
قالتها أمي لحسام، بعدما أنتهى من إطعام القطط
- "يا ماما ما أنا قلت لك لما كلمته قال إن الناس اللي يعرفهم قافلين النهاردة، وبكرة هاوديله التليفون، وقال ممكن نحتاج نسيبهولهم علشان يشوفوا هايعرفوا يفتحوه ولا لأ"
بدأ ذيلي في الاهتزاز، كيف سيأخذون وسيلتي الوحيدة التي تمكنني من التواصل مع ياسمين
- "طيب ما تجيبه كده يا حسام، وتحاول أنت فيه يمكن تعرف تفتحه، مش قادرة استنى لبكرة يا ابني، هاموت والاقي أي حاجة اطمن بيها على أختك"- "ما جربت قبل كده، وماعرفتش"- "معلش جرب تاني"
قال حسام بنفاذ صبر:
- "وايه اللي هايـ.."
بتر جملته حينما نظر في وجه أمي، ونظرت بدوري إليها، فوجدت نظرة ترقب وحزن على وجهها، ففهمت أن حسام لأول مرة يتراجع ليس خوفا منها، وإنما شفقة بها، ثم قام دون كلمة أخرى، واتجه نحو غرفته، فأحضر الهاتف، وأخذ يكرر المحاولات عليه، ثم قال، قبل أن يتركه على المنضدة أمامه:
- "مش هاينفع اجرب اكتر من كده، ممكن يتقفل خالص وماحدش يعرف يفتحه بعد كده"
رأيت خيبة الأمل على وجه أمي، ولكن لم يكن هذا فقط ما رأيته، فقد لمحت حماصة ينهي طعامه، وعلى وشك الخروج من المطبخ، فقررت الهروب سريعا، قبل أن يراني، وايجاد أي مكان لأختبئ فيه مؤقتا.
أخذت أجري بين الغرف سريعا، حتى وجدت مكان مثالي للاختباء بغرفتي، فوق خزانة ملابسي!
قفزت على المنضدة المجاورة، وكنت على وشك القفز منها للخزانة، حينما أوقفني:
- "استني رايحة فين؟"
استدرت لأجد منتوس، فقلت بسرعة:
- "أنا هاستخبى هنا من حماصة، لما كل اللي في البيت يناموا قول لي يا منتوس"
قفزت دون أن انتظر رده، واستقريت فوق الخزانة في انتظار ساعة الصفر.
لا أعرف كم مر من الوقت، ولكن يبدو أنني قد استغرقت في النوم بعد تلك الليلة الطويلة والأحداث المتلاحقة، فلم أشعر بنفسي إلا حينما أفقت على منتوس يقول:
- "ياللا بسرعة"
أطللت بحذر من فوق الخزانة، فأكد علي منتوس:- "ما تقلقيش، كل اللي في البيت ناموا خلاص"
وبالرغم من الهدوء الذي كان يعم المنزل، كنت أمشي بحذر، وسط الشقة، خوفا من أن يهجم علي حماصة فجأة، وكل ما يسيطر على تفكيري، أنني يجب أن أحصل على الهاتف مرة أخرى، لأتواصل مع ياسمين، فلا مجال الآن للنقاش، يجب أن تجد لي حلا قبل أن يأخذوا مني الهاتف، وأفقد حتى قدرتي على التواصل معها!
ولحسن حظي، وجدت الهاتف على المنضدة التي تركه حسام عليها منذ الصباح، فلله الحمد، لن يكون هناك مغامرات اليوم لاصطياد الهاتف من غرفته!
أرسلت عدة رسائل لياسمين، كنت أريد أن أجد معها حلا لما أنا فيه، ولكن طال انتظاري لأي رد منها، وبدأت أفقد اعصابي خوفا من أن يأتي الصباح، فيأخذ حسام الهاتف لصديقه وأنا على نفس الحال بلا أي حلول أو وسيلة للتواصل.
فعاودت مراسلتها وأخبرتها أنها يجب أن تأتي في الصباح الباكر، وتقنع أمي بأنها تعرف من يمكنه فتح الهاتف بسهولة، وتأخذه منها، ثم بطريقة أو بأخرى تخفيه في غرفتي، لأتمكن من استخدامه في الخفاء للتواصل معها حتى نجد حلا كاملا.
لم يأتني رد، بل ولاحظت أن رسائلي لا تصل إليها من الأصل!
وفجأة تذكرت أنها أخبرتني أنها في رحلة خارج مصر، ربما هي الآن على الطائرة، أتمنى أن تكون هذه رحلة عودة، بل يجب أن تكون، يجب أن تكون ياسمين هنا في الصباح، لن أقبل بغير هذا!
- "تعالي لي بقى"
شعرت بحماصة من خلفي، فالتفت إليه بكل غضب، وقررت هذه المرة أن أواجهه بكل شجاعة، فكشرت عن أنيابي، وقلت له بكل حزم:
- "لأ يا حماصة لأ"
فأخذ يزمجر، ثم وجدته يهجم علي بلا مقدمات، وتلاحم معي بكل غضب، وشعرت بجسدي يتقطع ما بين أنيابه، وأظافره، وبدأت أشعر بأنني أنزف بشكل مخيف، وسمعته يقول قبل أن أفقد وعيي:
- "علشان تبقي تقولي لأ"
أنت تقرأ
قطقوطة
Fantasíaقبل أيام قليلة من زواجها، تستيقظ هند ذات صباح لتكتشف بدهشة أنها انتقلت إلى عالم القطط! باتت واحدة منهن وتتحرك وتتكلم كالقطط. في ذعر وحيرة مما حدث لها، تحاول هند فهم سبب هذا التحول الغريب قبل انطلاق موسم التزاوج بين القطط. فهل ستستطيع العودة إلى بشري...