3- المنقذ

115 9 0
                                    

كدت أن أفقد وعيي، حالما أطلق حسام سراحي بعد ما يقرب من ربع الساعة من طقوس ترحيبه المدمرة، والتي مرت كأنها دهرا.

شعرت بالدوار وبدأت أترنح وأنا أمشي بمشيتي الجديدة التي لم أعتد عليها بعد، محاولة الوصول إلى ركن من أركان الغرفة لألتقط أنفاسي قليلا بعيدا عنه.

ولحظي السعيد، وجدت أمي تنهره، ليس من أجلي بالطبع ولكن كي لا يضيع وقته أكثر من هذا ويعود إلى مذاكرته.

تنفست الصعداء فور أن ترك الاثنان الغرفة، وأردت أن أختلي بنفسي قليلا لأحاول التفكير في كل ما يحدث بي، وكيف يمكنني الخروج من الوضع العجيب الذي وقعت فيه!

تكومت على نفسي في ذلك الركن، فقد كان هذا أقرب شئ يمكنني فعله بدلا من أن أضع رأسي بين يدي لمساعدتي على التركيز والتفكير.

أغمضت عينيّ لاستجمع أفكاري، ولكن لم تمر سوى ثوان قليلة قبل أن أشعر بأنفاس تقترب من وجهي.

فتحت عيني ببطء، فوجدت وجه مستكة ملتصقة بوجهي وهي تتشممني، شعرت بالذعر لدرجة جعلتني أنتفض من مكاني، وأتراجع للخلف.

أخذت تنظر لي بتوجس، وتدور حولي وهي تعيد محاولة تشممي مرة أخرى.

- "أنت مين وجيتي لنا منين؟"

هكذا قالت، أو كما خيل إلي، فلم أكن أرها تحرك فمها، ولم أسمع لها أي صوت!

- "ما تردي، أنت مين؟ أنا أول مرة أشوفك"

لا يمكن أن يكون هذا حقيقيا، وحتى إن كان، كيف يمكنني أن أجيبها لأقول لها:

"أنا هند يا مستكة، مش عارفاني ولا ايه؟"

- "وكمان عارفة اسمي؟ هند مين؟!!"

ذهلت لردها علي، وفوجئت بأن حوارنا يدور دون أن يبذل أي منا أي مجهود في التحدث بأي صوت، فمن الغريب أنها كانت تفهم الحوار الذي يدور برأسي والأغرب أنني كنت أفهمها!

- "آآآآه، هو أنتم بقى بتتكلموا كده؟؟؟ طول عمري كنت هاتجنن أعرف أنتم بتتفاهموا مع بعض ازاي!"

قلت جملتي الأخيرة وأنا أحاول الابتسام دون جدوى.

نظرت لي مستكة باشمئزاز، ثم قالت:

- "احنا مين؟! باقول لك ايه، أنا بقى زهقت أن كل شوية ألاقي قطة جديدة داخلة علينا، لا وكمان جاية عاملة لي عبيطة؟!"

ذهلت من طريقة كلامها، وقلت بدهشة:

- "ايه يا مستكة طريقة الكلام دي؟ ده أنت طيبة وغلبانة طول عمرك. مش عارفة مزاجك متعكر بقاله فترة كده ليه؟ ده احنا طول عمرنا صحاب"

- "يووووه كل شوية تيجي لي قطة وتقول لي نبقى صحاب وبعدين تاكل أكلي كله، وتاخد الأماكن اللي باحب أقعد وأنام فيها، لا أنا مستحيل أسمح بأن ده يتكرر تاني، حرام عليكم، هو أنا علشان طيبة وغلبانة تعملوا فيا كده؟ أنا قررت مش هاسيب حقي، تعالي لي هنا بقى"

لم أكد أستوعب جملتها الأخيرة، حتى وجدتها تنقض علي، وأظافرها تتحرك في كل انحاء جسدي بكل سرعة لدرجة تمنعني حتى من التقاط أنفاسي، ولم يسعني سوى الصراخ بأعلى موائي.

ولم ينقذني من براثنها سواه، حينما سمعته يقول:

- "أقفي عندك حالا يا مستكة!"

قطقوطةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن