32- على بعد رسالة واحدة من الحقيقة

76 7 0
                                    

مر أول يوم علي بسلام، فبقيت محتمية بغرفتي معظم الوقت، وإذا اضطررت للخروج، أخرج بحذر شديد، لأتجنب لقاء حماصة. 

لا أعرف لم لم أطلب من ياسمين أن تأخذ حماصة لأي ملجأ للحيوانات أو أي مكان تبعده عني فيه. كيف لم يخطر ببالنا هذا الأمر. أخذت ألوم نفسي وألوم ياسمين ولكن كيف يمكننا التفكير بذهن حاضر وسط كل الفوضى التي وجدنا أنفسنا بها؟!

 ومع بداية اليوم الثاني، بدأت أشعر بالتوتر والترقب، فخلال ساعات إما أن أفهم ما يحدث وأجد حلا، أو تتحطم كل آمالي، وتنفى كل شكوكنا حول الهدية، ونعود لندور في دوائر الشك والتساؤلات عن سبب ما أنا فيه، أو أقبل بالوضع الراهن، وأكمل حياتي كعروس لحماصة!

زاد توتري مع هذه الفكرة الأخيرة، فقررت الخروج لأبحث عن منتوس متلمسة في رفقته بعض من الونس والراحة.

لم أتمكن من رؤيته وسط القطط، وإنما لمحت حماصة على مبعدة مني، فتواريت قليلا، أراقبه عن بعد، فلاحظت أنه مصاب بجرح كبير في وجهه، وبينما أنا أحاول التخفي والابتعاد عنه، لاحظت أنه لمحني، فارتعدت أوصالي، واستعددت لمطاردة قادمة، ولكن على عكس ما توقعت، فقد وجدت أنه يتجنب النظر إلي، بل أنه أدار ظهره إلي، وركض في اتجاه معاكس، وكأنه خائف مني!


لم أجد تفسيرا لموقفه هذا، بل وشككت في أن ما رأيته مجرد أوهام مني، وربما لم يرني من الأصل!صادفت لوليتا فسألتها عن منتوس، لأنني لم أتمكن من إيجاده، فالتوى فكها، وقالت بحسرة:- "هو أنت ماتعرفيش ولا ايه؟"


قلت مندهشة:- "أعرف ايه؟ هو منتوس فين؟"

أطرقت لوليتا ثم قالت:

- "امبارح حماصة الرخم ده كان عمال يقول كلام سخيف عليك، وكان مستحلف لك وناوي على الشر، منتوس ماستحملش الكلام ده، وهجم عليه واتخانقوا خناقة كبيرة جدا، منتوس شلفطه فيها زي ما أنت شايفة، بس منتوس.. للأسف.."

تعالت ضربات قلبي وقلت بذعر:

- "منتوس جرى له ايه؟ طمنيني يا لوليتا أرجوك، أنا عايزة اشوفه"

لم تجبني لوليتا، وإنما مشيت فتبعتها، حتى وصلت لغرفة المعيشة، والتي وجدت بابها مغلق، فأشارت لوليتا للغرفة وهي تقول:

- "هو جوه بس حالته متبهدلة قوي، متعور وتعبان، مامتك وأخوك لما لقوه هو وحماصة مش بيبطلوا خناق وعمالين يبهدلوا في بعض كده، قرروا يفصلوا بينهم، فكل شوية بيحبسوا واحد في الاوضة دي، ويخرجوا التاني، وبعدين يبدلوا بعد فترة"

كدت أن أجن، فقد كنت أرغب في رؤية منتوس فورا، والاطمئنان عليه، فمكثت واقفة بباب الغرفة، أروح وأجئ وعقلي يكاد أن يطير، حتى مر بعض الوقت، وأقبل علي حسام، وهو يحمل حماصة، ثم فتح الباب وأدخله، وخرج بسرعة وهو يحمل منتوس وخرج به للصالة، وأنا أجري خلفه، وأقفز حوله، محاولة أن أرى منتوس بأي شكل لأطمئن عليه.

قطقوطةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن