"كنت أظنها أياماً و تمضي، فإذا بها كانت حياتي".
(دوستوفيسكي).يطالعها بتأثر يعلم أنه يظلمها بتراجعه بكل مرة و ها هي كالعادة تضحي لأجله بكامل إرادتها و برضى تام وهذا أكثر ما يؤلمه و لكن ما بيده حيلة، لم يعد يستطيع تحمل فقدان أحد آخر من أسرته، لم يعد يحتمل هذا الألم و لكنه يقسم أنه سيحيا لإسعادها و تعويضها عن كل ما عانت معه، يقسم قلبه ألا يتوقف عن عشقها لحظة و سيستمر بإغداقها بعشقه حتى يتوقف عن الخفقان، جذبها لصدره يضمها بقوة ثم لثم جبينها بقبلة تحمل الكثير من الإحترام والتقدير و العشق.
بعد قليل تركها و دلف لوالدته لينفذ ما اتفق عليه مع أحلام و لكنه تفاجأ بوالدته تهاجمه رغم مرضها و تُلقي بكلماتها اللاذعة:
"جاي ليه...عشان تصالحني بكلمتين؟...إسمع بقى الكلام اللي هقوله هيتنفذ و إلا هنفذه أنا بطريقتي....مش هتعيش بره بيت العيلة و الجربوعة بتاعتك دي هتتحبس في أوضتها متجتمعش معايا في مكان واحد، إن كانت فاكره إنه بطلبي إنك تجيبها البيت معناه إن بقالها سعر أنا هعرف أعرفها مقامها فين وهي مين و أنا مين..و إنت هتتجوز اللي تليق بيك...بنت أنا اختارتها ليك، صغيره و هتقدر تجيبلك ولاد و تبسطك...أنا هسيبلك بنت الشوارع بتاعتك مراعاة لتمسكك بيها و لكنها مش هتظهر معاك في مكان تاني و لا هيكون ليها أي دور...هتكون زيها زي أي بنت من بنات الليل تروحلها تاخد مزاجك و ترجع لحياتك و مركزك تاني...ده آخر كلام عندي و مش هرجع فيه كفاية قوي إني استحملت استهتارك و غباءك طول السنين دي و صدقني لو كلامي متنفذش يا مصطفى هتندم و هتندم قوي كمان".كان يستمع لها بكامل هدوئه و عندما انتهت رُسمت ابتسامة على ثغره و قال بنبرة هادئة:
"خلصتي؟".تطالعه والدته بغضب و ملامح حادة و لم تجيب فتنهد و أردف بذات نبرته:
"من انهارده أنا متنازل عن كل شيء، الشركة و العربيات و العيشة اللي الكل بيتمناها و متنازل حتى عن إسم العيلة العظيم..أنا مراتي هتعيش معززة مكرمة في بيتها الخاص بيها هي و محدش هيقدر يإذيها بكلمة بعد انهارده".فرغت والدته فاهها بعدم تصديق و قد ظنت أنه سينصاع لها و يتراجع بالتهديد مثل المرات السابقة و لكنه فاجأها و لم ينتظر رد منها ألقى بكلماته و خرج كالعاصفة و قد نجحت بجدارة أن تُمحي هشاشة قلبه ورقته و يحل محلها القسوة و الجمود دون ذرة ندم و إشفاق على حالها، خرج بخطوات واسعة وملامح جمود و غضب تعتلي وجهه، أمسك يد زوجته بقوة يجذبها و يتحرك بها بغضب يجرها خلفه مِمَ جعلها تطالعه بتعجب و ذعر من ملامحه و غلظته بإمساكها بعنف و كأنه لا يعي ما يفعل، تهرول معه و تحاول فهم ما يحدث:
"مصطفى في إيه، إنت متعصب و واخدني فين كده.......طيب هو إيه اللي حصل.....مصطفى أرجوك إهدى شوية طيب هتوقعني".لم يجيبها و لم يلتفت لها من الأساس، خرج بها من المشفى و توجه نحو سيارته فتح الباب لها و أجلسها وهي تطالعه بعدم تصديق لتصرفاته العنيفة ثم استقل السيارة و انطلق بها بسرعة مهولة جعلت عجلات السيارة تصدر صريراً إثر احتكاكها بالأرض أسفلها و لم يتفوه بحرف رغم محاولاتها لفهم ما يحدث، وصل بها للقصر و أمسك يدها يجرها أيضاً نحو غرفتهما، دلف بها الغرفة و اتجه نحو الخزانة يمسك بالحقائب يلقيها بغضب ويضب الأغراض بها بعشوائية، تتابعه أحلام بعدم فهم فسألته:
"إنت بتلم الحاجة ليه...إحنا مش اتفاقنا مش هنمشي....مصطفى عشان خاطر مامتك....أكيد لو قالتلك حاجه ضايقتك فده من زعلها منك بس...بس مينفعش تغلط نفس الغلطة تاني".
أنت تقرأ
كل ده كان ليه؟
Misterio / Suspenso(كل ده كان ليه؟) سؤال يتكرر مراراً و تكراراً بأذهاننا، نحن أصحاب القلوب النقية البريئة، أرغمتنا الحياة لنسلك دروباً مُعتمة و نحن من اعتدنا على الضوء و بريق النقاء، كل ما حلمنا به الأمان و السكينة، لم تقسو قلوبنا يوماً، كيف تقسو و هي لا تعرف غير الحُ...