الفصل الاول

1.6K 81 18
                                    

استيقظت من احلامها على صوت الممرضة نظرت الى زوجها النائم على الفراش الابيض والاجهزة المحاطة به .. كان وجهه شاحبا وجسده المرهق قد اهلكه المرض تنهدت بحسرة وهي تضغط على عينيها بقوة رافضة امر استيقاظها او التحرك من مكانها .. شعور غريب ينتابها وهي تتطلع اليه تشاهده يفتح عيناه بصعوبة بالغة هاتفا باسمها ..

" سحر ... "

تحركت يده تمسح على راسها بحنان اشفق على حالها تشبت بيدها وتبسم لها بخفوت ... بادلته بابتسامة مزيفة تخفي خلفها الوجع الاكبر وهو خوفها من فقدانه ... لم يتبقى لها شخص غيره في هذه الحياة كانت تستمد من حضنه الدافىء القوة والصبر على فقدانها والدها قبل عامين .. حدق بها بنظرات حزينة تمنى ان يمنحها املا ويخبرها بأنه مازال بجانبها لن يتركها ابدا .. انسابت دمعته وهو ينظر لها برجاء ...سقطت دمعة من عينيها ويدها تلمس وجنته بحنان تمسح عنه دمعته ثم همست قائلة :

" سليم ان شاء الله ستشفى وستكون بخير ... وستعود الينا من جديد "

" كم اتمنى هذا صغيرتي لاكون بجوارك دئما .. ولكن هذه هي الحياة ولابد من الفراق لا اريدك ان تحزني او تتألمي اكره رؤية دمعتك هذه طفلتي ..."

اجابها وهو يمسك بيدها الناعمة ليتابع :

" اخبري ضياء انني اريد التحدث إليه "

أماءت له بحركة من راسها وغادرت الغرفة بيأس ..
أخبرت شقيق زوجها الذي يكبره بعام انه يرغب برأيته ...
دخل ضياء عند اخيه الذي انهكه المرض و يعلم انه يعيش لحظاته الاخيرة فمنذ طفولته وهو يعاني من مرض القلب رغم العمليات الكثيرة التي اجراها لم يشفى منه ..
نظر سليم الى ضياء بأعين حزينة دامعة وطلب منه ان يخبر شقيقه التوأم بضرورة رأيته في اسرع مايكون ..

_____

في اسطنبول دخل الى شركته الخاصة ببدلته السوداء الرسمية وقميصه الابيض الذي يزيده وسامة على وسامته وهيبته المعتادة برفقة مدير اعماله وصديقه المقرب امير ومساعديه ليسود الصمت من جميع الموظفين حين رؤيته فجأة في ارجاء المكان ... بينما توجهت انظارهم ناحيته بأهتمام ومنها نظرات الاعجاب من النساء ...
دلف لمكتبه بينما تتبعه سكرتيرته الخاصة بالملفات .. بعد لحظات قصيرة سمع طرقات ناعمة على باب مكتبه رفع راسه عن كومة الاوراق التي امامه ابتسم بحب وهو ينظر اليها تتمايل بخطواتها بإغراء اقتربت منه وهي تعانقه وطبعت قبله على خده

" يمان حبيبي اشتقت اليك .."

اجابها وهو يضمها اليه بحميمية :

" حبيبتي لماذا لم تخبريني بعودتك .. "

" اردت مفاجاتك .. "

اقتربت بوجهها لتعانق شفتيها شفتيه  ولكن رنين هاتفه اوقفها .. التفت يمان يتطلع اليه كان اسم شقيقه الاكبر يزين شاشته شعر بغصة في جوفه لم يعرف سببها رفع هاتفه اليه اتاه صوت ضياء .. تخشب جسده بمكانه بينما تغيرت ملامح وجهه الى جمود والحزن كان واضحا عليها .. اسرع مغادرا الشركة بخطوات مهرولة توجه الى سيارته تاركا خلفه رشا التي حدقت به مستفهمة جاهلة سبب تغير ملامح وجهه فجأة .. كانت تحدثه بقلق وتستفسر منه سبب تغيره ولكنه لم يعيرها اهتمامه ..
إتجه الى المطار حيث توجد طائرته الخاصة ثم انطلق الى ازمير وهو يدعو الله ان يحفظ شقيقه المريض وان يشفيه .. فقد شعر بريبة في حديث ضياء وعلم حينها ان توأمه سليم لم يتماثل للشفاء هذه المرة .. كان قلبه يدق برعب يخشى فراق اخيه التوأم ...
بعد وصوله إلى ازمير توجه مسرعا نحو المستشفى الخاص بالعائلة حيث يرقد شقيقه وجد والدته خديجة ووالده عثمان في استقباله وهما يبكيان بألم على حالة ابنهما اقترب منهما وضمهما اليه بشوق فقد مضىت اشهر طويلة على ٱخر زيارة له لعائلته  .. حتى أنه لم يحضر زفاف سليم .. العمل والشركة يأخذان جل وقته .. دلف غرفة سليم بخطوات مثقلة اخرج من حنايا صدره تنهيدة حزينة ثم تنفس بعمق وهو يتطلع اليه بألم وحسرة كانت حالته مزرية سيطر على نفسه وبصعوبة حتى لا تخون دمعته مقلتيه التي كانت عالقة في عينيه .. اقترب من سليم وحضنه بقوة حاول يمان رسم ابتسامة هادئة ثم انحنى بجسده يقبل جبينه بشوق ثم همس قائلا :

" ستشفى ان شاء الله اخي .. سأخذك الى افضل المشتسفيات بالخار..... "

قاطعه سليم وهو ينظر اليه باهتمام وقلق ..

" يمان ... زوجتي سحر  ...  انها امانتي لك .. لم يعد لها من يعتني بها غيرك بعد وفاتي .. هي زووجتي وطفلتي اعتني بها   اخي اريدك ان تتزوجها حتى تصبح حلالك وتحميها .. "

تنهد سليم بألم ثم ترجاه بأسى  :

"  أرجوك ياأخي اعتني بها هذه وصيتي لك تزوج سحر  لا تتخلى عنها بعد مغادرتي هذه الدنيا... "

جحدت عين يمان بصدمة .. ظل يحدق به ولم يقوى على الكلام  الجم لسانه الحروف توقفت في حلقه .. ليهتف بعد صمت دام للحظات قائلا :

" ستكون بخير سليم اهدأ اخي .. "

" ارجوك يمان قل لي أنك موافق حتى يرتاح قلبي ...  فانا اثق بك ..."

بلع يمان ماء حلقه بصعوبة وهو ينظر الى توامه الذي كان يصراع الألم وبلا وعي منه ضمه اليه بحنان وهو يقول :

" سأفعل اخي اعدك. ...."

تنفس سليم بأريحية ثم تبسم له بسعادة وماهي هي الا لحظات قصيرة حتى خرجت انفاسه الاخيرة ..

حدق به يمان بألم انسابت دمعة يتيمة على وجنتيه .. حاول ان يتمالك نفسه بصعوبة ثم خرج الى والديه يخبرهما بوفاة أخيه التوأم لم يتحملان الخبر .. جلس عثمان على أقرب مقعد يبكي بأسى وحزن على فراق ابنه الغالي وتسمرت خديجة بمكانها لثوان لتسقط بعدها فوق الارض فاقدة وعيها اسرع اليها يمان يحملها وهو يصرخ بالممرضة بأن تحضر الطبيب ..

كانت سحر تجلس خارجا بحديقة المشفى برفقة ضياء وزوجته منار يحاولان تهدأتها اقتربت منهم الممرضة اخبرتهم بوفاة سليم .. وقفت كالمصعوقة لم تتحمل الصدمة.......

مرارة الحبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن