الفصل السادس

524 62 23
                                    

شتاء آخر لحق بخريف روحها ..  شاردة بقطرات المطر المرتطمة بزجاج النافذة  ..  هزت رأسها في حزن وذكريات تفرض صورها على مخيلة عقلها الغبي فلتت منها تنهيدة بائسة وصورة سليم لم تبخل على ذهنها دائما مرتسمة امامها .. مرت ستة اشهر على وفاته ولازل طيفه يزورها في نهارها واحلامها ..

" ارى أنك تعشقين المطر .. منذ بداية عملك هنا وانت لا تكفي عن تأمله ... "

افاقت من أفكارها على صوت نزار التفتت له باستحياء ثم ابتسمت بخفوت ... ابتسامتها تغرقه في لجة هواها ..

" يذكرني بسليم ..... "

غيرة حارقة يليها غصة موجعة زعزعت روحه .. مازال عشقها لزوجها الراحل في قلبها .. وتخلصها منه ربما كان محال ..
غبي .. أجل غبي يغار من رجل ميت ..

" دكتور نزار يحتاجونك في غرفة الطوارئ هناك عملية مستعجلة .. "

شتم الممرضة في سره ثم استأذن من سحر مغادرا بخطوات مستعجلة .. حدقت سحر في فراغه وقد زينت ابتسامة امتنان ثغرها ..

مر شهر كامل على عملها ك طبيبة .. ثلاثون يوما قضتها بين اروقة المشفى بمساعدة نزار تقيس حرارة هذا وتصف الدواء لذاك وتتطلع على نتائج التحاليل الآخر وتشارك في غرفة العمليات ومن بين كل ذلك وذاك كان نزار يساعدها ويدعمها في كل خطوة .. كان لطيفا كما عهدته ومتفهما اعتبرته الاخ الروحي لها بفضل الله ثم هو استطاعت ان تنجح في عملها صارت تحب نفسها ك طبيبة وتعشق عملها وتهوى قضاء وقتها بالمشفى وكادت أن تنسى أنها إمراة متزوجة .. رفعت عينيها تنظر من جديد الى النافذة .. احقا هي متزوجة ... !!!
ربما كان خطأ فادحا حينما وافقت على ذلك الزواج .. أكبر بكثير من وثوقها في شقيق زوجها وحميها المزعوم .. أي حمقاء كانت حينما وثقت به وصدقته .. لم تراه منذ رحيله في اول يوم بعد زواجهما .. ولم تسمع صوته منذ ذلك اليوم قبل شهر ونصف ..

هزت رأسها بضيق ... فعدم وجوده بقربها كان أفضل لها ... فمن الجيد أنه بعيدا عنها .. لم تكن بحاجته .. فقد قررت أن تمضي قدما في طريق حياتها دونه وستنجح .. ولكن .. !! ماذنبه أن يرتبط بها وقلبه ينبض من اجل إمرأة اخرى .. وهي أيضا فبعد رحيل سليم لا مكان لرجل آخر في قلبها وحياتها  .. ربما يوما ما ستطلب الطلاق ولكن ليس بالوقت الحالي لن تستطيع الابتعاد عن عائلته .. نعم فقد عجبها ان تحظى بأب وأم بديلا عن ابويها رحمهما الله .. فهما يهتمون بها كإبنتهما لن تخرج من حضن أسرة طالما احبتها وساندتها  ..

" آااااه ياسليم .. سامحك الله .. "

عاتبت زوجها المرحوم في سرها .. فهو سبب زواجها به .. لولاه ماكانت ستوافق على هذا الغباء .. ولكن منذ متى يصغي القلب لقرارتنا بهذه البساطة .. لا تعرف كلما زارها طيفه قلبها تعلو خفقاته ومشاعر لذيذة تدغدغ كيانها بلطافة ..

" دكتورة سحر .. دكتور نزار يحتاج مساعدتك في غرفة العمليات .. "

" التفتت الى الممرضة ثم تطلعت الى ساعة معصم يدها وهتفت بإرهاق ..

مرارة الحبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن