بعد يوم كامل من الإنغماس في عملها أطلقت تنهيدة مطولة تحاول كبح لجام أفكارها من الشرود .. أخذت نفسا عميقا واكملت خطواتها في ممر الدور الثاني تمسك بدفتر طويل تسجل فيه تقارير المرضى المكتوبة منها .. ترتدي بلوزة بيضاء الخاصة بالأطباء وبنطال أزرق فاتح فضفاض أضاف الى مظهرها العام القوة والمهنة خصوصا مع حجابها الذي زادها جمالا واناقة ....... هاقد مر شهر منذ إنتقالها مع يمان إلى العاصمة .. مر شهر كامل على تواجدها معه في منزله .. واسبوعان على عملها في إحدى أكبر المستشفيات في المدينة .. والفضل يعود لله ثم زوجها فعلاقته الحسنة مع رئيس المستشفى منحت لها أفضل عمل تتمناه كطبيبة .. وقد استطاعت بأخلاقها الطيبة ان تنال استحسان الجميع من مدير المشفى والأطباء .. و أحبها الكبير والصغير من المرضى ... كانت كنسمة عطرة في صيف حار بينهم .. كملكة متوجة تتعامل بالاحترام والتقدير والتواضع ..
وصلت غرفة مكتبها وضعت سماعة الأطباء فوق المكتب الخشبي الابيض وجلست بإنهاك فوق المقعد اغمضت عينيها لبرهة .. لم يكن حولها صوت ولا صدى إلا أفكارها التي لا تملك أن تقيدها بزمام .. رغم مرور ثلاثون يوما على مشهد قبلته لخطيبته إلا أن ذكراه تشعرها بالاشمئزاز .. رسمت ابتسامة مخذولة على شفتيها اضطربت نبضات قلبها فضمت نفسها كأنها تدعمها .. لعنت قلبها الخائن على استسلامه لهذا الحب .. ولكن القلب والحب بيد الله سبحانه وتعالى ..
فتحت عيناها حينما استمعت لاذان العشاء نهضت تخلع عن جسدها زي المشفى وارتدت معطفها الطويل ذو اللون الوردي وفرشت سجادة الصلاة وصلت فرضها ناشدة الراحة والثبات في السجود وهي تدعوا خالقها في سجودها الذي تكمن فيه راحة لا توصف ..انهت صلاتها وضبطت حجابها ثم تحركت الى خارج الغرفة فقد تأخرت على غير العادة لهذا اليوم .. وما إن غادرت المكتب حتى رأت زميلتها رهف التي تعرفت عليها منذ أول يوم لها بالمشفى ... ورهف هي أول صديقة لها فللأسف قضت سحر كل سنوات عمرها دون أصدقاء .. طالما تمنت أن تكون لها صديقة في حياتها .. صديقة تشاركها أسرارها وترافقها وتعيش برفقتها كل ما يفعله الأصدقاء .. أشياء لم يسبق لها أن تعيشها .. لهذا فقد احبتها بمرحها المعتاد وحسن أخلاقها رغما أنها لم تكن ترتدي الحجاب ف سحر الطبيبة المحجبة الوحيدة بالمشفى ..
ابتسمت لها رهف فأشرقت ملامحها بمرح ..
" ماهذا الجمال يا فتاة .. يا لروعة لباسك ياسحر .. لقد لاق بك هذا المعطف كثيرا وسيتهافت الرجال عليك أكثر من قبل .. لا اعلم لماذا لم تتزوجين حتى الان ... "
رمقتها سحر بنظرة حرجة معاتبة .. فقد أخفت زواجها بيمان كريملي ... ربما كان هذا أفضل له ولها وحتى لا تكتشف خطيبته زواجه بأرملة اخيه .... شعر قلبها لوهلة بالاختناق فهي تعلم بأنها ليست كأي زوجة وتعرف وضعها الحقيقي في حياته ومكانة رشا في قلبه وهذا ينشب نيران الغيرة في صدرها .. ارتسمت ابتسامة صغيرة على محياها ثم استأذنت من صديقتها تخفي حزنها تحركت بخطى ثقيلة تغادر مكان عملها ..
أنت تقرأ
مرارة الحب
Romanceحين التقيتك علمت انني سأقع اسير عينيك للابد .. وقتها لم اعرف ان للون الزمرد الذي تحمله عيناك فيه سحرا مهلكا لقلبي .. لم يخبرني قبلها احد انك ستلقين على فؤادي تعويدة لاقع في حبك دون ان اشعر ..