3 . هدف حقيقي

273 18 19
                                    

✦-✦-✦

نبحث دائماً عن سبب يجعلنا نتمسك بحياتنا
ونحاول دائماً جعلها ذات معنى

نلون حياتنا الرمادية والداكنة بألوان الأمل
ونزينها بالأحلام والأهداف التي ما إن نحصل عليها
نعلم أنها دون فائدة أيضاً ..

وأننا كنا نقنع أنفسنا بأهميتها حتى لا نصاب بالجنون فقط من حياتنا المنظمة لنا قبل ولادتنا أساساً ..

قرأت في كتاب ما .. مثلاً يابانياً قديماً يقول
إذا كان للمشكلة حل فلا داعي للقلق بشأنها .. وإن لم يكن لها حل .. فلا فائدة من القلق بشأنها أساساً

لكن ...

ماذا إن كانت هذه المشكلة حياةً بأكملها ؟..
ما الحل إذاً

سرت بقرب إحدى الممرضات الأكبر سناً
كانت فتاة شقراء بعيون زمردية .. عمرها يقارب الثلاثين عاماً ..

وهذا أمرٌ نادر حصوله .. أن تبقى فتاة لهذا العمر دون زواج في قريتنا

شرحت لي تلك الفتاة البشوشة ما يجب علي فعله في أيامي الأولى .. وأني لن أتدخل بأي أمر صعب كوني صغيرة في السن

لم أناقشها كعادتي وأكتفيت بأن أومئ لها على كل ما تقوله وأنفذ كل ما تطلبه ..

لكنها نطقت بشيء حرك خافقي الذي لم يتحرك منذ زمن طويل .. ذلك حينما قالت

- لمَ لا تتحدثين أو تسألين أي شيء صغيرتي ؟
عليكِ أن تسألي لتتعلمي ..

لربما يعتبر أي شخص آخر كلامها عادياً وبسيطاً
حتى هي ..

لكنه كاد يدفعني للبكاء .. لماذا ؟
لأنها عاملتني كبشر .. كشخص يمتلك حق السؤال وحق القرار الذي لم أمتلكهما طوال حياتي ..

- أ.. أنا لا أعلم ..

نطقت بصوت مرتجف .. أخفض رأسي بخجل
لأستمع لقهقهة طفيفة منها .. ترفع رأسي بأصابعها بشكل لطيف

لتقابل عيني عينيها المشبعة باللطف والنقاء ..
وإبتسامتها المشرقة والدافئة .. كأحد الأيام المشمسة وسط الشتاء قارس البرودة

- لا عليكِ .. ستتعلمين كل شيء مع الوقت
لكنني أمتلك الفضول .. حول سبب إختيارك لأن تكوني ممرضة على أن تكوني راهبة ؟.. فأنتِ من عائلة متدينة على حسب علمي ..

أومأت لها تزامناً مع إبعادها ليدها الناعمة عن جانب وجهي .. ثم أجبتها بالحقيقة

- لأنني أريد هدفاً حقيقياً .. لأنني أريد حياةً حقيقية
بإختياراتي الخاصة ودون أن أتصنع أي شيء لا أريده ..

طُغيـانْ  | K.THحيث تعيش القصص. اكتشف الآن