إلى الإسكندرية.

334 26 1
                                    

الجهر بالحب في بعض المجتمعات كالجهر بالمعصية، وفي مجتمعنا الحب معصية لا يمكن للمحب أن يجهر بها، فأظهار الحب في الأفعال والكلمات يعد هنا من مظاهر قلة الإحترام وفي بعض الإمكان يُعد فجورًا يجب أن نستأصله من المجتمع كـ أستأصال ورم خبيث من الجسد، فأول شيء يأتي داخل رؤس الجميع فور أن يجدو شاب وفتاة معًا هي اسوأ الأفكار حولهم ولا يظن أحدهم شيء سوي هذا، فهذا المجتمع لا يدرك أن للحب أنواع، لا يدرك شيءً عن حب الأخوة أو حب العائلة والأقارب، وهم لا يدركوا أن إظهار الحب بين الزوجين خارج جدران منزلهم ليس عيبًا أو شيئًا محرمًا يجب علينا منعه.

وبسبب تلك الأفكار المتوارثة بات الحب خطيئة يحافظ الجميع عليها لتكون سرًا، سرًا قُيد داخل صندوق دُفن في أعمق بقاع القلب، لهذا كبر الأطفال بحاجة لسماع تلك الكلمة من أي غريبٍ كان لأن عائلتهم لم تمنحهم إياها بشكل كافي وربما لم تمنحهم إياها أبدًا، فيكون الحب بالنسبة لهم مجرد فكرة أو ظاهرة لا تحدث على أرض الواقع، ربما بين صفحات رواية، أو بين مشاهد فيلم.. المجتمع والكبار والجميع يعتقدوا أن الحب يفسد القلوب لهذا يكون أول شيء يكتبوه في قائمة الممنوعات، ويقوموا بتحويل الحب في قلوبهم إلى تصرفات ديكتاتورية يسيطروا بها على حياة أطفالهم، وفي النهاية تتحول حياة الجميع إلى جحيم ولا يفوز أيًا منهم في معركة الحب والمجتمع...

كانت سلوي تجلس علي رأس السرير بينما تستند بظهرها علي مقدمته، تقبض علي خصلات شعرها بيدها اليمني وهي تغلق عيناها وتتنفس بصعوبة وصوت مسموع، ويدها الأخرى داخل قبضة حاتم الذي يتولى مهمة قياس ضغطها بهدوء، كان الهدوء هو كل ما يسمع داخل تلك الغرفة وبعض الزفرات التي تصدر من يونس الذي يجلس بتوتر على المقعد القريب من سرير والدته الذي يطالعها بقلق، وجه أنظاره إلى الباب هو وأمه التي فتحت عيناها شبيهة أعين الصقر تنظر إلى حيث أتى صوت الخطوات السريع الذي كان يعود إلى ليلى التي كانت تحمل بين يديها كأس من عصير الليمون.

نهض يونس من مكانه يأخذه منها بشكلٍ سريع وهو يتجه به إلى أمه التي تحدق في وجه ليلي القلق كأنها تنتظر فرصة للانقضاض عليها وصيدها، مد يونس يده بكأس العصير إلى سلوى يحاول أن يساعدها لتشرب منه القليل لعله يساعدها على تهدئة أعصابها ولكنها ابعدت عيناها عن ليلى التي كانت تتنفس بصعوبة وبات جبينها متعرقًا كأنها تتحضر لتمر بنوبة هلع قريبة، نظرت إلى يونس في المقابل وبدلًا عن إستقبال الكأس منه تحدثت قائلة بصوت حاد :

_ أنت بتعاند فيا يا يونس، عشان قولتلك اتجوز تروح تتجوز في الفترة الصغيرة دي من غير ما تعرفني قبلها وتجبهالي وتيجي وتقولي مراتي، الله أعلم جايبها منين كمان.

اختفي التوتر من ملامح يونس وحل محله الحدة وقام بضرب كأس الليمون علي الطاولة بجانبها بقوة مسببًا سكب البعض منها وانتفاض جسد الامرأتين، فلم تكن أي واحدة منهم تتوقع ردة الفعل تلك وخاصة عندما تحدث بصوت منخفض الطبقة أظهر غضبه للجميع ومعاناته في السيطرة على صوته وردة فعله :

قهوة بالنعناع. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن