رضا قلب.

340 32 3
                                    

يوجد كلمات تخرج من الفم لا يمكن للمرء أن يصدقها فاللسان بارع في الكذب كبراعة أصابع فنان في العزف على البيانو، يمكن للسان الإنسان أن يكذب ويلقي كلمات حبٍ وغزل علي شخص لا يحمل له من الحب ذرة، ويمكنه أن يقول كلماتٍ قاسية لقلب لم يحب إلا هو، الأفعال كذلك يمكن تزييفها، فمن السهل أن تعطي إهتمامًا لشخص تدرك أنه لا يستحقه ويمكنك أن تقوم بممارسة اللا مبالاة علي شخص يخفق له قلبك كلما مر من أمامك.

كل شيء في الإنسان يمكنه أن يكذب ولكن ليس الأعين، فأعين الإنسان هي بوابته على الحقيقة التي تكمن داخله، أعين الإنسان دائمًا ما تكون صادقة، فالمحب يمكنه أن يتجنب النظر إلى محبوبه ولكن لا يمكنه إخفاء اللمعة التي تتجول داخل عيناه حينما يلمحه، الأعين كذلك لا يمكنها أن تزيف الحب، فإن كنت تكره من أمامك سيحلق الأمر داخل عيناك وتظهر الضاغينة بها، فالأعين مرآة الإنسان التي تطل على روحه.

وليلى الآن كانت تنظر إلى أعين يونس التى تكون سهلة القراءة لها كلما تنظر داخلها وتبحث عن شيء تقرأه بها، ولكنها الآن لم تجد شيء فعيناه كانت غريبة ومختلفة، لم تعرف ما الذي تحمله تمامًا وكل مشاعره مختلطة داخل عيناه كعدة أنواع من العصائر سقطت فوق بعضها لتعطي شيء جديد لم يسبق للإنسان أن رأها أو عرف طعمها، الثواني تمر بينهم وهو ينتظر إجابة لسؤاله منها وهي أعطته إياها تجيبه بهدوء مزيف كان فقط في أفعالها ولكن عيناها كانت تنتقل إلى كل جزءٍ منه بتوتر وقالت :

_ روحت اشتريت لنفسي حاجات ومخدتش بالي من الوقت وتليفوني مسمعتوش من الزحمة.

لم يجيبها يونس الذي ظل ينظر إليها فقط بهدوئه الغريب عينه، لا تفهم ما به؟ ، أهو غاضب لأنها تأخرت في الخارج؟ أو غاضب لأنها لم تجيب على هاتفها؟، أم غاضب لأنها خرجت من البداية؟ ، لقد أخبرها ألا تخرج بمفردها منذ عدة أيام طويلة برسالة صغيرة، لم يبرر أو يحادثها عن الأمر وجهًا لوجه لتسأله عن السبب وإن كان الأمر ما زال يتعلق بزياد لهذا تحدثت متسألة بأول ما ظهر في رأسها :

_ عشان كدا جيت؟، عشان مردتش على التليفون؟.

ومرة أخرى تظهر تلك النظرة المشتتة في عيناه، لا يجيبها وينظر لها بتلك الطريقة الغامضة التي جعلتها تدرك أنه لا يملك الإجابة لهذا السؤال، لأنه لا يعرف اجابته وهي قد فاض بها من صمته، اقتربت من الاريكة تعطيه ظهرها وهي تنتشل الحقائب من أعلاها وهي تملك نية بأن تأخذهم وتعود إلى غرفتها ولكنه نهض من مكانه يقف عندما اتضح له ما ستقوم به وعلي الفور قال يوقفها مجددًا ويحصل على انتباهها مرة أخرى :

_ أنا سايبلك فلوس مخدتيهاش ليه؟

أغلقت ليلي عيناه لبعض الثواني تحاول أن تحافظ على هدوئها حتى اللحظة الأخيرة، أنه يستمر في إلقاء الأسئلة في وجهها لتجيب هي وعندما تتبدل الأدوار يظل صامتًا، ألتفتت له مرة أخرى وقالت بهدوء :

قهوة بالنعناع. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن