جميع أركان العالم من دولٍ عظمي إلى مدن كبيرة حتى الأحياء الفقيرة عبارة عن أسقف ،وأسفل كل سقف لا يوجد إلا أناسًا. أناسًا لديهم حيوات مختلفة، أعباء مختلفة وأحلام مختلفة وأهداف مختلفة، ولكن الهدف الرئيسي الذي يتشارك به الجميع هو الحياة، الجميع يرغب بأن يحيى وهو يحافظ على شعلة الأمل الصغيرة داخله مشتعلة، قد تتقاطع سبلهم في أثناء حياتهم بطريقة سطحية أو عميقة تخلف ندبة أو زهرة ولكنهم في النهاية لا يبحثون إلا عن الراحة أثناء حياتهم.
الراحة التي قد ينالها البعض فور أن يولدوا بعد أن يجد الطفل نفسه ينشأ بين عائلة طبيعية من أبٍ وأمٍ محبون سيخرجونه شخصًا سويًا يمكنه أن يواجه المجتمع بشجاعة، يمكنه أن يحقق أحلامه بلا خوف ويمكنه أن ينجب المزيد من الأطفال الطبيعيين بعد أن يترك داخل قلوب من حوله الكثير من الزهور، ويوجد من لا تساعدهم الظروف ليكونوا طبيعيين، فالعلاقة التي يرغم والديه أنفسهم علي الاستمرار بها قد تدمره وتدمر فرصته ليكون شيئًا مهمًا وفردًا صالحًا في المجتمع، وكل ما يعطيه للناس وقتها هو الندوب.
ليلى باتت تملك ندبة من هذه الآن داخل قلبها، ندبة صنعها زياد الذي لم تكن عائلته سوية بما يكفي ليكون طبيعيًا، وخلفها ايضًا حسن الذي لا بد أن طفولته كانت كارثية، وها هي تغادر منزله بحزنٍ كامن داخل قلبها كما دخلته قبل خمسة أعوام، تجلس داخل سيارة يونس التي صعدت إليها مرتين من قبل ولكن هذه المرة مختلفة، فهي تجلس في الخلف بجانب نور التي تقبض علي يدها تعطيها القليل من شعور الأمان بعيدًا عن المقعد الذي بجانبه حيث يجلس أحمد.
هو يوجه أنظاره إليها من وقتٍ لأخر عبر المرآة التي أمامه، هي تشعر به ولا أحد يشعر به مثلها ولكن رغم هذا لم تلتفت إليه، لم تبادله النظرات كما صرخ بها قلبها أن تفعل، هي فقط استمرت في تجاهله وهي تنظر من النافذة إلى الشوارع والأشخاص الذين يسيرون به، كان يضرب سبابته بعجلة القيادة كلما توقفت سيارته بسبب زحمة السير، كانت تسمع هذا الصوت الخافت منه والذي أعتقدته لها، أعتقدته يصنع ذلك الصوت الطفيق لتنظر له حتى وإن كان عن طريق الخطأ.
ولكنه كان حاصلًا على انتباهها بالكامل حتى وهي تتجاهل النظر إلى محياه الوسيم ولهذا لم تسقط في فخ حركته وفخوخ عيناه، توقفت السيارة بعد بعض الوقت أسفل منزل نور وأحمد وعلى الفور خرجت نور وهي تحمل الحقيبة الخفيفة معها وخرجت ليلى من جهتها بدون أن تودع عيناها عيناه.
صعدت مع نور التي عادت تمسك يدها مرة بعد أن ودعت يونس وشكرته على هذا اليوم ، لم ترى ماذا حدث معه أو أين ذهب بأحمد الذي غادر بسبب وجودها ولن يعود إلا بوقتٍ متأخر من الليل، وقد لا يعود أيضًا لكي تشعر بالراحة أسفل سقف منزله، أخذتها نور إلى الغرفة الإضافية في منزلها بعد أن صعدت بها في المصعد، تركتها مع حقيبتها هناك وركضت إلى المطبخ وهي تبدأ في تحضير الغداء المفضل من أجل تلك التي قام والدها بتجويعها منذ يومين.
أنت تقرأ
قهوة بالنعناع.
Romantizm' الحب هو الحب، إن كان الأول أو الثاني أو المئة، الحب هو ذلك الشيء الذي يجعلك مضطربًا متوترًا خائفًا وسعيدًا في الوقت نفسه، الحب شيء حلو المذاق في كل الأوقات والعصور والأزمان، والأكوان، الحب هو كالقهوة بالنعناع، شيء لا يمكنك أن تتقبله أو تفكر بأن تك...