منقذي مجددًا.

343 32 6
                                    

القيود التي تقيد الإنسان كثيرة حد الاختناق، يوجد قيود المجتمع والعادات والتقاليد، قيود تدمر الأمل وتهمش الإنسان وحياته ورغباته، وأكثر من يعاني من تلك القيود هم نساء هذا المجتمع، فأكبر عدد من العادات والتقاليد هي تلك القيود الذي يفرضها المجتمع عليهم، القيود التي تجبر المرأة أن تحترم من لا يستحق الإحترام، والالتزام بقوانين خيالية صنعت فقط  لتهمش دور المرأة التي هي النصف من كل شيء، نصف المجتمع، نصف المنزل، ونصف المسئولية.

أما عن النوع الآخر من القيود فهي قيود القانون التي أصبحت هي جزءٍ منه لعلها تملك القوة لتقدم يد المساعدة لهؤلاء النسوة الذين يظلمهم المجتمع، هي ودت أن تكسر قيود القانون شوكة قيود المجتمع الذي تقف في حلق النساء خانقة اياهم ومقلقة حياتهم، ولكن ربما الآن كل أحلامها قد إنتهت فهي قد سقطت في إحدى أفخاخ القانون ظلمًا وعلى الأغلب قوتها فقط لن تكفيها لتخرج من هذا المأزق.

هي كانت جالسة قبل دقائق في تلك السيارة الخانقة بجانب المرأة التي ورطتها بكل هذا والتي سحبتها إلى الداخل على غفلة منها، وفي باقي السيارة يجلس كل الرجال والنساء الذي افرغتهم الشرطة من هذه الشقة، كان المشهد كارثيًا على عيناها، فيوجد نساء بالكاد يرتدين شيئًا كملأة السرير التي تلفت حول اجسادهن، أو ملابس خليعة كحال صاحبة العلكة، أما عن الرجال فهم بحالة يرثي لها، قمصان مفتوحة الازار وبناطيل بالكاد تلتصق بهم، وفي نهاية السيارة هناك رجل بملابسه الداخلية فقط فلم يكن يملك الوقت ليرتدي المزيد.

أما عنها فكانت هالعة، حاولت عدة مرات التحدث مع الضابط الذي أمسك وشرح الأمر له وكونها اخطأت العنوان فقط ولكنه لم يكن ينصت لها كأنه اعتاد على سماع هذه الأشياء من النساء الذي يمسك بهم، وفي أخر مرة حاولت التحدث مع الأخر وجه لها لفظًا بذيئًا لم يسبق لها أن سمعته أو وجهه أحدهم لها، لهذا اكتفت بالصمت والبكاء وهي تنتحب على حياتها ومستقبلها الذين انتهوا خلال لحظة فقط، خلال لحظة اختفي كل شيء.

حاولت إخراج هاتفها خلسة لتستعين بأحد مِن من تعرفهم كـ نور مثلًا ولكن كأن الشرطي شعر بما ستفعل لينتفض ناهضًا وخلال لحظة كان قد مر علي مقاعد الجميع يأخذ منهم كل شيء شخصي يملكوه، الهواتف، المال محافظ الرجال وكل شيءٍ آخر يملكوه وهي لم تكن استثناء فقد أخذ الشرطي حقيبتها بالكامل وكل ما بها.

لم يكن الطريق طويل حتى قسم الشرطة الخاص بالمنطقة، وأمامه توقفت السيارة ليخرج رجال الشرطة أولًا ثم بدئوا بدفعهم بعنف واحدة تلو الأخرى إلى الداخل تحت أنظار الناس المتقززة منهم وعلى سبيل سوء الحظ كانت هي أكثر من تحصد هذه النظرات، فهي المحجبة الوحيدة وصاحبة الملابس الكاملة الوحيدة بين كل النساء الذين معها وهذا ما جعل الجميع يستحقرها أكثر من البقية، فهي فاسدة من الداخل بمظهر صالحة من الخارج أمامهم.

قهوة بالنعناع. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن