مفتاح الزنزانة.

322 29 2
                                    


مشتت الفكر لن يكون قادرًا على الحياة براحة، تلك الجملة دائمًا تجول داخل عقلي، فلم يسبق لي أن رأيت أحد يفكر بأكثر من شيء واحد ويعيش هانئًا بعقلٍ صافًا، من لديه أكثر من علاقة حب أو صداقة يكون مشتتً بين الجميع، لا يعلم ما يفترض به أن يقوم به معهم جميعًا، لا يكون قادرًا على تحديد أي واحدٍ منهم يستحق حبه اليوم، ويأخذه عقله في جولة صاخبة من التفكير، جولة لن تنتهي إلا بأنتهاء ما يشتته.

التشتت يأتي من الكلمات والأفعال ايضًا، ففي بعض الأحيان يكون الإنسان مشتتًا بين موقفين مختلفين أعطاهم إياه شخصٍ واحد، مثل أنه يحبه ولكنه لا يريد التحدث معه خلال هذه الفترة، وفي احيانًا أخرى يتشتت الإنسان بشأن كلمات الآخرون المتناقضة مع أفعالهم، كقول شخص بأنه يصدقك ولكنه يكون أول من يرفع أصبع الاتهام نحوك، كشخص يخبرك من حوله بأنه في حالة ممتازة ولكن في الأسبوع التالي تذهب لزيارته في المشفى لأنه أراد إنهاء حياته.

وكانت نور من هؤلاء المشتتون خلال اليومين الماضيين، تتصل بـ ليلي طوال اليوم ولكن هاتفها ما زال مغلق كما كان، تحادث والدتها التي تخبرها بصوتٍ باهت أن كل شيء على ما يرام وتخرج حججًا واهية جعلت تشتت عقلها يصل إلى قمته، لهذا اكتفت من الصمت، لقد اتجهت إلى غرفة نومها لتبادل ملابسها لتتجه إلى منزل والديها الآن، ليلى لم يسبق لها أن فوتت مكالمة لها ولكنها عاجزة عن التواصل معها منذ ثمانية وأربعون ساعة، ذلك لا يشير إلا بحدوث شيءٍ سيء معها.

كانت تخرج الملابس من خزانتها ولكنها توقفت بعد أن صدح صوت رنين هاتفها في الغرفة، ركضت إليه لتري هوية المتصل لعلها تكون ليلي التي تحمل في جعبتها تفسير لغيابها طوال اليومين الفائتين ولكن هذا لم يحدث، لأن المتصل كانت إحدى جيران نور التي تقع شقتها مقابل شقة والديها، كانت سوف تتخطي المكالمة وهي تعود لتفعل ما تفعله ولكنها قررت أن تجيب قبل أن ينتهي هاتفها من الرنين، السيدة أم محمد صديقة مقربة من والدتها لعلها تملك شيء مهم لتخبرها به.

أجابت نور وهي تلقي التحية عليها ليأتي لها صوت أم محمد المضطرب من الجهه الأخرى والتي بدأت تقول ما لديها بدون أن تضيع الوقت :

_ ازيك يا نور يا حبيبتي، بصي امك لسة خارجة من عندي وقالتلي أتصل بيكي اقولك على اللي بيحصل عندكم وأنها كانت عايزة تتصل بيكي تقولك بس ابوكي حلف عليها بالطلاق.

جلست نور على السرير بينما تمرر كفها على شعرها بقلق وقالت متسألة :

_خير يا طنط حصل أي؟

أجابتها السيدة أم محمد علي الفور تلقي كلماتها شبيه الأحجار في وجهها بدون مقدمات :

_ أبوكي اللي ربنا يسامحه اديله يومين حابس ليلى بنت خالك في اوضتها وواخد منها التليفون، زياد اخوكي قاله أنه مسكها نازلة من عربية واحد بيوصلها وهو صدقه وحالف ما يخرجها من الأوضة والا بيأكلها والا يشربها غير اللي يخليها عايشة.

قهوة بالنعناع. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن