٥.

49 13 0
                                    

  إن كان الموتُ خطيئةً فالخوف هبةٌ، هدية السماء لإبعادكَ عن الخطأ، عليكَ أن تنجو لذا عليك أن تحدد العدوَ.

أقرأ لك عزيزي القارئ،

أحداث الرواية من دفتر مهترئ وجدُ بعد عقودِ خلف لوحةٍ.

هل النهايةُ سعيدةُ؟

أهذا ما تريدُ أن تعرف ؟

لكن الوجهة ليست بأهمية طريق الوصولِ نحوها ، عليك تقدير كل شبر من الرحلة لكي تظفرِ بأحقية النهايةِ. بشكل أبسط إن كنت تريد معرفة ماذا سيحدثُ قادما، كل ما عليك فعله هو مواصلة القراءة،دون البحث عن طرق مختصرة. المغامرةً تعني خوض الطريق بكل مشقاته.

_____________________

يمكن رؤية النجوم وهي ترسم أشكالا عشوائية؛

على طول السماء تلك الليلةِ، بحلول الساعة التاسعة ليلاً، هبت عاصفة مصحوبةٍ بمطر ثقيل ورياح عاتيةٍ جعلت نوافذ القصر وأبوابه تهز بشكل عنيف، وهنا بدا للسيدة إليزابيث أن فكرة المأدبة لم تكن فكرة حميدةً. كان عليها التفكير بهذا من قبل، الشتاء دائما كان قاسيا على هذه القرية، كان عليها انتظار الربيع .. لكن الوقت قد تأخر الآن وعليها أن تجد حلا.

كانت الخطةُ بسيطة، عليها أن تحرص على تقديم العشاء في أقرب فرصةٍ سانحةً، عليها إنهاء هذه الليلة بأقرب وقت، لأنها لم تكن تعرف إلى متى ستكون جدران القصر قادرة على التحمل،

عليها إنهاء المأدبة دون إحراجٍ.

توجهت بسرعة وهي تحاول تنظيم خطواتها تحت ذلك الفستان الثقيل. حياة البذخ لا تلائمها حتى، أنبت نفسها قبل أن تكمل السير متوجهةً نحو المطبخ. علي أن أتذكر إخبار الأولاد بمدى حسن عملهم في تنظيف الأرضية، فكرت وهي تحدق بالبلاط اللامع تحت قدميها.

انتصبَ تيودور في أبعد زوايةٍ من القاعةِ، تأمل وجوهِ الحضور بإمعان، أعطى الاهتمام لكل واحد منهم على انفرادّ. وحاول أن يجد الفرق بينهم وبين المدعوين هذه الليله، بينهم ؟ هو يشير إلى نفسه وباقي رفقائه، ما الفرق الحقيقي، بدى أن هناك حاجزًا منع التواصل بين الفريقين، خطٌ وهمي باللون الأحمر مثل خطوط المعارك في الصفوف الأولى، خطٌ فاصل بشكل كامل. على كل منهم أن يبقى داخل جانبه الخاص. بتعبير أبسط الفارق الفاصل كان المال، من يملكه ومن لا يملكه.

الوجود والعدم؟ الموت والحياة؟ لماذا نعيش؟ تساءل تيودور. يد وُضعت على كتفه، وسحب مجددا خارج عقله، ابتسم لصاحب الشعر الذهبي الذي وقف بجانبه.

بشكل غريب كان إليوس أحد الأشخاص القليلين الذين يستطيع هو التعامل معهم بكل سلالةٍ، وطبعا خلفه كان دانيال يسير بخطى متثاقلةٍ يحمل بين يديه صحنا كبيرا من الأكل. هز تيودور رأسه بعدم تصديقّ محاولا التركيز مع إليوس متجاهلا الأقصر بشكل كامل. بدا أن تيودور يعتبر دانيال وباءا متفشيا، طاعون أسود سيتسلل نحوك بمجرد إطالة النظر له، ولهذا كان عليه إبقاء مسافة بينهما.

بدوت شاردا، تحدث إليوس.

كل شيء يخص الفتى أمامه كان هادئا ويدعو إلى الاسترخاء. ملامحه وحتى صوته. بماذا كنت تفكر ؟ سأل دانيال بصوتّ حادٍ، وفكر تيودور كيف لهذا التفاوت الكبير بينهما ألا يحول دون صداقتهما، مثل النار والماء، لكن بشكل ما بدا أنهما ينسجمان. ولم يبدو تيودور أنه يكره رفقةَ أي منهما، وإن كان أحيانا يمتلك الرغبةَ في قتلِ أحدهما.

ما الفرق بيننا، سأل تيودور موجها عينيه نحو الحضور.

المال أجاب دانيال مباشرةً، ولم يستطع تيودور حتى إنكار هذ، لكنه لسبب ما كان يبحث عن سبب أعمق لهذا وجه نظره نحو إليوس منتظرا إجابةً مرضيةً أكثر.

الأحلام .. أجاب إليوس بعد صمت بدا خانقًا. لا أعتقد أن أي منهم يمتلك حلما، تكلم دانيال محدقا بالمنظر أمامه. الكثير من الأحاديث الفارغة الموزعة بين التجارة والأعمال بين الأملاك وأسماء العائلاتِ. حتى الفن يناقش بشكل مادي، ليس شيئا جماليا، أرقام فقط، سعر اللوحة ومدى شهرة الرَّسام.

في جزء ما، من كل أحد منا، هناك حلم ما، رغبة دفينة في أعماق الروح. هنالك من نسيها و البعض لا يزال يرغب في جعلها حقيقةً. ماهو حلمكَ،؟ سأل إليوس دون توجيه الكلام إلا أي منهما، بشكل ما ظهر للحظة أنه يكلم نفسهُ.

الكثير من المال، أجاب دانيالِ.

ماهو حلمي؟. فكر تيودور .. هو لا يستطيع السخرية مما قاله دانيال حتى. لأنه على الاقل يمتلكُ حلما .. على الأقل هو قادر بشكل حازم على تحديد تلك الرغبةِ التي تم تسميتها بالأحلامِ. في حين أنه ليس قادرا على وضع إجابة محددةٍ. لكن فصوله الأكبر كان معرفة ما يدور في ذلك العقل تحت تلك الخُصلات الذهبيةِ. ماذا عن إليوس؟ هل يمتلك إجابةً محددةً.؟



______________________

هل كنتَ قادرا على الإجابةِ على ذلك السؤال؟.

إن كنت مهتما بالفلسفة عزيزي القارئ،في هذا الفصلِ قد تم عكس بعض مذاهبها على شخصياتنا لتصبح سماتها تجسيدا لمبادئ ومعتقدات بعض الفلاسفةِ.

هل من الممكن أنك عرفت إحداها ؟!.

حلقاتُ زُحل؛حيث تعيش القصص. اكتشف الآن