"الكاتبة تارة الدليمي"
"مذكرات حرير حسين"
إلى المدرسة، وأحياناً. كنا نذهب بزي غير مدرسي لأننا لم نأخذ الزي المدرسي أثناء
خروجنا السريع إلى المزرعة من القصر. كنت أخفي الزي غير المدرسي بأن أقوم بتغطيته بمعطف أسود. وفي أحيان كثيرة، كانت
المعلمة تلومني وتقول لي إنه على أن أتي بالقميص المخصص، وكنت أتذرع بالقول إن القميص قد احترق... أحيانا يطول الأمر أياماً. وأحياناً أسابيع. كنا على الرغم من صغر سننا
نعيش في هاجس الانقلاب والاحتلال وكنا دائماً نسأل بعضنا عمن يمكننا الثقة به حين تسوء الأمور. وفى أحيان كثيرة. كنا ننام ونحن نتوقع اليوم الذي يمتلئ فيه بيتنا
بوجوه غريبة لا نعرف من أين أنت. كان البلد قد بدأ بالغليان لعدة أسباب في نهاية الت
السعينيات.. ضربات بوش الأب والابن كانت همجية، ولم تلم فيها الملاجئ والأسر بقصد الإيذاء المتعمد لا أؤمن بالانتقام، ولكن لا بد أن تحصل عائلة بوش على ما زرعته أيديها ذات يوم.... تعمد قتل الأبرياء المجرد الإيذاء والقتل
لن يمر بلا عقاب: إن لم يكن في الدنيا ففي محكمة من لا يظلم عنده أحد... بالنسبة لي
سأموت مرتاحة الضمير... لقد قدم جدي أفضل ما عنده لهذا البلد... وقدم والدي أفضل ما عنده لهذا البلد... وأنا أؤمن بأن دليل عمل
الإنسان هو خاتمته. وقد كانت خاتمة أهلي كلهم خاتمة رجولية... سمعت أن بوش لا ينام إلا بعد تناول العقاقير المنومة لأنه يرى كل يوم
طفلاً عراقياً يعاتبه... حتى إن كانت هذه إشاعة فسيرى ذلك الطفل ذات يوم.. إن لم يكن في نومه ففي قبره... إنها «حوبة مليون
طفل قتلوا.. ومليون طفل شردوا .. ومليون طفل يتموا.. لقد اختار بوش أعداءه بغباء.. فالعراقي يصبر.. ولكنه لا ينسى...
والعراقي ليس من بلد بلا حضارة.. بل هو الحضارة ذاتها.... يوثق..... ويخطط. ويعود ذات يوم.... ما صنعه بوش ببلدي لم يصنعه
أحد... خاصة في عام ألفين وثلاثة.. وما أدراك ما هو عام ألفين وثلاثة على الرغم من أن كل الأمور كانت في إطار التخمينات. إلا أننا في عام ألفين وثلاثة كنا مهيئين نفسياً للحرب..
وليس فقط للحرب.. بل والحرب. مختلفة... كان كل من يدخل منزلنا في عام ألفين وثلاثة
يصاب بنوع من الاستغراب والدهشة. فالمنزل يبدو بحالة أن أهله يتأهبون للانتقال، فقد وضعت التحفيات في صناديق عادية، وتم إنزال اللوحات عن الجدران، ورفعت
السجاجيد، وتم وضع كل الأمور الأخرى في إحدى زوايا المنزل... بسبب التغيرات التي جرت وفترة المراهقة التي كنت أمر بها، وحادثة والدي، وأمور أخرى كثيرة، بدأ مرضي
أنت تقرأ
حفيدة صدام
General Fictionكتاب حفيدة صدام هو كتاب مذكرات، كتبتها حرير بنت حسين كامل، احتوى الكتاب على أخبار متعلقة بحياة حرير حسين كامل وعائلتها وخاصة جدها صدام حسين وأباها حسين كامل.