حين وصلتُ بعربتي إلى بوابات القصر الضخم ووقفتُ بين العربات الفخمة، استغليتُ لحظةً لأخذ نفسٍ عميقٍ قبل نزولي، لتهدئة الضجر الذي تسببت به الأفكار المتناوبة في عقلي.
عندما أوقفت خطواتي على الأرض، شعرتُ بارتياحٍ بسيط، وأسعدتني ثقتي بنفسي وتحدي الموقف، وبكعبي العالي، أخذتُ خطواتٍ متأنية نحو الداخل، لم يكن مفاجئًا لي أن أرى القاعة المزينة بشكلٍ جميل، إنها إحدى قاعات قصر الدوق.
بينما كانت خطواتي تقترب من الحشد المكثف للشخصيات المهمة، حافظت على تركيزي الداخلي وتمسّكت بثقتي، ولكن الحقيقة المؤلمة هي أن ترددي كان يتصاعد أمام هؤلاء الحاضرين المهمين،كان الجميع يحدق بي بعيونٍ متنوعة، فبعضهم بدا وكأنه صُدِم بتواجدي هنا، والبعض الآخر لم يظهر أي ردة فعل، حاولت التأمل في المكان بجهد لأبعد عن ذهني تلك الأوجاع وأمام عيني، كان القصر يبدو مذهلاً وفاخرًا بتفاصيله العتيقة والفنية الراقية، الحضور المتنوع من الشخصيات المهمة أضاف نكهة مختلفة للمكان، حيث يرتدون ثياباً براقة يتحدثون بكل تألق، كان هناك من يحمل طابع الرقي والسحر في تصرفاتهم، المزيج بين الثقافات والطبقات الاجتماعية كان واضحاً ومثيراً، وأنا أتأمل المكان، أُوقِفَنِي صوتٌ مألوفٌ من الخلف:
_إذًا، لقد أتَيْتِ!
استدرَكْتُ نحو الصوت لأجد 'ماركو' يقفُ أمامي، بابتسامته المتعجرفة وهيئته الأنيقة، اقتربتُ منه بخُطَىً هادئة وهمسية:
_يبدو أنّه غير مُرحبًا بوجودي هنا!
تأملني عيونه الزرقاء، ثم أخذَ بيدي وقُبِّلَها قائلاً:
_تبدين كملاكٍ ساحرٍ في هذا الفستان!
ترددتُ للحظة، ثم شكرتُهُ مُبتعِدَةً عن يديه، ولكنهُ ابتسم بكل ثقة وتعجرف وقال:
-أنتِ هنا بناءً على طلب من الدوق، لا تُكثري من الاهتمام بهؤلاء!
كلامهُ يُشعرني لأول مرة بالطمأنينة، لكن فجأةً تقدّمَ شخصٌ ما وهمس في أُذُنِه، ثم نظر إلي وأكملَ قائلاً:
_فَالْتَعْذَرِني، لدي ما عَلَيَّ فَعْلهُ، استمتعي بوقتِك!
ثم غادرَ بخطواتٍ متناغِمة، شعرتُ بالخيبة لأنني سأبقى وحيدة في مكانٍ مكتظ بالناس، عندها اقترب أحد الخدم، وهو يحمل في يديه صينية تزينت بأروع أصناف العصائر الفاخرة، لم أتردد في أخذ كأس بيدي وبثقة فائقة تقدمت نحو الكرسي الفخم، جلست بأناقة ورفعت قدمي بثبات، مظهرة ثقتي بلا تردد، كل مرة أرتشف من العصير بتلذذ ورقي، معبرة عن أسلوبي الراقي والفاخر الذي تربيت عليه، وبينما كنت أتجول بعيني في المكان، وقعت نظرتي مجددًا على وجهه، كان يجلس على كرسي، وكان يضع قدمه فوق الأخرى بينما يرتدي أجمل الثياب بلون أسود يناسب بشرته
أنت تقرأ
تٌحٍــتٌ...آلُمظًـََلُةّ ✨
عاطفيةالعصر الفيكتوري: في زمن البريق والتحولات، تسلُب الأحداث جوري، الفتاة الفاتنة من عالم النبلاء، إلى أرض الفقد والتغيير. بين طيات الضياع، تفتح قلبها لعالم مختلف، حيث يتقاطع الألم بالأمل ويتجلى القوة من خلال أوجاع الفقد. هنا، في زمن الأزمان الضائعة والف...