ضحك وقال: اغمضي عينيك..
اغمضتها دون أن أقاوم وبدأ يسير بي لمدة وهو أمامي ممسكاً بي بكلتا يديه
فجأة توقف وقال "الآن إفتحي عينيكِ"
فتحتها بحماس فلم أجد شيئا سوى الرمل و البحر حتى أصبحت أبحث بعينيّ وهو مبتسم ينظر لي .
وبينما أنا أُقلب بعيني أبحث عن المفاجأة ، لمحتُ وردةً حمراء على بُعد خطوات مننا مغروسة في الرمل فنظرتُ له إن كان يجب علي الذهاب لها وأنها هي؟ المفاجأة ف رفع كتفيه بعدم المعرفة.
لم أجد سوى تلك الوردة ولم يكن لي خيار فذهبت بخطوات مسرعة وهو يتبعني حتى وصلتُ عندها وبلفعل كانت وردة حمراء مغروسة في الرمل فضحكتُ قائلة "ما هذا؟"
نزلت ومددت يدي لأقطفها فقلت "غريب ان يُقطف الورد من الرمل" أما هو كان في أعلى حماسه ينتظر سحبي للوردة وهو يضحك.
بالفعل نزعتُ الوردة فأرى أن لها خيطا يصلها بظرف.
نظرتُ له باستغراب وقال: افتحي الظرف..
ابتسمت و ظننتُ ان ما بداخله رسالة حبٍّ جميلة او شيء من هذا القبيل فقلت وانا افتح الظرف "انت شاعريّ جدا!" فتحت الظرف تحت ضحكاته على تعليقي و ما رأيته ورقة مطوية ففتحتها لأراها تذكرة!!!
نظرتُ له وانا اضحك مصدومة فنحن اتفقنا ان ندخر المال و نقتصد للبيت و للأثاث و استبعدنا السفر استبعادا قويا مِن طرفي و عائلتي وأيضًا مِن طرفه و طرف عائلته.
بدأنا نضحك لدقيقة بهيستيريا فأنا كنت اضحك بالصدمه أما هو فيضحك من حماسه
بعد ان هدأت انا انزلت عينيّ مرة اخرى لكي ارى الى اين فوجدتها تذكرة للعمرة فزاد ضحكي بعد شهقة مني و ضحكه لم يتوقف.
دعني أقل ان هذه اللحظة عبرت لي ان هذا الانسان هو الانسان المناسب! فضحكه من حماسه و ضحكي من صدمتي يدل على اننا شخصين نكمل بعضنا فأنا قبل الزواج كنت اخاف مِن أن يكون جديّا و مثقفا أكثر من اللازم فأنا شابة مرحة أهوى اللهو و الضحك و النكت السخيفة رُغم هيئتي بأنني طالبة علمٍ مُجدّة و ملتزمة في الدين تُوحي لأيٍّ يراني لأول مرة أنني بلا مرح ولا أملك حياة لكنني العكس تماما فأتفه مني لن تجد و بعد هذه اللحظة عرفتُ انني تزوجت تافها مناسبا! فإن كان زوجان مكاننا لبكت الزوجة و حضنها الزوج وهي تسأله ان كان هذا حقيقة ، اما نحن ف كنا تحت ضحكٍ هيستيري..
اشرتُ له بالتوقف وانا اتنفس بصعوبة بسبب الضحك وقلت بصوت مهزوز "لمااا؟؟؟"
: كيف لما؟
: لم نتفق عن هذا!!
: كل ما جاء من الله خير.
ابتسمت وقلت: ونعم بالله.
ثم حضنته..
قال بعد ان فكتت الحظن لاقرأ التذكرة مرة اخرى: لم احب ان لن نذهب لشهر عسل..
قلت وانا مندهشة بالتذكرة: كم سنبقى؟
: ٧ ايام ربما ، هيا ابحثي عن المفاجأة الثانية..
: هل تمزح معي يا هذا؟
ضحك وقال: لا ، انني اعني ذلك..
قلت بفمٍ مفتوح: مِن اين اتى المال؟؟
ضحك وقال: هو مِن عند الله!
ضربته بخفة وقلت: مستحيل هل هناك تذكرة اخرى؟؟
ابتسم وقال وهو يرفع يديه التي في جيبه : لا اعلم..
نظرتُ حولي وانا اكذبه و بالفعل وجدتُ زهرة اقحوان صغيرة بعيدة بمسافة استطيع رؤيتها بصعوبة فنظرت له بصدمة و ذهبتُ اركض و قدماي يغرقان في الرمال فأرفعهما بخفة لكي اصل لها وانا اسمع ضحاكته بصوته الشجي مِن خلفي يحاول ايقافي كي يصل إليّ، لكنني لم انتظر وتوقفت وسط الطريق بعد ما رأيت ان حقا كانت زهرة اقحوان في وسط الرمال فأشار لي ان اتوقف ليلحقني وهو يضحك لكنني اكملت مِن الحماس ولم أبالي حتى وصلت للزهرة فوقفتُ انظر لها وأنا ألهث اتمعن إن كانت مغروسة ام لا و بنفس الوقت كنت أنتظره رُغم أنني أود اقتلاعها و إمساك التذكرة بيديّ ان كان صادقًا.
تذكرت في طفولتي حين رأيتُ صورةً بين يديّ أبي لمجلة ما لفندق في جنوب افريقيا له جدارٌ مِن زجاج ترى مِنه الحيوانات ، فأشرت الى الصورة ببرائة وقلت "حديقة حيوانات!" فضحك أبي بصوته المبحوح مِن أثر المرض وقال "لا بنيتي ، هذه فنادق في جنوب افريقيا تقع في الغابة بنفسها ترى منها الحيوانات وهي تتعايش" فنظرت في الجدار بفراغ وقلت "جنوب افريقيا؟" "نعم هناك الكثير مِن الحيوانات" فقلت بحماس "هل هناك الزرافة؟؟" "نعم ، و الفيلة و القردة و الكثييير" "الا يستطيع الفيل هدم الفندق؟" ضحك ابي ثم بدأ بالسعال و ربت على كتفي وقال "من الممكن ان ازعجوه سكان الفنادق.." فابتسمت قائلة "هل توجد نوافذ يمكننا منها الحديث مع الحيوانات؟؟" فرفع كتفيه مبتسما "لا أعلم، لكن ما أعلم أننا لا يمكننا الحديث مع الحيوانات"
قطع افكاري وصوله لي وهو يلهث و يمسك بطنه ، طبطبتُ على ظهره وقلت "لا تملك لياقة جيدة" ابتسم وقال "هل ستسحبينها؟" نظرتُ للزهرة وقلت "لا، انها نابتة هنا ليست مغروسة فقط"
:كيف؟
:ان الرمال هنا صالحة للانبات اكثر
و اشرت بيدي الى مجموعة من النباتات الخضراء البسيطة على بعدٍ قريب و اكملت: بعيدة على مياه البحر.
وكزني باصبعه وقال: وهل ينموا الاقحوان على الرمل؟!!
نظرت له وقلت: الا ينموا؟
تنهد وقال: لا انه ينموا في التربة الخصبة.
نظرت للزهرة و قطفتها بسرعة وبالفعل كان هناك شريط فنظرتُ له بصدمة وهو يضحك وقال: ثقافتكِ النباتية سيئة رغم انك تحبين الورود
سحبت الزهرة و الشريط حتى خرج الظرف كما في الوردة الاولى فنهظتُ وقلت: انت تتسلى بي؟
: افتحي الظرف!
كان مكتوب على الظرف "ما لونك المفضل" فتحته لكنه سحب الظرف من يدي وقال: ماهو؟
:ماذا؟
: لونكِ الفضل؟
: اعطني الظرف سأخبرك لاحقا
: هذا هو رمز السر لفتح الظرف..
ابتسمت له وقلت: أخضر.
ابتسم وقال: غريب..
مد لي الظرف في نظرة حماسية ينظر لي وانا افتح الظرف، احس انه كاذب لكن عندما فتحت الظرف بالفعل لم اجد تذكرة كما خُيل لي... فاغلقت الظرف وانا انظر له بصدمة فضحك حقا وقال: انا لم اقل شيئا..
كان في الظرف ورقة صغيرة رُسم عليها صورة كانت في الزفاف ليدينا بالخواتم و كانت مرسومة بدقة و بتفاصيل تهيج المشاعر
"فلااان" كان هذا ما استطيع ان اقدم له من شكر واظنه تفهم فلم تزعجه ردة فعلي هاته ابدا بل عانقني وهو يضحك وانا انظر بفم مفتوحٍ للرسمة و التذكرة التي في يديّ الآن ، ثم ذهبنا قرب البحر وجلسنا ، وضعت رأسي على كتفه وقلت: جديًا مِن اين لك المال؟
: اخبرتكِ هو مِن عند الله
: ونعم بالله لكن ما السبب الذي سخره الله لك؟
: كنت اجمع لفترة طويلة بعض المال ، احسست انني قصرت في حقكم بأنكم تكلفتم بالنكاح و حقكِ خصوصا بأن لا نذهب لمكان ما، فاخذت مدخراتي لاسعادكِ ، ثم إن عملي الحمد لله لا بأس به، وإن راتبي الشهريّ كافٍ مُكفٍ.
: اعلم ان راتبك جيد لكن كل الذي حصل لحد الآن أراه مكلفًا، ما كان عليك فعل ذلك وما كان لك ان تشعر بالسوء لا مشكلة في التقاسم ، شكرًا حقا.
: اخبرتك لاحقًا ان ما افعله لا تشكرني عليه هذا واجب زوجتي.
ابتسمت نتأمل البحر ، انني في الحين الذي لا تستطيع الكلمات وصف ما أشعر اصمت لأحس بالمشاعر على الأقل، لا أعلم ماذا فعلت لكي يرزقني الله زوجا كهذا لكنني احمد الله .
قلت: كيف عرفت انني وددت للذهاب للعمرة.
: لأنكِ مسلمة؟
: نعم سؤالي غبي..
ضحك وقال: نعم و اخبرتني خالتي انكِ ذات يومٍ حدثت الاطفال عن برج الساعة..
ابتسمت: نعم نعم تذكرت، خالتك فلانة تتقن حفظ المعلومات!
ضحك...
قلت: هل حقا احببتني من نظرة واحدة؟
: نعم، لكنني اخبرتك انني كنت اختلس النظر عند خروجكِ مراتٍ..
: كيف اعجبت فيني وأنا لا يظهر مني شيء؟
: هذا ما اعجبني فيك، لم اتوقع انني يوما سأجد فتاة بالستر الذي رأيتكِ فيه في زمنٍ كهذا، فعندما رأيتكِ عرفت لما خالتي مدحتكِ طول الوقت وأصرت عليكِ، احببت سترك و خوفكِ على نفسك اما عيناك هي الشيء الوحيد الذي رأيته منكِ فما لي سوى ان احبها واعشقها رمشاً رمشاً...والآن بعد ما اصبحتي مِن حلالي عشقت تفاصيلكِ بتفاصيلها
ضحكتُ وقلت: هل تدرك ان عرسنا كان البارحة؟!
: نعم
: كيف لك اذا ان ترى تفاصيلي بهذه السرعة
: عينُ العاشق كعين الصقر فيمن أحبْ ، وللورى مِن دون حبيبهِ ظلماتٌ فوق بعضْ
: الله!! اخبرتك انك شاعريّ !!
ضحكَ: يمكنكِ قول انني هاوٍ..
فقلت: ارتجل في ابيات الآن تغزل في البحر أرجوك..
: لا داعي لتترجيني
رفعت رأسي من كتفه بحماس انظر له.
: ألا يا بحر ما شد كرهي لكْ أنتَ و مياهكَ و رمالكْ! ، مالحٌ باردٌ مزعجٌ حتى بأمواجكْ
حتى مَن ترجيتُ منها بالا وجدتها في هيامكْ
تحطّ عيناها عليكَ كأنك كنزٌ ، و تتأملك كأنك اكبر معجزات الخالقْ!
ضحكتُ: لااا عيب عليك قلتُ غازل!
: لا أستطيع أن أغازل عدوي..
ابتسمت و وضعت رأسي على كتفه وأنا أقول: يالك من طفولي
: يبدوا ان غشاية الحياء اختفت..
تجمدت في مكاني فتذكرتُ بكلامه ان البارحة كان عرسنا وهذا ثاني يوم وانا اعيش معه وهذا رجل ليس من محارمي ولم يشاركني حياتي الا ايام . لهذه الدرجة كان لطيف الألفة حتى انني نسيت كل هذا....
أبعدتُ رأسي ببطء و بخجل.
ضحك و حظنني بيده يعيدني لكتفه وهو يقول: لا بأس انني امزح فقط..
فتحت التذكرة التي كانت في حجري لأرى التاريخ.
قاطعني قائلا: انها غدا..
نظرتُ له بصدمة وقلت: يجب ان اجهز اغراض خاصة للعمرة ويحب أن أبلغ أعلي و أسلم عليهم و...
قاطعني مبتسما: لازال الوقت صباحًا ، لا بأس سننجز كل شيء ان شاء الله دعنا نتأمل هذه اللحظة دقائق و سنغادر
الحمد لله انني كنت مرتدية نقابي ولم يرى كيف تحول وجهي للأحمر خجلا من تصرفي فسكتت وانا احس ان الحرارة تجمعت لوجهي و نظرت للبحر بصمت..
كان الهوا باردا و لاحظنا بعض الرياضيين جاؤوا للركض فنهضنا بعد ٨ دقائق تقريبا من الصمت نستمع لامواج البحر و يغمرنا رائحته و يداعبنا ريحه.
-
سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم
+
⭐️..♡
أنت تقرأ
لَعلَّ اللَّهَ يُحدِثُ بَعدَ ذلِكَ أَمْرًا..
Short Storyكُنتُ فقط ١٨ حين تطوعتُ للمسجد أُساهم في تحفيظ القرآن للأطفال.. ظننتُ أنها فقط معلمة معي.. حسبتُ أنه كأي احد تقدم لي.. و ظننتُ انه كأي شخص أَمّرُ من أمامه.. لم أكن ناضجه على حسب ظني.. وكنتُ جازمة على الرفض قطعا.. لكن الله أحدث بعد كل هذه الظنون أمرا!