بين ذكريات ماضيها
..
قالت وهي ترتدي حذائها وتقول: سأذهب مع أبي!
أم عبدالعزيز بصراخ: اتركي أباكِ يمضي لعمله!
فتحت الباب و خرجت تهرول لترى سيارة أبيها قد غادرت وهو يلوح من النافذه ، تأففت لا تعلم أنها آخر لحظة ترى فيها أباها..
..
الحاضر
..
توقفت السيارة في مرآب فندق كُتب عليه "زهرة سعيدة"
سعد وقد نزل: أحد مشاريعنا..
سَجى وهي تنزل من السيارة بألم بسبب تخشب جوارحها لطول الطريق: لتحترق ان شاء الله
لم يبتسم بل سكت فقط ، نزلت ولم يلمسها بل جعلها تتقدم بخطواتها البطيئة وقدمها تنملّت و بدأت معالم الفجر تتضح في السماء خارج الفندق
جاء السائق وأمسك معصمها ليقودها إلى المصعد تحت تهديداتها بعدم لمسها..
سعد وقد التحق بهم داخل المصعد ببرود: دعها
انزل السائق يده بصمت ليضعها خلفه بحركات صامتة آلية
سجى بتململ: هل سأقابل رئيسكم الآن؟
تكلم السائق وهو ينظر للأمام بثبات كأنه رجل آليّ وقال: هو مَن يقرر ، جُهزت لكِ غرفة وكل ما تحتاجين
رفعت حواجبها وقد عضّت طرف شفتها بسبب من قيد يدها الذي قد حفر على معصميها..
نظر سعد لكفيها و قال: سنفتحه عندما تُودعين في الغرفة
سَجى: أنا لست سلعة تودع و تحمل!!
سعد: حسنا
نظر له السائق باستغراب لكن لم ينطق بشيء فقد فُتح باب المصعد على الطابق التاسع .
خرج السائق أولا ليرشدهم للغرفة الذي فتح بابها بالبصمة تحت نظرات سَجى..
توقفا امام الباب المشروع ولم يدخل أيّهما فدلفت إلى تلك الغرفة النفيسة و الأنيقة..
سمعت صرير مفتاح خلفها فالتفتت لترى السائق في يده مفتاح صغير وقال: هاتي يدكِ
مدتهما ليفتح قيدها و يدفعها عبر كتفيها و يُغلق الباب
سعد: هيه هيه يا هذا!
السائق بنظرات جادة: لا تتعلق فيها! انها رهينة كالباقي حتى لو أنها تلزم صالِح!
أما داخل الغرفة فأخذت تُحرك معصمها بألم وهي مُلقاة على الأرض متعبة المفاصل مرهقة الروح ، تخطر على لسانها مسبات تبلعها بصعوبة ، نهضت مرة أخرى و التفتت لغرفة ، توسعت مقلتها وهي تنظر للكاميرات التي في كل زاوية ، جالت بأعينها في غضب تام للأثاث تبحث عن مرادها لترى شماعة الملابس الذهبية فـ تحملها لتُحطم الكامرات بواسطة الصعود فوق الأثاث لتتمكن للوصول و تحطيمها ، جلست على طرف السرير تنظر للغرفة مجددا بعد ان انهتهم ، كل شيء لبق ثمين كامل متكامل غير الفوضى التي تسببت فيها، كأنه جُهز لفنان أو شخصية مهمه ، نظرت للخزانة مطولا ثم رفعت يدها لتشم ما عليها بسبب أيام متتالية من الاجهاد و التعب فأغمضت عينيها بشدة من هول ما شمّت ، على أي حال فقد كانت متقززة من نفسها قبل أن تستنشق الفاجعة ، نهضت بخطوات ثابتة حذرة للخزانة لتفتحها بحذر لتجد بالفعل ملابس ، كلّها لن تكون سَجى راضية عن لبسها خارج المنزل رغم انها ليست فاضحة لهذه الدرجة لكن عفتها سترفضها بالطبع ، على أي حال اتجهت للحمام تُفتّش تفاصله قبل استخدامه ، هذه محطة أخرى يجب عليها ضمان نفسها ، الجدار و جوانب المرآة و اللمبة ، كل شيء يمكن أن يُدس فيه شيء ينتهك خصوصيتها ، صوته المبحوح خلفها وهي تلمس الأرضية أفزعها لتفتت لتراه أول مرة ، يده في جيب بنطاله الرسمي بنظراته التي تُثلج من برودها
"نحن لسنا حقيرين لهذه الدرجة"
قالت وهي تنهض بحذر قبال الوجه الجديد ذو الملامح العربية البحتة: من انت؟
الرئيس: صاحب هذا الفندق
سَجى: هل أنت الرئيس الذي يتحدثون عنه؟
هز رأسه بالإيجاب بظهر مبالغ الاستقامة و الثبات حتى تدس قامته فيك الهيبة و الخوف وهو ينظر لها ثم أردف: هل التوبة تفعل هذا؟
نظرت له بعدم فهم وترقب ليُكمل: يعني تجلب الحظ الجيد...أرى أن صالِح تزوج حسناء
ارعبها كلامه فتهجم وجهها وقالت بغضب وهي تتراجع للوراء: ماذا تريد؟!
الرئيس بنفس النظرة الباردة من تلك العيون الواسعة: لا شيء...
ثم استدار ليخرج بخطواته الرزينه خارجة المرحاض و الغرفة بأكملها..
تبعت خطواته بعد ان سمعت الباب يُغلق لكنها تفاجئت بوجه آخر..امرأة عجوز تنظف الزجاج الذي افتعلته إثر المحافظة على تحفظها على نفسها..نظرت لها ثم ابتسمت بلطف بالغ و ببرائة وقالت: سيدتي خذي حماما و قسطا من الراحة ، الطعام سجهز بعد ساعة..
خرجت العجوز حاملة معداتها تحت نظرات سَجى الخائفة..
وجهت حاسة النظر للسرير ثم سرعان ما استلقت لتنام طويلا..طويلا جدا
..
سَجى
..
استيقظتُ و أظن الوقت ليل ، نمت الصباح بأكمله من كثرة التعب الذي كنت فيه .
في النهاية استسلمت لغريزتي ، ملأت حوض الاستحمام ماءاً و اخذت اُرمم جراحي بالماء الدافئ ، استهوتني رائحة الصابون ، خرجت من الحوض لألبس السترة التي جهزتها من الخزانة و البنطال الدافئ ، رميت عبائتي و خماري في الماء المتبقي من استحمامي لأغسلها ولم أفتح الباب خوفا أن يدخل احد للغرفة ، أخذت مجفف الشعر و جففت شعري ثم عبائتي ..
دقاتٌ خفيفة حنونة داعبت باب الحمام ثم صوتها البريئ وهي تقول: سيدتي الطعام جاهز!
كم استغرقت في هذا الحمام؟ لا أُلام فهذه استراحة محاربٍ لازال أمامه الكثير ، فتحت الباب بتردد لأجدها بتجاعيدها المليئة بالحنان وهي تقول: كم انتِ جميلة سيدتي..
قلت بتلعثم: دواء..هل هناك معقم و دواء للجروح؟
ابتمست لتتمكن تجاعيد أخرى جديدة على سحنتها وتقول بكل تودد: الإسعافات؟ سأجلبها ، تفضلي للطعام..
ثم انحنت لتخرج كأنني سيدتها كما تناديني ، ألست رهينة فقط؟..هذا المكان يتلاعب بي
لم أكن لأخرج بدون عبائتي ، لذلك ارتديها بعد ان نشفتها و رطوبة الاطراف لازالت تداعب قدماي
نظرت للطعام الشهي و الأطباق الجانبية..كل شيء يدعوا بطني الجائعة إلى التهام هذا ، الأرز الذي فوقه قطعة من سمك تونة الموضوع بدقة على جبل الرز الطريّ ، حساء الطحالب و البخار الخارج منه ، الفلفل المقلي على جنب أيضا و الخضروات المسلوقة ، طعام الفنادق النفيسة في الصحون الصغيرة بالضبط..
قاطعت جلسة التأملي نفس الطرقات لتدخل بغير أن أفتح لها وبيدها الإسعافات..
طلبت مني أن تساعدني ولم أوافق على الطلب بالطبع ، فور طلبها هذا تذكرت منظر طعن الابرة في عنقي سابقاً ، فغادرت بالبسمة الودودة بكل طاعة ، تركت الطعام و توجهت للحمام أغطي جراحي البسيطة..أُفكر مع كل نغزة ألم وأنا أُطهر الجرح كم ستكون قوة الجراح القادمة..
لاحقا ذهبت ألتهم الطعام بكل عنف ، رفضت الطعام في الريف قبل الملحمة و في الطائرة الذي جلسنا فيها ساعات والآن هو الوقت المناسب و الطعام الملائم لملئ بطني المسكينه..رجع اللون لوجهي المصفر و توردت وجنتاي وانا اسكب من الحساء في جوفي و أتلذذ بمذاق السمك على لساني و بالرز الذي هدمت شكله المنسق بهجومي عليه بالمعلقة ، لو رأتني أمي كيف افترست الخضروات المسلوقة لاحتفلت بي!
كان الطعام كلما بلعت منه احسست بالستشفاء فآخذ منه مرة أخرى..صدق من قال الجوع كافر
همست بالحمد بعد انتهائي و تمددت ويدي على بطني أُحس بالراحة و التخمة.. أخذت ألمس ضمادتي وأنا رأسي بدأ يؤلمني ، ، ثم نمت بشكل غريب و لمدة طويلة!
آخر ما استطعت ادراكه صوت فتح الباب ورأيت وانا عيناي تدور بثقل بسبب النعاس الفظيع الذي أصابني أقداما بحذاء رجالي رسمي يغلق الباب ثم فقط غادر عقلي الحاضر
..
في تلك الأثناء عند بطلنا
..
كان في أحد الرفوف منشغل بتجهيز حقائب ما لكن رائف الذي كان يصرخ قائلا: سيدي سيدي جاؤوا!!!!
ترك ما بيده وذهب بخطوات حثّة لغرفة المراقبة ، انحنى ليمر من الباب الصغير و دخل له
صالِح: ماذا هناك
أشار له إلى أحد الشاشات وهو يرى مرآب الفندق..
صالِح بتركيز: كبّرها
ضغط رائف على الكاميرا ليرو شيئاً أحرق فؤاد صالِح وأماته ألماً ، زوجته تُؤخذ مكبلة و يقودها رجل غيره ماسكٌ لمعصميها ، تدهورت حالتها ، علامات التعب طغت على ملامحها ، سيتوقف قلبه قبل ان يفقد عقله مما يراه
رائف: سيدي..هل هي هي؟
كان عَصْرُ صالِح يديه قهراً جوابٌ كافي ، نظر لآخر دقيقة حين غُلق المصعد ثم خرج متجها لفوق متجاهلا نداءات رائف له..
-لاحقا-
كان في السطح يتذكر خطواتها البطيئة تعبا و مسكة السائق لها ، وجود سعد معها ، كل شيء يفقده جنونه وليس بوسعه سوى الانتظار لحد الآن..
رن هاتفه فأخرجه من جيبه..
"أمي الثانية" تنهد ثم أجاب على المكالمة ليسمع أم سَجى وهي تقول: السلام عليكم كيف حالكم يا ولدي؟
رد محاولا تعديل صوته القابض وهو يقول: وعليكم السلام أمي ، بخير ولله الحمد ماذا عنكم؟
أم سَجى: بخير مادمتم بخير ، لقد كلمت سَجى صباحا كتابةً لكن أردت الإطمئنان الآن
صالِح: نحن الآن في الفندق و سننزل لتناول الطعام بعد قليل ، سَجى تستحم الآن
أم سَجى: الحمد لله يا ولدي..متى قدومكم؟
صالِح بضيق: بيت الله لا يُشبع منه لكنه قريب الرجوع لم يبقى سوى أيام
أم سَجى بعجالة: والله يا صالِح اليوم أولاد عبدالعزيز سينامون معي و الآن أسمع ضجة يجب علي الذهاب
صالِح: لا بأس في أمان الله..
أغلق الخط وأرجع الهاتف لمخباته ، أخذ نفسا من الهواء البارد و زفره مع دمعة ساخنة نزلت من عينه ، إنه على يقين أنه سينقذها لكن بعدها ماذا سيحدث ؟ كيف ستتخطى ماذا حدث لها ؟ أما القهر و الغيرة فتمكنا منه حتى اخرجا تلك الدمعة من جحرها وهي لم تخرج قط..
مسح وجهه على عجالة وهو يسمع خطوات أحد على السلالم
توقفت أمام الباب تنظر لظهره وهو واقف لم يلتفت لها ، قميصه الأسود و بنطاله الكحلي ، كتفاه العريضتين و طوله الفارع
سالي ببسمه: صالِح..
لم يلتفت حتى..
سالي وهي تتقدم: ألم تشتق لي؟
نظر لها بطرف عين وهي قد تمركزت جنبه ثم قال: لا
سالي: لكنك ناديتني
صوت خلفهما بالدرج أجاب: نادانا كلّنا..
التفت صالِح ليجد همام الأسمر الذي لم يره منذ وقت طويل..
لم يكن له أدنى قوة لتمثيل الابتسام لذلك لم يتعنى لهذا حتى و همّام قد تقدم يعانقه..
وفي الباب وقف رجل آخر ، ذو شعر خفيف رغم صغر سنه ، طويل القامة و عينان صغيرتان خضراء بالاضافة إلى بشرته البيضاء الصافية ، متين ضخم
فتح يديه و تقدم ينضم لحظنهم مهرولا ناسيا وزنه.
همام وقد أحس أن أضلعه سحقت و تهشمت بعد هجوم رشّاد ليطبقهم على بعض: يا هذا!
فكّ صالِح الحضن عنهم منزعجا
رشّاد وهو يمسح دموعه: اشتقت!
همّام وهو ينفض ثوبه: لغة تعبيرك سيئة!
ابتسمت سالي وقالت: عديمي إحساس! رشّاد هو المرهف فيكم!
صالِح ببرود متجاهلا حديثهم: هل الكل هنا؟
همّام: جيوش تحت أمرك في السيارات!
صالِح: قسّموهم على شقة الثالثة و الثانية
رشّاد: أمرك!
صالِح وهو يمد المفتحان: هل رفض أحدهم القدوم..
همّام: لا الكل قدم دون تفكير ، لكن تعرف سعد..
سالي: يع لا تذكر اسم الخائن..
نظر لها صالِح بنظرات حادة أسكتها بها ثم قال وهو يقصد النزول: إذا لن نتأخر للغد..ساعتان للراحة ثم سنتجهز ، همّام و رشّاد اقدما للقبو لاحقا.
همّام و رشّاد في نفس الوقت: تمّ!
سالي وهي قابضة الحواجب: ماذا عنّي!
تجاهلها و نزل أدراجه..
-لاحقاً-
في القبو المعتاد جلس على الكرسي وملامحه جُمعت كل الجديّة فيها .
بدأ كلامه بملامح باردة رافعاً شعره الذي يداعب عينيه.
صالِح: كل شيء جاهز....الرجال و الأسلحة ، اجعلوا القتل هو الحل الأخير! نوموا و اكسروا و هشموا ما استطعتم ، لن يقتل غيري..
همّام: ستقتله؟
رشّاد: هل تقصد...
صالِح وقد تجاهل كلامهم: النساء كبلوهم ، اي شيء سيقدم للمساعده انظروا مدى خطره ، القناصين اردعوهم ، المسلحين اجعلوا القتل آخر حل لكم ، مَن لم يحاول قتلك لا تقربه..
رشّاد بابتسامة استهزاء: الكل سيريد القتل.
صالِح: لا بد أنهم سينادون على الذين تحت التجنيد ، لا فرق بينهم وبين الآخرين
همّام للتأكيد: مَن اقترب عليه قتلك اقتله؟
رشّاد: جنون
همّام: يا صاح ستكون مجزرة حتمية
رائف وقد قدم للتو ليضيف رأيه: ستكثر الاصابات في صفنا عندئذ..
رشّاد: يجب اطلاق النار فقط..
صالِح: افعلوا ما تجدوه مناسباً على حسب الجو
همّام: ماذا عن السيدة
تنهد صالِح وقال: انها مهمّة سالي..
رائف: انت..ما مهمتك انت؟
صالِح: شيء آخر..
سكتوا و سكنت ملامحهم ايضا ، يعرفون ماذا يقصد عين اليقين لكن حتى إن حاولوا أن يقنعوه بشيء آخر فلن يقدروا أبدا..
رائف: صالِح ، أرسل بابِر كل ما نحتاج
صالِح: ماذا عن القنابل؟
رائف: أجل أجل أعددتها ، ستُوزع على المبنى كما خطط له.
رشّاد: كم المؤقت؟
صالِح: عشر دقائق ، على كل حال هذه الخطوة الأخيره ، لنرجع للخطوة الأولى..
..
ونحن أيضا لندعهم لخططهم و نرجع للماضي
..
كانت الغابة أنارها بدرٌ مكتمل وسط السماء و الجو بارد يُجمد الدم المتدفقُ المتلحف بطبقات جلد من شدته يومها ، بين كل ذلك الكم من الشجر كان على أحدها صالِح ملتصق بها بسبب الذي أمامه ، السكين بدأ يضيق على صدره ، ابتسم صاحب الغمازات مزامناً مع قوله "كم هذا ممل!"
جحظت عينا العدو وصالح قد كسر يده كيّ يطوي طريق الخنجر و يخترق صدر العدو
دفعه صالِح أرضا وقال: تباً جُرحت كفاي
شق طريقه نحو الكوخ الذي أمامه المفروض أن زميله بالمهمه هناك لكشف الأوضاع فقط .
صالِح وهو يفتح الباب: هل وجدت..
قطع كلماته منظرا بشعا ترائى على عينه ، صاحب الذقن يقذف رصاصة تُجاه رأس الطفلة المتكورة في زاوية الغرفة لتميل على الأرض بصمت من شدة خوفها جانب أمها التي قد ماتت بطعنات متتالية..
ابتسم صاحب غمازة الذقن بدم بارد..
-لاحقاً-
في ذلك المكتب الراقي وقف صالِح بجروحه و وجهه الملوث بالتراب مطأطئ الرأس تحت كلمات الرئيس الذي يحرك كرسيه يمينا و شمالا ببطء و تترسم على وجهه الحاد ابتسامة وهو يلهو بقلمٍ بيده
الرئيس: أكبر بائع مخدرات يموت على يد شاب من شركتي..سأضاعف الأجر لك..يمكنك الانصراف
صالِح: سيدي
الرئيس: تفضل أيها الصالِح
صالِح: زميلي في المهمه قتل غير الهدف ، أعتقد أنها زوجة الهدف و طفلته..
الرئيس: إذا؟
توسعت مقلاتا صالِح و رفع رأسه ليقول بصدمة: المفترض أن نقتل الهدف فقط..
الرئيس: مَن قالها؟
سكت صالِح لثوانٍ يرتب كلامه بشكل محترم أكثر: لكنهم أبرياء سيدي
الرئيس وقد أوقف هز الكرسي لينظر لعيني صالِح بجدية: لا أبرياء في نظرنا..يمكنك الانصراف
انحنى برأسه و خرج بصدمة خدشت ضميره الإنساني..
-بعدها-
في جلسته المعتادة في نهاية الأسبوع مع سعد و رازيّ ، أمام البحيرة التي حضرت أحاديثهم كل سبت..
رازيّ وهو ينفث دخانه بكلماته: صالِح لا تبدوا على ما يرام.
سعد وهو يأخذ زفيرا من سيجارته: هذا ما أراه أيضا
صالِح بصوت هادئ: أكملت سنة وأنا برفقتكم..دائما ما أُرسلت لمهمات فردية ، أقتل الهدف وأرجع أدراجي..اليوم عرفت لما..لقد كنت أتجهز فقط
سعد: ماذا تقصد؟
ابتسم رازيّ من حنكة صالح
صالِح وقد بدأ ينفعل مع كلامه: البارحة خضت مهمة ثنائية ، لقد قتل كل من وجدناه ، طفلة أقسم أنها لم تتجاوز سبعة سنوات نظراتها البريئة و وجهها المتورد و خدودها التي زادتها حلاوة ، لقد اقتحمت مخها طلقة بدون رحمة ، من الصدمة لم استوعب الأم التي عذبت بطعناتٍ أمام ابنتها حينما كنت أنا ببرائتي أقتل الهدف..كلّمت الرئيس حول هذا فكان باردا غير مهتم اطلاقا ، نظراته كانت تحاول غسل دماغي!
سعد: مشاكل المترسمين...دعوني أدخل لمبناكم الراقي ذاك أولا
انصدم صالِح من كلامه وقال بتهجم: هل ستقتل طفلة و أمها إذا!!
سعد: لا طبعا لا..
صالِح بانفعال: اذا؟!!
سعد: حسنا حسنا اهدئ bro (يا صاح)
رازيّ: لازال أمامك الكثير أيها البريئ
صالِح وهو يرمي سيجارته: لا ، لا كثير أمامي معكم إذا تكرر هذا المنظر!
ثم اتجه لدراجته النارية المركونة مع الرصيف لينطلق بعيدا
سعد وهو يدوس على سيجارة صالِح: الأحمق يتكلم عن الإنسانية و يترك سيجارة على الأرض دون تفكير!
رازيّ: يجب عليّ اخبار الرئيس بتهدئة مهماته لأكثر لأن هذا الشاب سنخسره
سعد: صالِح هذا يروق لي لكن تخيفني حماقته ، لم أسمع أن أحد أفراد المزرعة قرر المغادرة و أكمل حياته..
رازيّ: ولا أنا ، إنني أرى منه الكثير ، لن أتركه يموت بسرعة
سعد: قرار صائب ، لكن يا عزيزي رازيّ ما دمت اليد اليمنى للرئيس ألا يمكنك التوسط لهذا الصغير المسكين الذي أمضى أربع سنوات في التمارين و المصارعة؟ ألا يمكنك طلب الرئيس أن يختارني؟
رازيّ وهو ينظر له بطرف عين: لم يبقى لك الكثير لتصبح جاهزا
سعد: لقد سمعت هذه الجملة منك أكثر مما سمعت اسمي ، هل تعلم شيئاً أيها العجوز! أنت بغيض!!!
ثم رمى هو الآخر سيجارته معلنا انتهاء جلسته هنا مع الضفادع لينطلق أيضا لسبيله..
ابتسم رازي داهساً سيجارة سعد وهو يهمس: من بيته من زجاج لا يرمي بيوت الناس بالحجارة ، الأحمق يذكر الناس وينسى نفسه
ثم رفع نظره لسعد الذي يرى منه فقط ظهره وقال بصوت مرتفع متهكما: نسيت إطفاء السيجارة! أين انسانيتك؟!
سعد بصوت مرتفع ايضا مكملا طريقه: تركتها لتطفئها على جلدك!
همس رازيّ مبتسما من كلام سعد: و يريد مني التوسط له ذلك الطائش! الرئيس سيرفض بالطبع..
أخرج هاتفه الذي يرن في جيبه و اتسعت ابتسامته حين رأى اسم زوجته و حبيبته على شاشة الهاتف
سمع صوتها بعد ان اجاب على المكالمة وهي تبكي وتقول: رازيّ اقدم الآن!
اختفت ابتسامته و أغلق الخط ولم يجعلها تكمل حديثها ليركض لسيارته يسابق الضوء في طريقه للمنزل
فتح الباب بسرعة مستعد لأي شيء..
وجدها أمام الباب بشعرها المتدلي على كتفيها لازالت تبكي مغطية بكفّها فمها ، أمسكت يده بدون أي كلمه لتسحبه لغرفة المعيشة ، بدأت تراوده فكرة أن حشرة في المنزل كالمرة السابقة أو أن الفرن احترق حينما رآها بخير لكنها شتت أفكاره حين ناولته ورقة طبية! انزلق قلبه لبطنه يأمل أن لا يكون مرضا بعد أن قرأ اسم المشفى وقد كانت تعاني زوجته في الأيام السابقة بتقلبات صحية لذلك خضعت للفحص..
قلب بعينه تلك الأسطر الأولى بعجلة حتى وصل للمغزى و الذي أبكى زوجته..
خرجت عيناه من محجرها غير مصدق لما قرأه لينظر لها يريد منها تأكيدا فلم يكن منها بين دموعها تلك سوى الإيماء بالايجاب ، رمى زوجته لحضنه يقبل رأسها غير مصدق أنه سيصبح أبا الآن ، أساريره تفجرت على وجهه و أعلنت أن السرور قد داهم حياة رازيّ ، لم يكن يصدق اصلا نفسه حين تزوج بحبيبته ليلى الذي أحبها سراً لسنين وكان يصمد لرفض أبيها له كل مرة يطرق بابهم ، يقدم كل شهران مع عمته المسنة الكارهة للقدوم ، كل مرة يكبر حجم الباقة و تكثر الهدايا ولا يجدون سوى العبوس و الرفض ، حتى غادر المسكين البلد بعد أن غادرت معشوقته للندن لتتزوج بولد عمها المبتعث في جامعة أكسفورد ، فلم يفكر أباها في الأمر مرتان بأن يقارن رازيّ مقطوع الجذور لا يملك سوى عمة عانس كل الحارة تكرهها ، يعمل كخضار بسيط ، يملك شقة ورثها من أبيه صغيرة قديمة ، رازيّ الذي لو بيده لإنتشل كبده و ناولها لليلى من شدة حبه لها ، و ولد أخيه المبتعث الغني ، كانت كفّة رازيّ الخاسرة لكنه لحقها على أية حال ، الثروة الذي جمعها لمهر ليلى سافر بها لكي يتبع ريحها لقد تعب من مهنته و عمته و حياته كلها و غادر البلد بكبرها ، كان حدس رازيّ صحيح ففي النهاية تطلقت ليلى في الغربة ، لكن بعد ماذا؟ بعد دخوله للمزرعة ، على كل حال حبه لم يتغير لها ، وفر لها المأكل و المشرب لفترة طويلة و أحسن إليها ولم يكن يتوقع منها أن تطلب منه أن يخطبها ،وبالطبع أعاد العلاقات مع أبيها ولما سمع أباها المبلغ الضخم الذي طرحه رازيّ عليه وأنها ستبقى في لندن ولن تقدم لتلوث نسب أبيها في البلد بكونها مطلقة ، وافق قبل فترة ، لم يفعلوا عرسا حتى لكن فرحة رازيّ كانت كأن الدنيا عيد ، أحس أنه ملَك الدنيا وما فيها و الآن بعد أن علم أنه سيملك ملاكا صغيرا من زوجته و روح روحه ماذا يريد أكثر.؟
على كنبته البيضاء جلسوا ، ليلى تعانقه لا تريد تركه ، رازيّ بالنسبة لها الآن العوض و الدواء و الراحة و الهناء ، لقد أحبته أيضا حينما كانت في البلد لكن مالذي يمكنها فعله أمام أبيها المتسلط..
رازي في يده الورقة يعيد قرائتها مرة و مرتان و ثلاثٍ و أربع ، رفعت رأسها من كتفه وهي تقول: ماذا سنسميه..
رازيّ: لا نعلم إن كانت أنثى أو ذكر
ليلى: الجنين مذكر لحد الآن
ابتسم ينظر لعيناها التي أخذت لونها من البحر ثم قال وهو يداعب شعرها الأسود: ليس لدي فكرة للآن..
ليلى وهي تُعدل جلستها: إن كان ولدا فاسمه موسى و إن كانت أنثى فاسمها لمياء
رازيّ: لمياء؟ لا لا يروق لي...لنقل شيئا آخر..
ليلى وقد عقدت حاجبيها و سرعان ما طلقتهما وهي تنظر للحية رازيّ الشائكة الذي يتخللها الشيب ثم قالت بحنان: هل أنتَ متعب؟ هل أكلت؟
رازيّ: لن أكذب بقولي جائع لكن انتِ إرتاحي أيتها الأم أنا سأعد عشائي
ضحكت وهي تنظر له يتوجه للمطبخ وقالت: افتح القدر لقد طبخت بالفعل..
-في تلك الأحيان-
دخل شقته المعتادة ، صادف في دخوله ملابساً على الأرض ، أغلق الباب وهو ينظر للحالة الذي يعيش فيها ثم همس بلا بأس و تخطى كومة الملابس ليذهب لغرفته..
كل ما حاول النوم لاحقته منظر الطفلة و في جبهتها فجوة ، وضع في مكانها لو كانت أخته أو ابنته ، اشمأزت نفسه وهو يتذكر كلام رازيّ و الرئيس...يتعهد أن لا بقاء له ان شهد مناظر أخرى كهذه!
..
للحاضر
..
دخل احدى الشقق الذي فيها الرجال ، فور ما رأوه نهضوا كلهم
صالِح: هل قاطعت راحتكم يا شباب؟
رد الكل بالسلب و سرعان ما تقدموا واحد تلو الآخر للعناق..
أخذ يضحك بين كل عناق ، كلهم يملكون قصة معه و ديناً ، كل أحد منهم من المزرعة جواسيس كارهي كونهم لازالوا مع المزرعة أو انقذهم صالِح من الطرقات التي لا ترحم و الشوارع التي لا تعرف الحق من الباطل ، وفر لهم حياة كريمة و عملا و مسكن و بناهم رجالا مستعدون لكل شيء لرد دينهم..
بعد كومة العناق تلك قال صالِح: تجهزوا يا رجال لم يبقى الكثير
ردوا بصوت واحد: حاضر
خرج وأغلق الباب خلفه مبتسما و سرعان ما اختفت بسمته بسبب التي وقفت تنظر له..
سالي: أخبرني همّام بأن لدي مهمة..
صالِح: اتبعيتي..
.
وقفا أمام العمارة
صالِح وهو عاقد اليدين: الفندق ، سيارتك ستتجه للفندق ، انهم بالقرب من بعض على كل حال..سيكون معك رجال أيضا ، اريد منكِ التركيز على شيء..الشقة التاسعة ، الغرفة الثالثة فيها زوجتي ، اضمني رجوعها بخير! لا أريد خدشة تصيبها..
سالي: امرك اذاً ، هل تحبها كثيرا؟
نظر لها صالِح بطرف عينه وقال: ما رأيكِ..
سالي: بالنظر إلى حالة الطوارئ التي افتعلتها فلا بد أنك تحبها
تركها و دخل وهو يقول: الجو بارد
توجه للدرج و قد أخرج هاتفه ليرى اسم رازيّ على الشاشة
رازيّ: صالِح انني في طريقي للفندق ، الرئيس طلبني..
صالِح: هل لبست الجهاز؟
رازيّ: اجل دع رائف يتصل بسرعة قبل أن أصل
صالِح وهو يهرول في الدرج: تمام..
قطع رازيّ الخط لينفرد صالِح بضربات قلبه بتوتر أن يرى سَجى..
لقد كانت خطوات الدخول يفعلها باسرع ما عنده ، نزل للدرج وهو ينطق باسم رائف بعجالة ، همّام كان يتجهز بلباسه يرتدي سترة الوقاية من الرصاص و رشّاد كذلك ، التفتوا لصالِح الذي أخذ يهرول لغرفة المراقبة الذي فيها رائف
رائف وهو يضغط على الازرار بسرعة و توتر: اتصلت بالكاميرا تبقى المسجل!
تخصر صالِح يتنهد تزامنا مع دخول رشّاد و همّام..وبعد دقائق من الانتظار علت على أحد الشاشات كاميرا ترصد من سترة رازيّ وهو يتبع الرئيس الذي يتمشى بخطواته الواثقة..و رصدت الكاميرا الصوت أيضا..
الرئيس: هل هناك أخبار عن صالِح؟
رازيّ: وصل تزامنا مع وصولكم سيدي ، لقد رُصد في إحدى الفنادق فجر اليوم..
الرئيس: وحده؟
رازيّ: رُصد وحده لكن لا نعلم إن لديه تواصل مع أحد
الرئيس: اذا تجهزوا للهجوم في حال رصده مرة أخرى.
رازيّ: حاضر ، سيدي
همهم الرئيس ليقول رازيّ: ماذا عن الرهينة؟
الرئيس: لما؟ هل تهمك؟
رازيّ: لا سيدي.
الرئيس: انها طعمٌ لصالِح...تخصني
سكت رازيّ..
الرئيس: ماذا عن ابنتك فرح؟
قال رازيّ وهم ينعطفون للصعود للمصعد: بخير سيدي..
الرئيس: وليلى؟
رازيّ وقد بدأ يتضايق: هي أيضا سيدي
ابتسم الرئيس يلعب بمشاعر رازيّ وقال: هل هم موالون لي كما أنت..
رازيّ وهو يحاول قبض نفسه من كلام سيء: انتَ تعلم أن لا علم لهم بوظيفتي..
الرئيس: جيد..
انفتح المصعد و خرجوا للسيارة ليقودها رازيّ و كل هذا ظاهرٌ على الشاشة تحت أنظار همّام و الآخرين..
رازيّ وهو يعقد حزام الأمان: أين الوجهة سيدي
الرئيس وقد أخرج سيجارة يشعلها: الشركة ، دعوتك باكراً أريدك أن تترأس التجهيزات لمعرض غد..
رازيّ: أمرك
تنهد همّام لأن الأمور على ما يرام ولم يُكشف شيء بعد أما صالِح كان يحس أن هناك أمر ما لا يعلمه ولا يتسطيع الجزم أن الرئيس لا علم له بما يحصل.
صالِح: غيروا الخطة!
رشّاد: ماذا تقصد؟
صالِح: سنغادر الآن!
..
بين طيات الماضي
..
بعد مرور أشهر من آخر مرة ، اتصل رازي على كلٍ من سعد و صالِح كالعادة يوم السبت..
كانت الساعة الثانية ليلا ، وقفا صالِح و سعد يدردشان وهما ينتظران رازيّ الذي يركن سيارته.
نزل لينضم لهم..
سعد: حسنا سأنفجر إن لم أخبر صالِح
رازيّ وهو يخرج سيجارته و القداحة: أخبره إذا
رفع صالِح حاجبه ينتظر كلام سعد
سعد وهو ينفث الدخان مبتسما: المهمة القادمة سأكون معك ، لقد نجحت هذه المرة
تبسم صالِح فاتح الأعين وقال: جيد!
سعد و عيناه الضيقتان زادت ضيقا اثر انكماش حواجبه: فقط؟
صالِح: لا أحب المهمات..
رازيّ: مرة أخرى؟
صالِح: الجميع الذين ذهبت معهم! كلهم لم يدعوا بريئا في طريقهم إلا قتلوه ، انتم لا تفهمون حتى ترو ما رأيت
سعد: كف عن محاولة تخييب آمالي
اردف صالِح: كانت الغرفة مكتضة بالأفارقة المهاجرين نساءا و اطفالا! افرغوا عليهم الرصاص بلا رحمة! طفل ذا عشر سنوات أخذ يزحف و أشلاؤه تخرج مع كل حركة ، لم يقتلوه حتى مات وحده! الهدف كان شخصان فقط وانتهى المطاف بقتل عشرات من الأبرياء! انهم يتركونني لأنشغل بالهدف فعندما أقدم لهم أرى أنهم كانو يلهون بقتل المدنيين
رازيّ: كان يجب أن ترفض حين علمت أن الهدف مُهَرِّبان فالطبع ستقابل غيرهم
صالِح: لقد اكتفيت حقا..
سعد باشمئزاز: ألا يؤثر ذلك عليك؟
صالِح: ادمنت المنومات فبغيرهم تلاحقني وجوه المساكين في زوايا الغرفة
رازيّ: اخبر الرئيس أن يرسلك وحدك ان كنت تستطيع صرع الهدف
سعد: لن يقبل ، يريد أن تكون كفته الرابحة و أن يملك احتياطا كافيا خصوصا أن مهمات صالِح أصبحت خارج بريطانيا
صالِح: صدقت
سكت كل منهم وقد غاص في همومه يستنشقون من السم الذي في يدهم ثم ينثرون بقاياه في الهواء
رازيّ بصوته الهادئ عكس داخله: اليوم أكمل طفلي ستة اشهر ، لم يبقى إلا ثلاثة اشهر أخرى لأمسكه بيدي
التفتا له بقوة مع اول كلمة نطقها..
سعد: هل تمازحنا؟؟؟
أما صالح أخذ يضحك وهو قد عانق رازيّ لينضم لهم سعد الذي من فرحته صار يقفز
رازيّ: خنقتموني!!
صالِح: لا يهم!
سعد و انيابه ظاهرة من كثرة الابتسام كغمازات صالِح: ستصبح أبا يارجل!!! انتَ الوحيد الذي فلحت في حياتك بيننا!!
لم يفكوا العناق وكان حماس سعد يزيد مع حركته فانتهى بهم السقوط أرضا تحت مسابات رازيّ مع ابتسامة خجولة و ضحكات صالِح و سعد..
.
.
.
.
لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين
لا حول ولا قوة الا بالله
لا إله إلا الله محمد رسول الله
.
هل انتم مستعدون للملحمة؟🙊
اسعدوني بتوقعاتكم و دعمكم⭐️🤏🏼
أنت تقرأ
لَعلَّ اللَّهَ يُحدِثُ بَعدَ ذلِكَ أَمْرًا..
Short Storyكُنتُ فقط ١٨ حين تطوعتُ للمسجد أُساهم في تحفيظ القرآن للأطفال.. ظننتُ أنها فقط معلمة معي.. حسبتُ أنه كأي احد تقدم لي.. و ظننتُ انه كأي شخص أَمّرُ من أمامه.. لم أكن ناضجه على حسب ظني.. وكنتُ جازمة على الرفض قطعا.. لكن الله أحدث بعد كل هذه الظنون أمرا!