الفصل 7

10 1 1
                                    

الفصل السابع: يوم اللقاء الثالث

( قد تنقلب الأحوال في يوم و ليلة فاليوم قد تكون مضيفاً و غداً تكون أنت الضيف )


كانت الأنوار خافتة في ذلك المكان حيث كانت ليز مترددة و هي تقف أما ذلك الشاب الذي يمسك كأسة بيد و يعبث بهاتفة المحمول بيد أخرى قبل أن تقول بتردد:
- السيد ايفان هل هذا أنت ؟
رفع ذلك الشاب رأسة نحو ذلك الصوت لقد كان ايفان حقاً! لكنه مختلفاً بعكس إطلالته قبل يوم البارحة كان يرتدي نظارة قاتمة اللون بالكاد تُرى ملامح عينية ليس ذلك فحسب بل بدا لليز أن تسريحة شعره مختلفة كلياً..هذا فضلاً عن عدم تواجد الحراس الشخصيين حوله كما إعتادت.
رد ايفان باسماً:
-نعم ايفان تعالي إقتربي لمَ أنتِ واقفة هناك!
ردت بتردد و هي تتأمله:
- تبدو مختلفاً قليلاً!
ترك إيفان كأسة على الطاولة ثم قال مشاكساً:
- ماذا! لا تعجبكِ إطلالتي؟
- ليس الأمر كذلك غير أن الملابس الرسمية تبدو عليكِ أكثر أناقة..ثم أنني لا أرى حراسك الشخصيين حولك هذه المره!
- هذه إطلالتي الثانية عندما أرغب في عدم التواجد تحت الأضواء..حينها فحسب قد لا احتاج إلى من يدرء عني الإزعاج..هل ستستمرين بالوقوف تعالي اجلسي هيّا.
تلفتت ليز يمنى و يسرى قبل أن تجلس مقابل السيد ايفان الذي كان قد احتل مقعداً في أحد الزوايا في تلك الحانة ثم قالت له:
- إذاً سيد ايفان! تريد لقائي هنا؟ حانه! شعرت لوهلة أن لن يُسمح لي بالدخول..
- أعتذر عن ذلك لكني تفضلي إجلسي هل تشربين شيئاً معيناً؟
- تعلم أنني قاصر لن يتم إعطائي شيء حتى و إن طلبت..ثم لأكون صادقة لم يعجبني هذا المكان.
- لا بأس في الواقع..لا يمكنني الإعتذار بالشكل المطلوب سمعت أنه بسببي خسرتي عملك.
- هكذا إذاً!  لا بأس لا استطيع القول أنها وظيفة لكن أمثالنا هكذا يكسبون رزقهم فنحن بلا كفاءات.
- يفعلون شيء غير منطقي بإقصائك لكن لا بأس.
- بشأن حفلكِ القادم هل العرض قائم؟
- لا
وقفت ليز من على كرسيها التي جلست عليه للتو هامةً بالخروج:
- يمكنني تفهم ذلك حتى إن أمي قالت أنني لازلت صغيرة على العمل.. طاب يومك.

أمسك إيفان بكفها مانعاً إيها من الخروج لكن ليز توقفت و نظرت إليه بقلق و استهجان ولم تنطق بأي كلمة لكنه قال لها مطمئناً:
- أعني أريدك كضيفة لا مضيفة.
- ضيفة!
- بل أصدقاء..هل تقبلين صداقتي؟
- صداقة! لقد فاجئتني لم أتوقع أن تنظر لي كصديقة.. بالنظر الى الفوارق الكلية بيننا !
- ماذا نسمي مثل تلك العلاقة إذاً ؟ لقد بحثت غير أنني لم أجد خلاف ذلك المصطلح!
إبتسمت ليز و استرخت فمدت يدها مصافحه:
-يشرفني ذلك إذاً..
- إذاُ لا يمكنك احتساء شيء ما؟
- ليس الآن طبعاً.
إبتسم إيفان ثم قال:
-الثالث من ديسمبر!
- لقد حفظت تاريخ ميلادي الثامنة عشر!
-نعم لن أنسى ذلك أعدك أنه بهذا التاريخ سوف تشربين و ستقومين بما يقوم به البالغون حتى العمل قد تتمكنين منه بعد ذلك.
- لست متحمسة لذلك فالأجواء هنا تقتلني..رغم أني كنت أتوق حماسة لزيارة هذا المكان عندما كنت صغيرة قرابة العاشرة.
- ربما لأنكِ لم تعتادي على ذلك..بالمناسبة هل تحبين أن أدعوك لآخر يومٍ في اللقاء؟
- أتقصد اللقاء العائلي؟ اليوم!
- نعم سيسرني ذلك و إلاّ فأنا لن أشعر بارتياح كوني تسببت بخسارتك للعمل.

بعد أن اعتدلت ليز في جلستها ابتسمت ابتسامة بسيطة تنم عن التردد..لكن ايفان كانت له نظرة محفزة و ابتسامة واثقة.
- هيّا يا ليلي سيكون ذلك ممتعاً قد يكون ذلك غير متاح إلا بعد سنتين أو ثلاثة.
- سيكون ذلك من دواعِ سروري..
ضحك ايفان بصوت عالٍ:
- لقد نجحت في ذلك! لم أتوقع إنكِ سهلة الإقناع يا ليز.
- مالذي تقوله سيد ايفان..يبدو أنك ثملت أو ما شابه.
- لا لسيد ايفان..ايفان فقط..
- يبدو أن الشرب يجعل من البالغين غير راشدين و منا نحن معشر المراهقين أكثر نضجاً!
- لا يا ليلي فأنا بكامل وعيي لا أشرب كثيراً في النهار فلدي مساء طويل.
- سأحاول أن لا أتأخر إذاً.



بعد تلك المحادثة الصغيرة إنصرفت ليز تاركتاً ايفان في ذات المكان ثم توجهت مباشرة إلى منزل روبي التي كانت ترتب شعرها متأهبة للعمل, ليز لم تتوقف عن الثرثرة و الحديث و الحماس يغشاها كعادتها..فهي الأخرى قد إستعدت من الحماس باكراً و لم تطبق فمها منذ ذلك الوقت:

-و عندما قال لقد نجحت في ذلك شعرت أن قلبي يخفق و كأنه مهتم بي حقاً!
ردت روبي بنبرة أسى فهي لم تكن مرتاحة:
- هذا جنون يا ليز!
- هل هذا حسد أم ماذا؟
- ليس كذلك.
- إنها مكافئة لي لجرج مشاعري بالإستغناء عني بشكل ظالم ليلة أمس لذا سوف أحضر اليوم بكل كبرياء.
- هل أمكِ تعلم؟
- تعلم و لم تبدء الرضا فهي ترى أنني صغيرة على حضور تجمعات وحفلات لكنني وعدتها أنكِ سوف تعتنين بي و سوف أعود معكِ فهي تثق بك و تراكِ أكثر نضجاً.
-أنا! ما شأني بكِ ليس لي عليكِ أي سلطان فمنذ متى أنتِ تطيعينني أو تأخذين بمشورتي و الأهم أتعلم طبيعة الناس الذين سوف تخالطينهم؟
- كلاّ لا أريد أن أصدمها بهكذا شكل غير أنني .. بدأت استلطف السيد ايفان ليتك ترين كيف يعاملني بكل ود و كأننا اصدقاء من سنوات عدة.
- دعينا نتفق إذاً ياليز أنا لن أعتني بك و لن أراقبكِ و هناك أتمنى أن لا تكلميني أو تدعين أنك تعرفيني هل إتفقنا؟
- ماذا! انظري إليّ جيداً لن يعتريك الخجل مني ثم انظري إلى وجهي هل لاتزال مساحيق التجميل موجودة؟
- موجودة و جميلة بدونها صدقيني و أخشى على والداك من أن تصيبهما الجلطة يوماً ما بسببك !
-أنتِ تبالغين كالعادة كملكة للدراما هيّا ألم تنتهي من الإستعداد إنها المرة الأولى التي أنهي تحضير نفسي قبلك.
-لا تغتري فأنتِ قد تأهبتي بعد الغداء ثم انظري إلى و لا تلحي فقد إنتهيت هيا بنا..

لحظات ما قبل اللقاء كان الجميع يستعد , حتى في منزل السيد روس كان هناك جدال قائم بين مندل و والده في غرفة المعيشة بعد أن انسحب كل الخدم بشكل تدريجي خوفاً من أي ردة فعل غير متوقعة من مندل كما هو المعتاد لكن صوته كان واضحاً و يملئ أرجاء المكان:

-لن أذهب يا أبي حتى لا أصاب بالجلطة أو الشلل أو بأحسن الأحوال أرتكب جناية!
رد الأب بكل صمود كيف لا و هو معتاد على إبنه:
- تعقل يا بُني.
-لكن يا أبي ثلاثة أيام إن هذا كثير! ما هو الشيء الخارق الذي سوف نقوم به لثلاثة أيام غير الفوز بالنجاة.
-عليك ان تعتاد هذا فبعدما تجاوزت الثامنة عشر صار عليك أداء واجبات اجتماعية و تكوين العلاقات.
- إن ذلك ليس عادل يا أبي ألم أؤدي واجبي الإجتماعي خلال اليومين السابقين من الذي فرض أن على اللقاء أن يتمم ثلاثة أيام و إلا لن يكون واجباً إجتماعياً؟
رد لأب بعد أن تنهد:
-أمك فرضت ذلك.

وجه مندل نظره نحو أمه التي تجلس بينهما واضعةً سماعة داخل اذنيها محاولة سماع أي شيء ما عدا صوت جدال مندل و والده متنقلتاً عبر موجات الراديو بين القنوات المختلفة.
- أمي هل أنتِ لا تسمعين حقاً؟
التفت مندل إلى أبيه بعدها سائلاً:
- أبي هل أطلق شتيمة ما! ستحكم ردة فعلها ما إذا كانت حقاً لا تسمع أو تدعي ذلك.
- مندل... إنتعل حذائيك جيداً و هذب ربطة عنقك و اسبقني للسيارة..
-إن ذلك ليس عادلاً لم نحن علينا الذهاب بينما هي لا! تسترخي أمام التلفاز و تتناول الطعام فحسب.
-أمك حامل و هي متعبة و تشعر بالغثيان و لا تريد أن تراك في المنزل فأنت لا تسمح لها حتى بالإسترخاء فلا تزد الأمر صعوبة عليها.
-بل الصعب عليها بالتأكيد هو أنها لا تريد إظهار حملها لأحد بعدما بلغت هذا السن! أنا متأكد من ذلك.
- لن ننكر صعوبة الأمر يا بُني لأن الناس سوف يشعرون بالقلق لرؤية أمك حامل فما بالك بنا نحن سيكون الأمر كارثياً لو أن أمك أنجبت فتى آخر مثلك.
تنهد مندل قبل أن يقول لوالده بنبرة أسى :
-لا حيلة لي سوف أذهب..يالمندل المسكين.


في اللقاء كما هو متوقع كانت ليز الأكثر بساطة من الحضور , تختلف عنهم إبتداءً باللبس و إنتهاءً ببساطة حديثها و حلاوتة ما يجعل المعظم يأنس مجالستها..

كان ايفان يرافقها معه لتقديمها للآخرين:
- تعالي لأقدمك إلى بعض الرفاق هنا..

رحب مارسيل عندما إقترب ايفان منه:
-مرحباً ايفان.
- مرحباً مارسيل أقدم لك ليلي رفيقتنا الجديدة.
ل- مرحباً أنا ليلي.
- مرحباً آنسه ليلي أنا مارسيل إبن عمّ ايفان.
رحبت ايفي بتكلف:
-مرحباً ليلي إنا ايفي شقيقة ايفان الصغرى.
- مرحباً آنسة ايفي إذاً هل كلكم هنا أقارب؟

لكن ايفان نفى ذلك وقدمها إلى ريبيكا:
هذه ريبيكا و هي لست من الأقارب لكنها صديقة.
همست ايفي لريبيكا التي جلست لتوها بعد مصافحة ليز قائلة:
- لم احب تلك الفتاة المدعوة ليلي هي ليست أكثر من فتاة كانت تخدم حفل اليوم الأول.
همس مارسيل مؤنباً:
-هش قد تسمعك.
- لم أقل شيئاً خاطئاً ألم تميزها ؟ كان قد قال آنفاً أنه يريد منها العمل في حفلة اصدقاء الجامعة لكن انظر! يأتي بها إلى هنا!

التفتت ايفي لإيفان:
-بالمناسبة عمي روس كان يسأل عنك هو و عمتي روز..
رد ايفان عليها لكنه كان ينظر إلى ليز:
-على وشك تحيتهما..هل ترافقيني يا ليلي؟
ردت ليز بابتسامة:
-بالتأكيد.
- تبدين متوترة..
ردت ليز مؤيدة له:
- صدقني أحاول الإبتسام تكلفاً أشعر و كأنني سوف أخطئ بشكل ما لذا فأنا متوترة قليلاً.
-مالذي يدفعك لهذا الشعور يؤنس الجميع لمحادثتك.
- إن الندم يعتريني فقلبي يكاد يتوقف كلما مر شخص ذو هيبة أو سيدة يحيط بها الجميع بإهتمام لم أحضر أي تجمعات كبيرة كل ما كنت افعله هو التسوق مع جارتي الوحيدة روبي..
- سوف تعتادين على ذلك لا بأس..دعيني أرى هنا..

لفت نظر إيفان منظر ما لتتغير تعابيرة لتغدو ساخرة:
-انظروا من هنا! مثير المتاعب الصغير.
وضع ايفان يده على كتف مندل الذي كان يجلس على تلك الطاولة وحده ليمسكها مندل بقوة دون أن يكلف نفسه عناء الإلتفات.
- نعم! التيريكس هنا و على أهبة الإستعداد لأي مشاكل جديدة" لقب التيركس هو لقب مندل".
جلس ايفان قربة بعدما أرخى قبضتة و هو يتأمل أثرها على معصمة:
- وااو جديّ بشكل دائم رويدك يا صاح!
نظر مندل باشمئزاز لإيفان بعدما جلس و لغرض أن يدفعه للإنصراف قال له بحزم:
- إن أبي ليس هنا!
همست ليز لإيفان بقلق و هي تقف خلف مقعده:
-هل..هل يمكنني حقاً الجلوس يبدو رفيق الطاولة بمزاج عكر؟
رد ايفان بهمس:
-حاولي عدم إثارة غضبة فهو حقاً لا يمانع ضرب النساء و الأطفال!
-سأتدبر ذلك لكنك سوف تدافع عني لأننا صرنا أصدقاء كما قلت , صحيح؟
تحمس ايفان لمجرد تخيله مندل يثور غضباً لذا شجعها قائلاً:
- بودي رؤيتك تحاولين.

لم يكن مندل يحتاج أي دافع للثوران مع ذلك كان يحاول جاهداً كتم غضبة فقال:
- إن كان يهمكم الأمر..لست أصماً و صوتكم ليس مخفياً! فأنا أسمع كل شيء!

اقتربت ليز من مندل و جلست بالمقعد بجانبة:
- في هذه الحالة ..مرحباً سيدي إنا صديقة السيد ايفان و إسمي هو لـ
رد مندل مقاطعاً:
- لست مهتم..
- هل إحتسيت الشاي سوف يهدء أعصابك!
- لست أريد الشاي..
- ماذا عن القهوة إن لها قدرة عجيبة بتحسين المزاج..
كان ايفان ينقل نظراته بينهم كأنما يستمتع بمشاهد برنامج تلفازي أو مباراة ما:
ضحك ايفان ضحكة صغيرة ثم قال و هو يحدق بليز:
- محاولة جيدة تابعي..
- ماذا عن العصير البارد هنا كل المقومات موجودة ما يجعل مزاجك أفضل صدقني.
- لا أحب الفاكهة!
-هل أنت من الزواحف؟
رد مندل بغضب علّها تسحب كلمتها أو تعتذر:
-عفواً !

لكن ايفان شعر ببعض القلق لأنه يعلم مندل حق المعرفة لذا حاول تهدئة غضبه بسحب ليز من الموقف فقد نال من المتعة ما يريد:
- رويدك لحظة! مالذي تقولينه يا فتاة!
-لكنّي لم أره تضع في فمك أي شيء لا اليوم و لا سابقاً.
رد مندل متسائلاً بغضب:
- هل طلب أحدٌ منكِ مراقبتي؟ هل أنا طلبت منك ذلك و أنا لا أعلم؟ أم أنكِ عميلة سرية لدى أمي أو ما شابه؟
- لـ لكن!
ضرب مندل على الطاولة أمام ليز ليقطع حديثها ليلتفت إليه بعض من حوله ثم قال مهدداً:
- دعيني لا أصل إلى مرحلة إفساد اللقاء و تعليقكِ على إحدى الثريات الطويلة تلك فأنا قادر على ذلك و أبي ليس حولي ليردعني فأنا أحاول تهدئة أعصابي جاهداً و أنتِ مع ذلك الشيء الأبله الجالس هنا تحاولان تبديد كل جهودي مع سبق الإصرار و الترصد.
- هل عصير الليمون يفيدك؟
علم مندل أن تلك الفتاة من معدن صلب و أنه بالفعل قد يضربها حقاً لذا استسلم قائلاً:
-أنتِ يا هذه هل إن تناولت عصيراً تذهبين أنتِ و ذلك الإيفان؟
- بالتأكيد سيدي.
- أعدك سأفعل..لذا انقلعا.

إبتسم ايفان إبتسامة المنتصر بعدما شعر أنه قد أدى واجبة بإستفزاز مندل فانسحب بهدوء ممسكاً بيد ليز ليبتعدان شيء فشيء لترد ليز بنبرة عتاب:
-هل كنت تجاملني عندما قلت أن الجميع يأنس لحديثي؟ هو حتى لم يعطيني أي فرصه!
- إنه حالة استثنائية ليس أكثر.
-ضننتنا سوف نصبح رفاقاً كوننا نبدو قريبين في السن تقريباً !
- أرجوا أن لا يعكر ذلك مزاجك تجاهليه كما يفعل الجميع هنا في اللقاء..

التفت مندل حتى يراهم بشكل جيد ليتأكد من أنهم قد تواروا عن الانظار ليلقي بوابل من الشتائم:
- القذر المسخ الوحش زير النساء غول أهوج و أحمق و نتـ..
قاطعة شتائمه صوت والده الذي يحاول جذب إنتباهه:
- أحم
التف مندل لينظر لوالده الذي لم ينتبه لوجوده سابقاً ثم قال بقلق:
- مـ مرحباً أبي..مـ متى كنت هنا!

في زاوية أخرى كانت ايفي تقف قرب مارسيل مراقبة كلاً من ليز و ايفان يقتربان شيئاً فشيئاً وهي تقلب كأس الشاي يمنى و يسرى بكل استياء:
- لقد عاد أخي!
- أرها لطيفة حقاً! لست أعلم ماذا لا يعجبكِ فيها؟
- شاهد هذا!

ما إن وصلت ليز مع ايفان حتى قالت ايفي:
-بالمناسبة ليلي عندما شاهدكِ من بعيد أدركت كم يبدو فستانكِ رائع.
- شكراً على لطفك..لقد اشتريته قبل يومين.
- لأجل إجتماع الليلة؟
رد ليز بعدم صدق لترى إلى أي مدى سوف تصل ايفي:
- نعم ذلك صحيح.
ردت ايفي بإبتسامة:
-عفواً هل أزعجك شيء ما؟
- لا بالفعل لقد اشتريته قبل البارحة لأجل الحفل.

ضحكت ايفي بشدة..حتى التفت اليها جميع رفاق الطاولة لذا تسائلت ليز:
- لما تضحكين أنا لا أضن أنها نكته!
ردت ايفي عليها مدافعة لكن بنبرة سخرية:
- آوه لا كنت أثني عليه فحسب لما انزعجتي لقد أعجبني حقاً ! من أين اشتريتيه؟

لم يعجب الموقف ايفان فهو لم يرد من حضور ليز إلا اللهو و التسلية لذا حاول ايقاف شقيقته:
- يكفي يا ايف! لستِ مضحكة.
لكن ليز رد رداً غريباً لا يعلم أحد هل هو سذاجة أم مصداقية أم تحاذق منها:
-لا بأس بذلك من متجر البضائع المخفضة في شارع ميني تاون.

حاولت ايفي كتم ضحكاتها المبالغ فيها عن طريق وضع كفها على فمها ثم سألت ليز:
- كيف تقولين ذلك بكل صراحه! بضائع مخفضة!
- لماذا! ألم تقولي أنه يعجبك؟ ضننت أنك تريدين إقتناء واحد؟

صُدم الجميع من رد ليز ثم تبدلت ضحكات ايفي لتعلو على وجهها علامة الغضب:
-ياللوقاحه هل تعلمين من أين أشتري فستاتيني؟!
- وقاحة ! أعتذر و لكن قلت ذلك بالفعل و أمام الجميع أثنيتي عليه ما دل على أنه نال إعجابك..
فأما أنك سحبتي ثنائك لمجرد أن سعر الفستان أقل من تطلعاتك و إما أنكِ أثنيتي عليه لأجل السخرية.
- ماذا!
تابعت ليز كلماتها:
- إن كان رأيك بالفستان مرتبط بقيمته المادية فهذا يدل على ضيق في التفكير مع كل احترامي..وأما إن كان لغرض السخرية فلا بأس دعيني أقول أنني أحب فستاني.
وضع أيفان يده على رأسه لأنه لم يتوقع أن الموضوع قد يتحول شجار ليحاول تهدئة الموقف:
-ايفي لا تقصد ذلك بالتأكيد يا ليلي!
التفتت ليز إلى ايفان لطمئنته:
-بالتأكيد هي لا تقصد لكن أنا أعني ما أقوله..ألن يكون شكلي مضحكاً حين البس ملابساً ترتديه فتاة في عمر الثلاثين لمجرد أنه باهض وثمين! عندما أغدو بمثل سنكِ ذكريني أن أسألك من أين تشترين فساتينك أما الآن فأنا مع فائق الاحترام لا أهتم من أين تتبضعين.
لم يتوقع إيفان رد ليز فانفجر ضاحكاً:
-لقد هزمتك يا ايف!
ابتسم مارسيل ولم يستطع الدفاع عن ايفي لكنه قال مؤكداً:
-لا يمكن قول عكس ذلك..
اعتذرت ريبيكا بعدما ضحكت هي الأخرى على ايفي:
-هذا قاسِ و لكن كان عادلاُ يا فتاة..
وقفت ايفي من مقعدها ثم رمقت ليز بنظرة غضب قائلة:
- إعتذري!
لكن ايفان حاول تهدئتها:
- خذي الأمر على أنه دعابة أصدقاء!
إبتسمت ليز ثم قالت:
- لماذا أعتذر فستاني أعجبني و فستانك أعجبك لم تخطئ إحدانا بحق الآخرى , ترتدي كلاً منا ما يناسبها و يبرز شخصيتها لا أقل و لا أكثر أما أنا لي شخصية أعتز بها و لا أسمع لفستان ما أو حقيبة أن يصنعاني.

في الوقت الذي كان على ايفان تهدئة الموقف كان على مندل أيضاً تبرير موقفه أمام والده بكل جهد:
-و هذه هي الفتاة رقم 21 التي أشاهدها معه في حفل تخرجة و حفلات شركته و حفل زفاف شقيقة و لقاء أمس!
- ليس عذراً ! أقاربك يئسوا منك لذا ألا يمكنك أن تكون الصداقات على الأقل و تقوم بدعوتهم كما يفعل الجميع هنا.
- ليس لدي أي أصدقاء!
- و هذا هو هدف هذه التجمعات الاجتماعية و العائلية..إذهب تحدث مع هذا و ذاك , تعرف على هذا و ذاك..
وقف مندل من مكانة ليشعر الأب أن نوراً من الأمل قد شع لكن سرعان ما أطفأ مندل ذلك النور فقال له:
-عن إذنك يا أبي سوف أذهب إلى دورة المياه يا أبي.
ولكنه أيضاً غير رأيه بسرعة عندما شاهد ليز و التي تتجه في طريقها أيضاً الى دورة المياه كما هو واضح له فهو لا يريد أن يقتل أحداً ما في دورات المياه.

تنفست ايفي الصعداء بعدما شاهدت ليز و قد ابتعدت قائلة:
-لقد ذهبت أخيراً الى دورة المياه!
لكن ايفان عاتبها قائلاً:
- كيف لك أن تقومي بمثل هذا الفعل السخيف!
-هل صرت أنا السخيفة!
أيد مارسيل رأي ايفان عندما لام سلوك ايفي فقال:
- نعم للأسف أقول ذلك مع أنك أنتي التي يفترض بك أن تكوني الأكثر رشداً فلقد توتر الجو بسببك.
دافعت ايفي عن نفسها و هي تلتفت إليهما:
- هل شاهدتما تكبرها وعجرفتها ! أي نوع من الفتيات اصطحبت للحفل يا إيفان؟
هل أنا بلا شخصية! هل أكثر ما هو قيمة فيني هو الفستان و المجوهرات! هل أبدو في عمر الثلاثينات!
- لقد شاهدت كيف فازت عليك بالجدال.
ردت ريبيكا محاولة تهدئة غضب ايفي بعدما يئس منها شقيقها مع مارسيل:
- إنها مراهقة لا تؤاخذيها..تذكرني بأختي كثيراً أتعب معها..

فشلت ريبيكا هي الأخرى حيث وجهت ايفي غضبها نحو ايفان:
- و أنت ألا تقول شيئاً! هل أنت سعيد؟ هل أنا لست أختك؟
نهض ايفان من مكانه دون أن يرد عليها ليتبع ليز:
- سأعود بعد لحظات.

دخل ايفان إلى دورة المياه حيث كانت ليز تقف أمام المرآة:
- قالت إيفي أنكِ في دورة المياة.
-آسفة هل تأخرت! كنت أحاول إصلاح مساحيق التجميل.
-هل كنتِ تبكين؟
- لا إن ذلك ليس صحيحاً!
- اسمعي سوف أكون صادقاً معك لدينا انا و أختي خصلة سيئة و هي مضايقة القاصرين لأجل المرح لا الإيذاء لذا اعذريها رجاء قد غدت عادةً فينا.
-هكذا اذاً للأسف فالآنسة ايف لم تصل لغايتها حيث أنني لم أنزعج.
ثم أنني اصحح تبرجي لأنني غسلت وجهي لكي أستفيق.
- حقاً! هكذا الأمر إذاً مع أن الليل لم ينتصف! في الواقع إعتقدت أن كل الفتيات يتضايقن اذا تعلق الأمر على تبرجهن أو ملابسهن و زينتهن؟

صرفت ليز نظرها عن ايفان ثم قالت:
-الشخصية! لا أصدق أنني قلت ذلك لكن إن كنت تقصد أنني سوف أرغب أن ارتدي مثلها مثلاً فأنت مخطئ فلا السن و الحالة التي أنا بها يسمح بارتداء مثل ذلك الفستان و الحذاء العاليين و لو خيرت لأخترت ما ألبس رغم أن المال فعلاً يسهل على الشخص إبراز شخصيته الحقيقية.
-هذا مريح..هل تخططين أن تعودي باكراً إذاً..
- في الواقع احاول جاهداً تجنب النوم حتى لا تضن أنك رافقت فتاة مملة.
- في هذه الحالة هل تريدين ان أطلب من السائق إيصالك؟
إبتسمت ليز إبتسامة بسيطة ثم قالت:
-بالتأكيد لا فمنزلي بعيد جداُ.
- هذا يحفزني على الإصرار.
- لا تقلق سأكون بخير ثم إن صديقتي تعمل هنا هل تذكرها ؟ إنها روبي و سوف أعود معها..
- باكراً إذاً!
- باكراً! لا سوف يحدث ذلك بعد انتهاء اللقاء العائلي..
- أعني عندما نخطط للخروج لاحقاً سيكون ذلك باكراً.
- سأرى ذلك.
- حينها تعرفين كيف سوف نلتقي اليس ذلك صحيح؟
-بالتأكيد.

غرفة ليليحيث تعيش القصص. اكتشف الآن