-
إذا نبتت زهرة سامة وسط مستنقع وغرزت جذورها به عميقًا، فهل ستختلف حقيقتها إذا ما وضعت وسط حقلٍ من الياسمين؟
ليس من المنطقي أن تسلب الطير حقّ التحليق طوال حياته ثمّ تطلقه للهواء فجأة وتأمره أن يكون حرًّا.
القسوة لا تولّد حبًّا، ومن المستحيل أن ينشأ شاب بلا علل نفسية وسط بيئة فاسدة تحقنه بمصل مضاد للأحاسيس والحبّ، عبارة فاقد الشئ لا يعطيه لطالما كانت منهاجًا يروقني ويرضي أفكاري دومًا.
والآن أنا بكامل قدرتي العقلية أصرّح بأنها مجرّد كذبة، فاقد الشئ يعطيه بكلّ ما به، ولا بأس أن يوجد الخير وسط نفوسٍ اعتادت معايشة الدناءة والشرّ.
لربّما هي الغريزة الفطرية، لقد خلقنًا عراة مجرّدين من خير أو شرّ، مجرّد بذرة نسقيها فتنبت على حسب ما رويناها به، إذا غمرتها بالحبّ والحنان نبتت زهرة رقيقة تجابه أعتى العواصف، وأما إذا أسأت رعايتها وسقيتها سمًّا فلا تنتظر نباتًا غير الشّوك.
بالنهاية كنت أمتلك نظرة صائبة نحوه، منذ أوّل مرة التقيته بالمكتبة، بملامح لا تكاد ترى وأنامل يحاوطها لاصقات الجروح مجاورة للخواتم، بعيونٍ حائرة لا تفقه عن نفسها شيئًا، ترجو الخلاص وأن تتوقّف أقدامها عن الهرب.
لقد تجلّت رقّة قلبه لي كنجمٍ بغتةً قد انفجر، وحينها أدركت بأنني من أولئك المؤمنين بالحبّ من النظرة الأولى.
خفق قلبي بجنون وأضحى مضطربًا، وكلّ ما فعلته هو الاقتراب منه علّ قلبي يجاور قلبه فيرتاح، أردتّه أن يكون قلبي.
صفع نسيم المياه وجوهنا فعبث بالخصلات، وأضفى على مشهد الشابّ المسهب بالمياه فتنة أخّاذة.
لم أجرؤ على الحديث بحرفٍ واحدٍ قد يبدّد هذه اللحظة، وكذا عيوني لم تفلح في الابتعاد عنه.
مذ مغادرة منزل عائلته بعد أن تركهم في عناق أخيرٍ، معلنًا كونه ما زال يحتاج الكثير من الوقت ليتعافى ممّ جرى قديمًا، وأنّ وجوده بذلك المنزل يكسوه برداء شوكيّ ملغّم بأسوء الذكريات، وأنه سيعود للاطمئنان عليهم يومًا ما.
سرنا بلا وجهة مسهبان بديجور الليل الذي جنّ، ولست أدري كيف انتهى بنا الأمر نقف أمام نّهر الهان مستندين إلى السّور في صمتٍ.
إنّ الأسئلة تعجّ برأسي بلا هوادة، كلها تتمحور حوله ولأجله، أثناء مراقبة جانب وجهه الذي خطّ اليأس والأسى عليه أبشع الخطوط.
أفكّر بحديثه لوالديه كثيرًا، وينتابني شئ من عدم التصديق والانبهار بطريقة تفكيره الحساسة رغم نفوره من كلّ مشاعري غالبًا، وكيف كان محبًّا لعائلته وواسع الصّدر ليستمع لكلّ ما قاله من سوء أو حُسن.
أنت تقرأ
حرِّرنِي، يُ.مِ.
Fanfiction«أكون لكَ الدّبران فتكون لي الثريّا؟» - يونغي مين. - جيمين بارك. - شُرِّعت بالأول من الشهر السابع، للعام الثالث والعشرين بعد الألفين. - قيد الكتابة.