-
كهرباءٌ، كهرباءٌ هزّت بدني المكلوم فأمسى واقفًا يتراكض في جنون، أضرب الأعراض الجانبية لنوبتي من فقدان أعصابٍ وأنينٍ كما لو دهسني عملاقٌ عرض الحائط، وأهرع إلى باب الشقّة بقلب ملؤه التّوق والوهن.
ربّاه، أشعر بمعدتي تنصهر، كقطعة ثلجٍ قذفت بنفسها إلى الصحراء، مقبض الباب يغلي كالحُمم ويلتهم كفّي علّها تتركه وشأنه، وأنفاسي تتقشّف كآخر ذرة حبرٍ تُركت على صحيفةٍ جافّة، تزداد خشونةً وتجرح حلقي حتّى شعرتٌ لوهلةٍ بأنّ الذي يجرى برئتيّ دمٌ لا هواء.
سأفقد عقلي،
ويا له من شرفٍ جليلٍ أن أفقده بحضرته،
وبسببه.أزيز الباب لم يُسمع لسرعةِ فتحه؛ بل أنّ جميع الأصوات بما فيهم قلبي لم تكد تكون موجودة بالأصل إثر حضورِه، لحظةٌ من صمتِ بليغٍ مرّت علينا ما كانت تمتّ للصّمت بصلة.
رأيت بمقلتيهِ كلامًا لو سمعته لصمّ آذاني عن سواه، وشهدتُّ الذّعر والعاطفة القلِقة تنسكب منهما كالشّلال ببذخٍ، ولم يقحم الادّعاء وعدم المبالاة أبدًا في نظراته، كما لو تجرّد من ثوبِ قسوته الزائف وأفضى بمكنونات صدره المهتاج بلا حول ولا قوّة.
كنت على وشك الحديث في محاولةٍ بائسة لتجميع الزجاج الذي فتّتُّه بروحه، لولا أن تذكّر جسدي علّته وهبط بضغط دمي إلى الدّرك الأسفل من الجحيم، وعادت ساقاي لتمثيل دور الهُلام، وأنفاسي للاندثار كساعةٍ عتيقةٍ صدِأت تروسُها، ومجدّدًا، أمامه أنا أنهار بكلّ سرور.
ذراعيه طوّقتني في توقيتٍ مثاليّ تردع أطلالي عن السقوط، ثقيلةٌ هي أنفاسه، باردةٌ أنامله، ومُسكرة رائحته، رغبت لو أتدارك نفسي وأضمّه إليّ، حتّى لو كانت الضمّة الأخيرة، شعرت كأنني صفرٌ على اليسار أحتاجه بظهري لأعثر على قيمتي، لكنني لم أقوَ على الإتيان بحركة واحدة.
حمل جسدي الميت إلى الأريكة الضئيلة المتموضعة بالصالة الضيّقة، ومدّدني عليها كبتلةٍ رقيقةٍ لو أفرط في إمساكها قليلًا لذبلَت وتألّمت، وحين مفارقة ذراعيه لجسدي هلعتُ، نظرت إليه متوسّلًا ألّا يبتعد، ألّا يهجُر ويغترب عنّي، شكوته ضعفًا واحتياجًا، وناجيته أن يحررني من أصفاد نفسي، ألّا يفارقني.
فوجدتّه لا يتقدّم، لا ينصت لصرخات روحي ويصمّ مسامعه عنها، يتردّد ولا يتمسّك بي خوفًا من أن أدفعه ككلّ مرّة وبكلّ قسوة، ولأوّل مرة يخترق سيف خذلانه منّي صدري حدّ الهلاك، فقدتُّ نفسي.
لقد أنهكه الرّفض، أعياه حدّ عدم النظر إليّ، حدّ تغيير شخصه المتطفل الذي غزا مساحتي الشخصية بأوّل لقاء وبدون أية مراعاةٍ للغُربة بيننا، وأحاله شخصًا يخاف أن يُترك وحيدًا في معركةٍ لا يحارب إلّاهُ فيها.

أنت تقرأ
حرِّرنِي، يُ.مِ.
Fanfiction«أكون لكَ الدّبران فتكون لي الثريّا؟» - يونغي مين. - جيمين بارك. - شُرِّعت بالأول من الشهر السابع، للعام الثالث والعشرين بعد الألفين. - قيد الكتابة.