-ابتلعَ رمقهُ مرَّاتٍ عدَّةٍ، فركَ عنقهُ مرارًا وتفتّل بالسقفٍ لعددٍ عجزتُ عن حصرِه، قلَّب الأوراقَ بيدِه حتى وقفَ عند صفحةٍ بيضاء وشرعَ يرسُم خطوطًا متداخلةً لا أعتقدُ أنها تشكِّلُ شيئًا بعينِه.
بوئيدٍ خطوتُ تجاههُ جالسًا بجانِبه، عيونِي مرتكزةٌ على ما يخطُّه على صفحةِ البياضِ بنسقٍ عبثِيٍّ سريعٍ، أحاول استنباطُ إلامَ يرمِي.
وبعد لحظاتٍ رُفِع القلمُ وتحرَّرت أنفاسهُ، اختتامًا للوحةٍ حِبريةٍ لشابٍ يجلِسُ أرضًا ممحيَّ الملامِحِ، لا تجدُ بهِ سوى ندبةٍ عميقةٍ عند عينِه اليُسرى، مع بقعٍ داكنةٍ منتشرةً حوله وفوق ملابسه.
«بإمكانِ كلِّ شئ أن يكون سلاحًا، والكلماتُ أقوى الأسلحةِ، إلا أنني أبغضُ سلاحًا مثلها يجعلني مِدفعًا بشريًّا وسفَّاكًا للدماءِ، الناس تهربُ للكتابَة والتعبيرِ وأنا أبتغِي الخرَس، فمتَى ستخرَسُ الأصواتِ بداخلي يا يونغي؟»
هوى بأبصارِه عليَّ بابتسامةٍ ترَّعها الخِزي، وغرس سنَّ القلم بالورقةِ راسمًا خطًّا أفقيًّا منتصِّفًا رقبةَ الفتى باللوحةِ، يتابع سردَه متباعد الأطراف وما عليّ ألا تجميعُه.
«ربَّما أنا من أخطأتُ الإختيار، مهنةٌ كعارِض أزياءٍ لم تناسبني أبدًا، أكان عليَّ أن أكونَ منفيًّا مشرَّدًا بالجبالِ يمارِس مرَضَهُ وقُبحهُ على اللاشئ؟ في الواقع يبدو لي هذا مثاليًّا للغاية، حيثُ لا وجود لأحدٍ سواي أنا وجنونِي الجامِح.
الخطأ يقعُ على عاتِق نفسي الهشَة، لقد انصاعَت لأمرِ تدنيسِ فتنةَ عينَيهِ بالمرآةِ الصغيرةِ، لكن، لماذا جرحها لم يكُن صغيرًا كمِثلها؟ ولماذا لم يكُن الأمرُ هيِّنًا أو مُمتِعًا كما هُيِئَ لي حينها؟
أترَى؟ أنا فقط خائنٌ لا يكنُّ الودَّ إلى أحدٍ، أتعجَّبُ كيفَ تراني حتَّى، أنا لستُ بملاكٍ بل ربَّما أنا بصقةٌ من ثغرِ شيطانٍ يدَّعي الرَّحمة، أنتَ تمنحني ما لا يتلائمُ مع دواخلي، الحبُّ ليس لأمثالِي من يذعنونَ لهوانِ روحهم بحجّة فقدانهم السيطرة.»
اقتربَ منِّي قليلًا، وكعادته تلمَّس وجنتي برقَّةٍ تنافسُ ما تلفَّظ بهِ من بشاعةٍ في حقِّ نفسهِ، تنهَّد يغرقُ بمقلتَيَّ عميقًا، وكأنما يستخلِصُ سَلواهُ وقوّته منها، قبل أن يرتمي برأسهِ على صدرِي ينثرُ أنفاسه المتأججه المرتعدَة، يقهقهُ في سخريةٍ قاسيةٍ مُردِفًا:
«مضحكُ أنني استطعتُ قول هامشيَّاتٍ من دجنةِ دواخلي قربَك دون أن تصيبني الهلاوِس بعد أن كُنت لا أجرُؤ على التفكير بها حتّى، إنه تأثيرُكَ يا ذا العيون الحادَّة البرَّاقة، عليَّ أن أكون ممتنًّا، فقط امنحني صبرَك، صبرَك وما سواه يا يونغي وسأسرُد عليكَ أطنانًا من جوَاي طالما أنكَ قد أصرَرتَ على ربطِ روحِكَ بدنائَةِ روحي، عليك التحمُّل إذَن.»
أنت تقرأ
حرِّرنِي، يُ.مِ.
Fanfic«أكون لكَ الدّبران فتكون لي الثريّا؟» - يونغي مين. - جيمين بارك. - شُرِّعت بالأول من الشهر السابع، للعام الثالث والعشرين بعد الألفين. - قيد الكتابة.