عَلى حَافةِ المَوت

243 16 35
                                    

كنتُ منغمسَة فِي قراءَة الحرُوف المصقُولة على الحَائط ليَتكدَّس عقلِي بالكثِير من الأسئَلة، كأقفَال قيدتهُ سجِينَة لهَا فأضحَت وظيفتِي البحَث عن المفاتِيح لتحرِيره بالتَقاط المزيد و المزِيد من الكلِمات.

سُحبَ جسّدي لحظَة فقدِي لحَس الإدرَاك لما حولِي فَانتفضَت كُل خليّة منهُ و استيقظَت من غيبُوتهَا المؤقتَة، أسمَيتُ حدقتَاي لتقابلنِي ملامِح آدِيل الفَزعَة الممزُوجَة بالغَضب.

بدَت لي أنّها كَانت تُعاتبني من نظرَاتهَا لقرائتِي ما كُتب على الجدَار.

لمَ؟ ما الخَطأ في ذلكَ؟

نظرًا لردّة فعلهَا هذهِ ليسَت مُجرد كلمات عابثَة زُينت الحائِط بل أكثَر مما قَد أتَوقعهُ و يخطُر على بَالي.

انكَمش محيَّاي بألمٍ إثر حَفر أظَافرهَا في بشَرة ذراعِي، تدَراكَت فعلتهَا فسَحبت يدهَا و بدَت مصدُومة علَى ما أقدّمت عليهِ، حيثُ تسربَت قطرَات قلِيلة من الدماء تمكنتُ من الشعُور بهَا أسفَل كنتزتِي الصُوفيّة.

بدّت مترددَة في الإقترَاب منِي و الكَشف عن ما سَببتهُ لِي، لَمحتُ ارتجَاف يديهَا و الخَوف الذّي كان يُأرجح حدقتيهَا يُمنةً و يُسرةً.

هَلعها هذَا غرِيبٌ جدًا! أم عليّ القول مُبالغ فِيه بشِّدة؟

إنّها مُجرَد خدُوش ستَزول بعد أيامٍ على الأقَل.

فما بال ردة فعلها هذهِ التّي تبدُو و كأنّها ارتكَبت جرِيمة شنيعَة في حَالة غضَب؟

-إنّه مُجرد جُرج بسِيط لا دَاعي للفَزع.

ابتسَمتُ لهَا بدمَاثة أُحَاول تهدِئتهَا و لكن تذَكرتُ أنّها صمَاء ما تفَوهت بهِ تردَد صداه إليّ فقَط.

هذهِ مُشكَلة بحق؟ أنّى لي إخبارهَا أنّه لا يستَحق كُل هذا الخَوف؟ و أنّني بخير؟ جُرح بمثل صغرهِ لن يؤذينِي!

تفَاوتت قدمَاي فيما بينهُما كَي أقترِب منهَا و رفَعت يدِي بهدَف التّربِيت على كتفهَا حتّى أُطمئِنها و لكنّني تفاجئَت بدِفاعهَا عن نفسهَا بكلاَ يديهَا ظننًا منهَا أنّني على وَشك ضربهَا!

بالطَبع لن أَفعَل لهذا السّبب التَافه و لا لأيّ سَبب كَان!

غمَرت أصابعِي جوفَ كفِي و ترَاجعت بعددَ الخُطوَات التِّي تقَدمت بهَا أمنحهَا المِسّاحة و الوَقت الكَافيان حتّى تستوعِب أنّني لا أحُاول إيذائهَا كمَا ظنَت.

لمَا سأحاوِل ذلكَ حتّى؟

-آنِسة دناليَا.

صوتُ السّيدة شِيلا تضَارب مع أذنَاي لأُدير رأسِي ناحيّة الباب و آنذاك سمعتُ ضوضَاء خلفِي ما كَانت إلّا آدِيل التِّي كَانت تُرتب الصّنادِيق بسُرعة بهَدف تغطِية ذلكَ الحائِط.

حواس مغلقةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن