3_ذكريات وحنين

68 16 19
                                    

وضع فهد رأسه على وسادته الناعمة يستلقي على سريره بعد ان استحم، يترك لذكرياته العنان كي تتدفق مثل مسلسل برأسه كلما وجه بصره لأحد أركان الغرفة. فيرى أمه-التي امتلكت ما لم يرى مثله طيبة ولطفا- تلاعبه وتحمله بين يديها الرقيقتين لتدغدغه فيضحك بصوت عال يملأ أرجاء القصر، ليشاركهم أخاه زياد المرح. ثم يأتي والده تامر من العمل ليجتمع الأربعة بأمسية عائلية دافئة يرتدون ملابس نوم متطابقة، يراقبون النجوم المضيئة ليلا على السطح.

لتتسرب ذكرى أخرى لفهد وهو يحاول بجانب أخيه الصغير عد مصابيح سماء الليل المتلألئة، ثم يفشلون في نهاية المطاف. فيبدأ زياد بالبكاء لأن نجلاء أمه جعلته يذهب للنوم دون مقدرته على السهر. لكنه سرعان ما يهدأ عندما تغني له تهويدة بصوتها الشجي وتمرر اصابعها بشعره الناعم، ومن ثم تقوم بنفس الشيئ مع فهد.

لكن الاخير نفض هذه الافكار من رأسه بعد أن إستقام في جلسته، وأبعد المنشفة من على شعره الذي لا يزال مبللا. فمسح عليه بخفة يبعده عن جبينه وإتجه لمكتبه الواسع بجانب النافذة المسدولة ستائرها، ليفتحها جاعلا من النور ينبثق على كامل الغرفة يضيئها. وجلس على الكرسي ذو الطراز العصري الشبيه بلون المكتب. وأخذ ورقة بيضاء من درج خزانته الذي لم يفتحه لوقت طويل، فنفض من عليها غبارها بخفة، ليخربش عليها بقلمه الأسود. يرسم أمه البشوش باحترافية تامة. واضعا كل إتقان بعيناها التركوازيتان الواسعتين الاشبه بأخيه-الذي بات عدوه الان-. ما عدى رموشها الطويلة التي ورثها هو باللون الأسود عكس خاصتها البنية. كي يضع بعدها شامة أسفل عينها اليمنى والتي حصل عليها منها أيضا. وهي بارزة بوجهه بسبب سوادها المعاكس لبشرته البيضاء. ليسدل شعرها البني على كتفها المرسومة مقدمته . وأضاف غمازتها الواحدة من الجانب الأيسر وهي أيضا من الأشياء التي ورثها منها، الا أن غمازته هو نادرا ما تظهر لصعوبة إبتسامه. وبهذا يكون أنهى لوحته. فنظر إليها بعمق ثم وضع رأسه على المكتب يسنده بيده المعانقة لرسمة أمه الراحة. وغط في نوم عميق متناسيا العالم حوله، لعله يمحي التعب الذي إكتسح قفصه الصدري.

_إستفاق ذو العينين الزرقاوتين صباح يوم غد على طرقات خفيفة بباب غرفته لأن نومه خفيف للغاية. فوجد نفسه ما يزال على حاله معانقا رسمته التي إنكمشت إثر ضغطه عليها. فأذن للطارق بالدخول ، ليفعل خادم كبير بالسن ذو ملامح ناعسة من الواضح عليها الإرهاق والتعب

_"عذا سيدي على المقاطعة."

سأل الخادم بإحترام ليكمل كلامة

_"هل أعد لك الفطور"

بقي فهد صامتا يحدج الخادم بنظرات هادئة لا توحي بشيئ ليبتسم بجانبية

_"لقد طرد كل روح بريئة كانت في هذا المنزل، لم يكتفي بأسرته بل الخادمين ايضا"

لكن الخادم لم يبرح مكانه ولا تغيرت تعابيره. فقط هدوء غريب كأن برود فهد لم يكن كافيا ليأتي من هو أسوأ منه. والجو المحيط بهما يجعلك تشعر بفقر مشاعر. فتنهد فهد ثم قال

_"حسنا. قم بتحضير كوب قهوة كبير بدون اي سكر ولا أي إضافات. أنا أحذرك، لاتحاول العبث معي"

_"حاضر"

كلمة واحدة لا غير، لينصرف مغلقا الباب خلفه.فإتجه فهد ليغسل وجهه بماء بارد. وإرتدى بنطالا أزرق وقميصا ابيض بقلنسوة. ثم إتجه للمطبخ القابع بالطابق السفلي، حيث وجد قهوته الساخنة تنتظره على طاولة الطعام. فسحب احد الكراسي الأربع، وجلس يشرب من كأسه يحاول ضبط أعصابه لفكرة لقاء والديه بعد هذا الوقت الطويل.

𝕰𝖓𝖉 𝖔𝖋 𝖙𝖍𝖊 𝖕𝖆𝖗𝖙◉‿◉
_رأيكم؟😃

_شخصية الخادم؟ما توقعاتكم نحوها؟

_البطل؟القصة بدأت توضح

_زياد الذي لم يظهر في الفصل؟

_وأخيرا توقعاتكم للأحداث و ماهي القصة فنظركم؟

متاهات وهميةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن