12_الشخصيات الثلاث

38 5 13
                                    

نسيم طفيف يهب تارة من النافذة المفتوحة المطلة على القمر المكتمل الذي يطفو وحيدا بالسماء دون أي نجوم حوله تساعد على بروز بريقه.

هناك داخل تلك الغرفة المضائة جزئيا، منظر بغاية الغرابة لأخ يحاول قتل أخاه بمسدس مصوب لقلبه، لكن المثير أنه كان يبكي. بينما ضحيته فقط تنظر بهدوء وعلى ملامحها رشة استغراب بالكاد ظهرت عبر انعقادة حاجبيها.

رغم أن فهد بإمكانه تغيير وضعيته بسهولة، وإبعاد ذلك المسدس الذي يضغط على صدره يحرقه، إلا أنه لم يفعل، بل لم يتحرك إنشا واحدا. فقط، يختبر زياد ولو كان إختباره هذا قد ينهي حياته.

تنهد فهد ليس وكأن حياته معتمدة على ضغطة واحدة على الزناد، ثم أخذ المسدس من يديه ببطئ يبعد أصابع أخيه من الزناد الواحدة تلو الأخرى دون أي معارضة من زياد الذي أخذت دموعه تنهمر أكثر على خذيه وإرتعش كامل جسمه بحركة لا إرادية. ليضع المسدس برفق على طاولة السرير، ثم أمسك كتفي أخيه بكلا كفيه كي يضعه أرضا. ليستطيع هو الجلوس يعقد ذراعيه معا لصدره بحاجب مرفوع. وبقي على هذه الوضعية لبضعة دقائق قبل أن يردف:

_"لا أحب هذه اللعبة النفسية التي تمارسها علي يا زياد، الضغط على أوتار صبري عبر التارجح بين الكذب والحقيقة لن يفيدك شيئا. لن أضع النقاط على حروف توقعاتي إلى حين أتأكد مائة في المائة. لذا تفضل و إكشف الستار عن كل ما خفي رغم اني اشك في مقدرتك على الكلام مع هذه الدموع."

نظر زياد للارض يستجمع شتات نفسه لبرهة لم يعلم كلاهما كم هي لكنها تقدر بدقائق قليلة، ثم اخد يمسح دموعه بعشوائية بكفيه. لينطق أخيرا بصوت لم تتمكن رعشة البكاء من التاثير على الجدية المحيطة به، أمر غير معهود من هذا الطفل الباكي!.

_" فهد، بداية تركت لك ذلك المسدس بين يديك به تختم جلسة اكون فيها الظالم او المظلوم بحسب ما تقرر يا حضرة القاضي. أي انني عهدت حياتي الأن بين يديك حين انتهي من كلامي"

_"تعلم جيدا انني لن اقتلك ولو حكمت عليك ظالما، فلما هذ؟"

أنهى حديثه يمسك المسدس بطرف سبابته وابهامه يتركه يتارجح في الهواء دليلا على عدم أهميته، فتنهد زياد ثم أعاد عينيه للارض علامة على تأنيب الضمير والحزن، ليشرع في تفجير قنابل عبر سرد الحقائق

_"انا مريض نفسي... بالضبط اضطراب الهوية التفارقي."

اتسعت عيني فهد يعيد تكرار حديث أخاه على مسامعه، مهلا لحظة، هل قال مريض نفسي؟! لا وايضا اضطراب الهوية التفارقي؟!!

شعر بتلك الثواني الصامتة أصبحت ساعات باردة، أحس كما لو أن الأرض توقفت عن الدوران من حوله، وعقارب الساعة لم تعد تصدر صوتها المزعج دليلا على مرور العالم بثوان إضافية. فقط، صمت شحنه الاستيعاب والصدمة.

متاهات وهميةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن