5_لقاء محى أثقال

56 11 54
                                    

شارع مزدحم، أبواق سيارات، هتافات البشر، صراخ الأطفال، إصطدام الناس بعضهم ببعض. كلها أشياء يكره التواجد حولها، لكن ليس باليد حيلة. فها هو يقف هنا والقمر باد بوضوح يزين السماء، المطر توقف عن الهطول قبل فترة. رغم أن النهار إنتهى، والشمس إختفى ضوئها، إلا أن هذا الحي لا يزال مكتض. وهذا أمر طبيعي بالنسبة لسكان المنطقة. لوهلة، أحس بروحه تتلاشى ببطء من هذا الكون، تنصهر مع الضجيج المحيط بها، فأغلق عيناه يشعر بأطنان من الراحة تلفه كله متناسيا العالم حوله. إلا أنه تمت مقاطعته حين أحس بيد على كتفه. ليلف وجهه يقابل العينان اللوزية البندقية، فإذ بإبتسامة تلوح شفتيه، وما هي إلا ثوان، حتى وجد نفسه داخل عناق قوي، يتم عصره بقوة. فأردف صاحب العينين اللوزية

_"يارجل، أتعلم كم إشتقت للحظة خروجك من تلك الغرفة المقيتة والتكلم معك وجها لوجه دون زجاج يفصلنا"

فأجابه فهد بسخرية

_"لن أقول أني إشتقت للقائك، لكن بإمكاني القول أني إشتقت للحظة خروجي"

_"لا تزال لئيما كعادتك يا صديقي. هيا، ألا تتفاعل مع البشر؟ أنظر حتى عناقي لم تبادله"

_"لست بشريا لأتفاعل معك."

_"ماذا سأكون إن لم أكن بشريا؟ حقا! زيادة عن اللؤم، أنت سخيف"

_"إصمت وأفلتني من عناقك الغبي هذا. أريد الجلوس قليلا"

_"عجوز ممل. لا للجلوس اليوم، لقد خرجت من السجن البارحة لتوك. لقد بدأت أشك أنك تركت زنزانتك التي يتواجد بها سرير مهترئ فقط لكي تنام على سرير أفضل منه"

أنهى فؤاد كلامه ليفصل العناق بخفة ثم أكمل كلامه

_"اليوم، لاتفكر في شيئ غير قضاء قليل من الوقت معي. لا زياد ولا غيره. إترك لنفسك وقتا مستقطعا ترتاح فيه، هون عليك ياصاح، إنك تحمل نفسك ما لا تقوى على تحملها. وبالنهاية أنت الوحيد الذي ستنهار وتنكسر. كما يمكنك إعتباري إسفنجة لمشاكلك ومشاعرك. الصديق وقت الضيق اوليس؟"

_"شكرا لك"

تقدم كلاهما بالسير فقط بصمت وهدوء مريحان. واحد بعقل فارغ شارد وروح مهمومة، والثاني بعقل مشوش يفكر في طريقة لمساعدة صديقه. إلا أن تكلم فؤاد

_"فكرت وفكرت. لكني إلا الأن لم أجد سببا يمنعك من السكن في بيت مستقل بعيدا عن النوم وسط العاصفة مملوئة بزجاج الذكريات المكسور، والتي تجرحك كل يوم أكثر فأكثر."

صمت فهد لبرهة يحدق بالفراغ بينما قدميه تستمر بالتقدم للأمام دون وجهة محددة. حتى أردف

_"إنه منزل والداي، حيث عشت طفولتي، وصنعت ذكريات وضحكات لا تقدر بثمن. فكيف لي التخلي عنه لأجل مدمر سعادتي. وكيف تسول لي نفسي ترك الماضي يختفي شيئا وشيئا دون وجود شيئ يدل عليه، سوى شضايا ذكريات لاتزال عالقة بمؤخرة رأسي. كما أني لست من النوع الذي يهرب من البيئة الذي يتأذى فيها، إلا حين أخرج منها فائزا بمواجهتي مع مخاوفي وألامي. ولن أبرح مكاني إلا وحصلت على مرادي. إما الموت أو الفوز، لا غيرهما"

_"الهروب في بعض الحالات ليس ضعفا. بل هو حكمة منك لتغلبك على مشاعرك و معتقداتك لكي تنقذ ماهو أهم، حياتك"

_"لكل منا مبادئه، وكل شخص سيتحمل عواقب مبادئه. إن نجوت بحياتي فسأبقى مذلولا طيلة عمري ولو حصلت على إنتقامي، كما أني أدفع ثمن مبادئي بالفعل. معركتي ليست معركة سهلة، فقد أسلم حياتي فداء خسارتي، لكن الغنيمة ليست بالقليلة، قد تراني متهورا. وأنا كذلك"

_"حسنا حسنا. على مايبدو، فالنصيحة لن تؤتي ثمارها مع عقلك الحجري. على أي حال فالكلام الذي لا يناسبك ولا يوافقك ما يدخل من أذنك اليمنى إلا وإجتاز عقلك ليخرج مباشرة من اليسرى."

_"ربما، من يعلم"

ضحك كلاهما بصوت عال ثم استمروا بالحديث طوال الطريق إلا أن توقف فؤاد ففعل فهد المثل يسأله عن سبب وقوفه فأجابه الاخر

_"يبدو أني أديت دوري، فأنت لم تدرك حتى أننا عدنا لمنزلك"

إندهش الأخر من كلام صديقه لتجول عيناه محيطه فتأكد من كلامه. ليضحك فؤاد بخفة، ثم ودعه ذاهبا في حال سبيله. ليدخل فهد لمنزل وصعد إلى غرفته يتمتم مع نفسه

_"كيف يستطيع يوم واحد، تبديد معظم أثقال سنوات طويلة؟"

End of the part

_رايكم؟🌚

_الشخصية الجديدة التي سجلت دخولها في الرواية؟😀 انا عن نفسي تلك الشخصية من المفضلين عندي و لها دور كبير في القصة

_المشاعر؟هل إستطاعت ملامسة قلوبكم؟هي كد سمعني؟

ملاحظة: العيون اللوزية البندقية هو شكل للعيون لها جفن اصغر وعرضها أطول مما هي عليه في شكل دائري، وتتجه للأعلى قليلا في زوايا خارجية، توضيح لشكلها:

ملاحظة: العيون اللوزية البندقية هو شكل للعيون لها جفن اصغر وعرضها أطول مما هي عليه في شكل دائري، وتتجه للأعلى قليلا في زوايا خارجية، توضيح لشكلها:

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

غير ان التي في الرواية بلون بندقي(بني فاتح)

متاهات وهميةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن