٢|أرضُ المايسِز.

401 49 22
                                    

"بسم الله الرحمن الرحيم"
"اللهم صلِّ وسلّم على سيدنا محمد"
~~~

في مكان بعيدٍ تماماً كانت الأشعّة الذّهبيّة تحاول الخروج من بين قُضبان الّليل فقط تودّ البزوغ وإضاءة هذه الأرض وكأنّها أمٌّ تهوى مراقبة أطفالها حتّى الغروب تفيضُ عليهم بدفئها وضوئها ما أمكنت ثمَّ تعودُ لزنزانتها مستسلمةً لسلطةِ الظّلام استيقظت آيسِل بين أشجارٍ وارفةِ الظّلال تميل لبعضها وكأنّها تتعانق متعاونةً لتظليلها.

تململت تحاول رفع جسدها وما لبثت أن أطلقت آهةً متألمةً إثر تخشّب عظامها ما دفعها لتغمض عينيها تأخذ نفَساً عميقاً تهدّئ ذاتها تمنعها من الغوص في جولة لا متناهيةٍ من البكاء.

أخيراً تمكّنت من تجاهل الألم الّذي يفتك بجسدها وساعدت نفسها على النهوض تتفحص المكان حولها بأعينٍ فضوليّة ألقتها نحو مكان سقوطها ليلتحم بصرها بالقلادة الفضّيّة الّتي رأتها بجانبها سابقاً وقد توسّطها حجرٌ أسودٌ مخضرٌّ ببقعٍ قرمزيّة، عاينتها آيسل لثوانٍ قبل أن ترتديها وتخفيها أسفل بلوزتها تحسّباً وحثّت نفسها على السير بحثاً عن أي أثرٍ يقودها لإنسانٍ حيٍّ مثلها.

ظلّت تمشي هنا وهناك دون وجهةٍ محدَّدة حتّى تناهى لمسامعها عدّة أصواتٍ قادمةٍ من يمينها، حذِرت في خطواتها بينما تحاول جاهدةً عدم إصدار أيّ صوتٍ خشيةً من أن يكونوا غير مسالمين، ما إن وصلت تخفّت خلف بضعة شُجيراتٍ تراقبُ بفضولٍ متَّقدٍ ما يجري.

الصدمة لعقت ملامحها ودقّت نواقيس الخطر داخلها إثر المشهد المريع أمامها حيث حاوطت مجموعةٌ من الملثّمين إحدى النِّسوة ويجادلونها في أمرٍ ما لم تستطِع التقاطه، انتهى بغرس سكّين داخل بطنها وارتعش جلد آيسِل رفقتها.

ارتجف جسدها لهول المشهد وتدفُّق السّائل الدّاكن ذو رائحة المعدن من معدة المرأة كان كافياً لجعلها ترغبُ بالتّقيّؤ وساعد على ذلك كونها تخاف الدّم..

توقّف عقلها عن التفكير ولم تعد تعلم ما تفعل..أتُظهر لهم نفسها وتركض للمرأة لتساعدها وحينها تشاركها القبر!، أم تظلُّ مكانها وتذكّر نفسها بأنّه ليس من شأنها وتعاني مع عذاب الضّمير..

لكن مع إعادة التفكير لم تكن مُولعةً بفكرة الموت حالياً لذا اختارت خياراً ثالثاً كان يتضمّن الرّكض فقط وما فعلته تالياً أنّها تراجعت بضع خطواتٍ لكي تتأكّد من عدم ملاحظتهم لها وبعدها ستدع ساقيها للريح كي تقودها.

لكن ومع قلّة تركيزها وجدت نفسها تكسر غصناً متهالكاً وجد لنفسه منزلاً أسفل قدمها، ويا للروعة كانت تتساءل لما حظّها الجميل لم يفتقدها حتى الآن!!.

لودُوس|| LUDUSحيث تعيش القصص. اكتشف الآن