أردف الزعيم قولا:« هذه الخريطة رسمها أباؤنا منذ أجيال ولم يتغير الكثير منذ ذلك الحين »
فيكتور وهو يحدق في تفاصيل الخريطة بتمعن «ان غابتكم جميلة جدا »
الزعيم:« بلى! هي حتما جميلة ، و الآن ركز معي إن اردت حقا الحصول على مقادير العلاج، هنا في قلب الخريطة هذه الأشجار الزهرية ،تدعى بحديقة الظلال العاشقة هل تلاحظ كيف ان مصدر الشلالات العشر ينبع منها؟»
فيكتور:« نعم ، انا ارى ذلك »
الزعيم:«جيد ،هذه الشلالات و الأنهار كلها من مصدر واحد، فداخل حديقة الظلال العاشقة ستجد فيها صخرة يقطر منها الماء تلك القطرات الضعيفة تصبح بعد لحظات شلالات قوية، نحن لا نعلم مكانها بالتحديد ، لكن لو استطعت هزيمة ظلال الشياطين فحتما سيدلونك عليها و بضع قطرات من مائها كافية، ثم اتبع هذا النهر و عند هذه البحيرة المحاطة بالحجارة اسبح نحو الأعماق الى الأسفل دون الصعود و لا تقلق من نفاذ الهواء لانك سوف تجد كهفا تحت الماء يحتوي على الهواء ، عليك هنا الحذر من العفاريت و إجبارهم على منحك قطعة من شيء يسمى بالعفن الأسود يبدو كقطعة من الطحالب لكنها سوداء و رائحتها نتنة لا تطاق ونحاول قدر الإمكان تركها جافة ،و بعدها عد للغابة اعثر على أعلى الأشجار ثم بادر بتسلقها حتى تصل لما يشبه خلايا نحل كبيرة تتدل من أغصانها ادخل و احصل على عسل من ملكة الدبابير ، الحراس أشداء و بؤساء لكن الملكة ضعيفة لذا هم يحمونها دوما و أخيرا ، هنا في الأعلى في قمم الجبال الحجرية هذه ، سوف تجد مجموعات من التنانين ذات لون اسود و اخضر واحمر ، لكنها ليست هدفك بل عليك الصعود والبحث عن أكبرها ، تنين أبيض عظيم الحجم بعيون زرقاء متوهجة يحرس كنوزا لا تعد ولا تحصى في عشه »
فورها تذكر فيكتور التنين اللذي صادفه فور ما جاء إلى الغابة ، صدم عندما استوعب أنه عليه مواجهته لكنه لم يتردد او يفكر بالانسحاب.....
فيكتور:« هل علي سرقة شيء من كنوزه؟»
الزعيم:« لك الخيار ، لكنني احتاج ان تقتلع احد انيابه»
فيكتور:« ماذا تقول!؟»
الزعيم بسخرية و قد أطلق ضحكة باردة:«هل تتوقع انني سأرسلك في نزهة ؟ عليك قلع احدى أنيابه لكي نطحنها و نضيفها للدواء ، وتذكر ، تنين أبيض عظيم الحجم و عيناه زرقاوتا براقتان »
فيكتور:« نعم ، سأتذكر هذا!، و الآن هل انتهينا علي العودة للكوخ فقد نسيت حقيبتي »
الزعيم وهما يهمان بالخروج:« هل تعلم ، لا انصحك باستعجال الذهاب في هذه المهمة هناك ما تريد اعطائك اياه »
فيكتور:«حسن»دخل فيكتور الكوخ وهو متجه لحقيبته واختلس النظر لداخلها قائلا:« هيي باربرا، امازلتي هنا »
لم يرها لكثرة الحاجيات او يسمع ردا منها
« يا حسرتاه ، لقد ذهبت! تمنيت لو استطيع ان أخبرها انني قبلت مساعدتها »
أخرجت رأسها من الحقيبة وهي تقول بانفعال:«حقا قبلت ! لكنك تعرض نفسك للخطر هل انت واثق؟»
أماء فيكتور برأسه إيجابا وهو يبتسم ففرحت باربرا بشدة وعانقت خد فيكتور وهي في حجمها الصغير ذاك وقالت « لا أعلم كيف أشكرك أنا حقا ممتنة لك!هل تماعن أن أرافقك للمساعدة ؟»
فيكتور:« بكل سرور! لكني لن أجبرك على البقاء ، فكما قال الزعيم لست مرسلا في نزهة!»
باربرا:« بل حسمت قراري ! متى سنهذهب ؟!»
فيكتور:« ليس الآن ، فقد أمرني بأخذ حقيبتي و التوجه لكوخه ، انه يريد أن يمنحني شيئا قبل المغادرة »
باربرا:« عجيب أمركم ، على كلٍ ، سأختبئ في حقيبتك كي لا يجدوني ها انا ذي.....»
اختبأت في حقيبته ، ثم حملها فيكتور وتوجه قاصدا كوخ الزعيم وهو يغط فمه بوشاح أخضر ليتجنب الإصابة بالمرض ، قد كانت الأجواء في القرية هادئة جدا ، لكن ماكسر الصمت كان صوت نحيب و أنين بعيدا قليلا عن القرية تجاه الغابة ، ألق فيكتور نظرة خاطفة ليتعجب من ذاك المنظر ، كان هناك مجموعة من الأهالي يقومون يحرق جثة ما ويبكون بحرقة عليه و من الواضح انها ليست الجثة الأولى فالرماد و العظام المتفحمة منتشرة ، لم يسر هذا المنظر فيكتور فعاد الى داخل القرية وهو لا يدرك أنه أخطأ الطريق فوجد نفسه قريبا من حافة النهر وهناك مظر آخر لم يسره بل أثار غثيانه ، قدر سوداء كبيرة يغلى فيها شيء ما لم يتعرفه فيكتور لكنه تعرف على البريق اللزج الذي كان يملئ جميع الأنحاء ويا ليته لم ينزل بناظريه ، فقد رأى أجنحة مقطوعة ملقاة على الأرض و معها جثث مزرقة فمها مفتوح يدخلها الذباب و يخرج من تحت جلدها الدود، واحدها أعاق رجلا كان يخلط القدر فركلها نحو النهر ، لم يتحمل فيكتور أكثر و اتجه راكضا نحو بيت الزعيم وهو يقول في نفسه " يا إلاهي ماهذا الجهل وما هذه المعاناة اتمنى حقا أن أقدر على تخليصهم من بؤسهم هذا"فورما وصل فيكتور الكوخ جثا أرضا وهو يلهث وقد كان الزعيم ينتظره مسبقا عند الباب فقال له:« مابك ؟ هل تريد الإنسحاب ؟»
فيكتور وهو يمسك أنفاسه:« لا!.... لن أنسحب بتاتا »
الزعيم:« جنيت على نفسك ، عندي لك هذا السيف خذه و أستعمله ، لقد كان تذكارا من والدك»
فيكتور بتعجب:« من ابي؟!»
الزعيم:« انه من نصيبك الآن، احذر ان تكسره »
فيكتور:« أعدك ان هذا لن يحصل!!»وانطلق فيكتور للأمام ، نحو أعماق الغابة بمحاداة النهر مبتعدا عن القبيلة متجها لمغامرة خيالية