قبل الإدراك

3 0 0
                                    

و لا يركضان فرارا من الموت.... أنفاسه تضيق... قواه تخور.... ساقاه تؤلمان.... لكن لا مجال للراحة أو التوقف....  وإلا سيدفع حياته ثمنا لذلك...  لاحظ درن أن قوى فيكتور تنهار وهما يهربان من نيروز في دوائر كالفئران... وصاح فيه  بلذة و استفزاز ليزيد من ضعفه و إحباطه
درن:« ما رأيك بهذا با بشري؟!... سوف نموت جميعا بسبب حماقتك!  هل انت مستعد للموت انت وتلك البعوضة هنا؟!»
من شدة التعب و الخوف لم يفقه فيكتور حرفا مما قاله درن...  بل ظل مركزا على النجاة.... تكاد تنفجر رئتاه من سرعة تنفسه....  ركبه ستكسر من كل هذا الركض... العرق يفيض من جبينه...  ومازال يحث نفسه على الركض...  وقال باختناق بين أنفاسه المتسارعة
فيكتور:«با-باربرا.... أسرعي وإلا سنموت!»
باربرا:« أنا أحاول بأقص سرعتي اصبر قليلا!!!»
وكانت هي الأخرى تحوم في سماء القاعة بسرعة وتوتر... تصفق على الأسماك اللانهائية في محاولات بائسة حتى تجد السمكة الصحيحة...  بأقصى سرعتها...  بكل خوف.... جزعت أن تفشل...  وتلك الأسماك لا تنتهي أبدا....
كانت نيروز تستمع وحسب بإخافتهم...  خطواتها البطيئة سريعة جدا مقارنة بهم وهي تزلزل وتحدث غبارا كالضباب من كثافته...  التفت فيكتور لها وهو يركض...  عيونها مظلمة موجهة نحوهم...  ابتسامة باردة ارتسمت على وجهها المتشقق... لقد بدأ يضنى من الركض... ليس له كيد أو مناص.... غصَّت أنفاسه عليه... و مازالت باربرا تحاول العثور على السمكة الصحيحة... و كأن هذه الثواني سنوات و عقود....على عكس درن الذي استمتع ولم يكن يواجه أي مشكلة في النفور....و استلذ نشوة معاناتهما في النجاة وقال باستفزاز و سخرية قاسية 
درن:« هل ستموت هنا؟! أترضى ان يكون هذا هو مصيرك؟!   هيهات هيهات يالك من بائس ذليل! شتان بينك و بين إدوارد!  شتان بينك و بينه!!!»
استفاق فيكتور من ذعره و تباطأت خطواته....  بقدر ماكانت تلك الكلمات مزعجة إلا أنها كانت حقيقية...  ثم توقف عن الركض ومازال يلهث بينما ينظر للأرض بتفكر و تأمل...  حار درن وتوقف هو الآخر وقال وقد ارتسمت ابتسامة متكلفة على طرفه شفاهه
درن:« مابالك؟ هل تقبلت مصيرك؟!»
وتوقفت نيروز بتوقفهما خلف فيكتور مباشرة...

فيكتور:« كلمات جعلتني أتفطن لأمور غفلت عنها...  علي أن أشكرك...»  قالها ببرود وعزم وهو ينظر للأرض
كان درن ينصت لقوله فأردف قائلا بغطرسة و هدوء  بينما يتأمل برود فيكتور المفاجىء:« نعم...انا على حق... انك واهن و ذليل!»
رفع فيكتور رأسه و ركز نظره على بصر درن بتعابير جدية وحازمة، كانت عيناه تلمع بإصرار و عزم،  وضع كفه على مقبض سيفه،  استله و أمسكه في مواجهته  و تمتم بهدوء و إزماع
فيكتور:« لقد كنت خائفا من الموت، و نسيت أن الموت واحد لا نجاة منه...  لكن ليس الموت هو المهم،  بل مايهم هو طريقة الموت»
حار درن و اتسعت عيناه لوهلة من التغيير المفاجىء في هالة فيكتور،  التفت فيكتور نحو فيروز وقبضتاه مشدودتان على المقبض...  نظر مركزا على تعابير نيروز الميتة وقال بصوت منخفض و أجش
فيكتور:« لقد كنت خائفا من الموت....  لكني أدركت أن الموت ليس هو المرعب بل كيف أموت....  علي أن أشكرك حقا يا درن....  ربما سأقطع عنقك بعدما أنته منها»
إرتسمت إبتسامة خبيثة و عريضة على وجه درن و ضحك بسخرية علا صداها في كل أركان القاعة الحجرية  لكن سرعانما تلاشت تلك الضحكات فورما لاحظ ان فيكتور إستدار مواجها نيروز ، تراجع درن خطوة للوراء متوترا من الرهبة التي خيمت على قلبه من فعلة فيكتور.
ثبت فيكتور أقدامه على الأرض... وجَّه السيف قبالة نيروز و وميض الأسماك الخافت ينعكس على نصله... أمسك أنفاسه الباردة في منتصف حلقه... عرق حار يقطر من جبينه إلى طرف ذقنه ... نظرة حدة و عزم تلتهب داخل عيونه ، ابتسمت له نيروز مقدرة حزمه...
تمتم فيكتور لباربرا و مازال واضعا نظره على نظر نيروز
فيكتور:« باربرا ...فقط أسرعي قليلا ... سأكسب لنا وقتا »
لقد رأت و سمعت كل ما دار بينهم وهي مازالت في سعيها للحصول على السمكة الصحيحة ، أرادت أن تعاند فيكتور  ، أرادت منعه من الخوض فيما قد يكلفه حياته أو أكثر ، لكن فيكتور نظر لها بطمأنة و هو يبتسم
فيكتور:« لا تقلقي ... سنكون بخير »

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Aug 13 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

بين الخيال و الحقيقة حلم واحدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن