الثَّامِن

559 23 1
                                    

كَانَ يُقبِّله بَكل فَمه، الجَسد عَلى الجَسد
كِلاهما فِي مِقعد السائِق أحدُهما فَوق حُضن الآخر
كَان صوتُ الإمتطاقِ ظاهرًا و كانَت تصدُر مِنهما
قَهقهَات مِن حين لِآخر
احَسَّ تايهِيونغ بَالسعادة الغامِرة تسرِي فِي عروقه كأنه يَطِير فوقَ السحب
كانَ جُونغكوك يُحيطُ وجهه بِرقَّة و يهمِس له
بأنَّه يحبُّه
و ابتَعدَ تايهِيونغ قليلاً يُبادِله الهمسَ بِكلماتِ الحُب
سَمِع صوتًا يصدُر مِن خارِج السيَّارة
و نظرَ لجونغكوك الذّي كانَ سيُعاوِدُ تقبِيله
لكِّنه اوقَفه
" سأرَى مصدَر الصَّوت"
إبتعد مِن فوقِ حُضنهِ ثم نَزل مِن السيَّارة نَاظِرًا فِي الارجَاء
و قَد وَجد قِطَّة سَوداء صُغيرة تستَلقي على بَطنِها
و تَمُوء بِصوتٍ عالٍ
إقترَب تايهِيونغ مِنها بِبطئ قَالِبًا إياها لِتقِف على ظهرِها
و مسَّد جَسدها بِلطف قَبل أن تَموءَ و تَركُض ناحيَّة السيَّارة التي يَقبعُ بِها جُونغكوك
إلتفت تَايهيونغ ناحية السيَّارة و حيثُ القِطَّة
و قَد وجَد السيَّارة تشتَعِل
يَستطيعُ ان يَرى جُونغكوك ينظُر إليه عبرَ الزُّجاج
و النَّار التي تأكل السيَّارة
صَرخَ تايهِيونغ يركُضُ ناحيَّة السيّارَة و هُو يُنادي
" اخرُج! لِما لا تَزالُ هُناك! إنّّها تشتَعِل أُخرج"
كَان يشعُر بِالدّموعِ تَسيلُ على وجنَتيه
و قَد كانَ يركُض بِلا نِهاية و لَم يكُن يقتَرِب مِن السيَّارة المُشتعِلة البتَّة
" ارجُوكَ اخرُج! لا تمُت مِن فضلِك انا قَادِم الَيك سأنقِذُك" كانت انفَاسه تَنفذُ و حنجرَتُه تُؤلِمه و دُموعهُ تأبى التّّوقُف
و هو يُشاهِد النَّار تكبُر و جُونغكوك ينظُر إليه هُو فَقَط بينما المكانُ يبعُد اكثرَ و اكثَر و هُو يصرُخ
" أرجُوك! ارجُوك!"
و فَجأَةً شَعرَ بِجسَدٍ يُحيطُه و لَم يكُن مُدرِكًا بَعد ما حَولَه
و قَد كانَ لا يَزالُ ينُادِي
حتَّى سمِع صَوتًا يَعرِفُه يُخبِره أنَّهُ بِخير
و نَظر فَوقه و وجَد أن ذلك رَفيقه، جُونغكوك.
إبتعد تايهِيونغ ناظِرًا حَولَه و قَد كان يشعُر بَتسارعِ أنفاسِه و بأن جسَدَه بإكمَلِه يَنبِض بِقسوَة
فِي حينَ يَدٌا مَّا كَانت تمسَحُ فوقَ ذِراعِه ذهابًا و إيابًا
شَعر تايهِيونغ بشيئاٍ يَسيلُ فوق وجنتَيه
و لَمسَ ذلِك لِيجدَ ان دُموعَه تَسيل
أغمضَ عيناه مِرارًا و تِكرارًا يُحاوِل طَرد أثارِ ذلِك الكَابُوس
و زفَر الهَواء بِإرتجافٍ ناظرًا لِجُونغكوك
الذي أخرَج حمحمَة مُحاوِلاً ان لا يُشعِر تايهِيونغ بِالإحراجِ لأنه يعلَم كَم يَكره أن يبدُو صَديقه ضعيفًا امَام اي احد
" لَقد ذهبتُ لِأجلِب بَعض المُسكِّناتِ للِحُمَّى
ثُم عُدتُ لِأجِدكَ بِتلك الحَالة"
امسَك تايهِيونغ جبينه و قال بصوتٍ تملَأهُ البحَّة
" آه اجَل، أرَى اكيَاس الصِيدلية على الارض" ثُم اكمل ناظِرًا بَعيدًا
" انتَ تسمَع مِن حَكايَا امِّي انني سَيء مع الكَوابِيس اثناء مَرضِي
لكِّنها المرَّة الاولَى التّي تشهَدُ بِها ذلِك"
اومَأ جُونغكوك " لَقد ذُعِرت، و انتَ إستيقظتَ بِصعوبَة جعَلت قلقِي يزدَاد. لكنك بِخير و هذَا مُريح" نَاولَه جُونغكوك كُوب مَاء و امسَك بِرقبتِه مِن الخلفِ ناوِيًا جعلَه يَشرَب
لكِن تايهِيونغ إنتفَض بِمجرد شعوره بِاللّمسة
و أمسَك بِكوبِ المَاء
"أستطيعُ الشُّرب لِوحدِي" قالَها مُتلعثِمًا و شَرِب دُفعة واحِدة تحتَ نظرَاتِ داكِن الشِّعر
الذي إحتَار في تَلعثُم صَاحِبه و تردده
لكِنَه رجَّح كونَ ذلِك بسببِ المَرضِ و لعلَّه ايضًا بِسببِ الكابُوسِ الذي حظِي بِه مُنذ قليل.
تنَهد جُونغكوك و إستقامَ مُغادرًا الغُرفة حينمَا تذكَّر
انّه أعد الحسَاء مُسبقًا و كانَ بإنتظارِ إستيقاظِ تايهِيونغ ليُطعِمه ايِّاه
فِي حين ظلَّ تايهِيونغ يُراقبَ ظِلَّ صديقه يختفي اثناء مغادرته الغُرفة
وضع الكُوب جانِبًا و زفر الهوَاء بِعُمق و رمى بِرأسه في الوسادة
كان لا يزالُ مُرهقًا، رأسه يُؤلِمه
و تظهرُ بِعقله وَمضاتٌ مِن آخر كابُوسٍ لَه
هل عنى الكَابوس اي شيء اصلا؟
لم يحصُل و أن حلُم بِجُونغكوك و خصوصا بوضعٍ غيرِ لائِق في حياتِه ابدًا
و لما كانَت مُرعِبة لتلك الدَّرجة فِكرة فُقدان جُونغكوك
نعم. جُونغكوك هو افضل صديق له و هو افضل صديق لجونغكوك لكن هذا الكم من المشاعر
و قضاء ساعات في تحليل شيء يخصه
او فعل قام به تجاهه
هذا شيء غريب و غير معتاد و تايهِيونغ يكرهه
تساءل تَايهيونغ مَا إن كان ذلك بسبب القُبلة؟
لكنه تراجَع عن ذلك فالأمرُ بدَأ ابكَر
يذكُر تايهِيونغ أنه فقط فكَّر
ماذا إن قبلته؟ من ثم بدأت تلك الفكرة تُعاوده مرارًا و تِكرارًا
حتى قرر تنفيذ مابرأسه لعل فكرة القبلة تزول حالما يفعلها
و في النهاية لقد كانت مجرد قبلة
ليست اول قبلة لأي منهما و ليست بالشيء المهم حتى
صحيح؟ كان تايهِيونغ يسأل نفسه كأن عقله سيرد عليه بالاجابات من تلقاء نفسه
و حينما استسلم من الحصول على اجابات ركَل الغِطاء بِغيظ " اللعنة على ذلك"
و في ذات اللحظة كان جُونغكوك يقف لدى الباب و يحمل كُوب الحساء
بينما يتقدم اليه و رفع حاجبيه " هل كنت تُهلوس مجددا"
قلب تايهِيونغ عينيه و اعتدل بِجلسته
" انا لا اهلوس كل بضع دقائق جُونغكوك "
همهم جُونغكوك و قدَّم الملعقة و الكوب
امام تايهِيونغ " لقَد وضعتُ لك الحسَاء في كوبٍ ليسهُل عليك حملُه بِلا أن يحرِقك" معِدة تايهِيونغ قرصتهُ لِثانية و كأن طفلًا ركله هُناك
و لم يعلم تفسير هذا الشعور " كَي لا يحرِقني؟ "
اومَأ جُونغكوك في حينِ امسَك تايهِيونغ
الكوب مِنه كأنه وبدَأ بِشرب الحسَاء بِهدوء
و حينما اخذ اولَّ رشفَة مدَّ لِسانه بِقرف
" انها سيِّئة! لما هي خالِية مِن المِلح هكذا"
عقد جُونغكوك حاجبيه ثم اردف متسائلاً
" لقد اضفتُ المِلح حتى انني تذوقت الحساء اولا لذا متأكد انها معتدلة" اعطاه تايهِيونغ الكوب
" انها تحتاج المِلح"
تنهد جونغكوك و غادر لدقيقة لإضافة المِلح ثم عاد مجدَّدا
" تذوقها الان"
اخذ رشفة بِصمت ثم حاول إستطعامها
" أنت تخادِعني صحيح؟ لم تضع الملح؟ جُونغكوك انا لست طفلًا!"
رفع جونغكوك حاجبيه بغير تصديق " لا يعقل؟! لماذا سأكذب عليك؟ لقد اضفت نصف ملعقة مِلح بأكملها، هل تعرف كم يمكن ان يكون هذا مالِحًا؟"
تذوقها تايهِيونغ مجددا و وضعها جانبا
" لا تزال بلا طعم "
حاول جونغكوك الحفاظ على صبره لأن
من امامه مريض و هو يفهم سوء مزاجه لكنه يعامله كالعبد اللعين
لذا غادر للمطبخ و جلب علبة الملح و وضعها لديه
" تفضل، زد بقدر ما تشاء"
تنهد تايهِيونغ و بدأ برش الملح ثم تذوقها مجددا
" سيئة! " كان جُونغكوك يُراقبه اثناء ذلِك
و حينما كان على وَشكِ أن يضعَ طِنًّا من الملحِ مرَّة اخرَى توقَّف و ارتفع نظرُه لجونغكوك
بِإستيعاب
" جُونغكوك!"
" مالأمر؟" نظر إليه جُونغكوك يحاول ان يفهمه بدون ان يتحدث لكنه لم يعي بعد
" اظنُّ انني مُصابٌ بِالكُورونا!"
عقد حاجبيه ينظر للأعلى يُحاول أن  يجمعُ الأعراض مع بعضها
سُعال إرهاق حُمّى و اخيرًا التذوق المعطوب!
اعاد نظره لصديقه يومِأ " اللعنة انت حتمًا تملِكُها!"
وضع تايهِيونغ الكوب جانبًا يحاول إستيعاب مايعنيه ذلك
سيقضِي اسبُوعًا في المنزِل
عالِقٌ مع جُونغكوك الذي غالبًا سيكون حصلَ على العدوَى الآن
سيفوت المحاضرات
و الاهم من ذلك
نظر لجونغكوك مجددا
أسبوع كامل ، مع الشخص الذي اصبح يعطيه مشاعرًا مشوشَّة و الام في الرأس و كوابيس سيئة
امسك تايهِيونغ برأسه و اراد ان يصرخ
كان في موقِفٍ لا يُحسد عليه
و قاطع شاغِلُ افكارِه حبلَ افكارِه
" اتظن انني قد اكون حصلتُ على العدوَىِ بِالفعل؟"
و قبل ان يرد عليه تايهِيونغ رد هو على نفسه بنبرة مذعورة
" اللعنة لا بد انني حصلت عليها فأنا حرفيا حشرتُك بين احضاني"
ضرب جُونغكوك جبينه مِرارًا و تِكرارًا يحاول معرفة مالعمل الآن
و كل تحركاته كانت تحت نظرات تايهِيونغ الذي كان ينظر بنظرات فارغة للامام يتخيل كم
سيكون هذا الأسبوع مرهقًا
و حمل هاتفه يبحث عن فرصة نجاته الاخيرة
و ضغط على الارقام بسرعة
في حين تساءل جُونغكوك " بِمن تتصل؟"
" اصمت"
" مرحبًا، اريد ان اطلب اداتان لتحليل الكورونا من فضلك، سأرسل لك العنوان المباشر عبر المراسلة، شكرا لك"
اغلق الهاتف و تنفس الصعداء
" سنرى الان"
-

-----------
كان تايهِيونغ يغطي عيناه بكفِّه و يهمس بتردد
" هل هُو إيجابي؟ " كان ينتظر سماع إجابة
جُونغكوك الذي صمت و اطال بالإجابة
" انه سلبي!"
ازاح تايهِيونغ كفه و نظر لجونغكوك بترقُّب
" احقًّا؟ تعني انني لستُ مصابا بالفيروس!"
اطلق جُونغكوك ضحكة ساخرة و رفع قلم التحليل
" امزح معك، انه ايجابي"
" من يمزح بهذه الاشياء ايها التافه" صفعه بقوة على كتفه ثم سعل لأجل إنفعاله قبل قليل
" ماذا عن خاصتك؟"
رفع جونغكوك قلم تحليله بإعتيادية و تكتف متكئًّا على الاريكة
" ايجابي ايضا ، كالمتوقع"
و فقد تايهِيونغ اي امل امتلكه بأن لا يُحتجز مع صديقه لأسبوع كامل
و صدر صوت جُونغكوك مهمهمًا بتساؤل " الغريب انني لا اشعر بأي اعراض بعد"
كان جُونغكوك يبدو طبيعيا و لم يعطي لعنة لحقيقة انه محجور لأسبوع على الاقل
و ذلك طمأن تايهِيونغ قليلا فحسب
" ربما قد حصلت على العدوى الان فقط، ستبدأ الاعراض لاحقا، لكن ارجو انها ليست بقوة خاصتي لأن الاعتناء بك سيرهقني كاللعنة"
" لنرجو هذا ايضا، انت فاشل بالاعتناء بالمرضى لا اريدك ان تعتني بي"
هز تايهيونغ رأسه بإستسلام " وقح انت فقط وقح"
و استقام جُونغكوك يحمل هاتفه و اردف
" سأذهب لأعلم أصدقائنا و سأخبر والدتي كي لا ترسل اخي، انت ابقى في غرفتك و ارسل بريدا الكترونيا للجامعة و حادث والدتك،  مؤكد انها ستقلق كثيرا" ثم خلخل أصابعه بين خصلات رفيقه بحركة مداعبة سريعة و غادر الغرفة
جاعلا تايهِيونغ على الجهة الاخرى
يشعر بقشعريرة طفيفة و يهز رأسه
مقررا القيام بما اخبره جُونغكوك ان يفعله.
تنهد مفكرا
على مايبدو الايام القادمة ستكون غريبة حقا

---------------------------

Hi
كيف حالكم؟
وش رايكم بهالجزء؟

Hope ya'll like it
See ya🎀

ⁱᵗˢ 𝑈𝑆حيث تعيش القصص. اكتشف الآن