مابين السطور رجل ( شهيرة محمد)

الفصل العاشر ( باراسيكولوجي)

باراسيكولوجي ....

✰✰✰✰✰

ولأن الفوضى العارمة بداخلي لم أكن أنا المتسبب بها فإني أخشى ألا أستطيع أن ألملم ذاتي، أخشى أن أظل معطوب مهما حاولت أن أواري عطبي، أخشى أن تظل جروحي عصية على الالتئام تنزف، أخشى أن يدوم دماري طويلًا حتى يصبح الخراب ما بين جوانحي مهولًا لا سبيل لاعماره .....

✰✰✰✰✰

لا بداية مجحفة قد تتبعها نهاية عادلة وليس هناك قاعدة سوف يستحدثها البشر قادرة على أن تغير ذلك المنطق الثابت أو أن تبث فيه روح الخلل التي قد تجعل من نهاية الشر الخير وتقلب موازين الحياة من حولنا كأنما بات ميزان الحقائق فكر مضطرب يعمل على إيجاد منطق مشابه له بل وأكثر اضطرابًا وجنونًا، كانت فيدرا تجلس بضيق شديد خارج الغرفة المعقمة لتراقب الفتاة بتركيز تشعر أنه يستنزفها بشدة كلما مر الوقت، لتغلق عينيها فجأة كأنها لم تعد تستطيع أن ترضخ لأوامر كريم أكثر ثم تحركت بانفعال مبتعدة عن ذلك المشهد الذي تشعر أنه طبع في عقلها بشكل يجعلها حتى في أحلامها ترى نفسها جالسة بجمود تراقب نفس الغرفة كأنها تلف في دائرة محكمة لا تستطيع كسرها والخلاص منها، اقتربت فيدرا من المبرد وفتحته وسحبت أحد زجاجات الكحوليات المعلبة ثم فتحته وقربته من شفتيها وأخذت جرعة كبيرة قبل أن تبعد الزجاجة عن فيها وتتنفس بقوة كأنما بداخلها طاقة غضب تحتاج إلى التخدير أو التفريغ، قربت فيدرا الزجاجة من فيها مجددًا وقبل أن تتجرع دفعة أخرى سمعت صوت خلفها جعلها تلتفت بوجل وعيون متسعة لترتخي نظراتها حين وجدت كريم يدخل المكان بتحفزه المعتاد، تحركت فيدرا نحوه وقالت له باستغراب " لقد أعطيتني محاضرة طويلة عن صعوبة حضورك قبل قليل" خلع كريم سترته وألقاها على أحد المقاعد واقترب منها يسحب من يدها زجاجة الكحول ويرفعها لشفتيه بنهم وعيناه تحاصر عينيها بنظرات رجولية واضحة قبل أن يعيد الزجاجة لكفها ويقول " لقد حاولت أن أمنع نفسي من القدوم، حاولت إقناع نفسي بكل كلمة قلتها لكِ، حاولت أن أصبر حتى تهدأ الأمور لكني لم أستطع فحقيقة أني على مشارف نهاية أمر عظيم كذلك جعلني أفكر في طريقة آمنة أصل بها إلى هنا بأسرع وقت، وها أنا هنا ...هيا أخبريني ما الجديد " بدأ كريم يتحرك نحو الغرفة المعقمة وينظر للنائمة داخلها من خلف الزجاج بشغف وحماس جعلا فيدرا تتحرك خلفه وهي تقول بغضب " لماذا تبدو هادئًا متحمسًا هكذا كأن الأمور تسير لصالحنا والوضع بأكمله على ما يرام، كريم هلا أوضحت لي متى ستتعامل مع الوضع بقليل من الجدية لأني في الحقيقة تعبت وبت خائفة من القادم " لم يبال كريم بما تقوله وهو يقترب من جهاز الحاسوب المحمول المتصل بسماعات موضوعة على أذني الفتاة داخل الغرفة وبدأ بتغيير المؤثر الصوتي الذي تستمع له وهو يقول " لا تقلقي، كل شيء سيكون على ما يرام " تجهمت ملامح فيدرا وجذبته بعنف لينظر إليها وهي تقول " ما هذا البرود الذي تتحدث به، ما الأمر ...هل هوسك تجاه تلك التجربة أنساك أن المهلة التي منحها لنا الأشخاص الذين مولوا تجربتك بملايين الدولارات أوشكت على الانتهاء، وحتى الآن التجربة لم تنته ولا جديد يذكر، هؤلاء الأشخاص لا يمزحون وأنا لست مستعدة لأن تكون نهايتي على أيديهم " ربت كريم على وجنتها بلطف شعرته بارد مغيظ ثم عاد ليصب تركيزه على ما يفعل وهو يقول " توترك هذا سيؤثر بالسلب على ما نفعل، يمكنك أن تستغلي فترة وجودي وترتاحي قليلًا وتحاولي أن تهدئي " نظرت له فيدرا بصدمة وقالت " كريم هل تعي لما أقوله، هل تسمعني من الأساس، نحن في ورطة حقيقية " لم يرد عليها كريم وهو يعقد حاجبيه ويميل برأسه للأمام يراقب ما يحدث خلف زجاج الغرفة ليقول فجأة كأنه لم يسمع كلمة واحدة مما قالته " انظري لقبضتيها، لقد وصلت أخيرًا لمستوى عميق من النوم الحالم، وهو أعمق مستويات النوم، استعراض الواقع البصري فيه يكون حقيقي بنسبة كبيرة تجعل جسدها يتفاعل مع الحلم كما لو أنه واقع ...دقات القلب تتزايد، الأنفاس تنفعل، وحتى الضغط يصبح غير مستقر، وعضلات الجسد بأكملها تدخل في حالة من النشاط المنخفض بعكس نشاط المخ ....انظري " نظرت فيدرا بعيون حاقدة للفتاة لتتحول نظرتها للاستغراب حين وجدتها تكمش شرشف السرير الأبيض من حولها بقوة كأنها على وشك السقوط..