بَحْرٌ وَرِيَاحٌ

41 5 13
                                    

"البحر يجسد الحرية والإمكانات اللامحدودة، وهو يدعونا إلى استكشاف عوالم جديدة وتحقيق أحلامنا بلا حدود."

ليو تولستوي

يُقال، البحر هو المرآة التي تعكس عمق الروح، وهواءه البارد يحمل همسات الأحزان التي لا تنتهي. 

بعد وقت العصر، بدأت الشمس تغيب ببطء، تاركة خلفها غروباً حزيناً يشبه وداعاً طويلاً لا عودة منه. كانت ريماس تجلس وحيدة على الرمال الباردة، تضم قدميها إلى صدرها وكأنها تحاول احتواء كل ما بداخلها من ألم ووحدة.

كانت الأمواج تجري على رمال الشاطئ، تترك خلفها آثاراً تتلاشى سريعاً، كما تتلاشى الذكريات في زحام الأيام. جلست ريماس على الشاطئ، حيث كانت الرياح الباردة تلسع وجهها وتعبث بخصلات شعرها المبعثرة. كان المعطف الخفيف الذي ترتديه لا يقيها من قسوة البرد، ولكنها كانت تحتضنه بإحكام، كأنها تحتضن بقايا أمل في عالم ملأه الحزن.

عيناها كانتا تحدقان في الأفق البعيد، تتابعان الأمواج المتكسرة بحزن عميق. كانت تلك الأمواج تبدو كأنها تحمل رسائل حزينة من أعماق البحر، تروي قصصاً عن فقدان وألم، عن أحلام لم تتحقق وذكريات لم تمحَ. كانت تشعر بأن البحر يتحدث إليها، يحاكي حزنها بصدى لا ينتهي، يعبر عن معاناتها بصوت الرياح العاتية.

السماء كانت تتلون بألوان الغروب الدافئة، ولكن الدفء كان مفقوداً في قلبها. كانت تشعر بأن الحياة تبتعد عنها مع كل لحظة، تأخذ معها بريق الأمل وتترك خلفها ظلالاً من اليأس. كان البحر في تلك اللحظة يشبه مرآة تعكس روحها الحزينة، تارة هادئة وتارة أخرى مضطربة، تعكس التناقضات التي تعيشها، الصمت والصخب، الوحدة والألم.

كانت تستمع إلى صوت الأمواج كأنها تستمع إلى أنين طويل، أنين يعبر عن الحزن العميق الذي يملأ قلبها. كانت تلك اللحظات التي تقضيها أمام البحر في الشتاء، تحمل معها شعوراً بالوحدة القاسية، وحدة تشعرها بأنها جزء من هذا الكون الكبير ولكنها في نفس الوقت منفصلة عنه، تعيش في عالمها الخاص المحاط بجدران من الحزن.

رائحة الملح في الهواء كانت تختلط برائحة البحر، تشعرها بمرارة الحزن الذي تعيشه. كانت تشعر بالبرد يتسلل إلى أعماقها، كأنه يعيد إليها شعور الوحدة والعزلة. كانت تلك اللحظة تجسد كل ما بداخلها من مشاعر متناقضة، تجمع بين الحزن والألم، بين الوحدة والبحث عن الأمل.

البحر كان بالنسبة لها مكاناً تعبر فيه عما بداخلها، مكاناً تجد فيه صدًى لمشاعرها وأفكارها. كانت تشعر بأن البحر يستمع إليها، يشاركها في حزنها ويمنحها لحظات من التأمل والتفكر. كانت الوحدة حولها تلتف كوشاح ثقيل، ولكنها كانت تجد في البحر رفيقاً صامتاً، يفهمها دون حاجة للكلمات.

My Refuge - مُتَنَفَّسِيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن